يلجأ المهربون بين لبنان وسوريا إلى طرق تحت سيطرة حزب الله
يلجأ المهربون بين لبنان وسوريا إلى طرق تحت سيطرة حزب الله

كانت بسمة، وهي لاجئة سورية مقيمة مع زوجها وأولادها بحي الأشرفية في العاصمة اللبنانية بيروت، تعاني آلام الحمل. تواصل زوجها أحمد مع طبيبها المقيم بالرقة في سوريا، فطلب منه الأخير السماح لزوجته بالذهاب إلى هناك لكي تتلقى العلاج اللازم، وتبقى تحت المراقبة إلى أن تضع مولودها. 

محاولة أحمد وبسمة النجاة بالجنين الذي تحمله انتهت سريعاً إلى مأساة أكبر بكثير من فقدانه. يوم أمس الجُمعة وُجدت بسمة الحامل، ومعها ولديها محمد وأيهم، إلى جانب امرأة أخرى وطفلها، جثثاً هامدة تحت الثلج في منطقة عيون أرغش التي تقع عند سفوح سلسلة جبال لبنان الغربية شمال غرب بعلبك (البقاع) وترتفع عن البحر بـ 2200 متر وهي غالباً ما تكون مهجورة طيلة فترة الشتاء بسبب تراكم الثلوج فيها.

يقول الأب، في شهادة أدلى بها في مخفر رام بالبقاع: "بسبب مرضها ارتأينا أن تعود بسمة إلى سوريا. تواصلنا مع المهرّب، الذي أكد أنهم لن يمشوا على أقدامهم بل سيوصلهم إلى حمص مباشرة. دفعت له مليون ونصف ليرة لبنانية لقاء أجره وأتى إلى بيروت وأخذهم ليتوجه بهم إلى حمص كما زعم". 

يضيف أحمد في حديثه لموقع "الحرة": "الطبيب الشرعي قال إن الوفاة حصلت منذ 3 أيام، ليل 24 مارس. هذا كُل ما أعرفه إلى الآن، علماً أن المهرب أكد لي أنهم لن يمشوا بتاتاً وأنه سيتجه بهم إلى حمص مباشرة والطريق كلها ستكون في سيارة الدفع الرباعي إلا أن هذا ما لم يحصل. المهرب الآن يقول إنهم ضاعوا منه ولم يعد يراهم، في حين أنه ساعة أخذهم قال إن لديه خط عسكري إلى حمص". 

ماذا يقصد بالخط العسكري؟ يقول محمد وهو يعمل في شؤون اللاجئين السوريين منذ سنوات: "كُل الحدود البرية يُسيطر عليها حزب الله وعناصره أو مناصريه هم من يقوم بعملية التهريب، فهم يعملون أسبوعا في سوريا ويعودوا أسبوعا آخر إلى لبنان وبالتالي بعضهم أثناء ذهابه وعودته يأخذ معه الاجئين ويقبض منهم المال، والبعض الآخر يعمل كمهرب أي أنهم جعلوها مصلحتهم بتغطية طبعاً من الحزب". 

بحسب الأب، أحمد، لا يعرف لماذا سلك المهرب هذا الطريق الذي يوصل كما يقول إلى دمشق وليس إلى حمص. هنا، يقول جمعة، وهو أحد الناشطين السوريين المتابعين لموضوع التهريب: "طرق التهريب كثيرة وليس بالضرورة أن هذا الطريق يوصل إلى مكان محدد. المهربون عادة يتبعون طرقا طويلة ومتعرجة للهرب من الأمن ونقاط التفتيش والحواجز". 

قبل فترة، أوقف الجيش اللبناني أكثر من 30 شخصاً كانوا يحاولون عبور الحدود خلسة. واشتهر الضابط المسؤول عن المنطقة التي عُثر فيها على بسمة وأولادها أنه صارم جدا، واستطاع إغلاق أغلب المنافذ مما صعب من مهمة المهربين. 

وفي هذا السياق، يقول جمعة: "المهرب كما تبيّن أخذهم من بيروت وتوجه بهم عبر وادي خالد ليعبروا من منطقة حربتا لكنّه فوجئ بالقبضة الأمنية، فيبدو أنه اضطر لإكمال الطريق سيراً على الأقدام فعلقوا بالعاصفة وهرب هو تاركاً العائلة خلفه". 

ويضيف: "عادة كل المهربين يقولون لك إنك لن تمشي على قدميك وأنهم سيوصلونك إلى وجهتك بالسيارة ولكن هذا غير صحيح. يقولون أيضا للعائلات إن هناك مسافة بسيطة عليهم أن يقطعوها مشياً على الأقدام لكن يتبين دائماً أن كلامهم غير دقيق وأن المسافة قد تستغرق ساعات وهذا ما حصل مع العائلة التي وجدت في الصقيع". 

وبحسب مصادر أمنية متابعة للموضوع، فإن "العائلات المهربة قد ضلت طريقها وجرى التواصل مع الدفاع المدني وقوى الأمن يوم 24 مارس وتم العثور على غالبية المهرَبين وإنقاذهم ما عدا امرأتين وأطفالهما واستمر البحث ليومين متواصلين إلى أن عُثر عليهم أمس".

التحقيق جاري كما يقول الأمنيون، وهناك بلاغ بحث وتحري بحق بعض الأسماء التي يُعتقد أنها مسؤولة عن الواقعة. 

معابر حزب الله

وتنشط حركة التهريب على الحدود اللبنانية السورية منذ عشرات السنوات وازدادت بشكل كبير بعد الأمة السورية التي بدأت إثر الثورة عام 2011، وتحول التهريب من مازوت ومواد غذائية ليتوسع ليشمل البشر. 

يقول محمد، الذي يعمل بشؤون الإغاثة: "من بعلبك إلى النبي شيت وصولاً إلى المصنع وراشيا، يُسيطر حزب الله على المعابر وعلى خطوط التهريب ما عدا نقطة واحدة في بلدة عرسال البقاعية التي يُسيطر عليها الجيش اللبناني. وخط حمص البقاع التهريب فيه يحصل بسيارات تابعة للحزب من مفرق الشنشار، وهم لديهم مناوبات في سوريا وخلالها تحصل عملية التهريب". 

يشرح محمد أكثر، مؤخراً التهريب ينقسم إلى نوعين: 
الأول، يقطع الشخص الحدود السورية بشكل نظامي إلى جديدة يابوس في منطقة المصنع ويقوم السائق بالاتصال بالمهرب ليُسلمه الشخص الذي نوي العبور خلسة إلى لبنان، فيأخذه المهرب ويُدخله من منطقة الصويري التي تقع على مقربة من المصنع. 

النوع الثاني، عن طريق الزبداني وهو تهريب من دون أن يمر على الحدود من الجهتين وهذا يحصل في حالات كثيرة خاصة إذا كان من يريد الهرب ينوي أن يعود مثلاً إلى سوريا بعد فترة. نحن استقبلنا أطفالا لم يمروا على الحدود أبداً، امرأة معها 3 أولاد، استقبلناها منذ يومين وننتظر غيرهم في اليومين المقبلين. 

يقول محمد: "يقبض المهرب على كل شخص 50 أو 100 دولار، ويجعلهم يعبرون الطريق من الجبل سيراً على الأقدام إلى أن يصل الحدود اللبنانية. والطريق هذه مكشوفة من الأجهزة الأمنية، والمنطقة بأسرها مكشوفة، هناك حوالي 100 شخص يعبرون في بعض الأحيان في ليلة واحدة". 

وبالعودة إلى بسمة التي دفعت حياتها ثمناً لمحاولة العودة إلى ديارها وإنقاذ جنينها، فإنها لا تتمتع بأوراق إقامة شرعية في لبنان فبالتالي لا خيار أمامها سوى المعابر غير الشرعية، كذلك يقول الأب: "حتى لو كان أوراقها نظامية، فإن من يعود إلى سوريا يمنعه الأمن العام اللبناني من الدخول مجدداً إلى لبنان لفترة قد تصل لسنوات". 

وتقول نادية هاردمان باحثة في شؤون اللاجئين في منظمة هيومن رايتس ووتش لموقع "الحرة": "يُمنع اللاجئ من العودة إلى لبنان في حال عبر الحدود إلى سوريا وهذا مخالف للقانون خاصة إذا كنا نتحدث عن اللاجئين". 

ويمنع الأمن العام اللبناني العائلات السورية اللاجئة التي تعود بشكل نظامي إلى سوريا من العبور مجدداً إلى لبنان بعد ختم الجوازات وهو ما أدى بحسب ناشطين سوريين لزيادة كبيرة بأعداد اللاجئين الذين يعبرون الحدود بطرق غير نظامية لكي يضمنوا عودتهم أو إمكانية عودتهم إلى لبنان. 

وتقول هادرمان: "لا أحد يعلم الظروف التي جعلت هذه العائلات تلجأ إلى اعتماد الطرق غير الشرعية لعبور الحدود. اللاجئون هنا في لبنان يعانون من الفقر والعوز ويعيشون في ملاجئ ومخيمات وغالبيتهم ليس لديهم إمكانية الطبابة ولا أبسط مقومات الحياة، والسلطات اللبنانية تقول لهم إذا لم يعجبك وضعك فبإمكانك العودة من حيث أتت". 

وبخصوص قضية بسمة، تتواصل المنظمة بحسب هارمان، مع "المسؤولين بعد أن تتبين نتائج التحقيق، ونحن نتابع القضية ولنرى ما الذي سيحصل، ولكن نحن سنضغط من أجل تحقيق جدي، ولا نستطيع أن نقول شيئا الآن. فلينته التحقيق أولاً، لا نريد أن نستبقه بالرغم من أن التجارب السابقة غير مشجعة". 

لا يعرف أحمد، الأب، ماذا سيفعل وكيف يعيد حقه من المهرب الذي تسبب بمقتل زوجته وولديه، أيهم ومحمد. سينتظر، كما يقول، أن يتواصل معه أي أحد معني بقضيته أو باللاجئين بشكل عام خاصة مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. إلى الآن لم يخرج أحمد من الصدمة، وهو فوق كُل ذلك خائف، متسائلا، من يُحصل له حقه من هؤلاء الأقوياء؟.

قوات من الجيش اللبناني تفحص موقع العملية - فرانس برس
قوات من الجيش اللبناني تفحص موقع العملية - فرانس برس

بدأت الأحداث التي شهدتها مدينة البترون الساحلية شمالي لبنان، السبت، تتكشف شيئا فشيئا، حيث فوجئ السكان بعملية "إنزال" تم خلالها اقتياد رجل يدعى عماد أمهز، تضاربت التقارير بشأن انتمائه لجماعة حزب الله، فيما دعا والده إلى إعادته.

وحصلت قناة "الحرة" على معلومات، تفيد بأن "قوة من وحدة (شايطيت 13) شاركت في عملية خاصة بالتعاون مع البحرية الإسرائيلية، بإلقاء القبض على ناشط في حزب الله، يُعتبر مركز معرفة في مجاله، وتم نقله إلى الأراضي الإسرائيلية". كما شارك في العملية "عناصر من وحدة 504"، وهو الآن قيد التحقيق.

وقال مسؤول لمراسل الحرة في تل أبيب، إن "إسرائيل ستعمل بكل الطرق في الحرب ضد حزب الله، وبجميع أساليب القتال من أجل ضرب المنظمة وتوفير معلومات استخباراتية ذات جودة. وفي كل مكان نتمكن فيه من أسر ناشطين رئيسيين سنقوم بذلك. يحدث هذا أيضًا في جنوب لبنان، وكما حدث في هذه العملية في شمال لبنان".

وكانت معلومات صحفية قد أفادت بأن "العملية التي جرت فجر الجمعة، شارك فيها نحو 20 جنديا"، وإن الشخص المختطف هو أمهز، لافتة إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية علمت بالواقعة بعد بلاغ من زوجته.

وأشارت تقارير لبنانية إلى أن أمهز "قبطان بحري ليس له علاقة بالأجهزة الأمنية اللبنانية، وقد استأجر شقة في البترون منذ حوالي شهر، للدراسة في معهد البحار".

وأوضحت معلومات أن "القوى الأمنية عثرت في شقة أمهز على نحو 10 شرائح أرقام أجنبية، وجهاز هاتف مع جواز سفر أجنبي"، مشيرة إلى أن "القوى الأمنية حصلت على جهاز تسجيل الكاميرات في محيط شقة البترون، لكن إسرائيل حذفت تلك البيانات عن بُعد".

وبدوره، نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مصادر إسرائيلية قولها، إن أمهز "مسؤول عن عمليات حزب الله البحرية".

فيما نفت مصادر من حزب الله اللبناني، الأنباء عن انتماء أمهز للجماعة المقربة من إيران، وقالت: "ليس لدينا معلومات عن مسؤول بالحزب يدعى عماد فاضل أمهز".

كما كشف مصدر لبناني أن "التحقيقات جارية لتحديد انتماء الخاطفين في البترون، وأسباب الخطف ونشاط المخطوف".

وأشارت معلومات إلى أن أمهز كان "يخضع لدورة قبطان في مدرسة العلوم البحرية في البترون، التابعة لوزارة الأشغال والنقل". ونفت المعلومات المتوفرة عن أنه ضابط في الكلية البحرية، وفق مراسلة "الحرة".

رسالة من والده

نشر فاضل أمهز، رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي، يناشد فيها الحكومة اللبنانية والقوة الألمانية والبحرية اللبنانية، بشأن عودة ابنه.

وفي الرسالة، أكد فاضل أمهز أن "ابنه عماد، الذي يعمل كقبطان بحري مدني، تم اختطافه على يد الجيش الإسرائيلي أثناء وجوده في دورة تدريبية في معهد مرساتي للعلوم البحرية في البترون".

وأوضح أن "عماد ليس له أي علاقة بالأحزاب السياسية ولا يتدخل في الأمور السياسية"، مشيراً إلى أن "الصور المتداولة حول جوازات سفره وخطوط الهواتف التي يستخدمها تعود إلى طبيعة عمله".

وأشار إلى أن "جواز السفر البحري الذي يمتلكه ابنه يُستخدم للدخول إلى البلدان من جهة البحر، وأنه عند انتهاء عقد عمله، يسلم الجواز البحري ويعود إلى لبنان عبر جواز سفر عادي"، مضيفاً أنه "متزوج ولديه 3 أولاد، ويعيل والديه".

وطالب الحكومة اللبنانية والقوة الألمانية، المسؤولة عن مراقبة البحر، بتحمل المسؤولية عما أسماها "عملية الاختطاف"، متسائلاً عن "دور البحرية اللبنانية في حماية المواطنين"، كما دعا الصليب الأحمر الدولي وقوات اليونيفل للتواصل مع الخاطفين من أجل عودة ابنه سالماً.

وأعرب عن شكره لكل من تجاوب مع مطالب عائلته، مشدداً على "أهمية الضغط على السياسيين للمساعدة في إعادة عماد إلى أحضانه".

خشية "احتلالها".. "اليونيفيل" تؤكد البقاء في مواقعها بلبنان
أكد مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، جان بيار لاكروا، في مقابلة مع "الخدمة الإعلامية" التابعة للمنظمة الدولية أن انسحاب قوات حفظ السلام "اليونيفل" من لبنان سوف يؤدي إلى احتلال مواقعها من أحد الأطراف على، حد قوله.

وأعادت العملية الحديث عن وحدة "يونس" البحرية التابعة لحزب الله، التي وصفتها هيئة البث الإسرائيلية بأنها "سرية للغاية".

وذكرت الهيئة أن أمهز "ينتمي إلى هذه الوحدة، المؤلفة من 80 عنصرا من حزب الله فقط، وتمتلك صواريخ بحرية".

ونقلا عن صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، طوّر حزب الله، المصنف إرهابيا في أميركا ودول أخرى، على مدى العقد الماضي ترسانة بحرية كبيرة. وقال خبير ميداني إسرائيلي، إن الصواريخ البحرية لهذا الحزب "تتمتع بقدرة كهروضوئية لاصطياد الهدف".

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي لفرانس برس، إنه يتحقق من "المعلومات" حول المسألة، في وقت لم يعلن رسميًا أي دور في العملية.

وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، أن أهالي المنطقة التي اختطف فيها المواطن، "أفادوا بأن قوة عسكرية لم تُعرَف هويتها نفّذت عملية إبرار (إنزال بحري) على شاطئ البترون".

وأضافت الوكالة أن القوة "انتقلت بكامل أسلحتها وعتادها إلى شاليه قريب من الشاطئ، حيث اختطفت لبنانياً كان موجوداً هناك، واقتادته إلى الشاطئ، وغادرت بواسطة زوارق سريعة إلى عرض البحر".

وطالب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، بفتح تحقيق عاجل في هذه الحادثة. وطلب من وزير الخارجية تقديم شكوى لمجلس الأمن بسبب "اختطاف مواطن لبناني من البترون".

وتسببت الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ أكتوبر 2023 على مناطق متفرقة في لبنان، بمقتل نحو 2900 شخص وجرح قرابة 13 ألفا آخرين، ونزوح وتهجير أكثر من مليون و500 ألف شخص، وفق السلطات اللبنانية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه دمر "نحو 70 بالمئة" من طائرات حزب الله المسيرة التابعة للوحدة 127، وذلك منذ تصعيد هجماته على الحزب في سبتمبر الماضي.

وبالإضافة إلى هذا العدد الإجمالي، قال الجيش الإسرائيلي إنه "قتل 10 بالمئة من مشغلي الطائرات المسيرة، فضلا عن قائد الوحدة بأكملها".

وقال الجيش إنه "قتل قائد الوحدة المسؤول عن طائرات حزب الله المسيرة في منطقة شمال الليطاني، ودمر 54 موقعا كانت تحتوي على مسيرات".