دعا السياسي اللبناني بهاء الدين الحريري، في مقابلة مع قناة الحرة إلى ترتيب البيت الداخلي اللبناني وتشكيل الحياة السياسية بمعزل عن حزب الله
بهاء الحريري

منذ ما بعد 17 أكتوبر، عاد اسم بهاء الحريري، ابن رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ليُتداول بين الناس. السبب أنه قرر بعد 15 عاماً من اغتيال والده وتسلّم شقيقه سعد زمام السياسة في العائلة، أن يعود ليكون له دوره على الساحة اللبنانية، مُستفيداً من جو شعبي خلقته انتفاضة أكتوبر، يجمعه اليأس من الطبقة السياسية الحاكمة أو هكذا ظهر حينها. 

حاول الحريري أن يستفيد مما حصل العالم المنصرم بطُرق مُختلفة، نجح وفشل، كحال كُل من يعمل في السياسة اللبنانية. لكن، مؤخراً، حصل تحوّل كبير في مسار بهاء الحريري على الصعيد المحلي/الشعبي. فبعد أن وجد في المنتدى السياسي الاقتصادي الاجتماعي وسيلة سهلة للانتشار، قرر فجأة أن يستغني عنهم ويبحث عن بناء "مجموعته" السياسية بعيداً عن أي تجمع، ولكن طبعاً القرار لم يأت من عدم. 

المنتديات

حين قرر بهاء الحريري الدخول إلى الحياة السياسية. كان أمامه خياران، أن يبدأ من الصفر أو يضم/ينضم لشيء جاهز. قرر أن يكون جزءاً من المنتديات. الأخيرة، هي مبادرة تقول عن نفسها إنها حركة شبابية تحاول التغيير في السياسات الاقتصادية الاجتماعية وتحقيق بعض المطالب لمناطق محرومة، مثل طرابلس والبقاع الأوسط على سبيل المثال. 

وتأسست المنتديات في لبنان منذ عام 2018، على يد المحامي نبيل الحلبي وهو ناشط حقوقي برز خلال السنوات الأولى من الأزمة السورية، ولا يزال يعمل في ملف اللاجئين وهو مقيم اليوم في تركيا، ويدير عمل المنتديات من هناك ويُعتبر اسمه إشكالياً في الوسط السياسي في لبنان. 

وتنتشر المنتديات في المناطق ذات الأغلبية السنية، واستفاد منها بهاء الحريري ليكوّن قاعدة جماهيرية جاهزة بسرعة قياسية. وفي الوقت نفسه، "استفادت المنتديات من الدعم المادي الذي قدمه الحريري في عملية تنشيط العمل الاجتماعي الذي كانت تعمل عليه وتمددها في المناطق". يقول منسق منتدى طرابلس أحمد حلواني لموقع "الحرة". 

مشروع بهاء.. ملتقى سيادي!

لم يظهر تماماً في المقابل مشروع بهاء الحريري نفسه. لكن، يقول فادي غلاييني: "يحمل الشيخ بهاء مشروعاً سياسياً يدمج فيه مشروع رفيق الحريري للإعمار، ومشروع فؤاد شهاب المؤسساتي ومن الآن إلى أول العام الجديد سيخرج بهاء الحريري ليُعلن عن مشروعه السياسي ورؤيته لمستقبل لبنان". 

ويعمل اليوم مناصرو الحريري تحت مُسمّى "الملتقى السيادي"، وهو مُسمّى أوليّ للتشكيل الذي قد يظهر، في "انتظار ما الذي سيقرره الشيخ بهاء في موضوع التسمية وشكل التشكيل"، يقول غلاييني، ويضيف: " بقي أكثر من 15 سنة خارج العمل السياسي، منذ تولي شقيقه سعد القيادة، ولكنه اليوم شعر أن الوقت قد حان كي يتدخل. بالنسبة له، الوضع لم يعد يحتمل ولذلك قرر الدخول إلى السياسة وليس لديه أي مطلب".  

خلال عام، عمل بهاء الحريري مع المنتديات التي صارت موسومة به وكأنها تياره السياسي. بحسب حلواني: "خلال كل المسار مع الشيخ بهاء، لم يتدخل بأي تفصيل إداري بالمنتدى أو أي شيء نقترحه مناطقياً أو وطنياً، كان يوافق من دون قيد أو شرط وكانت تحصل لقاءات أسبوعية معه لمناقشة الأوضاع وخطة العمل".  

في المقابل، يختصر غلاييني ما حصل بشكل مقتضب وواضح: "نحن دخلنا إلى المنتديات لأن بهاء الحريري أراد ذلك"، لكن "الشباب في المنتديات كانوا يقومون بالعمل السياسي كما كانوا يفعلون مع الجمعيات والـ NGO’s (جمعيات المجتمع المدني)". 

وفي انتظار المشروع السياسي، يتواصل الملتقى مع ما يُسميهم "المجموعات السيادية"، مثل: 128، السريان، لقاء سيدة الجبل، حزب الوطنيين الأحرار، وزير الداخلية السابق أشرف ريفي وغيرهم، وهي قوى كانت في السابق ضمن تحالف 14 آذار. وغلاييني لديه خط واضح، يقول: "أنا مع الحريرية السياسية وانتقلت من تيار المستقبل إلى عند بهاء الحريري ونحن لا زلنا مع الحريرية السياسية". 

قبل أكثر من شهر، حصل نوع من الخروج الجماعي من المنتديات. كثر أعلنوا استقالاتهم وانتشرت صور لمجموعات الواتس أب الخاصة بالمنتديات تُظهر كيف خرج الكثير من الأعضاء منها، وهو واقع حصل وأكده الطرفان، ولكل منهما روايته. 

رواية المنتدى 

يروي حلواني وجهة نظر المنتدى لما حصل. يقول: "العلاقة مع بهاء كانت دون قيد أو شرط، وأبدى استعداده للدخول للمنتديات وكنا نحاول أن نجد صيغة مناسبة لكن آخر شهرين ونصف كان هناك تأثيراً كبيراً لجيري ماهر عليه"، وماهر هو صحافي يعيش في السويد ذاع صيته بسبب مواقفه العدائية لإيران، وصار لاحقاً المستشار الإعلامي لبهاء الحريري وهو اليوم رئيس محطة صوت بيروت الدولية التي يموّلها الحريري. 

يضيف حلواني: "أراد ماهر أن يسلط الضوء على كُل ما يحصل بالسياسة وصار تدريجياً جزءاً من المحاور. ماهر ذاهب إلى المحور العربي ويعمل على التطبيع (مع إسرائيل) بشكل كبير وكان يعمل على تنفيذ أفكاره من خلال بهاء الحريري وعبر المنتديات لكن تبيّن له أنه من الصعب إخضاع المنتديات لأنها متجذرة وصار بيننا أكثر من خلاف. في إحدى اللقاءات وليست بالمباشر معنا، قال إن المنتديات حادت عن الخط". 

أيضاً فيما خص الرؤية الواسعة لما يجري في الإقليم، يشير حلواني إلى "ترويج لبعض الأفكار حين نتحدث عن عملية السلام في المنطقة ونحن تمسكنا بالقضية الفلسطينية. كان الشيخ بهاء يقول إن السلام شيء سنصل إليه وهو مصير المنطقة ونحن سنمشي به شئنا أم أبينا". 

ومنذ اللحظة الأولى لدخول المنتديات، لم تُبن علاقة جيدة بين جيري ماهر من جهة، ونبيل الحلبي من جهة مقابلة، علماً أن الحريري حاول أن يفرضها لكنه لم يستطع بحسب ما يذكر حلواني، الذي يلفت أيضاً إلى أن "الشيخ بهاء طلب هدنة مع سعد الحريري فكان جوابنا أنه في العلاقة الإنسانية هو شقيقك ولكن إذا أخطأ لا يمكننا أن نغض الطرف. وفي مكان ما 
في مكان ما قال الحريري إنه خارج الشمسية الخليجية ولا علاقة لي معهم. حين صار الطلاق ذهب إلى اللعبة الخليجية وجاهر بهذا الأمر". 

الرواية المقابلة 

يقول غلايني: "هناك خلاف قديم بين نبيل الحلبي وجيري ماهر. وأيضاً خلاف على الرؤية الإعلامية بين بهاء الحريري والحلبي. فعلياً الشيخ بهاء كان يريد أن يكون الأسلوب مرن، أي صحافة متزنة فيما كان الحلبي يريد الهجوم كل الوقت. تراكمات الأمور حتى وصلت إلى القطيعة". 

إضافة إلى ذلك، يعود غلاييني إلى مقابلة سعد الحريري مع مرسيل غانم وهي حصلت شهر في الثامن من أكتوبر الماضي. حينها سأل غانم سعد الحريري عن العلاقة مع شقيقه فرد قائلاً إنه إذا دخل بهاء الآن سأقبل يده، فما كان من شقيقه بهاء إلا أن رد بتغريدة أثناء المقابلة، قال فيها: "سعد الحريري أخي وأحبه أيضاً وهذا الأمر لن يتغير لأي سبب وسنبقى عائلة واحدة حتى لو اختلفت رؤيتنا السياسية للأمور فقد تربينا في منزل يؤمن باختلاف الآراء".

يروي غلاييني أكثر: "حينها، كتب نبيل الحلبي تغريدة ينتقد فيها الحريري. كبر الخلاف وانتهى بقطيعة وانسحابنا من المنتديات. في بيروت مثلاً كل الناس بقيت مع بهاء. حين عرف الحلبي قام بفصلي من المنتدى لأنني كما قال تخطيت الأصول التنظيمية". 

حسابات الربح! 

ينكر غلاييني أن "يكون للخلاف أي علاقة لما ذكره مثلاً حلواني عن التطبيع والخلاف كان سابقاً للتطبيع وهذه حجج واهية". يقول: "لم نشعر أبداً بأن هناك أي خلاف بموضوع المحاور الإقليمية". 

في المقابل، يقول حلواني إن "كل الإعلام السلطوي غمز كثيراً أن المنتديات تعمل مع الأتراك وهذا غير صحيح. نحن لسنا جزءاً من أي محور. هناك تقاطعات لبنانية مع كل هذه القوى الإقليمية وعلينا أن نستفيد من مقاربة تفيد لبنان واللبنانيين". ويضيف: "اليوم (بعد قطع العلاقة ببهاء) نحن تحررنا وعدنا لنقوم بالعمل السياسي كما نريد وكما نراه". 

وكانت وجوه كثيرة من المنتديات جزءاً مما حصل في 17 أكتوبر ويبدو أنها لم تلاقي قبولاً لدى الكثير من مجموعات الانتفاضة حين صار المنتدى جزءاً من مشروع بهاء الحريري إذ هناك الكثير من المجموعات ترى أنه استغل ما حصل لفرض مشروعه وهناك من يرى أنه لا يحمل سوى مشروع حمله شقيقه من قبل ولم يصل إلى مكان. 

في الكواليس الكثير من الحديث عن أن من فاز بالنهاية هو جيري ماهر، واستطاع أن يأخذ بهاء الحريري بعيداً عن المنتديات وبالتالي إلى محور الإمارات والسعودية "لأنه يعتبر على ما يبدو أن المستقبل لما يُرسم للمنطقة". إلا أن ما هو واضح إلى الآن أن أي من القوى الإقليمية التي يساندها الحريري لم تُقدم على دعمه سراً أو علانيةً، ولكن بحسب غلاييني "الشيخ بهاء رجل أعمال كبير ولا يُمكن أن يقوم بهكذا خطوة لو لم يكن هناك قبولاً عربياً. حتى أن هذا الموضوع يتخطى الإقليم". 
  
يُراهن مناصرو بهاء على أن إعلانه عن مشروعه السياسي سيكون بمثابة الانطلاقة الفعلية له. يقول غلاييني: "الناس منزعجة ولم تعد تحتمل وتبحث عن مكان تذهب إليه. من لا يزال مع سعد الحريري هم الدين يستفيدون ولديهم مصالح، ونحن نعرف ما يعني أن تكون في السلطة وبالتالي ما الميزات التي تحظى بها. الأكيد أن معظم الناس تنتظر مشروع بهاء الحريري السياسي والاقتصادي للبلد". 

لا يُريد بهاء الحريري كما ينقل عنه معارفه أي شيء لنفسه حتى أنه في وقت سابق كان قد دعم شقيقه بالمال من دون شروط وهو ما ينفيه تماماً المقربون من سعد الحريري. ولكن ماذا يفعل إذا كان لا يريد شيئاً؟ يجيب غلاييني: "جُل ما يريده هو كلمة في السياسة العامة للبلد". 

عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)
عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)

إصرار على بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الجيش.. بهذا النهج يستهل الرئيس الجديد جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، قيادتهما للبلاد في مرحلة حساسة، وقد تبعت تصريحاتهما بهذا الشأن، أنباء عن مداهمة الجيش اللبناني مستودع سلاح تابع لحزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت.. فهل تعد هذه الخطوة الأولى في سلسلة من الإجراءات المقبلة التي تصب في نفس الهدف، وما هي التبعات التي قد تترتب عليها؟.

عاد سلاح حزب الله إلى الواجهة، بعد انتخاب عون رئيسا جديدا للبنان، وتكليف سلام برئاسة الحكومة، وذلك بعد حرب مدمرة مع إسرائيل، تسببت بمقتل وجرح الآلاف خلال العام الماضي، وهدنة هشة تتكثف الجهود للحفاظ على استمراريتها.

والثلاثاء، نقلت مراسلة "الحرة" في بيروت عن مصدر أمني قوله، إن "الجيش اللبناني داهم مستودع سلاح تابع لحزب الله في منطقة العمروسية بالضاحية الجنوبية"، وسط تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي.

وتطرح الخطوة تساؤلات عن إمكانية مصادرة الجيش اللبناني أسلحة لحزب الله، خاصة بعد قيامه بمصادرة أسلحة وذخائر من مواقع فصائل فلسطينية بلبنان كانت موالية لنظام المخلوع بشار الأسد في سوريا، وعن إمكانية أن يتحول الحزب إلى سياسي فقط، أو أن يحصل أي اشتباك أو احتكاك مع الجيش اللبناني.

وقالت الأكاديمية والباحثة السياسية، زينة منصور، في حديثها لموقع "الحرة" إنه "حتى الساعة لا يوجد قرار في المؤسسة العسكرية اللبنانية بأن يقف الجيش اللبناني بوجه حزب الله (...) وهو لم يقم بضبط ومصادرة مخازن السلاح، بينما الجيش الإسرائيلي هو من يقوم بتدمير مخازن أسلحة ومهاجمة مواقع لحزب الله".

وأضافت: "ما زالت المؤسسة العسكرية بحاجة للتمكين لجهة التسلح ورفع مستوى القدرات العسكرية للاضطلاع بدورها على كامل الأراضي اللبنانية وللقيام بعمليات الضبط حيث يتوجب ذلك، بهدف تطبيق الدستور الذي ينص على حصرية السلاح بالجيش اللبناني، إلى جانب أن القرارات السياسية تلجمها عن الاصطدام بالحزب"، مستبعدة أيضا "حصول اشتباكات مسلحة بين الجيش وحزب الله".

وفي هذا الصدد، نوهت بوجود "دعوات دولية لأن يصبح حزب الله سياسيا"، وأن يتخلى عن سلاحه، لتجنيب البلد المزيد من الصراعات المدمرة. 

يذكر أن الجيش اللبناني لم يصادر أسلحة من حزب الله في الماضي، وذلك بسبب طبيعة العلاقة الحساسة والمعقدة بين الطرفين، كون حزب الله (المصنف على قوائم الإرهاب في أميركا ودول أخرى)، كان يُعتبر قوة رئيسية في لبنان، ويحتفظ بترسانة عسكرية خارج إطار الجيش.

ورغم ذلك، يتواصل الجدل في البلاد حول وضع سلاح حزب الله. وقد ناقشت أطراف سياسية داخلية ودولية ضرورة وضعه تحت إشراف الدولة اللبنانية. 

لكن حتى الآن، لم يقم الجيش اللبناني بتنفيذ عمليات مصادرة واضحة أو تفكيك لقوة الحزب العسكرية.

"ضرورة وطنية"

ويرى الباحث والمحلل السياسي، طارق أبو زينب، أن نزع سلاح حزب الله "ليس فقط ضرورة وطنية، إنما هو ضرورة لتطبيق القرار الدولي 1701".

وقال في حديثه لموقع "الحرة"، إن نزع السلاح أيضا "ضرورة لحماية الأمن القومي اللبناني من المخاطر التي تترتب على تدخلات هذا الحزب في شؤون الدول الأخرى".

واستطرد موضحا أن "حزب الله كان أحد اللاعبين الرئيسيين في دعم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية في سوريا. وبعد الانسحاب السريع لعناصره من سوريا بعد سنوات من التدخل المكثف، أصبح حزب الله في موقف ضعيف على الصعيدين اللبناني والإقليمي".

وتابع: "تراجع تأثيره في المحور الإيراني جعله غير قادر على متابعة أهدافه العسكرية خارج الحدود اللبنانية". 

وأضاف: "علاوة على ذلك، كشفت الحرب الأخيرة عن حقيقة عجز حزب الله أمام قوة إسرائيل، حيث لا يستطيع مجاراة التكنولوجيا العسكرية والتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، مما يفرض حكما بالفشل على أي مواجهة مع إسرائيل".

جوزاف عون قال في خطاب القسم أنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرا على الدولة - AFP
الرئيس اللبناني ومعركة "السلاح".. "لقطة" تختصر أزمة حزب الله
لقطة رصدتها عدسات الكاميرا في البرلمان اللبناني خلال خطاب القسم لقائد الجيش، جوزاف عون، بعد انتخابه رئيسا للبلاد يوم الخميس الماضي، تعكس ضعف موقف حزب الله في هذه المرحلة بعد أن كان يدير خيوط اللعبة السياسية لأعوام طويلة عبر سياسة ترهيب وترغيب الخصوم.

تفاقم الوضع الداخلي

وأشار أبو زينب إلى تفاقم وضع حزب الله داخليا، موضحا أنه "يعاني من أزمات مالية خانقة نتيجة لسياساته المدمرة والفساد الذي يعيشه تحت مظلة نفوذه السياسي". 

بالإضافة إلى ذلك، "أدت الأزمة السياسية إلى تراجع نفوذه في لبنان، خاصة بعد انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون، الذي قدم خطابا حاسما حول حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، وضرورة تطبيق القرار الدولي 1701"، وفق أبو زينب.

كما أشار إلى أن "هذا الموقف يعكس تراجع قدرة حزب الله على توجيه الأحداث في لبنان، ويجعله غير قادر على العودة إلى مشهد التدخلات العسكرية الداخلية أو الإقليمية، التي كان يتحكم فيها سابقا".

وأكد أن حزب الله الذي "طالما استغل سلاحه كأداة للتسلّط على القرار الوطني اللبناني، يجد نفسه اليوم في مأزق داخلي وخارجي، حيث أصبح غير قادر على فرض إرادته كما كان في السابق". 

وهذا التراجع في قدرته على التحكم بمجريات الأحداث، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي، يشير بوضوح إلى "ضرورة إنهاء هذا النفوذ غير الشرعي، واستعادة لبنان لدوره كدولة ذات سيادة قادرة على اتخاذ قراراتها بحرية، ضمن إطار المؤسسات الشرعية"، حسب ما يؤكد المحلل السياسي.

وأضعفت الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حزب الله الذي وافق في 27 نوفمبر الماضي على اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أميركية بالدرجة الأولى.

انسحاب القوات الإسرائيلية

وبحث  عون، الإثنين، الوضع في جنوب لبنان، ومراحل "تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي" مع وفد عسكري أميركي برئاسة قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، وفق بيان صادر عن الرئاسة.

وانتُخب عون رئيسا للبنان في 9 يناير بعد أكثر من عامين من فراغ المنصب، وحرب مدمّرة بين حزب الله وإسرائيل اشتدت حدتها في سبتمبر، ومُني فيها الحزب بخسائر كبيرة وانتهت بوقف إطلاق نار في 27 نوفمبر.

وبحث الرئيس اللبناني مع الوفد الأميركي، وفق البيان، "الوضع في الجنوب ومراحل تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من هناك، وفق برنامج الانسحاب المعد لهذه الغاية".

وضم الوفد أيضا رئيس اللجنة التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال جاسبير جيفرز، وعددا من الضباط الأميركيين المعاونين، والسفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون.

وناقش الطرفان أيضا "سبل تفعيل التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي في ضوء الدعم الذي تقدمه السلطات الأميركية للبنان".

وانضم لاحقا إلى الاجتماع، قائد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، آرولدو لازارو، ونائب رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الجنرال الفرنسي، غيوم بونشان، وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن، حسان عودة، مع وفد من ضباط الجيش.

وتطرق الاجتماع، وفق البيان، إلى "الإجراءات المعتمدة لتنفيذ القرار 1701، والتعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية ولجنة المراقبة".

وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية، على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخلها، خلال مهلة 60 يوما تنتهي في 26 يناير الحالي، على أن يعزز الجيش اللبناني واليونيفيل انتشارهما مكان القوات الإسرائيلية وحزب الله.

ويتعيّن على الحزب بموجب الاتفاق أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كم من الحدود مع إسرائيل، وأن يفكك أي بنية تحتية عسكرية فيها.

وبموجب الاتفاق أيضا، تتولى لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا إضافة إلى لبنان وإسرائيل واليونيفيل، مراقبة الالتزام ببنوده والتعامل مع الخروقات التي يبلغ عنها كل طرف.