التونسية سعدية مصباح بين "أبطال مكافحة العنصرية"
التونسية سعدية مصباح بين "أبطال مكافحة العنصرية"

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، الأربعاء، عن قائمة الأسماء الفائزة بالجوائز الأولى من نوعها لأبطال مكافحة العنصرية الدولية، والتي سيتم منحها لمجموعة من قادة المجتمع المدني الدوليين، من بينهم التونسية سعدية مصباح.

وذكر بيان لوزارة الخارجية، أن الوزير أنتوني بلينكن "سيمنح الجوائز للناشطين في فعالية بالعاصمة واشنطن، بسبب عملهم بكل شجاعة على تعزيز حقوق الإنسان الخاصة بأفراد مجتمعات مهمشة عرقية وإثنية، وخاصة بالسكان الأصليين، كما حاربت العنصرية المنهجية والتمييز وكراهية الأجانب في مختلف أنحاء العالم".

ويعقب التكريم اجتماع للناشطين مع المسؤولين الحكوميين في الولايات المتحدة، وقادة المجتمع المدني الأميركي، "لتقديم الخبرات وتبادل الأفكار حول تعزيز الإنصاف والعدالة العرقية في بلدانهم".

واستعرض بيان الخارجية الأميركية للأشخاص الذين سيتم تكريمهم ومنحهم الجوائز لعام 2023، وهم:

سعدية مصباح (تونس)

سعدية مصباح

قالت الخارجية الأميركية إن سعدية مصباح، "ناشطة تونسية كرست حياتها لمحاربة التمييز العنصري والتعصب، والدفاع عن حقوق التونسيين السود".

وبعد محاولات فاشلة لإطلاق مؤسسة تعنى بمكافحة التمييز العنصري خلال فترة حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، أسست في عام 2013 جمعية "منامتي" (حلمي) التي تسعى إلى زيادة الوعي بقيمة التنوع وأهمية المساواة وشجب العنصرية في الأماكن العامة.

كما تعمل على "ضمان الحماية القانونية للجميع ورفع مكانة السكان السود في المجال الثقافي، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات التي يغلب عليها السود".

وساهمت مصباح وحقوقيون آخرون في اعتماد قانون في تونس، يجرم التمييز العنصري، بتاريخ 9 أكتوبر 2018.

وتعتبر مصباح هذا القانون "إنجازا غير مكتمل، لأنه يفتقر إلى إعلان عالمي يدين كافة أشكال التمييز بحسب الديانة أو اللغة أو لون البشرة".

كاري غواهاهارا (البرازيل)

الناشطة البرازيلية كاري غواهاهارا

هي قائدة من السكان الأصليين من ولاية الأمازون البرازيلية، وتعمل مستشارة قانونية لمنظمات تمثيل السكان الأصليين.

وأوضحت الخارجية الأميركية أن كاري غواهاهارا، "محامية مدربة متخصصة في تعزيز حقوق السكان الأصليين ومحاربة أعمال العنف القائمة على النوع الاجتماعي وحماية البيئة".

هي في الأصل من أراضي أراريبوا الخاصة بالسكان الأصليين، وهي من شعب "غواهاهارا-تينيتيهارا" الذي يعاني من خسائر كبيرة لأراضيه التقليدية وفقدان مروع في الأرواح واضطرابات بتقاليده، نظرا للتواصل مع مجموعات من غير  السكان الأصليين.

أوسوالدو بيلباو لوباتون (بيرو)

أوسوالدو بيلباو لوباتون

أمضى الناشط البيروفي، أوسوالدو بيلباو لوباتون، أكثر من 4 عقود من حياته في المكافحة من أجل الاعتراف بالأفارقة-البيروفيين وحقوقهم، إذ أنهم من أقل المجموعات السكانية ظهورا وأكثرها حرمانا في بيرو.

كان عضوا في اللجنة التي نظمت أول اجتماع لمجتمعات السود في بيرو عام 1992، وجمعت أكثر من مئة ممثل أفريقي-بيروفي من مختلف أنحاء البلاد للمرة الأولى في التاريخ.

وهو حاليا عضو في التحالف الدولي للدفاع والحماية والحفاظ عن الأراضي والبيئة واستخدام الأراضي وشؤون تغير المناخ للشعوب المنحدرة من أصل أفريقي في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

راني يان يان (بنغلادش)

راني يان يان

جذبت الناشطة المدافعة عن حقوق الإنسان، راني يان يان، الانتباه الدولي إلى المصاعب التي يعاني منها مجتمعها مع مخاطرة كبيرة على نفسها.

هي قائدة قبلية من قبيلة مارما في بنغلادش، وتناصر بشكل نشط "السكان الضعفاء الذين يواجهون التمييز برعاية حكومية، ويعانون من انتزاع أراضيهم وأعمال العنف والآثار السلبية لتغير المناخ".

وأوضحت الخارجية الأميركية أنه نتيجة مباشرة لنشاط يان يان، اكتسب المجتمع الدولي "وعيا جديدا" بالعنف الذي يمارس ضد الأقليات في بنغلادش.

قدمت الحقوقية البارزة المشورة  خلال مسيرتها إلى منظمات محلية ودولية، ودربتها على شؤون المرونة المناخية والمساواة بين الجنسين.

كما أجرت أبحاثا بشأن مشاركة النساء من السكان الأصليين في الحياة السياسية، ووجهت نشطاء شباب بشأن التنوع والاندماج الاجتماعي.

وصفتها الخارجية الأميركية بأنها "صوت لا يخاف شيئا ومناصرة صريحة للمساواة في الحقوق، وذلك على الرغم من مواجهتها درجة هائلة من التمييز وأعمال العنف حتى".

سرسواتي نيبالي (نيبال)

سرسواتي نيبالي

تعتبر سرسواتي نيبالي، ناشطة اجتماعية مشهود لها ورئيسة منتدى تطوير مجتمع الداليت ومدافعة طويلة الأمد عن حقوق الإنسان للطبقات المهمشة وأصحاب الاحتياجات الخاصة والفقراء، بحسب الخارجية الأميركية.

أظهرت على مدى أكثر من 20 عاما قيادة مستدامة في مجال تعزيز حقوق الإنسان لأفراد أكثر المجتمعات الإثنية المهمشة في نيبال.

ولدت سرسواتي، في كنف عائلة من طبقة الداليت أو ما يسمى بطبقة "المنبوذين” في أقصى مناطق نيبال غربا، وهي منطقة نامية.

ولعبت دورا حاسما في التحركات المطالبة بالعدالة في مجتمع الداليت، وذلك للحصول على حقوق تملك أراضي والوصول إلى التعلم والتمتع بالمساواة القانونية في المحاكم.

فيكتورينا لوكا (مولدوفا)

فيكتورينا لوكا

تعمل فيكتورينا لوكا، محامية في مجال حقوق الإنسان وأسست مؤسسة زيادة الوعي بالغجر، ووصفها بيان الخارجية الأميركية بأنه "من المدافعين عن المساواة العرقية في مولدوفا منذ أكثر من 15 عامًا".

قدمت خبرتها للمنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والبنك الدولي ومجلس أوروبا، وذلك كخبيرة في مجال دمج الأشخاص المهمشين.

وتدير راديو باترين مولدوفا، الذي يبث لغة الغجر المولدوفيين وثقافتهم إلى جماهير في مختلف أنحاء العالم.

درست لوكا في جامعة مولدوفا الحرة وجامعة لوند السويدية وجامعة أوروبا الوسطى، وتتحدث لغة الغجر الروما والرومانية والروسية والإنكليزية.

الشرع وإسرائيل

مع أن الخريف يحمل أحيانا مسحة من الكآبة، كان بالإمكان ملاحظة ابتسامات خفيفة على وجوه الرجال الثلاثة في الصور المؤرخة في الثالث من يناير من العام ٢٠٠٠. 

تجمع الصور فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك في عهد حافظ الأسد، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك، يتوسطهما الرئيس الأميركي بيل كلينتون. 

يسير الثلاثة على ما يبدو أنه جسر حديدي في غابة مليئة بالأشجار التي تتخلى للخريف عن آخر أوراقها اليابسة في ولاية ويست فرجينيا الأميركية. كان كلينتون يحاول أن يعبر بالطرفين من ضفة إلى أخرى، من الحرب المستمرة منذ عقود، إلى سلام أراده أن يكون "عادلاً وشاملاً".

كانت تلك الورقة الأخيرة المترنحة في شجرة مفاوضات طويلة ومتقطّعة بين إسرائيل وسوريا، استمرت طوال فترة التسعينيات في مناسبات مختلفة. لكن خريف العلاقات بين الطرفين كان قد حلّ، وسقطت الورقة، وتباطأت في سقوطها "الحر" حتى ارتطمت بالأرض. 

كان ذلك آخر لقاء علني مباشر بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى. لم تفض المفاوضات إلى شيء، وتعرقلت أكثر فأكثر احتمالاتها في السنوات اللاحقة بعد وراثة بشار الأسد رئاسة سوريا عن أبيه الذي توفي في حزيران من العام ٢٠٠٠. 

وفشلت جميع المبادرات الأميركية والتركية بين الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠١١ لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات المباشرة، مع حدوث بعض المحادثات غير المباشرة في إسطنبول في العام ٢٠٠٨، وكان بشار الأسد يجنح شيئاً فشيئا إلى الارتماء تماماً في الحضن الإيراني.

كان الربيع العربي في العام ٢٠١١ أقسى على بشار الأسد من خريف المفاوضات التي خاضها والده في خريف عمره. وإذا كان موت حافظ الأسد شكّل ضربة قاسمة لاحتمالات التسوية السورية- الإسرائيلية، فإن الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر من العام ٢٠٢٤، أعادت على ما يبدو عقارب الزمن ٢٤ عاماً إلى الوراء، لكن هذه المرة مع شرع آخر هو أحمد الشرع. 

ومع أن الرئيس السوري، المتحدر من هضبة الجولان، قد يبدو لوهلة أكثر تشدداً من الأسد، إلا أن الرجل يبدو أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

الرئيس السوري قال بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا. 

وقال ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

لم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة او استغراب. بل على العكس فإن تصريحات الشرع، كما يقول المحلل السياسي مصطفى المقداد، لم تكن مفاجئة للشارع السوري، "فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها". 

وينقل مراسل موقع "الحرة" في دمشق حنا هوشان أجواءً عن أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

المقداد رأى في حديث مع "الحرة" أن الجديد والمهم في تصريحات الشرع المنقولة عنه، أنها تصدر بعد تشكيل الحكومة السورية وفي وقت يرفع وزير خارجيته، أسعد الشيباني، علم سوريا في الأمم المتحدة. ويرى المقداد أن المشكلة لا تكمن في الجانب السوري ولا في شخص الشرع، بل "تكمن في الجانب المقابل الذي لا يبدي رغبة حقيقية في قبول هذه المبادرات".

والجمعة، قال الشيباني في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن "سوريا لن تشكل تهديدا لأي من دول المنطقة، بما فيها إسرائيل".

تصريحات الشرع قد يكون لها الأثر الأبرز في الأيام المقبلة على النقاشات بين دروز سوريا على الحدود مع هضبة الجولان، المنقسمين حول العلاقة مع إسرائيل وحول العلاقة بحكومة الشرع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف يعبّر عنها رموز الطائفة، تارة من الاندماج مع حكومة الشرع، وطوراً بالانفصال والانضمام إلى إسرائيل. 

وتأتي تصريحات الشرع حول التطبيع لتفتح الباب لخيار ثالث درزي، قد يبدد المخاوف، لكن ليس هناك ما يضمن ألا يعزّزها.

بين ديسمبر من العام ٢٠٠٠، وأبريل من العام ٢٠٢٥، يقع ربع قرن، توقفت فيه عجلة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة. وبين الشرعين -فاروق الشرع وأحمد الشرع- تحمل التطورات احتمالات إنعاش المفاوضات وعودتها إلى الطاولة مع تبدلات جذرية في الظروف وفي اللاعبين. فهل "تزهر" المفاوضات في ربيع العام ٢٠٢٥، بعد أن يبست ورقتها وتساقطت في خريف العام ٢٠٠٠؟