غرينلند
غرينلند

لم يصدر تعليق رسمي بعد من السلطات الدنماركية بشأن الأنباء التي تحدثت عن رغبة الولايات المتحدة شراء أكبر جزيرة في العالم من الدنمارك.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من تناول الموضوع وقالت إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ناقش خلال جلسات خاصة فكرة شراء جزيرة غرينلند مع مستشاريه.

​​ومن المقرر أن يزور ترامب كوبنهاغن في سبتمبر المقبل، وستكون المنطقة الواقعة في القطب الشمالي على جدول الأعمال خلال اجتماعات مع رئيسي وزراء الدنمارك وغرينلند التي تتمتع بحكم ذاتي.

لكن هل هذه هي المرة الأولى التي تحاول فيها الولايات المتحدة شراء هذه الجزيرة؟ الإجابة بالتأكيد لا.

وفقا لمؤرخ دنماركي يدعى تيغ كارستيد، فقد حاولت الولايات المتحدة بالفعل شراء غرينلند من قبل في عام 1946 بمبلغ 100 مليون دولار.

​​ويضيف أن وزير الخارجية الأميركي جيمس بيرنز، الذي كان يعمل في عهد الرئيس هاري ترومان، طرح الفكرة على نظيره الدنماركي في اجتماع للأمم المتحدة في نيويورك، لكن شيئا لم يحدث في حينه.

وقبل ذلك التاريخ بنحو 100 عام، حاول وزير الخارجية الأميركي ويليام سيوارد شراء غرينلند من الدنماركيين لكنه لم ينجح أيضا.

لماذا غرينلند؟

قد يتساءل البعض لماذا يريد الرئيس الأميركي شراء جزيرة تغطي الثلوج نحو 80 في المئة من مساحتها ويعيش فيها أقل من 60 ألف شخص.

السبب الأول يكمن بوجود توقعات بأن الجزيرة غنية بالموارد الطبيعية ولاسيما المعادن، بما في ذلك خام الحديد والرصاص والزنك والماس والذهب واليورانيوم والنفط، والكثير منها غير مستغل حاليا لأن معظم أراضيها مغطاة بطبقة ثلجية.

ولكن بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، فإن تلك الطبقة الجليدية بدأت تذوب بسرعة، ومن المتوقع أن يؤدي تآكل الغطاء الجليدي إلى تسهيل استخراج موارد غرينلند الطبيعية.

أما السبب الثاني، فيحمل أبعادا جيوسياسية، لأن الولايات المتحدة لديها بالفعل موطئ قدم في غرينلند من خلال قاعدة ثول الجوية الواقعة شمال غرب الجزيرة.

​​وتقع القاعدة على بعد نحو ألف كيلومتر شمال الدائرة القطبية الشمالية، وتضم محطة رادار تشكل جزءا من نظام الإنذار المبكر بالصواريخ الباليستية الأميركية.

وتستخدم القاعدة أيضا من قبل قيادة القوات الجوية الأميركية وقيادة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية.

كما تكتسب غرينلند اهتمام القوى العالمية بما في ذلك الصين وروسيا، بسبب موقعها الإستراتيجي ومواردها المعدنية.

هل الجزيرة للبيع؟

قالت وزارة الشؤون الخارجية في جزيرة غرينلند في تغريدة الجمعة، ردا على ترامب: "نحن منفتحون على الأعمال التجارية، وليس للبيع".

و​​تمتلك الدنمارك غرينلند، لكن لدى الجزيرة حكومتها المستقلة. منحت الدنمارك حكما ذاتيا لها في عام 1979، وفي عام 2008 صوت سكان الجزيرة على استفتاء لمنح المزيد من الاستقلالية عن الدنمارك.

لم يتسن الحصول على تعليق من رئيسة الوزراء الدنماركية مته فريدريكسن ووزير الخارجية جيبي كوفود، لكن المسؤولين قالوا إنهم سيردون في وقت لاحق يوم الجمعة. ولم يتسن الاتصال بسفارة الولايات المتحدة في كوبنهاجن للحصول على تعقيب.

لكن سياسيين دنامركيين سخروا من فكرة بيع الجزيرة للولايات المتحدة، وقال رئيس الوزراء الدنماركي السابق لارس لوكه راسموسن على تويتر: "لا بد أنها كذبة أبريل. جاءت في غير موعدها تماما".

وقال المتحدث باسم الشؤون الخارجية لحزب الشعب الدنماركي سورين إسبيرسن لهيئة "دي آر" الإذاعية إن "فكرة بيع الدنمارك 50 ألف مواطن للولايات المتحدة، هي فكرة سخيفة تماما".

حزب العمال

لن يضع قرار حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) حل نفسه نهاية لحرب دامت أكثر من 4 عقود، فحسب، بل نهاية لحقبة شكلت الديناميكيات الأمنية والسياسية في إقليم كردستان ـ العراق، أيضا.

وأعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو الحالي، عن حل بنيته التنظيمية وإنهاء الكفاح المسلح، والأنشطة التي كانت تجري تحت لواء "PKK"، استجابة لنداء أطلقه زعيم الحزب ومؤسسه المعتقل في تركيا عبدالله أوجلان نهاية فبراير الماضي.

وطالب العمال الكردستاني، في بيان، تركيا بمنح زعيمه أوجلان حق إدارة المرحلة المقبلة، والاعتراف بحقه في العمل السياسي، وتوفير ضمانات قانونية شاملة في هذا الشأن.

وأشار البيان إلى أن الحزب نظم مؤتمره الثاني عشر في ظروف صعبة، مع استمرار الاشتباكات، وتواصل الهجمات البرية والجوية للجيش التركي.

وأضاف أن "المؤتمر أُنجز بنجاح وبشكل آمن، حيث أُجري في منطقتين مختلفتين بشكل متزامن لأسباب أمنية. وشارك فيه ما مجموعه 232 مندوبا. واتخذ خلاله قرارات تاريخية تعبر عن الدخول في مرحلة جديدة لحركتنا من أجل الحرية".

ويشير خبير العلاقات الدولية، حسن أحمد مصطفى، إلى أن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الاشتباكات المسلحة في إقليم كردستان، خاصة في منطقة بهدينان ومحافظة أربيل، ويقلل من الغارات الجوية في مناطق قنديل وشاربازير والسليمانية، التي يتمتع فيها العمال الكردستاني بحضور قوي.

ويضيف مصطفى لـ"الحرة" قوله: "أنشأت تركيا بعد عام 2019، قواعد عسكرية دائمة في كردستان العراق، في مناطق من محافظة دهوك وبالقرب من جبل قنديل، لذلك حل حزب العمال الكردستاني قد يخفض من مبررات العمليات العسكرية التركية عبر الحدود".

وبين أن أنقرة أشارت إلى أنها ستراقب امتثال العمال الكردستاني لقرار الحل وإلقاء السلاح عن كثب قبل سحب قواتها من كردستان العراق.

ويلفت مصطفى إلى أن الصراع المسلح بين العمال الكردستاني وتركيا تسبب خلال السنوات الماضية بنزوح آلاف من مواطني كردستان العراق من قراهم وبلداتهم وأصبحت نحو 700 قرية في إقليم كردستان إما خالية تماما من سكانها أو معرضة للخطر.

وعلى الرغم من تأكيده على أن السلام الدائم سيسهل عودة النازحين إلى قراهم ومناطقهم، يلفت مصطفى إلى أن استمرار الوجود العسكري التركي قد يُؤخّر إعادة التوطين الكاملة.

ولعل من تداعيات حل العمال الكردستاني التي يتوقعها مصطفى، هي أن تدعو إيران إلى إنهاء المعارضة المسلحة الكردية الإيرانية بشكل كامل.

وتسعى طهران منذ نحو عامين عبر الاتفاق الأمني الذي ابرمته مع الحكومة العراقية إلى إنهاء المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان منذ أكثر من 4 عقود، وقد بدأت السلطات العراقية حسب الاتفاق بإبعاد الأحزاب الكردية المعارضة عن الحدود الإيرانية، ونزعت أسلحتهم.

وأصدرت مستشارية الأمن القومي العراقية، التابعة لمجلس الوزراء، في 24 أبريل الماضي، قرارا يحظر جميع أنشطة الأحزاب والجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة على الأراضي العراقية.

ورغم إعلان حل الحزب والتخلي عن السلاح، لم تحدد آلية تنفيذ القرارين بعد، خاصة لجهة كيفية إلقاء السلاح والجهة تتسلمه من مقاتلي حزب العمال.

وأوضح وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان، ريبر أحمد، في مؤتمر صحفي عقده في أربيل مطلع الأسبوع، أنه "مازال من المبكر الحديث عن كيفية إلقاء السلاح وأين سيسلم هذا السلاح ولمن؟ جميعنا نراقب هذه العملية، المهم أن تنتهي العمليات العسكرية والاشتباكات المسلحة في مناطق كردستان، ويتمكن مواطنونا من العودة الى مناطقهم ويحل السلام والاستقرار".

ولا يقتصر وجود العمال الكردستاني في جبل قنديل والسلاسل الجبلية والمناطق الحدودية بين إقليم كردستان وتركيا، بل تتمركز وحدات مقاومة سنجار "اليبشة" التابعة لـ(PKK) في قضاء سنجار غربي الموصل أيضا.

واعتبر سياسيون في إقليم كردستان العراق خلال تصريحات سابقة لـ"الحرة"، هذه الوحدات وفصائل الحشد الشعبي سببا في عدم استقرار الأوضاع في سنجار، وأبرز عائق أمام تنفيذ اتفاقية سنجار التي وقعتها بغداد وأربيل عام 2020 برعاية دولية لتطبيع الأوضاع في تلك المنطقة وإعادة النازحين إليها.

لذلك من المتوقع أن يساهم قرار الحزب بإلقاء السلاح في تطبيق اتفاقية سنجار وعودة الاستقرار إلى المدينة، التي شهدت خلال السنوات الماضية العديد من الغارات الجوية التركية التي استهدفتها بسبب وجود مواقع للعمال الكردستاني فيها. 

ويرى رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن قرار حل حزب العمال الكردستاني بإلقائه السلاح سينهي مبررات الدولة التركية في التدخل في دول المنطقة ومنها العراق وسوريا بحجة وجود مقاتلي وأعضاء العمال الكردستاني.

ويوضح مالو لـ"الحرة"، "بعد قرار الحل، ستنهي تركيا وجودها العسكري في العراق، أو على الأقل ستبدأ مرحلة جديدة من العلاقات مع بغداد وإقليم كردستان، لذلك على السياسيين العراقيين بالدرجة الأساس التهيئة للتفاوض والتفاهم من أجل انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية".

ويعتقد مالو أن جزءا من مقاتلي العمال الكردستاني أو مجاميع أخرى تابعة له قد ينشقون عن الحزب ويرفضون إلقاء السلاح، لكنه يرى أنهم لن يؤثروا على عملية السلام، لأن المرجع الفكري للحزب والمجموعات المرتبطة به قرروا تغيير مصيره.

ولفت إلى أن "قرار الحزب بإلقاء السلاح سيلقي بظلال إيجابية على المنطقة بأسرها".

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، أنشأت تركيا خلال السنوات الماضية أكثر من 87 قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية على طول 200 كيلومتر من الحدود بين البلدين. منها 7 قواعد جديدة، أنشأتها خلال عملياتها العسكرية التي انطلقت في يونيو الماضي ضمن حدود منطقة برواري بالا في محافظة دهوك، بينما بلغ عمق توغلها 15 كيلومتراً، وهو أكثر بسبعة كيلومترات مقارنة بالعملية البرية السابقة التي كانت في عام 2021.

وكشفت إحصائية صادرة عن منظمة فرق صناع السلم المجتمعي (CPT) الأميركية في إقليم كردستان العراق، حصل موقع "الحرة" عليها في مارس الماضي، عن مقتل وإصابة 721 مدنيا في إقليم كردستان منذ يناير 1991، إثر القصف والعمليات العسكرية التركية ضد مقاتلي PKK.

وأشارت المنظمة في بيان، مساء الخميس، إلى أن الجيش التركي ما زال يواصل هجماته داخل أراضي كردستان العراق، رغم إعلان العمال الكردستاني حل نفسه.

وأضافت المنظمة أن "القوات التركية نفذت منذ 12 مايو وحتى الآن، 31 هجوما وقصفا على إقليم كردستان"، وبلغت الهجمات المسلحة ذروتها الخميس، بحسب البيان.