ميناء بيروت عقب الانفجار الهائل
ميناء بيروت عقب الانفجار الهائل

خلص تحقيق لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "أف.بي.آي"، إلى أن كمية نترات الأمونيوم التي أسفرت عن انفجار ميناء بيروت في أغسطس 2020، كانت تمثل جزءا صغيرا من الشحنة الأصلية التي تم تفريغها قبل أعوام بالميناء.

وقدر التقرير، الذي وضع في أكتوبر الماضي، واطلعت عليه "رويترز"، أن حجم المادة الكيمائية التي انفجرت بلغ 552 طنا، وهو ما يمثل فقط نحو خُمس حجم الشحنة الأصلية التي وصلت عام 2013 على متن سفينة شحن، ومجموعها 2754 طنا.

ووفد محققو مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى بيروت، بناء على طلب لبناني، بعد أيام من الانفجار الذي أسفر عن مقتل 200 شخص على الأقل، وإصابة أكثر من 6500، وتشريد مئات الآلاف، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وأوضح تقرير "إف بي آي" أن "كمية تبلغ حوالي 552 طنا متريا من نترات الأمونيوم انفجرت في المستودع رقم 12" بميناء بيروت، مشيرا إلى أن المستودع كان كبيرًا بما يكفي لاستيعاب الشحنة بكاملها، حيث تم تخزينها في أكياس يزن كل منها طنًا واحدًا".

وأضاف أن وجود الشحنة الأصلية بكاملها داخل المستودع وقت الانفجار "ليس منطقيا"، لكنه لم يقدم تفسيرا محددا للفارق الكبير بين الرقمين، ولم يوضح أين اختفى باقي الشحنة.

وردا على طلب مفصل للتعليق، أحال متحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي "رويترز" إلى السلطات اللبنانية، فيما قال مسؤول لبناني بارز، إن السلطات تتفق مع التقرير بشأن حجم المادة التي انفجرت، وفقا للوكالة.

وسبق أن ذكر مسؤولون في لبنان، بشكل غير رسمي، أنهم يعتقدون أن جانبا كبيرا من الشحنة الأصلية قد سُرق، فيما تعددت التكهنات بهذا الشأن.

وفي يناير الماضي، ذكر تقرير أعده صحفي لبناني، وسجلات شركات في لندن، أن الشركة التي اشترت شحنة نترات الأمونيوم ربما كانت لها صلة برجلي أعمال سوريَّين يخضعان لعقوبات أميركية لعلاقتهما بالرئيس بشار الأسد.

وبحسب التقرير الذي بثته قناة "الجديد" التلفزيونية اللبنانية، فإن عنوان شركة "سافارو ليمتد"، التي اشترت المواد الكيميائية عام 2013، في لندن كان نفس عنوان شركات مرتبطة برجلي الأعمال جورج حسواني وعماد خوري.

وفرضت واشنطن على كل من حسواني وعماد خوري وشقيقه مدلل عقوبات لدعمهم الأسد في الحرب السورية. والثلاثة يحملون الجنسيتين السورية والروسية، حسبما تظهر قائمة العقوبات الأميركية، وقاعدة بيانات تجمع معلومات من مؤسسات رسمية روسية.

واتهمت وزارة الخزانة الأميركية مدلل عام 2015 "بمحاولة شراء نترات الأمونيوم في أواخر عام 2013". كما فرضت عقوبات على شقيقه عماد بعد ذلك بعام لمشاركته في أنشطة تجارية مع مدلل.

أما حسواني ففرضت عليه الخزانة الأميركية عقوبات في عام 2015 بتهمة مساعدة حكومة الأسد في شراء النفط من مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية".

وسبق أن نفى حسواني أي صلات له بالانفجار، وقال لـ"رويترز" إنه لا يعرف شيئا عن شركة لها صلة بعملية شراء شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت.

وكانت نترات الأمونيوم في طريقها من جورجيا إلى موزمبيق على متن سفينة شحن روسية مستأجرة، حين قال القبطان إنه تلقى تعليمات تطالبه بتوقف، طارئ، في بيروت، لنقل شحنة إضافية.

ووصلت السفينة إلى بيروت في نوفمبر 2013 لكنها لم تغادر أبدًا، إذ باتت محلا لنزاع قانوني بشأن رسوم الموانئ غير المدفوعة وعيوب السفن، فيما لم يتقدم أحد للمطالبة بالشحنة، بحسب "رويترز".

لبنان- مسيرة- اعتداء
المسيرة نظمتها جمعيات ومنظمات ومؤسسات إعلامية وحقوقية | Source: Webscreenshot

استباحة جديدة للحريات شهدها لبنان، السبت، هذه المرة تمثلت بالاعتداء على "مسيرة الحريات" التي كان مخططاً لها الانطلاق من ساحة رياض الصلح وسط العاصمة بيروت باتجاه وزارة الداخلية، تحت عنوان "من أجل ضمانة كاملة لحرّياتنا وردّاً على الانتهاكات المتتالية".

المسيرة التي نظمتها جمعيات ومنظمات ومؤسسات إعلامية وحقوقية، تعرّضت لاعتداء من قبل شبّان كانوا يستقلون دراجات نارية انطلقوا في مسيرة مناهضة تحت شعار "اِحمِ عائلتك" حيث نادوا "بفرض القيم والأخلاق الصحيحة، ورفض الدفاع عن حقوق المثليين".

"ادعى المعتدون دعم المسيرة لحقوق المثليين، واتخذوا ذلك ذريعة لشيطنتها ومنعها من إكمال طريقها وتبرير الاعتداء على المشاركين فيها ومحاصرة بعضهم" كما تؤكد الباحثة والصحفية في مؤسسة سمير قصير، وداد جربوع، مشددة في حديث لموقع "الحرة" على أنه تم تسجيل "سقوط عدد من الجرحى من الناشطين وتجاوزات وانتهاكات بحق الطواقم الإعلامية من صحفيين ومصورين سواء من قبل الرافضين للمسيرة أو من قبل العناصر الأمنية التي عرقلت عملهم".

الهدف الأساسي من المسيرة بحسب جربوع "الوقوف في وجه قمع الحريات، ورفض الملاحقات والدعاوى والاستدعاء بحق أصحاب الرأي، والتشديد على ضرورة الالتزام بالدستور اللبناني الذي يكفل حرية الرأي والتعبير، وكذلك الالتزام بالتشريعات والقوانين الدولية"، مطالبة الأجهزة الأمنية "بحماية الطواقم الصحفية والإعلامية ومحاسبة المعتدين".

بعد ارتفاع أصوات التهديد والوعيد، وحفاظاً على سلامة المشاركين والمشاركات في المسيرة، فضلت المجموعات المنظمة لها الاكتفاء باعتصام وسط العاصمة بيروت، مع تعهدها "باستمرار النضال دفاعاً عن الحريات العامة والخاصة" بحسب ما جاء في بيان تلته الناشطة النسوية، الصحفية حياة مرشاد، وذلك "حفاظاً على حق الأفراد والمجموعات بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم وممارسة قناعاتهم كي يبقى لبنان وطن الحريات، ووطن للجميع من دون استثناء، بمعزل عن اختلافهم الفكري والثقافي والاجتماعي والعقائدي".

ويشهد لبنان في الآونة الأخيرة "قمعاً ممنهجاً وغير مسبوق لحرية الرأي والتعبير من قبل السلطة" بحسب البيان حيث "تزايدت استدعاءات التحقيق بجرائم القدح والذم والتحقير بوجه الناشطين والصحفيين، على خلفية منشورات تسلط الضوء على فساد المنظومة الحاكمة وتطالب بالمساءلة أو بسبب محتوى ينتقد السلطات الدينية والسياسية والأمنية، ولم يسلم الفن والثقافة والعلم من رهاب التنوع الفكري، وأبدعت النيابة العامة بملاحقة الأساتذة والفنانين والمسرحيين والكوميديين فخفت المسرح والسينما".


هذا الاعتداء لم يكن مستغرباً بحسب جربوع "وذلك بعد التحريض الذي تصاعد في الفترة الأخيرة ضد كل من يدافع عن الحريات وعن الفئات المهمّشة في المجتمع ومن ضمنها أفراد مجتمع الميم عين، وبالتالي خطاب الكراهية هو السبب والمحرك الأساسي لما شهدناها اليوم".

وأكد المنظمون تمسّكهم بأعلى درجات التعبير والتظاهر وإنشاء الجمعيات والتحرك، "فهذا الحق الطبيعي مرتبط بحقنا بالكرامة الإنسانية".

أدخلت مكافحة الشغب آلياتها إلى ساحة رياض الصلح، "وعملت على جمع المتظاهرات/ين في "مسيرة الحريات" في الآليات لإخراجهن/م من الساحة بعد محاصرتهن/م من قبل العصابات المتفلتة" بحسب ما ذكرت منظمة "شريكة ولكن" التي حمّلت في منشور عبر صفحتها على موقع "إكس"، "مسؤولية ما حصل، وما لا يُستبعد أن يصبح نمطاً خطيراً لتهديد الحريات والأرواح على حد سواء، لكل من شارك بخطابات التحريضية، وحضّ على العنف والتمييز والكراهية" مشددة على أن "وزير الداخلية بسام المولوي، يتحمّل مسؤولية مباشرة لدوره الأساسي في تجييش العصابات وتحريضها ضد المواطنات/ين".

التعرض للحريات هو "الطلقة الأخيرة لهذه السلطة" بحسب البيان، ولهذا السبب حذّر المنظمون من الاستمرار باستخدام أساليب القمع والتعرض للحريات العامة والخاصة مطالبين بتطبيق أحكام الدستور وتعزيز النصوص الضامنة للحريات فوراً وإلغاء النصوص التي تجرم التحقير والتشهير والتجمع السلمي.

حرية الرأي والتعبير تشكل أبرز ركائز الدولة ديمقراطية، كما جاء في البيان "وأصوات الناس واحتياجاتهم هي البوصلة، والحريات هي ميزة لبنان، وكلنا مدعوون للحفاظ على هذه الميزة وهذا الأمر لا مساومة عليه".