لبنان مهدد بالمجاعة ما لم يتم إيجاد حلول سريعة
لبنان مهدد بالمجاعة ما لم يتم إيجاد حلول سريعة

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان، خسر عشرات آلاف اللبنانيين منذ الخريف مصدر رزقهم أو جزءاً من مداخيلهم جراء الأزمة التي دفعت مئات الآلاف للنزول الى الشارع منذ 17 أكتوبر ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة

وجعلت الأزمة قرابة نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر وفق البنك الدولي، مع توقّع خبراء اقتصاديين اضمحلال الطبقة الوسطى في بلد كان حتى الأمس القريب يُعرف باسم "سويسرا الشرق" ويشتهر بمرافقه وخدماته ومبادرات شعبه الخلاقة.

ولم تستثن تداعيات الانهيار، وهو الأسوأ منذ عقود، أي فئة اجتماعية وانعكست موجة غلاء غير مسبوق، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار الذي لامس سعر صرفه في السوق السوداء عتبة 8 آلاف ليرة فيما السعر الرسمي لا يزال مثبتاً على 1507 ليرات.

هذه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة دفعت لمنظمة "the media line" إلى طرح سؤال عن إمكانية أن يواجه اللبنانيون خطر المجاعة.

وتقول المنظمة في تقرير أن عدد سكان لبنان يقدر بـ5.9 مليون نسمة يضاف إليهم حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري، مما يعني أن لبنان نسبيا يحتوي على أكبر عدد من السوريين مقارنة بعدد سكانه (نازح لكل 4 مواطنين).
 
وفي ظل تراكم الأزمات يشير التقرير إلى أن بيروت قد لا تتمكن قريبًا من توفير ما يكفي من القمح لإنتاج الخبز أو الفويل لتشغيل معامل الكهرباء ما يؤدي بحال انقطاعها الى توقف خدمة الانترنت في البلد.
ويقول الصحافي الاقتصادي مروان اسكندر لـ"ميديا لاين" إن البنك المركزي اللبناني يدعم استيراد النفط والمواد الطبية ومنتجات القمح باستخدام احتياطاته النقدية من العملة الصعبة، مشيراً إلى أن نفاذ هذه الاحتياطات سيؤدي حتما إلى غياب الكهرباء وهو الأمر المتوقع خلال 6 أشهر و" سنكون منفصلين عن العالم الخارجي" بسبب الانقطاع الحتمي للإنترنت.
إضافة إلى ما سبق، يذكر إسكندر أن ودائع المواطنين في المصارف بالدولار الأميركي قد استنزفت، بحيث لم يعد المواطن قادرا على الوصول الى أمواله، واذا تمكن من ذلك سيحصل على دفعة أسبوعية حددتها إدارة المصرف ويكون تسليمها بالليرة اللبنانية فقط

وقال إسكندر إنه في الأشهر السبعة الماضية فقد حوالي 60 ألف لبناني وظائفهم، في حين أن الـ 350 ألفا الذين يعملون لدى الدولة كانوا محميين بسبب النظام الطائفي وحكم الأحزاب السياسية: "البلد في حالة سيئة للغاية ليس من السهل الخروج منها، وقال إن غالبية اللبنانيين يمكنهم حتى الآن شراء الخبز، لكن الأزمة المالية الضخمة في بيروت تؤثر بشكل مباشر على 30٪ من مواطنيها".

ومع ذلك، تفاجأ اللبنانيون يوم السبت بقرار الموزعين وقف تسليم الخبر لأصحاب المحلات التجارية، تزامنا مع الارتفاع الجنوني لأسعار الدولار، ما دفعهم إلى التوجه بأعداد كبيرة إلى الأفران المنتجة وامتداد الطوابير لعشرات الأمتار في مشهد أعاد الى الأذهان أيام الحرب اللبنانية التي أدت الى انقطاع الطحين عن بعض المناطق.

لامس سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة 8 آلاف ليرة
 أزمة الخبز تتفاقم في لبنان.. مواطنون يقايضون أغراضهم الشخصية بالطعام
تفاجأ اللبنانيون يوم أمس السبت بقرار الموزعين وقف تسليم الخبر لأصحاب المحلات التجارية، تزامنا مع الارتفاع الجنوني لأسعار الدولار، ما دفعهم إلى التوجه بأعداد كبيرة إلى الأفران المنتجة وامتداد الطوابير لعشرات الأمتار في مشهد أعاد الى الأذهان أيام الحرب اللبنانية التي أدت الى انقطاع الطحين عن بعض المناطق.

وفي هذا السياق، تقول الصحافية الاقتصادية محاسن مرسل لـ"ميديا لاين" إن القوة الشرائية لليرة اللبنانية تآكلت بنسبة 80%، وانخفضت قيمتها مقابل الدولار الأميركي بنسبة 370% وأكثر.

وأضافت أن ذلك أدى إلى تضخم تجاوز 100% لبعض السلع الاستهلاكية، حيث وصل ارتفاع أسعار بعض السلع لنسبة 300% و400%، بينما انخفضت الرواتب والأجور.

وأوضحت أن العاصمة بيروت تضم 1.1 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر وغير قادرين على دفع ثمن طعامهم، لافتة إلى أن هناك 1.2 مليون مواطن على صعيد لبنان بلا وظائف.

وشرحت أن الاقتصاد اللبناني يعتمد على الاستيراد بنسبة 74% وحتى المواد الأساسية كالبترول والقمح، وما هذا الانهيار الاقتصادي سيشهد لبنان تدهورا في الوضع الأمني وخصوصا بعد انهيار منظومة الأمن الاجتماعي وستزداد نسبة الجرائم السرقة والقتل.
 
 هذه الأزمة التي تعصف في لبنان من الطبيعي أن تؤثر على النازحين على أراضيه، ويقول اللاجئ السوري "حسن" لـ"ميديا لاين": "لم يعد هناك فرص عمل لأبناء البلد، فمن الطبيعي أن تنطقع أرزاقنا كذلك، وأسعار بالإضافة إلى الأسعار المرتفعة"

ويتابع حسن: "كلا البلدين، لبنان وسوريا، على وشك المجاعة ما لم يتم إيجاد حلول سريعة".

عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)
عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)

إصرار على بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الجيش.. بهذا النهج يستهل الرئيس الجديد جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، قيادتهما للبلاد في مرحلة حساسة، وقد تبعت تصريحاتهما بهذا الشأن، أنباء عن مداهمة الجيش اللبناني مستودع سلاح تابع لحزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت.. فهل تعد هذه الخطوة الأولى في سلسلة من الإجراءات المقبلة التي تصب في نفس الهدف، وما هي التبعات التي قد تترتب عليها؟.

عاد سلاح حزب الله إلى الواجهة، بعد انتخاب عون رئيسا جديدا للبنان، وتكليف سلام برئاسة الحكومة، وذلك بعد حرب مدمرة مع إسرائيل، تسببت بمقتل وجرح الآلاف خلال العام الماضي، وهدنة هشة تتكثف الجهود للحفاظ على استمراريتها.

والثلاثاء، نقلت مراسلة "الحرة" في بيروت عن مصدر أمني قوله، إن "الجيش اللبناني داهم مستودع سلاح تابع لحزب الله في منطقة العمروسية بالضاحية الجنوبية"، وسط تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي.

وتطرح الخطوة تساؤلات عن إمكانية مصادرة الجيش اللبناني أسلحة لحزب الله، خاصة بعد قيامه بمصادرة أسلحة وذخائر من مواقع فصائل فلسطينية بلبنان كانت موالية لنظام المخلوع بشار الأسد في سوريا، وعن إمكانية أن يتحول الحزب إلى سياسي فقط، أو أن يحصل أي اشتباك أو احتكاك مع الجيش اللبناني.

وقالت الأكاديمية والباحثة السياسية، زينة منصور، في حديثها لموقع "الحرة" إنه "حتى الساعة لا يوجد قرار في المؤسسة العسكرية اللبنانية بأن يقف الجيش اللبناني بوجه حزب الله (...) وهو لم يقم بضبط ومصادرة مخازن السلاح، بينما الجيش الإسرائيلي هو من يقوم بتدمير مخازن أسلحة ومهاجمة مواقع لحزب الله".

وأضافت: "ما زالت المؤسسة العسكرية بحاجة للتمكين لجهة التسلح ورفع مستوى القدرات العسكرية للاضطلاع بدورها على كامل الأراضي اللبنانية وللقيام بعمليات الضبط حيث يتوجب ذلك، بهدف تطبيق الدستور الذي ينص على حصرية السلاح بالجيش اللبناني، إلى جانب أن القرارات السياسية تلجمها عن الاصطدام بالحزب"، مستبعدة أيضا "حصول اشتباكات مسلحة بين الجيش وحزب الله".

وفي هذا الصدد، نوهت بوجود "دعوات دولية لأن يصبح حزب الله سياسيا"، وأن يتخلى عن سلاحه، لتجنيب البلد المزيد من الصراعات المدمرة. 

يذكر أن الجيش اللبناني لم يصادر أسلحة من حزب الله في الماضي، وذلك بسبب طبيعة العلاقة الحساسة والمعقدة بين الطرفين، كون حزب الله (المصنف على قوائم الإرهاب في أميركا ودول أخرى)، كان يُعتبر قوة رئيسية في لبنان، ويحتفظ بترسانة عسكرية خارج إطار الجيش.

ورغم ذلك، يتواصل الجدل في البلاد حول وضع سلاح حزب الله. وقد ناقشت أطراف سياسية داخلية ودولية ضرورة وضعه تحت إشراف الدولة اللبنانية. 

لكن حتى الآن، لم يقم الجيش اللبناني بتنفيذ عمليات مصادرة واضحة أو تفكيك لقوة الحزب العسكرية.

"ضرورة وطنية"

ويرى الباحث والمحلل السياسي، طارق أبو زينب، أن نزع سلاح حزب الله "ليس فقط ضرورة وطنية، إنما هو ضرورة لتطبيق القرار الدولي 1701".

وقال في حديثه لموقع "الحرة"، إن نزع السلاح أيضا "ضرورة لحماية الأمن القومي اللبناني من المخاطر التي تترتب على تدخلات هذا الحزب في شؤون الدول الأخرى".

واستطرد موضحا أن "حزب الله كان أحد اللاعبين الرئيسيين في دعم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية في سوريا. وبعد الانسحاب السريع لعناصره من سوريا بعد سنوات من التدخل المكثف، أصبح حزب الله في موقف ضعيف على الصعيدين اللبناني والإقليمي".

وتابع: "تراجع تأثيره في المحور الإيراني جعله غير قادر على متابعة أهدافه العسكرية خارج الحدود اللبنانية". 

وأضاف: "علاوة على ذلك، كشفت الحرب الأخيرة عن حقيقة عجز حزب الله أمام قوة إسرائيل، حيث لا يستطيع مجاراة التكنولوجيا العسكرية والتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، مما يفرض حكما بالفشل على أي مواجهة مع إسرائيل".

جوزاف عون قال في خطاب القسم أنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرا على الدولة - AFP
الرئيس اللبناني ومعركة "السلاح".. "لقطة" تختصر أزمة حزب الله
لقطة رصدتها عدسات الكاميرا في البرلمان اللبناني خلال خطاب القسم لقائد الجيش، جوزاف عون، بعد انتخابه رئيسا للبلاد يوم الخميس الماضي، تعكس ضعف موقف حزب الله في هذه المرحلة بعد أن كان يدير خيوط اللعبة السياسية لأعوام طويلة عبر سياسة ترهيب وترغيب الخصوم.

تفاقم الوضع الداخلي

وأشار أبو زينب إلى تفاقم وضع حزب الله داخليا، موضحا أنه "يعاني من أزمات مالية خانقة نتيجة لسياساته المدمرة والفساد الذي يعيشه تحت مظلة نفوذه السياسي". 

بالإضافة إلى ذلك، "أدت الأزمة السياسية إلى تراجع نفوذه في لبنان، خاصة بعد انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون، الذي قدم خطابا حاسما حول حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، وضرورة تطبيق القرار الدولي 1701"، وفق أبو زينب.

كما أشار إلى أن "هذا الموقف يعكس تراجع قدرة حزب الله على توجيه الأحداث في لبنان، ويجعله غير قادر على العودة إلى مشهد التدخلات العسكرية الداخلية أو الإقليمية، التي كان يتحكم فيها سابقا".

وأكد أن حزب الله الذي "طالما استغل سلاحه كأداة للتسلّط على القرار الوطني اللبناني، يجد نفسه اليوم في مأزق داخلي وخارجي، حيث أصبح غير قادر على فرض إرادته كما كان في السابق". 

وهذا التراجع في قدرته على التحكم بمجريات الأحداث، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي، يشير بوضوح إلى "ضرورة إنهاء هذا النفوذ غير الشرعي، واستعادة لبنان لدوره كدولة ذات سيادة قادرة على اتخاذ قراراتها بحرية، ضمن إطار المؤسسات الشرعية"، حسب ما يؤكد المحلل السياسي.

وأضعفت الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حزب الله الذي وافق في 27 نوفمبر الماضي على اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أميركية بالدرجة الأولى.

انسحاب القوات الإسرائيلية

وبحث  عون، الإثنين، الوضع في جنوب لبنان، ومراحل "تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي" مع وفد عسكري أميركي برئاسة قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، وفق بيان صادر عن الرئاسة.

وانتُخب عون رئيسا للبنان في 9 يناير بعد أكثر من عامين من فراغ المنصب، وحرب مدمّرة بين حزب الله وإسرائيل اشتدت حدتها في سبتمبر، ومُني فيها الحزب بخسائر كبيرة وانتهت بوقف إطلاق نار في 27 نوفمبر.

وبحث الرئيس اللبناني مع الوفد الأميركي، وفق البيان، "الوضع في الجنوب ومراحل تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من هناك، وفق برنامج الانسحاب المعد لهذه الغاية".

وضم الوفد أيضا رئيس اللجنة التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال جاسبير جيفرز، وعددا من الضباط الأميركيين المعاونين، والسفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون.

وناقش الطرفان أيضا "سبل تفعيل التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي في ضوء الدعم الذي تقدمه السلطات الأميركية للبنان".

وانضم لاحقا إلى الاجتماع، قائد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، آرولدو لازارو، ونائب رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الجنرال الفرنسي، غيوم بونشان، وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن، حسان عودة، مع وفد من ضباط الجيش.

وتطرق الاجتماع، وفق البيان، إلى "الإجراءات المعتمدة لتنفيذ القرار 1701، والتعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية ولجنة المراقبة".

وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية، على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخلها، خلال مهلة 60 يوما تنتهي في 26 يناير الحالي، على أن يعزز الجيش اللبناني واليونيفيل انتشارهما مكان القوات الإسرائيلية وحزب الله.

ويتعيّن على الحزب بموجب الاتفاق أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كم من الحدود مع إسرائيل، وأن يفكك أي بنية تحتية عسكرية فيها.

وبموجب الاتفاق أيضا، تتولى لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا إضافة إلى لبنان وإسرائيل واليونيفيل، مراقبة الالتزام ببنوده والتعامل مع الخروقات التي يبلغ عنها كل طرف.