لبنان مطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية
لبنان مطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية

طالب مساعد وزير الخارجية الأميركية بالانابة لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، الثلاثاء، القادة السياسيين اللبنانين بتشكيل حكومة "قادرة وراغبة في تنفيذ الإصلاحات" في سبيل "رعاية شعبهم"، مؤكدا أن الولايات المتحدة تعمل على جمع الجهود الدولية في "تحالف" من أجل "فرض ضغط" على الحكومة اللبنانية.

وفي خضم ذكره للمساعدات الإنسانية والدعم الأميركي المقدم للبنان، في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة"، قال هود إن الولايات المتحدة تعمل على توفير الحوافز كما تبحث "المزيد من الآليات" بالعمل مع الشركاء لدفع القادة السياسيين إلى تشكيل الحكومة.

وأوضح "على سبيل المثال، سفيرا الولايات المتحدة وفرنسا لدى لبنان توجها إلى الرياض وتحدثا مع السعوديين وشركاء آخرين، للانضمام إلى ما يمكن أن تطلق عليه تحالفا، ليس فقط لتوفير الحوافز، بل أيضا لفرض ضغط كي يعلم القادة اللبنانيين أنه لن يكون مرحّباً بكم في بلادنا أو العمل معنا، حكوميا كان أم اقتصاديا، طالما لم تهتموا بشعبكم أولا".

وأوضح "قد ترون الكثير من التحركات سواء من حكومة الولايات المتحدة مع فرنسا وشركائنا الآخرين في أوروبا والخليج"، وأشار إلى أن طبيعة هذه "النشاطات ستتغير من أسبوع لآخر، وفقا للرد الذي سنحصل عليه من بيروت". 

وفي رده حول سبب إدماج السعودية في المحادثات اللبنانية، قال: "ليس فقط السعودية، بل أيضا بعض الدول الخليجية وأوروبا، لأن هذه الدول مهمة من أجل لبنان وكذلك استقرار لبنان مهم لهذه الدول". 

وأضاف "هذه أيضا دول تملك وسائل مالية وعلاقات تربطهم بالممثلين السياسيين، نرى أن  العمل سويا، وهو حجر الأساس لإدارة بايدن، أن العمل مع حلفائنا في المبادرات المتنوعة سيجعلنا أقوى ويمنحنا تأثيرا أكبر". 

وحول احتمالية فرض عقوبات أميركية، قال هود: "كلنا نتحدث عن خطوات يمكننا اتخاذها أو قد نقوم باتخاذها، لكنها تتطلب الكثير من المناقشات حول السلطات القانونية وحول التوقيت وحول الأشخاص المتعلقين بالأمر". 

لكنه استدرك "نحن نفضل ألا نصل لتلك النقطة، نفضل أن نرى اجتماع الطبقة السياسية وتشكيل حكومة قادرة على تطبيق إصلاحات سياسية، ويمكنهم فعل ذلك اليوم". 

وانتقد هود القيادات السياسية في لبنان، قائلا: "للأسف، لقد فوتوا الأشهر التسعة الماضية التي كانت لديهم فيها فرصة لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات، وهو ما أعاد الأمور إلى المربع الأول، لا وقت أمامهم أفضل من اليوم، عليهم أن يتخذوا القرارات المناسبة وأن يمكّنوا الحكومة ويقوموا بالإصلاحات". 

وقال هود إن "منهج الولايات المتحدة مع الشركاء مثل فرنسا والدول الأخرى، هو توفير الحوافز إلى القادة السياسيين للقيام بالأمر الصواب من أجل شعبهم، بأن نقول إننا سنكون جاهزين مع التحفيزات الضرورية لتوفير الدعم المطلوب لتتكنوا من الاعتناء بشعبكم". 

وأضاف "القادة السياسيون يمكنهم أن يقرروا اليوم تقوية ممثليهم السياسيين.. لتنفيذ الإصلاحات التي يعلمون أنها ضرورية لمساعدة الناس بالكهرباء والمياه والغذاء وبكل الخدمات الحكومية. يمكنهم أن يفعلوا ذلك اليوم، لكن عليهم أن يتخذذوا القرار بالتوقف عن تضييع الوقت ويقوموا بذلك".

وأكد أن الولايات المتحدة ستستمر بالعناية بالشعب اللبناني من خلال توفير المساعدات الإنسانية بشتى الطرق"، مؤكدا أن الولايات المتحدة "تتطلع إلى المجتمعات التي اهتمت بكل كرم بشؤون اللاجئين السوريين للعديد من السنوات، ولنتأكد من أنها لن تعاني بسبب الكرم الذي أبدته لهم". 

وشدد هود على أن الولايات المتحدة لا تدعم شخصاً معيناً لتشكيل حكومة في لبنان ولا حكومة عسكرية يتطلب تشكيلها تعديلاً دستورياً. 

وقال: "لن ندعم مرشحا معينا. تسمية رئيس للحكومة هو مسألة للشعب اللبناني هو الذي عليه أن يقررها، وبالطبع لا نريد أي تدابير إضافية مثل أن يستولي الجيش على السلطة".  

وقال: "نحن نساعد الجيش اللبناني منذ وقت طويل ونحن أكبر مانح ومليارات الدولارات تم تقديمها من أجهزة ومعدات على مر السنين، وأصبحوا قوة ناجحة في قتال داعش، لذا لا يعد داعش مشكلة كبيرة في لبنان كما هو الحال في دول أخرى، كما يلعب دوراً في توفير الأمن للمحتجين وكذلك الاستجابة في مكافحة فيروس كورونا.. الجيش اللبناني مؤسسة قادرة على العمل على المستوى الوطني بشكل مؤثر، ولا يمكنها الفشل". 

حزب الله والسلاح الفلسطيني

لبنان يتغير.

سقط النظام السوري. خسر حزب الله حربا جديدة مع إسرائيل. والدولة تبدو جادة في سحب سلاح الحزب.

لكن يظل سلاح آخر، سلاح التنظيمات الفلسطينية في لبنان، وهو أقدم من سلاح حزب الله، وربما يكون ورقة يستخدمها الحزب في مستقبل صراعاته داخل الحدود، وخارجها، وفق محللين.

نظام سقط وجيش تحرك

بعد سقوط نظام بشار الأسد وراء الحدود، في سوريا الجارة، شن الجيش اللبناني ما سماها عملية "إجهاز" على كل المراكز المسلحة خارج المخيمات الفلسطينية، في قوسايا والسلطان يعقوب وحشمش في البقاع شرق لبنان، وهي مراكز كان يدعمها نظام الأسد.

وأعلن الرئيس اللبناني جوزاف عون أن الجيش تسلم ستة مواقع فلسطينية وضبط ما فيها من أسلحة ومعدات.

لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أعلنت، من جانبها، خلو لبنان من أي سلاح فلسطيني خارج المخيمات.

لكن، ماذا عن السلاح داخل المخيمات؟

موقف الحكومة واضح. البيان الوزاري الصادر في السابع عشر من أبريل أكد التزامها ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها "بقواها الذاتية حصراً".

لكن المحلل السياسي اللبناني علي الأمين يقول لـ"الحرة" إن السلاح وإن كان سحب بالفعل من قوات فلسطينية في المناطق اللبنانية كلها، لكن تظل هناك أسلحة في مراكز لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في مناطق تابعة لنفوذ حزب الله خصوصاً في ضاحية بيروت الجنوبية.

ويتحدث الأمين عن خلايا لحماس والجهاد الإسلامي "تحت حصانة وإدارة حزب الله ولا تزال موجودة حتى اليوم وتعمل بغطاء من الحزب وتحت إدراته". لكن الأسلحة الموجودة في هذه المراكز من النوعية المتوسطة مثل صواريخ 107 وصواريخ كاتيوشا وبعض المسيرات.

تاريخ إشكالي

منذ عقود، وملف السلاح الفلسطيني له دور محوري في توازنات لبنان، داخليا بين أقطابه السياسية، وخارجيا في علاقاته مع الإقليم.

اتفاق القاهرة الموقع عام 1969 سمح للفلسطينين بالتسلح ضمن المخيمات، والعمل عسكريا ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.

بعد سنوات قليلة، عام 1975، كان الاتفاق فتيلة أخرى أدت لانفجار الحرب الأهلية.

وفي يونيو 1987، وقع الرئيس اللبناني أمين الجميل، قانوناً يلغي اتفاق القاهرة مع منظمة التحرير، بعدما صوت البرلمان اللبناني على إلغائه.

لكن ظل السلاح الفلسطيني موجوداً. وخاض فلسطينيون معارك ضد جهات لبنانية وغير لبنانية. لكن دوره في المعارك مع إسرائيل ظل محدودا بعد ما استأثر بها حزب الله منذ بداية الثمانينات.

يعيش في لبنان، حسب تقرير للدولية للمعلومات، حوالي 300 ألف لاجئ فلسطيني، يتوزعون على 12 مخيما، أكبرها مخيم عين الحلوة (50 ألف نسمة) قرب صيدا، جنوب لبنان.

وتنشط عسكريا في لبنان حركة "فتح"، أقدم الحركات الفلسطينية، ولرئيسها محمود عباس موقف معلن يؤيد تسليم السلاح الموجود داخل المخيمات للدولة اللبنانية ضمن خطة أمنية واضحة وضمانات لحماية المخيمات.

تنشط كذلك حركة "حماس"، وهي حليفة لحزب الله، وتعرض عدد من قياداتها لاستهداف إسرائيلي في لبنان منذ اندلاع حرب غزة، أبرزهم صالح العاروري، الذي اغتالته إسرائيل في ضربة بالضاحية الجنوبية لبيروت في الثاني من يناير عام 2024، وحسن فرحات الذي اغتيل في الرابع من أبريل 2025 في صيدا.

وفي لبنان أيضا، نشطت "الجبهة الشعبية– القيادة العامة"، وهو فصيل احتفظ بمواقع عسكرية في البقاع بدعم سوري.

وينشط أيضا تنظيمان سلفيان هما "عصبة الأنصار" و"جند الشام"، ويتركزان في مخيم عين الحلوة ويُعدان من بين الأكثر تطرفاً.

كذلك، في السنوات الأخيرة، ظهرت تنظيمات عصابية مسلحة في غير مخيم تنشط في تجارة المخدرات وغيرها من الأنشطة الإجرامية.

"خرطوشة أخيرة"

تقدر مصادر أن 90 في المئة من السلاح في المخيمات هو سلاح فردي، لكن بعض المخازن تحتوي على ذخيرة من الصواريخ.

وتتولى لجان فلسطينية أمن المخيمات.

وتؤكد مصادر فلسطينية أن الجيش يسيطر بشكل كامل على مداخل هذه المخيمات ومخارجها في المناطق اللبنانية كافة، لكن لا سيطرة فعلية له بعد داخل هذه المخيمات.

يقول المحلل السياسي علي الأمين إن السلاح الموجود داخل المخيمات أو المراكز الأمنية القليلة المتبقية خارجه مرتبط بشكل كبير بسلاح حزب الله.

يضيف "الفصائل الفلسطينية الأساسية والرئيس الفلسطيني محمود عباس لا مانع لديهم من تسليم السلاح الموجود داخل المخيمات"، لكن حزب الله والأحزاب الموالية له ترفض تسليم هذه الأسلحة للتمسك بورقة ضغط على الحكومة اللبنانية واستعمالها كـ"خرطوشة أخيرة قبل الاستسلام".

ويرى الأمين أن سحب السلاح من المخيمات مرتبط بشكل وثيق بسلاح حزب الله وأن الأخير يقوم بإدارة ومراقبة هذا السلاح خصوصاً التابع لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الموجود داخل المخيمات وخارجها كون الحزب كان المصدر الأساسي لهذه الأسلحة في مرحلة سابقة.

شمال الليطاني

حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية لم يعد مطلبا دوليا فقط.

على وقع قرارات دولية (1701 و1559)، وبالتزامن مع إعادة طرح قانون بايجر 6 في الكونغرس مرة ثانية في مارس 2025، أعلن الجيش اللبناني أنه ضبط منطقة جنوب الليطاني، وسيطر على أكثر من 500 هدف ونقطة كانت تابعة لـ "حزب الله".

واليوم تتجه الأنظار إلى شمال الليطاني والخطوة التالية التي ستتخذ لضبط السلاح، كل السلاح، في لبنان.