الجيش السوري أقرّ بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية
الجيش السوري أقرّ بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية (AFP)

في خطوة لافتة أعلنت فصائل المعارضة السورية المسلحة، الخميس، السيطرة على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.

واقتحمت الفصائل بقيادة هيئة تحرير الشام المدينة بعد معارك ضارية مع قوات النظام لتعلن إخراج مئات السجناء من سجن حماة المركزي الذي دخلته أيضا.

وهيئة تحرير الشام مصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وكانت سابقا تحت مسمى جبهة النصرة قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي.

وأقرّ الجيش السوري بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية معلنا في بيان أن وحداته العسكرية المرابطة في المدينة قامت بـ"إعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة".

مفترق طرق 

كانت فصائل المعارضة تحاول منذ مطلع الأسبوع التقدم إلى حماة، التي تعد مدينة استراتيجية في عمق سوريا، تربط حلب بدمشق. وتقع المدينة على بعد 213 كم شمال دمشق و46 كم شمال حمص وتبعد عن مدينة حلب بحوالي 135 كم،

وبعد سيطرتها على عشرات البلدات ومعظم مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، وصلت الفصائل المسلحة الثلاثاء إلى "أبواب" مدينة حماة التي تعتبر استراتيجية للجيش لأن حمايتها ضرورية لتأمين العاصمة دمشق، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض.

ظلت حماة خاضعة لسيطرة الحكومة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2011 بعد انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد.

تقع المدينة على بعد أكثر من ثلث الطريق من حلب إلى دمشق وستفتح السيطرة عليها الطريق أمام تقدم المعارضة المسلحة صوب حمص، وهي مدينة رئيسية في وسط البلاد تعد تقاطع طرق يربط أغلب المناطق المكتظة بالسكان في سوريا.

وحماة مهمة أيضا لبسط السيطرة على مدينتين قريبتين تضمان أقليات دينية وهما محردة التي يقطنها الكثير من المسيحيين، والسلمية التي يقطنها العديد من أبناء الطائفة الإسماعيلية وهي إحدى فرق الشيعة.

تقطن حماة أغلبية سنية قوامها 700 ألف في تقديرات سبقت الحرب الأهلية، وتعد واحدة من أقدم المدن السورية، حيث عمّرها البشر منذ العصر البرونزي والعصر الحديدي وتشتهر بالحصون والنواعير الاثرية.

تقع حماة على ضفاف نهر العاصي، وهو أحد الأنهار الرئيسية في سوريا ومن أبرز معالمها النواعير، التي يعود تاريخ بعضها إلى العصور الوسطى وقلعة حماة التاريخية وجامع النوري الكبير أقدم وأهم مساجد المدينة، ويتميز بتصميمه المعماري الفريد.

موقعها الجغرافي المهم يجعلها نقطة وصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، حيث تربط الطرق السريعة الرئيسية فيها مدنا هامة مثل دمشق وحلب وحمص واللاذقية.

"مذبحة 1982"

شهدت المدينة بعضا من أكبر التظاهرات في بداية الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية عام 2011 والتي أشعل قمعها الحرب الأهلية.

كذلك شهدت حماة "مذبحة" في 1982 على أيدي الجيش في عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد أثناء قمع تمرد قادته جماعة الإخوان المسلمين.

في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات سعت جماعة الإخوان المسلمين السورية إلى الإطاحة بالرئيس السوري آنذاك وحكومته عن طريق اغتيالات سياسية وحرب عصابات.

وفي فبراير عام 1982 نصبت جماعة الإخوان المسلمين كمينا لقوات حكومية كانت تبحث عن معارضين في حماة.

هاجمت قوات حكومية سورية المدينة وأزالت أحياء قديمة في حماة لسحق الانتفاضة المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين التي احتمت في المدينة.

تتراوح أعداد القتلى في العمليات التي دامت لثلاثة أسابيع في حماة بين عشرة آلاف وأكثر من 30 ألفا من إجمالي السكان الذي كان 350 ألفا، وفقا لتقديرات.

وقالت جماعات سورية مدافعة عن حقوق الإنسان في حينه إن نساء وأطفالا وكبارا في السن كانوا بين القتلى في حملة القمع التي أرغمت الآلاف على الفرار من المدينة.
 

حتى بالنسبة للعديد من سكان غزة، كان الظهور السريع لمسلحي حماس  مفاجئ ا (AFP)
حتى بالنسبة للعديد من سكان غزة، كان الظهور السريع لمسلحي حماس مفاجئ ا (AFP)

بمجرد بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة، جابت شوارع القطاع المدمر شاحنات بيضاء نظيفة تحمل أعلام حركة حماس وعلى متنها مسلحون ملثمون يحملون بنادق آلية.

كانت الرسالة التي حاولت حماس إظهارها واضحة ولا لبس فيها: رغم الضعف إلا أن الحركة نجت من حملة القصف الإسرائيلي التي استمرت 15 شهرا على غزة، ولا تزال تشكل الطرف الفلسطيني الأقوى في القطاع، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتضيف الصحيفة أن ، حماس تعمل بشكل مكثف منذ بدء وقف إطلاق النار يوم الأحد على إظهار أنها ما زالت تسيطر على غزة، حتى بعد أن قتلت إسرائيل الآلاف من عناصرها ودمرت أنفاقها ومصانع أسلحتها.

حتى بالنسبة للعديد من سكان غزة، كان الظهور السريع لمسلحي حماس، وبعضهم ارتدى الزي الرسمي للحركة، مفاجئا.

يقول محمد (24 عاما) الذي طلب عدم ذكر اسمه الأخير لتجنب احتمال انتقام حماس: "لقد خرجوا من مخابئهم في لمح البصر، لم يكن لدينا أي فكرة عن مكان وجود هؤلاء الأشخاص خلال الحرب."

وصف مسؤولون إسرائيليون الظهور العسكري الذي نظمه مسلحو حماس للاحتفال بوقف إطلاق النار يوم الأحد أمام حشود المحتفلين بأنه محاولة منظمة بعناية لتضخيم قوة الجماعة المسلحة الفلسطينية.

ونقلت رويترز عن 10 من السكان والمسؤولين والدبلوماسيين الإقليميين وخبراء الأمن القول إن سلطة حماس لا تزال مترسخة بشدة في غزة برغم تعهد إسرائيل بتدميرها وإن سيطرتها تشكل تحديا لتنفيذ وقف إطلاق نار دائم.

وقالوا إن الحركة لا تسيطر على قوات الأمن في غزة فحسب، بل إن القائمين عليها يديرون الوزارات والهيئات الحكومية ويدفعون رواتب الموظفين وينسقون مع المنظمات الدولية غير الحكومية.

في الأسابيع الماضية، استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مسؤولين إداريين من رتب أدنى في غزة، في محاولة واضحة لكسر قبضة حماس على الحكومة.

وكانت إسرائيل قد قضت بالفعل على قيادات حماس، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ومهندسا هجوم السابع من أكتوبر، يحيى السنوار ومحمد الضيف.

وبموجب بنود وقف إطلاق النار، يتعين على إسرائيل سحب قواتها من وسط غزة والسماح بعودة الفلسطينيين إلى الشمال خلال مرحلة أولى مدتها ستة أسابيع، يتم خلالها إطلاق سراح بعض الرهائن.

وبدءا من اليوم السادس عشر لوقف إطلاق النار، يتعين على الجانبين التفاوض على مرحلة ثانية، من المتوقع أن تتضمن وقف إطلاق نار دائم وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل.

وبينما كان العالم يتابع، الأحد، عملية تسليم ثلاث رهائن إسرائيليات لمنظمة الصليب الأحمر، ظهر العشرات من عناصر كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، ملثمين بلباسهم العسكري وهم يقومون بتأمين تسليم الرهائن في ساحة السرايا رئيسية في مدينة غزة، حيث تجمع مئات المواطنين.

في غزة، قال مؤيدو حماس إنهم شعروا بالاطمئنان بسبب استعراضها للقوة هذا الأسبوع، لكن كثيرين ممن ليس لديهم ولاءات للجماعة أعربوا عن قلقهم من أنه إذا بقيت في السلطة، فسيكونون تحت حكمها الصارم، وأن حربا أخرى ستندلع عاجلا أم آجلا.

يقول علاء (28 عاما)، والذي كان يختبئ في دير البلح وسط غزة، "قد يستغرق الأمر وقتا حتى تصل حماس إلى نقطة قد تستفز فيها إسرائيل لدخول حرب كبيرة أخرى".

ويضيف لـ"نيويورك تايمز" أنه "طالما بقيت حماس قي السلطة فالأمر مجرد وقت فقط. من الصعب الوصول إلى أي استنتاج غير أنه لا يوجد مستقبل هنا."