A handout picture released by Iran's Defence Ministry on February 9, 2020, shows the Zafar rocket, Persian for Victory, during…
تجربة إطلاق القمر "ظفر" التي فشلت قبل نحو شهرين

قال الحرس الثوري الإيراني، الأربعاء، إن أطلق "أول قمر صناعي عسكري" من قاعدة إطلاق في أحد صحاري البلاد، مؤكدا أن القمر- الذي أطلق بعد عدة تجارب فاشلة- "نجح في الوصول إلى مداره".

ويأتي إطلاق القمر الصناعي العسكري في الوقت الذي تشتكي فيه إيران من أن العقوبات الاقتصادية الأميركية تمنعها من علاج آلاف المرضى بفيروس كورونا، بعد أن أصبحت البلاد واحدة من أكبر بؤر انتشار المرض في العالم.

وأطلق الحرس الثوري اسم "نور" على القمر الصناعي، وقال إنه أطلق من على صاروخ يعمل على مرحلتين اسمه "قاصد"، وقد وضع في مدار يبعد 425 كيلومترا عن سطح الأرض.

ويأتي ذلك بعد أكثر من شهرين على إطلاق إيران قمرا اصطناعيا أخفقت في وضعه في المدار، ضمن برنامج تقول الولايات المتحدة إنه "غطاء لتطوير صواريخ عسكرية".

وأكدت طهران حينذاك أن إطلاق القمر "ظفر" الذي حصل قبل أيام من الذكرى الـ41 لصعود الإسلاميين إلى الحكم في البلاد، ليست له أبعاد عسكرية.

والثلاثاء، أعلن الحرس تطويره نوعا من الصواريخ البحرية (أرض – بحر) ونجاحه بزيادة مداه.

وتقول القيادات الإيرانية إن العقوبات تجعل من الصعب على إيران الحصول على الإمدادات الطبية الحيوية والمعدات اللازمة لعلاج مرضى كوفيد 19، كما إن الأغلبية في البلاد تعيش في حالة فقر شديدة بعد المقاطعة الدولية لإيران على خلفية دعمها لمجاميع إرهابية وميليشيات عاملة في الشرق الأوسط.

وفي مارس طلبت إيران من صندوق النقد الدولي، قرضاً بقيمة 5 مليارات دولار، قالت إن الغرض منه "مكافحة فيروس كورونا المستجد، الذي تفشى بشكل واسع في البلاد".

وقال محافظ البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، في منشور عبر حسابه على "انستغرام"، إنه بعث برسالة إلى مديرة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا، يوضح لها أن بلاده ترغب في الاستفادة من تمويلات "النقد الدولي"، المقدمة للبلدان المتضررة من "كورونا".

وأضاف "همتي" وقتها أن إيران بحاجة إلى دعم اقتصادي لمواجهة الفيروس الذي انتشر في سائر محافظات البلاد.

الشرع وإسرائيل

مع أن الخريف يحمل أحيانا مسحة من الكآبة، كان بالإمكان ملاحظة ابتسامات خفيفة على وجوه الرجال الثلاثة في الصور المؤرخة في الثالث من يناير من العام ٢٠٠٠. 

تجمع الصور فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك في عهد حافظ الأسد، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك، يتوسطهما الرئيس الأميركي بيل كلينتون. 

يسير الثلاثة على ما يبدو أنه جسر حديدي في غابة مليئة بالأشجار التي تتخلى للخريف عن آخر أوراقها اليابسة في ولاية ويست فرجينيا الأميركية. كان كلينتون يحاول أن يعبر بالطرفين من ضفة إلى أخرى، من الحرب المستمرة منذ عقود، إلى سلام أراده أن يكون "عادلاً وشاملاً".

كانت تلك الورقة الأخيرة المترنحة في شجرة مفاوضات طويلة ومتقطّعة بين إسرائيل وسوريا، استمرت طوال فترة التسعينيات في مناسبات مختلفة. لكن خريف العلاقات بين الطرفين كان قد حلّ، وسقطت الورقة، وتباطأت في سقوطها "الحر" حتى ارتطمت بالأرض. 

كان ذلك آخر لقاء علني مباشر بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى. لم تفض المفاوضات إلى شيء، وتعرقلت أكثر فأكثر احتمالاتها في السنوات اللاحقة بعد وراثة بشار الأسد رئاسة سوريا عن أبيه الذي توفي في حزيران من العام ٢٠٠٠. 

وفشلت جميع المبادرات الأميركية والتركية بين الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠١١ لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات المباشرة، مع حدوث بعض المحادثات غير المباشرة في إسطنبول في العام ٢٠٠٨، وكان بشار الأسد يجنح شيئاً فشيئا إلى الارتماء تماماً في الحضن الإيراني.

كان الربيع العربي في العام ٢٠١١ أقسى على بشار الأسد من خريف المفاوضات التي خاضها والده في خريف عمره. وإذا كان موت حافظ الأسد شكّل ضربة قاسمة لاحتمالات التسوية السورية- الإسرائيلية، فإن الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر من العام ٢٠٢٤، أعادت على ما يبدو عقارب الزمن ٢٤ عاماً إلى الوراء، لكن هذه المرة مع شرع آخر هو أحمد الشرع. 

ومع أن الرئيس السوري، المتحدر من هضبة الجولان، قد يبدو لوهلة أكثر تشدداً من الأسد، إلا أن الرجل يبدو أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

الرئيس السوري قال بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا. 

وقال ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

لم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة او استغراب. بل على العكس فإن تصريحات الشرع، كما يقول المحلل السياسي مصطفى المقداد، لم تكن مفاجئة للشارع السوري، "فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها". 

وينقل مراسل موقع "الحرة" في دمشق حنا هوشان أجواءً عن أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

المقداد رأى في حديث مع "الحرة" أن الجديد والمهم في تصريحات الشرع المنقولة عنه، أنها تصدر بعد تشكيل الحكومة السورية وفي وقت يرفع وزير خارجيته، أسعد الشيباني، علم سوريا في الأمم المتحدة. ويرى المقداد أن المشكلة لا تكمن في الجانب السوري ولا في شخص الشرع، بل "تكمن في الجانب المقابل الذي لا يبدي رغبة حقيقية في قبول هذه المبادرات".

والجمعة، قال الشيباني في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن "سوريا لن تشكل تهديدا لأي من دول المنطقة، بما فيها إسرائيل".

تصريحات الشرع قد يكون لها الأثر الأبرز في الأيام المقبلة على النقاشات بين دروز سوريا على الحدود مع هضبة الجولان، المنقسمين حول العلاقة مع إسرائيل وحول العلاقة بحكومة الشرع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف يعبّر عنها رموز الطائفة، تارة من الاندماج مع حكومة الشرع، وطوراً بالانفصال والانضمام إلى إسرائيل. 

وتأتي تصريحات الشرع حول التطبيع لتفتح الباب لخيار ثالث درزي، قد يبدد المخاوف، لكن ليس هناك ما يضمن ألا يعزّزها.

بين ديسمبر من العام ٢٠٠٠، وأبريل من العام ٢٠٢٥، يقع ربع قرن، توقفت فيه عجلة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة. وبين الشرعين -فاروق الشرع وأحمد الشرع- تحمل التطورات احتمالات إنعاش المفاوضات وعودتها إلى الطاولة مع تبدلات جذرية في الظروف وفي اللاعبين. فهل "تزهر" المفاوضات في ربيع العام ٢٠٢٥، بعد أن يبست ورقتها وتساقطت في خريف العام ٢٠٠٠؟