Army soldiers are deployed after gunfire erupted near the site of a protest that was getting underway against Judge Tarek Bitar…
تعزيزات للجيش اللبناني في منطقة الطيونة بالعاصمة بيروت

قتل ستة أشخاص وأصيب ستين بجروح على الأقل، الخميس، جراء إطلاق رصاص أثناء تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، في تصعيد يُنذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة.

وتعرض القاضي طارق بيطار خلال الأيام الأخيرة لحملة ضغوط قادها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللها مطالبات بتنحيته.

وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).

وبدأ إطلاق النار بشكل مفاجئ خلال تجمع عشرات المتظاهرين من مناصري حزب الله وحركة أمل أمام قصر العدل.

وقالت مديرة الطوارئ في مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية لبيروت، مريم حسن، لفرانس برس أن "لدينا قتيل أصيب بطلق ناري في رأسه وآخر في قلبه، كما قتلت امرأة في الـ24 من العمر جراء طلق ناري في الرأس خلال تواجدها في منزلها".

وأشارت إلى وجود 13 جريحاً غالبيتهم في العشرينات من عمر، وبينهم 3 في حالات حرجة.

وأفادت الوكالة الوطنية الرسمية للإعلان عن قتيل رابع في مستشفى الرسول الأعظم. 

وسمع مراسلون لوكالة فرانس برس في المنطقة إطلاق رصاص كثيف وقذائف. وشاهد مصور لفرانس برس أعمدة دخان سوداء تتصاعد من منطقة الطيونة.

وبثّت وسائل إعلام محلية مباشرة على الهواء مشاهد ظهر فيها مسلحون يطلقون النار في الشوارع وإطلاق رصاص من قناصة في أبنية مهجورة.

وتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صور تلاميذ يحتمون داخل قاعة تدريس في مدرسة قريبة، لم يتسن لفرانس برس التأكد من صحتها.

وأعلن الجيش اللبناني أنه "خلال توجه محتجين الى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو، وقد سارع الجيش الى تطويق المنطقة والانتشار في أحيائها". ولم يحدد الجيش هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص.

وحذر الجيش أن وحداته "سوف تقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يتواجد على الطرقات وباتجاه اي شخص يقدم على اطلاق النار". وناشد المدنيين إخلاء الشوارع.

سقوط قتلى وجرحى في أحداث الطيونة

واتهم حزب الله وحركة أمل في بيان مشترك "مجموعات مسلحة ومنظمة" بالاعتداء على مناصريهم خلال توجهم للمشاركة في تجمع أمام قصر العدل. وأفاد الحزبان في بيانهما أن "عند وصولهم إلى منطقة الطيونة تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قناصين.. وتبعه إطلاق نار مكثف".

واعتبرا أن الاعتداء يهدف إلى "جر البلد لفتنة مقصودة".

وأكد وزير الداخلية، بسام مولوي، بعد الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي، أن "السلم الأهلي ليس للتلاعب"، مشددا على "ضرورة اتخاذ كامل الإجراءات". وطلب من الإعلام "مساعدتنا على بث الأخبار الصحيحة". 

وأشار إلى أن "الإشكال بدأ بإطلاق النار، من خلال القنص، وأصيب أول شخص في رأسه وهذا الأمر غير مقبول، وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمرا خطيرا جدا".
 
وأكد أن "تفلت الوضع ليس من مصلحة أحد"، وأعلن أن "كل الأجهزة تقوم بدورها للانتقال إلى مرحلة التوقيفات كي يأخذ القانون مجراه".
 
وقال: "إن منظمي التظاهرة أكدوا لنا سلميتها، والجريمة التي حصلت كانت في استعمال القنص ، وتفاجأنا بأمر خطر هو إطلاق النار على الرؤوس".
 
وأعلن: "إننا سنطلب من السياسيين اتخاذ الاجراءات اللازمة بالسياسة وخارجها لضبط الوضع، لأن تفلته ليس من مصلحة احد".

وكتب المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" المحامي نزار صاغية على تويتر "لا أعرف ماذا يجري الآن. لكن أعرف أن دم مواطنين في الشارع وأنّ على كل من يدعي مسؤولية عامة أن يطالب مناصريه بالخروج فوراً من الشوارع. يوم حزين جداً".

وغرّدت مستخدمة تدعى رشا "ثمّة أيام في بيروت، تغادر منزلك ولا تتمكن من العودة إليه. ما هذا الواقع الموجع الذي نعيشه؟".

"الفتنة"

ويقود حزب الله وحليفته حركة أمل الموقف الرافض لعمل بيطار، ويتهمونه بـ"الاستنسابية والتسييس".

ودعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة"، وأجرى اتصالات عدة مع الجيش ومسؤولين بينهم زعيم حركة أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري.

ويخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط إلى عزل بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين.

ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم متعددة مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، ما اضطره لتعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.

اشتباكات مسلحة شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت

وعلق بيطار الثلاثاء التحقيق بانتظار البتّ في دعوى مقدمة أمام محكمة التمييز المدنية من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الاشغال السابق غازي زعيتر، المنتميان لكتلة حركة أمل.

وأفاد مصدر قضائي اوكالة فرانس برس أن محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها لأن بيطار "ليس من قضاة محكمة التمييز".

وإثر القرار، يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته. ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب لكل من زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر لإلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي إثر تعليق التحقيق.

وهذه المرة الثانية التي يرفض فيها القضاء دعوى مماثلة ضدّ بيطار لعدم اختصاص المحكمة النظر فيها.

وكان مقرراً أن تعقد الحكومة بعد ظهر الأربعاء، جلسة للبحث في مسار التحقيق، غداة توتر شهده مجلس الوزراء بعدما طالب وزراء حزب الله وحركة أمل بتغيير المحقق العدلي. إلا أن رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، قرر تأجيل اجتماع الأربعاء إلى موعد يحدد لاحقاً بانتظار التوصل إلى حل.

وتسبّب انفجار ضخم في الرابع من أغسطس 2020 بمقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار الى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم بلا تدابير وقاية. وتبين أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة.

وظهر الخلاف داخل الحكومة بعد إصدار بيطار الثلاثاء مذكرة توقيف غيابية في حق خليل لتخلفه عن حضور جلسة استجوابه مكتفياً بإرسال أحد وكلائه، ما اعتبره حزب الله وفق مصدر وزاري بمثابة "تجاوز للخطوط الحمراء".

ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعماً لبيطار واستنكاراً لرفض المدعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم، بينما تندّد منظمات حقوقية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.

تبعات ضربة إسرائيلية على لبنان
تبعات ضربة إسرائيلية على لبنان

مع زيادة حدة التصعيد في لبنان، لا يتوقف الحديث عن القرار الأممي الصادر قبل 18 عاما (1701)، الذي دعت كل من الحكومة اللبنانية وإسرائيل إلى تنفيذه، لكن الاتهامات انطلقت من كل جانب بعدم الالتزام.

ووضع القرار حدا لحرب مدمرة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل عام 2006، وعزز وجود قوة أممية دولية لمراقبة وقف إطلاق النار، كما انتشر بموجبه الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل.

ومؤخرا، لاقت إسرائيل انتقادات دولية واسعة بعد استهداف طال قوات اليونيفيل الدولية في جنوب لبنان، التي تضم نحو 9500 جندي من حوالي 50 دولة، فيما قالت إسرائيل إنها طالبت القوات الأممية بالتراجع لمسافة 5 كيلومترات شمالا في الأراضي اللبنانية، معتبرة أن حزب الله "يتخذها كدرع بشري".

وترفض قوات اليونيفيل مغادرة مواقعها، مشددة على التزامها بتطبيق القرارات الأممية.

ما الأحكام الرئيسية للقرار 1701؟

وفق موقع الأمم المتحدة، تتضمن العناصر الرئيسية للقرار الذي يتألف من 19 فقرة، دعوة مجلس الأمن إلى وقف كامل للأعمال العدائية، على أساس وقف حزب الله الفوري لجميع الهجمات، ووقف إسرائيل لجميع العمليات العسكرية الهجومية.

وقد دعا القرار إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف إطلاق نار دائم وحل طويل الأجل يقوم على المبادئ والعناصر التالية:

الاحترام التام للخط الأزرق من جانب كلا الطرفين.

اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.

التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف – الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان – والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)، والتي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية.

منع وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة حكومته.

منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدات ذات الصلة إلى لبنان عدا مـا تأذن به حكومته.

تزويد الأمم المتحدة بجميع الخرائط المتبقيـة للألغام الأرضية في لبنان، الموجودة بحوزة إسرائيل.

هل يستطيع القرار الأممي وقف الحرب؟

قال المستشار السياسي لرئيس مجلس النواب اللبناني، علي حمدان، لقناة "الحرة"، إن الموقف اللبناني الرسمي واضح، "وهو المطالبة بوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701".

وتابع حمدان: "على إسرائيل الالتزام بالقرار والانسحاب من الأراضي اللبنانية، ويتبع ذلك أن تصبح المنطقة الخاضعة للقرار في الجنوب، خالية من السلاح والمسلحين باستثناء الجيش اللبناني".

أما النائب السابق ورئيس لقاء سيدة الجبل، فارس سعيد، فقد أشار لدى سؤاله عنما إذا كان القرار الأممي لا يزال قادرا على حل الأزمة الحالية، بالقول إنه "على المستوى الدستوري، بالتأكيد نعم. أما على المستوى السياسي، فأتصور أن إسرائيل ربما باستهداف القوات الدولية العالمية.. ومن خلال سياسة الأرض المحروقة، ربما تريد ما هو أكثر من ذلك، أو تعديل بضمان أمن أكثر لها".

وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان-بيار لاكروا، قد أكد، الإثنين، أن جنود حفظ السلام "سيبقون في كل مواقعهم" في لبنان، رغم إصابة 5 منهم، ودعوات الإخلاء التي وجهتها إليهم إسرائيل بسبب القتال الدائر بين قواتها وحزب الله.

وقال لاكروا: "اتُُّخذ القرار بأن اليونيفيل ستبقى راهنا في كل مواقعها، رغم الدعوات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي لإخلاء المواقع القريبة من الخط الأزرق" الفاصل بين لبنان وإسرائيل.

وأصيب خمسة من عناصر اليونيفيل في سلسلة حوادث الأسبوع الماضي.

وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الإثنين، دعوته لليونيفيل، إلى إخلاء بعض المواقع القريبة من الحدود، مشددا على أن اتهام القوات الإسرائيلية بتعمد استهداف اليونيفيل "خاطئ تماما".

سلاح حزب الله

يعاني لبنان من شغور في منصب رئاسة الجمهورية منذ نحو عامين بسبب خلافات بين حزب الله الموالي لإيران وخصومه السياسيين، وفي مقدمهم حزب القوات اللبنانية المعارض، الذي يملك أكبر كتلة مسيحية في البرلمان.

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد شدد في بيان الجمعة، على ضرورة انتخاب رئيس جديد في لبنان، وذلك "بالوسائل الديمقراطية التي تعكس إرادة الشعب اللبناني، من أجل لبنان مستقر ومزدهر ومستقل".

وفي مؤتمر صحفي، السبت، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان "شرط لا بد منه" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، على أن يتعهد الرئيس الجديد تنفيذ القرارات الدولية التي تنص على نزع سلاح حزب الله.

وفتح حزب الله (المصنف كمنظة إرهابية في الولايات المتحدة)، ما أسماها "جبهة إسناد" لحركة حماس في غزة ضد إسرائيل، في 8 أكتوبر 2023.

وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل إلى أن تحولت لحرب أكبر في 23 سبتمبر الفائت.

وقال جعجع إن "الحاجة الملحة تستدعي أولا وبصورة رئيسية وقبل أي شيء آخر التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مما يضع حدا ولو أوليا للكارثة التي يعيشها شعبنا".

وأكد على الحاجة إلى "رئيس ذي مصداقية يتعهد مسبقا وبشكل واضح وجريء بتطبيق القرارات الدولية خصوصا القرارات 1559 و1680 و1701، وفقا لجميع مندرجاتها".

وينص قرارا مجلس الأمن 1559 و1680، اللذان صدرا في سبتمبر 2004 ومايو 2006، على نزع سلاح جميع الميليشيات وبسط سلطة الحكومة وحدها على كامل الأراضي اللبنانية، وفق فرانس برس.

يذكر أن حزب الله هو التنظيم اللبناني الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 بذريعة أنه يقاوم إسرائيل.

من جانبه، واصل حمدان حديثه للحرة، بالإشارة إلى أن إسرائيل "تجاوزت 33 ألف خرق للقرار الأممي 1701، وفق تسجيلات الأمم المتحدة وقوات الطوارئ الدولية".

وحول مسألة نزع سلاح حزب الله، قال: "طبعا، وفق القرار الأممي. وهذا ما طالبت به الحكومة اللبنانية مؤخرا عبر بعثتها في نيويورك بوقف إطلاق نار فوري وتطبيق القرار 1701 كاملا بكافة مندرجاته".

لكنه أكد أن "مصلحة لبنان بتطبيق القرار، ولكن ليس فقط من الجانب اللبناني، هناك استحقاقات من الجانب الإسرائيلي لا يجب إغفالها".

فيما أكد سعيد أن "عدم تنفيذ القرار الأممي قبل 6 أشهر، أفسح المجال لنتانياهو لأن يطالب بالمزيد، ولو لم نطبق القرار سنقدم خدمة كبيرة لنتانياهو".

وتابع أنه بالأساس "يجب تطبيق الدستور اللبناني الذي يؤكد، واتفاق الطائف، حصرية امتلاك السلاح للجيش اللبناني".

كما رأى مستشار رئيس مجلس النواب اللبناني، أن "وتيرة الحرب حاليا تتزايد مقارنة بوتيرة الاتصالات الدبلوماسية لوقف الحرب"، مشددا على أنه "خلال الأسبوع المقبل سيشهد البرلمان حركة مشاورات بين الكتل النيابية حول الاستحقاق الرئاسي".