تقدم السلطات التركية إغراءات كبيرة للمرتزقة السوريين الذين يعملون في فصائل موالية لها لتشجيعهم على الانتقال للقتال في ليبيا لدعم حكومة الوفاقفي حربها ضد قوات خليفة حفتر.
لكن، يبدو أن المغريات التي تقدمها أنقرة ليست الدفاع وراء انضمام آلاف من هؤلاء للقتال في ليبيا، فموافقتهم على الذهاب إلى ليبيا تحمل في طياتها أهدافا أبعد من حدود تلك الدولة التي تهكها الحرب والتدخلات الأجنبية.
وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، بأن قسما من المقاتلين المنضوين تحت الفصائل الموالية لتركيا، بدأوا رحلة الخروج من الأراضي الليبية باتجاه إيطاليا.
وأكد المرصد إن ما لا يقل عن 17 عنصرا من هؤلاء المقاتلين وصلوا بالفعل إلى إيطاليا، مشيرا إلى أنه بحسب أقارب ومقربين منهم فإن الذين خرجوا، عمدوا منذ البداية إلى اتخاذ ليبيا طريقا للعبور إلى إيطاليا.
وأشار المصدر إلى أن عددا من هؤلاء المقاتلين "ما أن وصلوا إلى ليبيا حتى تخلوا عن سلاحهم وتوجهوا إلى إيطاليا، كما أن قسما منهم توجه إلى الجزائر على أن تكون بوابة الخروج إلى أوروبا".
وكان المرصد قد ذكر الأحد أن عملية تسجيل أسماء الراغبين في الذهاب إلى طرابلس مستمرة، وذلك بالتزامن مع وصول دفعات جديدة من المرتزقة إلى ليبيا ليرتفع عدد المجندين الذين وصلوا فعليا حتى الآن إلى نحو 2400.
وأوضح أن عدد المجندين الذين وصلوا المعسكرات التركية للتدريب بلغ نحو 1700 وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل في عفرين أو مناطق "درع الفرات" ومنطقة شمال شرق سورية.
وقال إن أنقرة تسعى إلى إرسال نحو 6000 عنصر، مشيرا إلى أنهم ينتمون إلى فصائل "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وفيلق الشام وسليمان شاه ولواء السمرقند".
تجدر الإشارة إلى أن زعماء الدول الذي التقوا في مؤتمر برلين حول ليبيا والذي عقد الأحد برعاية الأمم المتحدة، اتفقوا على عدم التدخل في شؤون ليبيا، والالتزام بقرار حظر تصدر الأسلحة إلى هذا البلد.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على ضرورة وقف التدخلات الخارجية كافة في ليبيا، وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"الكف" عن إرسال مقاتلين سوريين دعما لحكومة فايز السراج المعترف بها دوليا.
وتركيا متهمة بإرسال مرتزقة سوريين موالين لها، ويشتبه كذلك بوجود مرتزقة روس لدعم خليفة حفتر، ما يزيد من مخاوف المجتمع الدولي من أن تتحول ليبيا إلى "سوريا جديدة" مع تدويل إضافي للنزاع.
وفي الأسابيع الأخيرة، أعرب الاتحاد الأوروبي، المنقسمة دوله أيضا حول النزاع، عن مخاوفه من تدويل إضافي للنزاع في ليبيا، بعد توقيع تركيا وحكومة الوفاق الوطني اتفاقا عسكريا، وتلقي حفتر دعما من موسكو -رغم نفيها- وكذلك من مصر والسعودية والإمارات، فيما تحصل حكومة السراج على دعم أنقرة.
وأعلنت حكومة الوفاق في الـ19 منه "الموافقة على تفعيل" اتفاق تعاون أمني وعسكري مع أنقرة، كان قد جرى التوقيع عليه في 27 نوفمبر.
وفي الثاني من يناير 2020، أتاح البرلمان التركي للرئيس رجب طيب إردوغان نشر جنود أتراك في ليبيا، الأمر الذي بدأ في الخامس منه.
وأثار الإعلان التركي حفيظة دول على رأسها مصر التي اعتبر رئيسها عبد الفتاح السيسي أن التدخل الأجنبي في ليبيا يمس الأمن القومي لمصر، مؤكدا أن مصر لن تسمح بذلك.