سيدة ترفع شعار "انتفاضة المرأة في العالم العربي" رفضا للعنف الجنسي ضد النساء في مصر عام 2013
سيدة ترفع شعار "انتفاضة المرأة في العالم العربي" رفضا للعنف الجنسي ضد النساء في مصر عام 2013

515553 4

سناء العاجي/

لعلنا نحتاج لأطباء نفسيين، ليعالجوا أمراضنا التي تفشت بانتشار مواقع التواصل الاجتماعي.

لنتأمل مثلا أولئك الذين يقدمون دروس الموعظة على جداراتهم... ينشرون الآيات والأحاديث، ثم يبعثون لفتيات لا يعرفوهن صورا جنسية على الخاص!

لنتأمل أيضا أولئك الذين، كلما أزعجتهم تغريدة أو مقال، اخترعوا آلاف نظريات المؤامرة ليواجهونك... وبحسب المحتوى الذي تقترحه، قد يتهمونك اليوم بأنك موال للإمارات وغدا بأنك موال لإيران وفي اليوم الثالث بأنك ممول من إسرائيل. كل هذا لأنهم لا يتقبلون أي محتوى يزعزع مسلماتهم الراسخة!

هل كان هذا العنف ساكنا فينا وفجرته مواقع التواصل؟ أم أنه تعبير عن أمراض نفسية جديدة نحتاج اليوم لمتخصصين يحللونها ويقترحون العلاج؟

ثم، أي جبن ذاك الذي يجعلك، كي تعبر عن اختلافك، تختفي خلف اسم مستعار لتسب وتشتم؟

التناقض الآخر يتمثل في كون أصحاب هذه التعليقات العنيفة يتبجحون بكونهم يدافعون عن الأخلاق والإسلام، ضد "أعداء الإسلام" أو ضد "دعاة الحرية". طيب، أي أخلاق في أن تسب شخصا لمجرد أنك لا تتفق مع طرحه؟ أي أخلاق في أن تُخَوّن وتتهم دون دليل، لمجرد أن محتوى ما أزعجك؟

يذكرني الحديث عن الأخلاق بمقال جميل للكاتب اليمني حسين الوادعي عنوانه: "خدعوك فقالوا: الغرب متقدم ماديا، لكننا متقدمون أخلاقيا"، يتطرق فيه للمفهوم الاختزالي للأخلاق في مجتمعاتنا (حيث نحصره عامة في الجنس)، بينما يفترض أن تكون الأخلاق مفهوما شاملا لقيم المواطنة واحترام الآخر.

إحدى أمراضنا التي نحتاج أن نعترف بها لنعالجها هي أننا مجتمع متخلق جدا... على مستوى الشعارات! لكن الواقع هو أبعد ما يكون عن الأخلاق. لنأخذ هذه الأمثلة البسيطة التي يمكن أن نرى عبرها بعض قبحنا في المرآة:

في مصر، 85 في المئة من ضحايا الاغتصاب هم أطفال! من يناير إلى أكتوبر 2014، رصد المجلس القومي للأمومة والطفولة أكثر من 1000 حالة اعتداء جنسي على الأطفال. كذلك، وحسب المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، فإن الحالات غير المبلغ عنها قد تتجاوز 3000 سنويا.

في المغرب، تم تسجيل 850 حالة اعتداء جنسي على الأطفال سنة 2014 و935 سنة 2015.

في الكويت، كشفت دراسة بأن 12 في المئة من الأطفال تعرضوا للتحرش بكشف عضو المعتدي عليهم أمامهم، 7 في المئة بإجبارهم على لمس عضو المتحرش، 13 في المئة تعرضوا للعنف الجنسي بلمس شخص آخر لأعضائهم و2 في المئة تعرضوا للاغتصاب، 10 في المئة منهم فقط تحدثوا عن الواقعة لشخص آخر.

في دبي، الإدارة العامة للتحريات والمباحث العامة تتحدث عن حوالي 33 حالة اعتداء على أطفال ذكور وإناث سنة 2010 تتراوح أعمارهم بين 6 و15 سنة.

في مصر، تقول أرقام سنة 2015 بأن مليون ونصف المليون من النساء يتعرضن للعنف الأسري سنويا، بمعدل 4000 حالة يوميا... 70 في المئة من الحالات يكون العنف فيها من طرف الزوج و20 في المئة من طرف الأب.

في مصر دائما، المجلس القومي لحقوق النساء يتحدث عن 70 في المئة من النساء اللواتي يتعرضن للتحرش. بعض المصادر، كهيئة الأمم المتحدة للمرأة، تعتبر أن الرقم يتجاوز 90 في المئة.

وفي مصر أيضا،1،7 مليون امرأة تعاني من التحرش الجنسي سنويا في المواصلات العامة و30 في المئة من العاملات يتعرضن للتحرش اللفظي سنويا في مقرات العمل.

في تونس، حسب دراسة لمركز الإحاطة والتوجيه الأسري، بين سنة 2003 و2008، تم تسجيل 3305 حالة عنف مصرح بها (وما خفي قد يكون أعظم)، 96 في المئة منها من طرف الزوج.

في لبنان، الخط الساخن المخصص لتلقي شكاوى النساء ضحايا العنف يتلقى أكثر من 2600 بلاغ سنويا؛ في حين تلقت منظمة هيومن رايتس ووتش بلاغات عن مقتل 25 سيدة على أيدي أقاربهن بين 2010 و2013.

في المغرب، تعتبر المندوبية السامية للتخطيط أن 60 في المئة من النساء تتراوح أعمارهن بين 18 و64 سنة، يتعرضن لأحد أشكال العنف.

ضمن دراسة ميدانية عن التحرش الجنسي لوكالة رويترز، احتلت السعودية المرتبة الثالثة بين 24 دولة شملتها الدراسة؛ وهي بذلك تسبق النسبة في الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا وفرنسا.

مركز البحث العالمي (وهو مركز كندي) يتحدث عن ارتفاع نسبة التحرش في السعودية بـ 11،4 في المئة سنة 2016 مقارنة مع 2015.

مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة في تونس يعتبر أن أكثر من 75،4 في المئة من النساء تعرضن للعنف الجنسي على غرار التحرش والاغتصاب واللمس وغيرها.

طبعا، هذه الأرقام قد لا تترجم الواقع الحقيقي الذي قد يكون أفظع، لأن التصريح بهذه الجرائم يعد خطا أحمرا؛ حتى أن العديد من البلدان لا تقدم أية أرقام عن التحرش والاغتصاب والاعتداءات الجنسية على النساء أو الأطفال لأنها تعتبر في ذلك مسا بسمعتها.

لكننا، مع ذلك، ما زلنا نصر أننا مجتمع متخلق متدين بطبعه... ونعطي لأنفسنا الحق في العنف والسب والشتم (بكل أخلاق!) في حق كل من يجرأ على فضح عوراتنا وعيوبنا!

اقرأ للكاتبة أيضا: من قتل أكثر، المسلمون أم المسيحيون؟

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

أخلاق في المزاد A55E7642-5EFE-41FC-A922-4C0E2E04DABD.jpg AFP أخلاق-في-المزاد سيدة ترفع شعار "انتفاضة المرأة في العالم العربي" رفضا للعنف الجنسي ضد النساء في مصر عام 2013 2019-10-10 13:02:13 1 2019-10-10 13:33:13 0

الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي سيفوز على الأرجح بولاية ثالثة- صورة أرشيفية.
الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي سيفوز على الأرجح بولاية ثالثة- صورة أرشيفية.

بدأ المصريون المقيمون خارج البلاد، صباح الجمعة، التصويت في الانتخابات الرئاسية التي تجري في الداخل اعتبارا من العاشر من ديسمبر، والتي سيفوز فيها على الأرجح الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، لولاية ثالثة.

وتفتح 137 سفارة وقنصلية مصرية في 121 بلدا أبوابها لاستقبال الناخبين حتى الأحد للتصويت من أجل اختيار رئيس للبلاد.

ولم يتم الإعلان رسميا عن عدد من يحق لهم التصويت من المصريين بالخارج، ولكن وزيرة الهجرة المصرية، سها جندي، أشارت هذا الأسبوع، بحسب بيان من الوزارة، إلى أنها "واثقة من كثافة مشاركة المصريين بالخارج والذين يبلغ تعدادهم نحو 14 مليون مصري في مختلف دول العالم".

وبحسب تقرير نشره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري عام 2021، فإن غالبية المصريين المقيمين في الخارج تتركز في الدول العربية وعلى رأسها السعودية، ثم تأتي دول الأميركيتين في المرتبة الثانية.

ويخوض ثلاثة مرشحين غير معروفين على نطاق واسع سباق الرئاسة في مواجهة السيسي الذي تقدم بأوراق ترشيحه في أكتوبر بعد أن حصل على 424 تزكية من نواب البرلمان البالغ عددهم 596 عضوا وأكثر من 1,1 مليون توكيل (من الشعب). 

والمرشحون الآخرون هم رئيس الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي (وسط)، فريد زهران، ورئيس حزب الوفد (ليبرالي)، عبد السند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري (ليبرالي)، حازم عمر.

وقدموا أوراق ترشحهم مدعومين بعدد التزكيات البرلمانية اللازمة، وقد جمع عمر أكثر من 60 ألف توكيل.

ومن المقرر أن تجري عملية الاقتراع داخل البلاد في انتخابات الرئاسة المصرية بين 10 و12 ديسمبر، على أن تعلن النتيجة في 18 من الشهر نفسه.

وكان المعارض المصري والبرلماني السابق، أحمد الطنطاوي، اعتزم خوض الانتخابات الرئاسية قبل أن يعلن في 13 أكتوبر عدم استيفائه شروط الترشح بجمع العدد المطلوب من توكيلات المواطنين حتى يحقّ له الترشح.

ومنذ أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فتح باب الترشح في الرابع أكتوبر، جمع الطنطاوي البالغ 44 عاما، أكثر من 14 ألف توكيل بما لا يؤهله لخوض سباق الانتخابات الرئاسية الذي يتطلب جمع 25 ألف توكيل بالحدّ الأدنى من مواطنين في 15 محافظة من محافظات البلاد الـ27، أو أن يحصل على 20 تزكية على الأقل من برلمانيين.

واتهمت حملة الطنطاوي السلطات بتعمد عدم تسجيل توكيلات المواطنين بحجج مختلفة، بينها عطل في أجهزة الحاسوب تارة وعدم توافر الوقت اللازم لدى الموظفين تارة أخرى.

وتجري العملية الانتخابية فيما تشهد البلاد التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر، واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.

كذلك تواجه مصر اتهامات عديدة من منظمات حقوقية محلية ودولية باستهداف معارضين وناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي الراحل، محمد مرسي، في 2013 وبتنفيذ حملة قمع واسعة شملت إسلاميين وليبراليين.

وتجري الانتخابات فيما مصر منخرطة في المفاوضات الجارية لمحاولة إرساء هدن أو وقف إطلاق نار في قطاع غزة المجاور للحدود المصرية، فيما استؤنفت الأعمال القتالية، الجمعة، بين إسرائيل وحركة حماس "المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى"، بعد أسبوع من التهدئة.