آخر الأخبار

"لا تهاجر!".. شباب الأردن بين مصيرين

معاذ فريحات - واشنطن, ضياء عودة - إسطنبول, بلسيت إبراهيم - واشنطن
10 مارس 2025

"لا تهاجر يا قتيبة" رسالة وجهها رئيس الوزراء الأردني الأسبق، عمر الرزاز، لشاب، في عام 2018، ووعده بـ "أردن أفضل".

أما رئيس الوزراء السابق، بشر الخصاونة، فلم يكن أقل تفاؤلا، ومنذ عام 2020، كرر مقولة "القادم أجمل.. أجمل أيام الأردن هي تلك التي لم تأت بعد".

رئيس الوزراء الحالي، جعفر حسان وجه رسالة للشباب في أكتوبر الماضي "لا تقبلوا بأقل من السماء سقفاً لطموحاتكم، ولا يثنيكم شيٌ عن تحقيقها".

عبارات يتذكرها الأردنيون، لكن لا يبد أنهم مقتنعون بها.

فقرابة نصف الأردنيين يفكرون بالهجرة، وفق استطلاع رأي.

ومنذ بداية 2024، اندفع شبان أردنيون في رحلة محفوفة بالمخاطر، تدفعهم البطالة، لكن من وصل منهم يقول إنه لا يجد عملا.

كنت رب عمل.. وهذا هو حالي الآن!

"فواز" (اسم مستعار) شاب أردني وصل الولايات المتحدة برفقة ابنه وشقيقه، منتصف مايو 2024.

 يقول فواز لموقع "الحرة" إنه كان يمتلك عملا خاصا به في قطاع النقل برأسمال يصل إلى نحو 500 ألف دينار (حوالي 700 ألف دولار)، ولكن مع قدوم جائحة كورونا، تراكمت ديونه.

وحتى بعد انتهاء الجائحة، لم تعد الحياة لطبيعتها، وفق فواز. وفاقت الأعباء المالية قدرته على مجاراتها، ليصبح العمل الذي يمتلكه في مهب الريح، حتى خسره بالكامل.

 وبعد أن كان لديه أشخاص يعملون لصالحه، أصبح يبحث عن عمل "ليعيل عائلته".

الظروف التي تحدث عنها فواز لم تكن حالة فريدة.

اقرأ المزيد في تحقيق موقع الحرّة الموسّع

الظروف الاقتصادية هي دافع الهجرة، يقول أكثر من شخص تحدث معه موقع "الحرة"، بما في ذلك أشخاص يحزمون حقائبهم وينتظرون إشارة ممن يطلقون على أنفسهم "ملوك التهريب".

الشاب "سلمان" (اسم مستعار) يقول إنه كان من أوائل الأشخاص الذي وصلوا إلى الولايات المتحدة خلال 2024، ويقول إن الدافع الأساسي وراء اتخاذه قرار الهجرة غير الشرعية هو "وضع البلد".

"أنت بهذا العمر لست موظفا ولا متعلما ولم تكمل الدراسة، الواحد (الشخص) بدور على (يبحث عن) فرص أحسن ليؤسس حياته"، يضيف.

أما اختيار الولايات المتحدة الأميركية يرتبط بكونها "الأفضل" على صعيد العمل والحياة، قياسا بباقي الدول، وفق "سلمان".

جواز سفر أردني
بريطانيا توقف "التأشيرة الإلكترونية" للأردنيين.. وتعلن السبب
أبلغت السفارة البريطانية في عمّان، وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن، الثلاثاء، رسميا، بقرارها وقف العمل اعتبارًا من اليوم 10 سبتمبر بنظام التأشيرة الإلكترونية  ETA، الذي كانت السلطات البريطانية أعلنت عنه في مطلع فبراير الماضي، لتسهيل منح التأشيرات إلكترونيًا للمواطنين الأردنيين الراغبين في زيارة المملكة المتحدة.

 "أصعب شيء يمكن أن يواجهه الشاب الأردني هو أن يشعر بأنه عالة على أهله، ولذلك يحاول الهروب من هذا الواقع"، بحسب ما ذكره أستاذ علم الاجتماع الأردني، حسين الخزاعي، لموقع "الحرة".

المهاجرون الأردنيون بالنهاية يصطدمون بواقع مخالف لما رُسم لهم، فمن يهرب من البطالة في المملكة متوجها إلى بلاد العم سام، يجد نفسه أمام عقبة كبيرة، وهي عدم القدرة على العمل في الولايات المتحدة.

أردنيون يبحثون عن تحقيق طموحاتهم في الخارج. أرشيفية

عبور الحدود الأميركية الجنوبية، لا يعني بالضرورة أن يحصل الشخص على تصريح يمكّنه من العمل بشكل قانوني، حتى لو تقدّم بقضية لجوء، يوضح الخبير القانوني المحامي محمد الشرنوبي.

"لنفترض أنه سُمِح بدخولك إلى الولايات المتحدة لتقديم قضية لجوء، لا يعني ذلك (إمكانية) تقديمك لتصريح العمل مباشرة، إذ قد تقضي أكثر من ثمانية أشهر قبل الحصول عليه"، يوضحّ في مقابلة مع موقع "الحرة".

نصف الأردنيين

أكثر من نصف الأردنيين عبّروا عن رغبتهم في الهجرة، بحسب استطلاعات الرأي، وفق مسؤول التواصل السياسي بشبكة الباروميتر العربي، محمد أبو فلغة.

استطلاعات للرأي أجرتها شبكة الباروميتر العربي، وهي شبكة بحثية غير حزبية، أظهرت أن نسبة الراغبين في الهجرة من الأردن، تعتبر الأعلى بين الدول العربية. أبو فلغة قال لموقع "الحرة" إن أعداد الراغبين في الهجرة من الأردن تضاعفت منذ 2016.

وليس بالإمكان حصر أعداد المهاجرين من الأردن في الوقت الحالي، وفق الخزاعي، لأن ما يحصل "غير شرعي" ويتم بالخفاء والسرية حتى لا تنكشف أمورهم.

أفق مسدود

انتظار قدوم الأجمل لم يعد خيارا أمام الشباب الأردني. أرشيفية

معدلات بطالة مرتفعة يعانيها الأردن خاصة بين الشباب، حيث سجلت مستوى قياسيا تجاوز 23 في المئة في الربع الأول من عام 2024، كما يشرح الخبير والباحث الاقتصادي، مازن إرشيد.

وحتى من يجدون عملا، قد لا يكفيهم الراتب.

وبحسب أحدث أرقام دائرة الإحصاءات العامة بلغ معدل البطالة 21.5 في المئة بنهاية الربع الثالث من 2024، بمعدل 18 في المئة للذكور، و33 في المئة بين الإناث.

أما الحد الأدنى للأجور في الأردن كان يبلغ 260 دينارا، بحسب وزارة العمل، أي أقل من (370 دولار) شهريا. 

وفي بداية يناير الماضي تم رفعه إلى 290 دينار شهريا (410 دولارات).

ويبلغ متوسط الأجر الشهري للأردنيين في القطاعين العام والخاص 543 دينارا (حوالي 765 دولارات)، وفق آخر مسح لدائرة الإحصاءات العامة في 2020.

بحسب تقرير سابق للبنك الدولي، انخفضت القدرة الشرائية للأردنيين بنسبة 10 في المئة عام 2023، وارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 27 في المئة.

في منشور لرئيس "بيت العمال"، حمادة أبو نجمة والذي كان مسؤولا سابقا في وزارة العمل في الأردن، قال في أكتوبر الماضي في منشور عبر حسابه في فيسبوك، إن الأرقام تظهر أن "تكلفة المعيشة لشخص واحد فقط من دون احتساب الإيجار قد تصل إلى حوالي 350 دينار شهريا، في حين أن إيجار شقة صغيرة تتراوح بين 200 و300 دينار".

وتعتبر غالبية كبيرة من الأردنيين 83 في المئة، أن الأوضاع الاقتصادية تسير بالاتجاه السلبي، وفق استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية في مايو من 2023.

61 في المئة قالوا إن وضعهم الاقتصادي أسوأ مما كان سابقا، وفق المركز.

 الأوضاع الاقتصادية في الأردن "تشكل خطرا على مستقبل الشباب في البلاد"، يقول أبو فلغة، من شبكة الباروميتر العربي.

والوضع يتجه نحو الأسوأ.

 في عام ٢٠١٦، عبّر  22 في المئة (فقط) من الأردنيين عن رغبتهم في الهجرة، وحينها كان نصف الأردنيين يقولون إن الوضع الاقتصادي جيد جدا.

لكن نسبة المتفائلين تراجعت إلى 15 في المئة في استطلاع أجري عام 2022 وأصبح حوالي نصف السكان يطمحون للهجرة.

ورغم أن الأردنيين كانوا الأقل استعدادا في المنطقة للهجرة غير الشرعية بحسب استطلاعات الباروميتر العربي السابقة، يقول ربع الراغبين في الهجرة الآن إنهم على استعداد لخوض رحلة هجرة بالطرق غير القانونية.

"فخ الوهم والأحلام"

يشعر أردنيون كثر بأن النظام الاجتماعي والسياسي لا يوفر الفرص العادلة للجميع، وفق الخبير الاقتصادي مازن إرشيد، والنتيجة هي شعور بالإحباط وعدم الرضا.

يقول إرشيد لـ"الحرة" إن "التفاوت في الفرص والتحديات المتعلقة بالوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة يؤدي إلى شعور بعدم الأمان الاجتماعي".

هذا الشعور يدفع العديد من الأفراد إلى التفكير في الهجرة "كوسيلة لتحقيق حياة أفضل لأنفسهم ولأسرهم"، يؤكد.

المهاجرون "ضحايا في المقام الأول للجهل والتضليل وانعدام العدالة على عدة مستويات، وفقدان الأمل، وانسداد الأفق"، يقول الباحث الحقوقي في معهد السياسة والمجتمع، حسين الصرايرة،  في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، في يونيو 2024.

أما "الإجابات الجاهزة مثل الفقر والبطالة ليست صحيحة بالمطلق، ميسورو الحال يدخلون هذا النفق المظلم، وعاملون يتقاعدون من وظائف في القطاع العام الشهي للأردنيين، لأجل هذه الرحلة".

وتتحقق عناصر "الاحتيال والاستغلال في هذه الرحلة"، وفق الصرايرة، لتصبح "أركان جريمة الاتجار بالبشر مكتملة وفق المواثيق الدولية والقانونين الأردني والأميركي على حد سواء".

"ما يحدث أردنيا هو أن الشبان وعددهم بالآلاف"، بحسب تقديره، "يبدأ التنسيق معهم لهذه الرحلة المكلِفة من هنا من الأردن، هناك عصابات تنسق هذه الرحلة وترتبها وتسلم الحالمين الشباب من عصابة لأخرى، حتى يصلوا إلى الحدود الأميركية، إن وصلوا قبل أن يلقوا حتفهم".

"الرحلة قد يصل سعرها إلى 40 ألف دولار أميركي وتبدأ من 10 آلاف على أقل تقدير، وكلما دفعت أكثر، كانت نسبة المخاطرة في الرحلة أقل، لكنها بالطبع، لن تحميك من نيران العصابات المتناحرة في أميركا اللاتينية" يوضح الصرايرة.

فخ الوهم والأحلام يدفع الشباب إلى بيع أراضي أهاليهم ومركباتهم بالإضافة إلى دعم نقدي من أقاربهم ليستثمروا في المجهول، على أمل أن يتمكن من يصل منهم أميركا من مساعدة أقاربه ورفع دخلهم جميعا. 

لكنه "استثمار في اليأس"، يوضح الصرايرة. 

وينبّه إلى أهمية معالجة "هذه الظاهرة" وتحليلها علميا. 

تحويلات مالية ونزيف مهارات

في 2018 خرجت تظاهرات في الأردن أقيلت على إثرها الحكومة. أرشيفية

"الهجرة وسيلة للبحث عن الأمل وتجديد الحياة في بيئة جديدة"، وفق إرشيد.

 وقد تكون للهجرة جوانب إيجابية وسلبية بالنسبة للدولة الأردنية، حسب حديث الخبير الاقتصادي.

إيجابياتها قد تقلّل من الضغط على سوق العمل المحلي، يقول إرشيد، والتحويلات المالية التي يرسلها المغتربون إلى أسرهم في الأردن تلعب دورا مهما في دعم الاقتصاد المحلي.

وخلال الثلث الأول من 2024 تجاوزت حوالات الأردنيين العاملين في الخارج الـ 1.1 مليار دولار، بحسب البنك المركزي الأردني.

في عام 2023، بلغت التحويلات المالية من الأردنيين العاملين في الخارج حوالي 3.7 مليار دولار، ما ساعد في دعم الاقتصاد وتحقيق التوازن المالي.

من ناحية أخرى، فقدان الكفاءات والمهارات قد يؤثر سلبا على الاقتصاد المحلي على المدى الطويل، بنقص القوى العاملة الماهرة في بعض القطاعات الحيوية، وفق إرشيد.

هذا تؤكده الأرقام، وفق أبو فلغة، فالباحثون عن الهجرة هم "الشباب الأكثر تعليما"، و93 في المئة منهم حددوا "الأوضاع الاقتصادية" على أنها السبب الأساسي الذي يدفعهم لذلك.

People attend a pro-immigration rally, in Los Angeles
ترحيل المهاجرين غير الشرعيين.. خطة ترامب وأبرز المعيقات
1- تكثيف عمليات الترحيل الجماعي، التي قد تطال نحو 11 مليون مهاجر غير موثق، بحسب تقديرات وزارة الأمن الداخلي. وستبدأ العملية بالأشخاص المدانين جنائيا أو الذين وُجهت لهم أوامر نهائية للترحيل ولم يغادروا، ويقدر عددهم مجلس الهجرة الأميركي بـ1.19 مليون مهاجر غير قانوني، وهذا يعني أن قضاياهم شقت طريقها عبر محكمة الهجرة وقرر القضاة أنه يجب عليهم المغادرة.

عياصرة: ليست ظاهرة ولا عوامل سياسية

ولا يمكن أن ننظر إلى هجرة شبان أردنيين الآن من زاوية "الظاهرة"، كما يقول عضو مجلس النواب الأردني السابق، عمر عياصرة، مؤكدا أنه "لا تقييم أردنيا حول ذلك حتى الآن".

وبينما يعتبر أن ما يجري "محاولات فردية" يوضح أن "قضية الهجرة متواجدة في الحالة الأردنية" لكن ليس بالشكل الذي يدور الحديث عنه الآن عبر المكسيك وفي ظل المخاطر.

عياصرة يعتقد أن "عامل الطرد" الوحيد هو الاقتصاد، وتقاطع الغلاء مع الاستهلاك.

"لا وجود لأي عوامل سياسية. ويمكن نفي ذلك بشكل قاطع، وخاصة أننا أمام برنامج سياسي إصلاحي"، وفق عياصرة.

مخاوف من أن تصبح بلدات أردنية فارغة من الشباب. أرشيفية

كثير من الفيديوهات والصور تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي قيل إنها لأردنيين على طرق الهجرة غير الشرعية باتجاه الولايات المتحدة. وتنشر وسائل إعلام محلية أن "أرض الأحلام الأميركية تفرغ مدنا وقرى أردنية من شبابها". لكن السلطات الأردنية ترفض الحديث عن المشكلة بشكل مباشر.

نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية السابق، ناصر الشريدة، شكك في حديث لقناة "المملكة" الأردنية، في مايو من 2024، حقيقة الفيديوهات المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، داعيا إلى "التدقيق فيها".

وأضاف أن الأردن "ليس لديه بحر مباشر مع أي دولة أوروبية" وأن ما يعرض على منصة تيك توك من فيديوهات "ليست المقياس الصحيح لعرض الحقائق".

الحكومة تدرك وجود "مشكلة البطالة"، وفق ما أكده الشريدة حينها، وذكر أنها تعمل على "إيجاد حلول".

وبالأرقام، أشار الشريدة إلى توليد 139 ألف فرصة عمل خلال 18 شهرا منذ بداية 2022 وحتى منتصف 2023.

ونقلت وكالة "بترا" في يونيو 2024 عن مصادر مسؤولة أن السلطات في المملكة "أعادت أكثر من 100 شخص من المطار، وبدأت بمراقبة المكاتب والأشخاص المتورطين بالهجرة غير الشرعية، واستغلال الناس والاحتيال عليهم وتعريضهم للخطر".

وأشارت إلى أنه يجري التنسيق بين جهات رسمية "لوضع آلية جديدة للتعامل مع هذه القضية وضبطها"، والتي تهدف إلى حماية المواطن الأردني الذي قرر الهجرة بطريقة غير قانونية، وإبعاده عن طريق المحتالين وتجار البشر.

وحاول "موقع الحرة" أكثر من مرة الحصول على تعليق من الناطق الرسمي للحكومة الأردنية، والمتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية، باتصالات ورسائل إلكترونية ورسائل عبر واتساب من دون جدوى.

معاذ فريحاتضياء عودةبلسيت إبراهيم - واشنطن

حزب العمال

لن يضع قرار حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) حل نفسه نهاية لحرب دامت أكثر من 4 عقود، فحسب، بل نهاية لحقبة شكلت الديناميكيات الأمنية والسياسية في إقليم كردستان ـ العراق، أيضا.

وأعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو الحالي، عن حل بنيته التنظيمية وإنهاء الكفاح المسلح، والأنشطة التي كانت تجري تحت لواء "PKK"، استجابة لنداء أطلقه زعيم الحزب ومؤسسه المعتقل في تركيا عبدالله أوجلان نهاية فبراير الماضي.

وطالب العمال الكردستاني، في بيان، تركيا بمنح زعيمه أوجلان حق إدارة المرحلة المقبلة، والاعتراف بحقه في العمل السياسي، وتوفير ضمانات قانونية شاملة في هذا الشأن.

وأشار البيان إلى أن الحزب نظم مؤتمره الثاني عشر في ظروف صعبة، مع استمرار الاشتباكات، وتواصل الهجمات البرية والجوية للجيش التركي.

وأضاف أن "المؤتمر أُنجز بنجاح وبشكل آمن، حيث أُجري في منطقتين مختلفتين بشكل متزامن لأسباب أمنية. وشارك فيه ما مجموعه 232 مندوبا. واتخذ خلاله قرارات تاريخية تعبر عن الدخول في مرحلة جديدة لحركتنا من أجل الحرية".

ويشير خبير العلاقات الدولية، حسن أحمد مصطفى، إلى أن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الاشتباكات المسلحة في إقليم كردستان، خاصة في منطقة بهدينان ومحافظة أربيل، ويقلل من الغارات الجوية في مناطق قنديل وشاربازير والسليمانية، التي يتمتع فيها العمال الكردستاني بحضور قوي.

ويضيف مصطفى لـ"الحرة" قوله: "أنشأت تركيا بعد عام 2019، قواعد عسكرية دائمة في كردستان العراق، في مناطق من محافظة دهوك وبالقرب من جبل قنديل، لذلك حل حزب العمال الكردستاني قد يخفض من مبررات العمليات العسكرية التركية عبر الحدود".

وبين أن أنقرة أشارت إلى أنها ستراقب امتثال العمال الكردستاني لقرار الحل وإلقاء السلاح عن كثب قبل سحب قواتها من كردستان العراق.

ويلفت مصطفى إلى أن الصراع المسلح بين العمال الكردستاني وتركيا تسبب خلال السنوات الماضية بنزوح آلاف من مواطني كردستان العراق من قراهم وبلداتهم وأصبحت نحو 700 قرية في إقليم كردستان إما خالية تماما من سكانها أو معرضة للخطر.

وعلى الرغم من تأكيده على أن السلام الدائم سيسهل عودة النازحين إلى قراهم ومناطقهم، يلفت مصطفى إلى أن استمرار الوجود العسكري التركي قد يُؤخّر إعادة التوطين الكاملة.

ولعل من تداعيات حل العمال الكردستاني التي يتوقعها مصطفى، هي أن تدعو إيران إلى إنهاء المعارضة المسلحة الكردية الإيرانية بشكل كامل.

وتسعى طهران منذ نحو عامين عبر الاتفاق الأمني الذي ابرمته مع الحكومة العراقية إلى إنهاء المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان منذ أكثر من 4 عقود، وقد بدأت السلطات العراقية حسب الاتفاق بإبعاد الأحزاب الكردية المعارضة عن الحدود الإيرانية، ونزعت أسلحتهم.

وأصدرت مستشارية الأمن القومي العراقية، التابعة لمجلس الوزراء، في 24 أبريل الماضي، قرارا يحظر جميع أنشطة الأحزاب والجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة على الأراضي العراقية.

ورغم إعلان حل الحزب والتخلي عن السلاح، لم تحدد آلية تنفيذ القرارين بعد، خاصة لجهة كيفية إلقاء السلاح والجهة تتسلمه من مقاتلي حزب العمال.

وأوضح وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان، ريبر أحمد، في مؤتمر صحفي عقده في أربيل مطلع الأسبوع، أنه "مازال من المبكر الحديث عن كيفية إلقاء السلاح وأين سيسلم هذا السلاح ولمن؟ جميعنا نراقب هذه العملية، المهم أن تنتهي العمليات العسكرية والاشتباكات المسلحة في مناطق كردستان، ويتمكن مواطنونا من العودة الى مناطقهم ويحل السلام والاستقرار".

ولا يقتصر وجود العمال الكردستاني في جبل قنديل والسلاسل الجبلية والمناطق الحدودية بين إقليم كردستان وتركيا، بل تتمركز وحدات مقاومة سنجار "اليبشة" التابعة لـ(PKK) في قضاء سنجار غربي الموصل أيضا.

واعتبر سياسيون في إقليم كردستان العراق خلال تصريحات سابقة لـ"الحرة"، هذه الوحدات وفصائل الحشد الشعبي سببا في عدم استقرار الأوضاع في سنجار، وأبرز عائق أمام تنفيذ اتفاقية سنجار التي وقعتها بغداد وأربيل عام 2020 برعاية دولية لتطبيع الأوضاع في تلك المنطقة وإعادة النازحين إليها.

لذلك من المتوقع أن يساهم قرار الحزب بإلقاء السلاح في تطبيق اتفاقية سنجار وعودة الاستقرار إلى المدينة، التي شهدت خلال السنوات الماضية العديد من الغارات الجوية التركية التي استهدفتها بسبب وجود مواقع للعمال الكردستاني فيها. 

ويرى رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن قرار حل حزب العمال الكردستاني بإلقائه السلاح سينهي مبررات الدولة التركية في التدخل في دول المنطقة ومنها العراق وسوريا بحجة وجود مقاتلي وأعضاء العمال الكردستاني.

ويوضح مالو لـ"الحرة"، "بعد قرار الحل، ستنهي تركيا وجودها العسكري في العراق، أو على الأقل ستبدأ مرحلة جديدة من العلاقات مع بغداد وإقليم كردستان، لذلك على السياسيين العراقيين بالدرجة الأساس التهيئة للتفاوض والتفاهم من أجل انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية".

ويعتقد مالو أن جزءا من مقاتلي العمال الكردستاني أو مجاميع أخرى تابعة له قد ينشقون عن الحزب ويرفضون إلقاء السلاح، لكنه يرى أنهم لن يؤثروا على عملية السلام، لأن المرجع الفكري للحزب والمجموعات المرتبطة به قرروا تغيير مصيره.

ولفت إلى أن "قرار الحزب بإلقاء السلاح سيلقي بظلال إيجابية على المنطقة بأسرها".

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، أنشأت تركيا خلال السنوات الماضية أكثر من 87 قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية على طول 200 كيلومتر من الحدود بين البلدين. منها 7 قواعد جديدة، أنشأتها خلال عملياتها العسكرية التي انطلقت في يونيو الماضي ضمن حدود منطقة برواري بالا في محافظة دهوك، بينما بلغ عمق توغلها 15 كيلومتراً، وهو أكثر بسبعة كيلومترات مقارنة بالعملية البرية السابقة التي كانت في عام 2021.

وكشفت إحصائية صادرة عن منظمة فرق صناع السلم المجتمعي (CPT) الأميركية في إقليم كردستان العراق، حصل موقع "الحرة" عليها في مارس الماضي، عن مقتل وإصابة 721 مدنيا في إقليم كردستان منذ يناير 1991، إثر القصف والعمليات العسكرية التركية ضد مقاتلي PKK.

وأشارت المنظمة في بيان، مساء الخميس، إلى أن الجيش التركي ما زال يواصل هجماته داخل أراضي كردستان العراق، رغم إعلان العمال الكردستاني حل نفسه.

وأضافت المنظمة أن "القوات التركية نفذت منذ 12 مايو وحتى الآن، 31 هجوما وقصفا على إقليم كردستان"، وبلغت الهجمات المسلحة ذروتها الخميس، بحسب البيان.