جنود أميركيون وأتراك في دورية مشتركة في منبج عام 2018
جنود أميركيون وأتراك في دورية مشتركة في منبج عام 2018

507716 4

جويس كرم/

عاد الحديث عن منطقة آمنة شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا تستوعب اللاجئين وتكون بالنسبة لأنقرة فاصلا عسكريا عن المقاتلين الأكراد في الشمال ومكسبا سياسيا محتملا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

نقاش المنطقة الآمنة عمره من عمر الحرب السورية، وعودته اليوم إلى الواجهة يعكس جمود النزاع، والتضارب المستمر بين الأطراف، وتفاقم المعضلات أمام أنقرة بدل حلها. أما الخلافات التي أحاطت ملف المنطقة الآمنة على الحدود التركية ـ السورية في السنوات الماضية، فهي على حالها اليوم بشكل يجعل من الحديث عن إنشائها فقاعة اعلامية تصطدم في الواقع بالخلافات الأميركية ـ التركية المتراكمة، ومحدودية نفوذهما في الساحة السورية.

التوغل التركي ليس بعيدا وهو حصل مرتين في السابق، لكن أهدافه هذه المرة ستكون رمزية 

​​الخلافات الأميركية ـ التركية حول سوريا لم يتم التوصل إلى حلها بعد جولة من المحادثات للجنة الدفاعية المشتركة في أنقرة هذا الأسبوع. فتفاؤل وزير الدفاع التركي خلوصي آكار لم ينعكس في التصريحات الأميركية، مع تأكيد نظيره مارك إسبر بأن واشنطن لن تقبل بأي توغل تركي أحادي في سوريا. وبحسب مصادر أميركية قريبة من وزارة الدفاع في واشنطن، لم ينجح الجانبين في ردم الهوة حول شكل وعمق المنطقة الآمنة.

الجانب التركي يصر على منطقة آمنة بعمق 32 كيلومتر تدخل في عمق مناطق الأكراد، فيما الجانب الأميركي لا يريدها أعمق من 12 كيلومتر، ويرفض إدارة أنقرة بشكل منفرد للمنطقة. في نفس الوقت، لا تملك واشنطن القوات الكافية في سوريا لإدارة هذه المنطقة شمالا وأولوياتها الإقليمية تحولت في الأشهر الأخيرة باتجاه إيران وأمن الخليج. وما يزيد من صعوبات إنشاء المنطقة، التردد أوروبي في المشاركة بها، والتباعد متزايد مع أردوغان حول ملفات التنقيب عن الغاز بمحاذاة قبرص، وشراء منظومة S-400 الروسية.

رفض تركيا للاقتراح الأميركي، أي منطقة آمنة ضيقة في الشمال السوري، سيغلق الباب أمام أي مفاوضات، كون الاقتراح التركي لمنطقة أوسع يضع حلفاء واشنطن في مواجهة عسكرية مع أنقرة، ويهدد القوات الأميركية في سوريا والمتواجدة بكثافة في تلك المنطقة. وفي ظل هذا الرفض فالخيارات المتبقية أمام الجانبين تنحصر إما بشراء الوقت واستمرار الأزمة أو توغل تركي ضيق في المجال السوري.

التوغل التركي ليس بعيدا وهو حصل مرتين في السابق. لكن أهدافه هذه المرة ستكون رمزية من أجل إعطاء أردوغان "نفسا سياسيا" في مواجهة من يسميهم بالإرهابيين من دون الاشتباك مع واشنطن أو موسكو أو طهران. فلا تركيا هي بوارد معركة فردية ضخمة في الشمال السوري، ولا واشنطن هي بوارد التصادم والاشتباك مع حليفها في "الناتو" في عملية محدودة قد لا تتعدى منطقة تل الأبيض.

تركيا وأميركا في مسار متضارب في سوريا من دون أن يعني مواجهة بينهما

​​الخيار الثالث هو في تدخل مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعطى أردوغان تعهدا في ديسمبر الفائت بالانسحاب من سوريا. هذا التعهد بقي في سياق التغريدات والاتصالات الهاتفية، واصطدم بمعارضة من وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية والكونغرس. طبعا، بإمكان أردوغان أن يجري اتصالا جديدا مع ترامب ويحصد تنازلات لم يمنحها الفريق العسكري الأميركي، إنما ترجمتها في أرض الواقع ستتضارب مع الكونغرس والوزارات المعنية. وفي الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لفرض عقوبات إلزامية على تركيا بسبب شرائها منظومة S-400، سيكون من الصعب على ترامب تقديم المزيد من التنازلات لأردوغان في ملفات أخرى.

كل ذلك يضع تركيا وأميركا نحو مسار متضارب في سوريا من دون أن يعني مواجهة بينهما. فبين صعوبات المنطقة الآمنة بالشكل الذي تريده تركيا، وتفادي واشنطن الاشتباك العسكري في سوريا، هناك ثلاث خيارات لإيجاد مخرج. الأول في قبول أنقرة العرض الأميركي بمنطقة آمنة ضيقة، أو غض واشنطن النظر عن توغل محدود لتركيا، أو استمرار الأزمة الحالية. أما الحلول الأكبر، فهي غير متاحة في الملف السوري نظرا لتعدد اللاعبين والتضارب العميق في المصالح بينهم.

اقرأ للكاتبة أيضا: مشروع "لبنان الفوضى" يهزم "مشروع ليلى"

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

تركيا وأميركا وخلافات المنطقة الآمنة في سوريا BE257914-F7D5-4A1F-B8BD-84995E274071.jpg Reuters تركيا-وأميركا-وخلافات-المنطقة-الآمنة-في-سوريا جنود أميركيون وأتراك في دورية مشتركة في منبج عام 2018 2019-08-07 14:11:33 1 2019-08-07 14:16:33 0

عند جسر اللنبي.. عقب الهجوم
عند جسر اللنبي.. عقب الهجوم

أعلنت السلطات الأردنية، الاثنين، إعادة فتح جسر اللنبي (الملك حسين) غدا الثلاثاء أمام حركة السفر عند الساعة الثامنة صباحا، وذلك بعد الهجوم الذي شهده أمس على الجانب الإسرائيلي.

وأوضح الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، الاثنين، أن الجسر سيبقى مغلقا أمام حركة الشحن، دون تحديد موعد إعادتها.

وأهابت المديرية بالمسافرين التقيّد بالمواعيد والتعليمات، توفيرا لوقتهم وجهدهم.

وقُتل 3 حرّاس إسرائيليين، الأحد، عند معبر اللنبي بين الضفة الغربية والأردن برصاص مهاجم أردني وصل من المملكة، وأرداه الجيش الإسرائيلي.

ويأتي هذا الهجوم الذي قل مثيله على المعبر الحدودي وسط تصاعد وتيرة العنف في الضفة الغربية، حيث ينفّذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة منذ 11 شهر.

وقال الجيش الإسرائيلي إن المهاجم وصل إلى منطقة المعبر على متن شاحنة كان يقودها "من جهة الأردن"، مضيفا أنه "خرج من الشاحنة وأطلق النار على قوات الأمن الإسرائيلية العاملة على الجسر".

وأضاف الجيش في بيانه أنّ "3 مدنيين إسرائيليين قتلوا نتيجة للهجوم"، قبل أن يوضح لاحقا لوكالة فرانس برس أنّ القتلى مدنيون يعملون "حراس أمن"، وليسوا من عديد الجيش أو الشرطة.

وأكّد الجيش أنّ المهاجم قُتل بالرصاص، من دون أن يكشف عن اسمه أو جنسيته.

ومساء الأحد أعلنت عمّان أنّ منفّذ الهجوم "مواطن أردني"، مؤكّدة أنّ ما قام به "عمل فردي".

وقالت وزارة الداخلية الأردنية في بيان إنّ "التحقيقات الأوليّة في حادثة إطلاق النار في الجانب الآخر من جسر الملك حسين، أكّدت أن مطلق النار مواطن أردني اسمه ماهر ذياب حسين الجازي، من سكان منطقة الحسينية في محافظة معان" جنوب عمّان.

وأضافت أنّ هذا الهجوم " عمل فردي والتحقيقات مستمرة"، مشيرة إلى انه يجري "التنسيق بين الجهات المعنيّة لاستلام جثة منفذ العملية، ليصار إلى دفنها في الأردن".

وجسر اللنبي المعروف أيضاً باسم جسر الملك حسين معبر حدودي يستخدمه خصوصا الفلسطينيون للسفر إلى الأردن ومنه إلى الخارج.

ويدير المعبر حراس أمن من شركة خاصة، إلى جانب قوات الأمن الإسرائيلية.