محكمة عسكرية أدانت منصور بجرم مخالفة التعليمات في قضية اختفاء الكوكايين عام 2021
محكمة عسكرية أدانت منصور بجرم مخالفة التعليمات في قضية اختفاء الكوكايين عام 2021

يتابع اللبنانيون اليوم، "قصة من قصص الأفلام" وفق ما وصفت على مواقع التواصل الاجتماعي، لما تحمله من غرابة وتناقض كبيرين، وتتمثل في توقيف الرئيس السابق لمكتب مكافحة المخدرات المركزي في لبنان، العقيد هنري منصور، في قضية سرقة كمية كبيرة من مادة "الكوكايين" من مستودعات مكتب مكافحة المخدرات. 

وأصدرت قاضية التحقيق العسكري، نجاة أبو شقرا، قراراً يقضي بتوقيف العقيد منصور، بموجب مذكرة توقيف وجاهية، على خلفية قضيتين تتعلقان باختفاء كميات كبيرة من مادة الكوكايين تقدر بـ 9 كلغ من مستودع المضبوطات لدى مكتب مكافحة المخدرات، مقسمة على قضيتين بدأت مع اختفاء 4 كلغ، ليتم بعد التحقيقات اكتشاف فقدان 5 كلغ أخرى. 

القضية كانت قد خرجت إلى العلن، نهاية شهر يوليو عام 2020، بعد تقارير صحفية كشفت عن الواقعة، حيث ورد إلى أحد الأجهزة الأمنية إخبار يتعلق ببيع كمية من مادة الكوكايين من مكتب مكافحة المخدرات لصالح أحد أشهر تجار المخدرات المعروفين في لبنان بلقب "أبو سلة"، وذلك بعد أن تعذرت عمليات تهريب المخدرات إلى لبنان بسبب الإغلاق العام مع بداية انتشار جائحة كورونا، الذي تزامن مع الانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد وما أنتجه من مشاكل في توفير الدولارات اللازمة ومشاكل في الاستيراد والتصدير. 

بتاريخ 19 أبريل 2021، أدين منصور من قبل المحكمة العسكرية بجرم مخالفة التعليمات في قضية اختفاء الكوكايين، وإساءة استعمال سلطته والإهمال الوظيفي، وحكمت عليه بالسجن لمدة شهرين ودفع غرامة قيمتها مليون ليرة، بعد التخفيف والمزج بين العقوبات.

وبحسب حيثيات الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية، ظهر تورط أربعة عسكريين من رتب مختلفة في القضية، حيث أقدم المؤهل أول "ن. ش" على اختلاس كمية من المخدرات المضبوطة وبيعها للملقب بـ"أبو سلة"، كما أقدم على دس كتابات غير صحيحة، والتحريف في زنة الكوكايين المضبوطة، واعتماد الحيلة لمنع اكتشاف الاختلاس، باشتراك المدني "م. عيتاني". 

كذلك طالت الأحكام المقدم "أ. س" والمؤهل أول "م. ش"، اللذين أقدما على مخالفة التعليمات العسكرية من خلال إهمال المقدم في متابعة أعمال التحقيق، والإهمال في التقيد بأمر الخدمة الذي يحدد مسؤولية الضابط المشرف.

كما وأقدم المؤهل أول "م. ش" على الإهمال بواجباته الوظيفية بصفته رئيس قلم مولج بنقل المضبوطات إلى المستودع من خلال إبقاء الصندوق الذي يحمل المضبوطات ثلاثة أيام في مكتبه قبل أن ينقلها إلى المستودع.

حماية سياسية؟

بعد أسابيع عدة على انطلاق التحقيقات التي أجرتها قوى الأمن الداخلي بالحادثة، صدرت مذكرة خدمة، بتاريخ الثالث من يوليو عام 2020، قضت بفصل 72 ضابطاً إلى مواقع مختلفة في مكاتب قوى الأمن، من بينهم العقيد منصور الذي جرى فصله من مكتب مكافحة المخدرات إلى قيادة فوج أمن السفارات. وهو ما اعتبر في حينها تساهلاً بحقه، نسبة لإجراءات أكثر قسوة اتخذت بحق ضباط في قوى الأمن الداخلي على خلفية مخالفات أقل نفوراً وتجاوزات أبسط بكثير، الأمر الذي طرح فرضية الحماية السياسية لمنصور.

بعد ذلك، وعلى الرغم من صدور قرار المحكمة العسكرية بتوقيفه، لم يجر تحويل منصور إلى المجلس التأديبي في قوى الأمن الداخلي، وإنما جرى فصله إلى ديوان المدير العام لقوى الأمن الداخلي، الأمر الذي أعاد علامات الاستفهام حول منصور والحماية التي يحظى بها، خاصة وان اسم منصور عاد وأدرج على جداول الترقيات، ليصبح برتبة عميد، في شهر يوليو المقبل.  

 


اليوم وبالتزامن مع انتشار خبر توقيف المحكمة العسكرية للعقيد منصور، انتشرت أخبار تتحدث عن اتصال جرى بين رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، وأمين عام تيار المستقبل، أحمد الحريري، من أجل التدخل في قرار توقيف منصور. 

إلا أن هيئة شؤون الإعلام في "تيار المستقبل" أصدرت بياناً قالت فيه: "يتم التداول بخبر كاذب عن اتصال النائب جبران باسيل بالأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، طالباً منه التدخل في قضية توقيف رئيس مكتب مكافحة المخدرات العقيد هنري منصور".

وأكدت أنه "يهم هيئة شؤون الإعلام في 'تيار المستقبل' نفي هذا الخبر، جملة وتفصيلاً، والتأكيد أن لا أساس له من الصحة، لا من قريب لا بعيد". 

مخالفات بالجملة

وكانت القاضية، أبو شقرا، قد استمعت، بتاريخ 18 نوفمبر عام 2021، إلى رتيبين (مؤهل ومؤهل أول) من مكتب مكافحة المخدرات، وأصدرت القرار بتوقيفهما بتهمة الاتجار بالمخدرات. وفي المقابل، اتخذ القرار بتأجيل الاستماع إلى العقيد منصور، المدعى عليه أيضا بالتهمة ذاتها، إلى 30 يناير عام 2021 بعد استمهال الأخير لتوكيل محام. 

وكشفت التحقيقات التي جرت في القضية عن سلسلة مخالفات مسجلة للعقيد منصور، من بينها الإهمال الوظيفي في مراقبة العناصر والرتباء في مكتب مكافحة المخدرات، لاسيما لناحية الإشراف على مضبوطات الكوكايين والتحقيقات في هذه القضية، مما أدى إلى فقدان كمية منها. 

كذلك أقدم منصور، وفقا للتحقيقات، على فض كمية الكوكايين المضبوطة دون مراجعة القضاء خلافاً لنص المادة 102 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنصُّ على أنه "لا تُفض أختام الأشياء المضبوطة والمحفوظة إلّا بحضور قاضي التحقيق وكاتبه والمدّعى عليه أو وكيله والشخص الذي جرى التفتيش في منزله أو تمَّ إجراؤه بحضوره".

منصور متهم أيضاً بالتواصل مع مطلوبين بقضايا مخدرات، إضافة إلى إساءة في استخدام السلطة، واستغلال مركزه لمآرب شخصية خلافاً للأصول القانونية، كما يواجه تهمة إتلاف كمية من المخدرات غير معروفة المصدر، إضافة إلى عدم إجرائه جردة بالمضبوطات في مستودعات مكتب مكافحة المخدرات، لدى تسلمه رئاسة المكتب. 

تصدع صورة حزب الله
تصدع صورة حزب الله

تصدّعت الصورة التي سعى حزب الله طويلاً إلى ترسيخها بوصفه تنظيماً قوياً، منضبطاً، عصياً على الاختراق، وذلك عقب حربه الأخيرة مع إسرائيل وسلسلة الاغتيالات التي طالت صفوفه القيادية، ولا تزال تستهدف كوادره، وسط عجزه عن الرد.

فـ"الهالة" التي أحاط بها الحزب نفسه بدأت بالتشقّق منذ قراره فتح جبهة جنوب لبنان تحت مسمى "إسناد غزة"، إذ بدا حينها واثقاً من قدرته على التحكم بقواعد الاشتباك وحصر المواجهة ضمن نطاق محسوب. غير أن توسّع العمليات، والخسائر الكبيرة التي تكبّدها، وصولاً إلى قبوله اتفاق وقف إطلاق نار وصفه كثيرون بأنه أقرب إلى "الاستسلام"، ساهمت جميعها في قلب المعادلة.

بعد هذه الحرب، تحوّل "الردع" لدى حزب الله إلى مجرّد شعار، وباتت مكانته السياسية والعسكرية والمعنوية موضع شكّ، حتى في أوساطه الشعبية. وازدادت الدعوات، داخلياً وخارجياً، إلى نزع سلاحه، استناداً إلى القرارات الدولية، وإلى ضرورة استعادة الدولة اللبنانية لقرارها السيادي.

فمع كل عملية اغتيال أو غارة إسرائيلية تستهدف موقعاً أو ترسانة عسكرية، تتصاعد الأسئلة: أي جدوى بعد اليوم من استمرار امتلاك السلاح؟ أسئلة كانت تهمس همساً في السابق، لكنها تطرح اليوم علناً.

صورة وهمية؟

على مدى العقدين الماضيين، "بنى حزب الله هالة القوة العسكرية والأمنية القادرة على مواجهة إسرائيل، منذ انسحابها من جنوب لبنان عام 2000، واستثمر نتائج حرب يوليو 2006، لترسيخ صورة التنظيم الذي لم يُهزم، بل القادر على إلحاق الأذى بالجيش الإسرائيلي"، بحسب ما يوضح رئيس تحرير موقع "جنوبية"، الصحفي علي الأمين.

ويضيف الأمين في حديث لموقع "الحرة" أن الحزب لم يكتف بهذا الرصيد، "بل وسّع نفوذه في الداخل اللبناني، مقدماً نفسه على أنه الطرف القادر على فرض السياسات ومواجهة خصومه السياسيين، بوصفه القوة العسكرية والأمنية الأقوى في البلاد".

ويشير إلى أن هذه الصورة تعززت في وعي مناصري الحزب، وحتى بعض خصومه، لا سيما مع اندلاع الثورة السورية، "حيث لعب الحزب دوراً محورياً في دعم نظام الأسد ومنع سقوطه. كما أن دعمه للحوثيين في اليمن، وتدريبه للفصائل المسلحة في العراق، ساهم في ترسيخ صورة "القوة التي لا تُقهر".

لكن الأمين يلفت إلى أن هذا المشهد لم يُبْنَ فقط على وقائع عسكرية، بل تعزّز بعوامل إضافية، أبرزها "التدفق المالي المستمر من طهران، والمراعاة الدولية النسبية التي تظهر أي رفض لتمدد الحزب في الاقليم، مقابل تراجع مؤسسات الدولة اللبنانية وانكفائها لصالح نفوذ الحزب".

من جهته، يرى الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب أن "التهديد الحقيقي في الحسابات الإسرائيلية لم يكن في غزة، بل في المحور الإقليمي الممتد من لبنان إلى إيران، مروراً بسوريا والعراق، حيث يتصدر حزب الله المشهد بوصفه "الخطر الاستراتيجي الأكبر، نظراً لامتلاكه ترسانة من أكثر من مئة ألف صاروخ، وقوة بشرية مدرّبة بعشرات الآلاف، واستعداده الدائم لأي مواجهة. هذا التهديد لم يكن مجرد دعاية إعلامية، بل جزء من استراتيجية ردع مدروسة".

ويضيف ملاعب في حديث لموقع "الحرة" أن "إسرائيل كثّفت في السنوات الأخيرة من جهودها في تتبّع حزب الله، سواء عبر الوسائل البشرية أو التكنولوجية. ولم تغفل عن استثمار التطور التكنولوجي في هذا المجال، وقد أسهم تعاونها مع شركات تكنولوجية كبرى، وما توفره من بيانات رقمية ضخمة، في تعزيز قدراتها الاستخبارية لرصد وتتبع نشاطات الحزب. كما كثّفت من ضرباتها الجوية في سوريا، مستهدفة شحنات أسلحة مخصصة له".

تهشّم وعجز

"ساهمت نتائج الحرب الأخيرة وما خلّفته من خسائر فادحة على حزب الله وبيئته ولبنان عموماً، في تآكل الصورة التي عمل الحزب طويلاً على ترسيخها في الوعي العام"، بحسب ما يرى الأمين "إذ أظهرت العمليات الإسرائيلية قدرة غير مسبوقة على اختراق ما كان يُعتبر قلعة أمنية محصّنة، وتمكّنت من تصفية معظم قيادات الحزب الميدانية، وصولاً إلى اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، وقبول الحزب باتفاق وقف إطلاق نار مذل للبنان".

ويضيف الأمين أن هذا التحوّل لم يقتصر على الخسائر الميدانية، بل تفاقم مع العجز المتواصل للحزب عن الردّ على سلسلة الاغتيالات التي طالت عناصره وكوادره بعد سريان وقف إطلاق النار.

ويرى أن هذا العجز فرض معادلة جديدة في الداخل اللبناني "لم يعد أحد يطالب حزب الله بالرد العسكري على الاعتداءات الإسرائيلية. فصورة العجز باتت راسخة، إلى حد أن أي تحرّك عسكري من الحزب قد يُواجَه أولاً برفض من بيئته نفسها، قبل رفض سائر اللبنانيين، هذا التراجع في صورة الحزب أفقده جزءاً كبيراً من هيبته، وإن كان يحاول تعويض ذلك عبر ترويج قدرته على مواجهة ما يسميه خونة الداخل'".

من جانبه، يرى ملاعب أن "الصورة التي بناها حزب الله لنفسه كقوة عسكرية منضبطة بدأت تتشقق، خصوصاً بعد انخراطه في الحرب السورية، وما رافق ذلك من تسريبات أمنية واختراقات داخلية، كما أن تمدد الحزب في الملفات اللبنانية الداخلية انعكس سلباً على صورته أمام جمهوره، الذي بات يحمّله جزء من تبعات الأزمات والانهيارات المتتالية وصولاً إلى حربه الأخيرة مع إسرائيل التي هشّمت صورته بشكل كبير، فبعد أن تباهى طويلاً بقدرته على كشف الجواسيس في صفوفه، يواجه اليوم ثغرات أمنية غير مسبوقة".

تماه هش؟

"انتقل حزب على المستوى الوطني من قوة مقرِّرة ومهيمنة على مجمل الشؤون السياسية، إلى طرف تتراجع حدود تأثيره تدريجياً، في ظل عودة تدريجية للدور المؤسساتي الدستوري والقانوني والعسكري الرسمي"، وفق ما يقوله الأمين.

أما في ما يخص بيئته الشيعية، فيشير الأمين إلى أن "تراجع صورة الحزب يبقى نسبياً، طالما أنه لا يزال يحتفظ بمقوّمات القوة من مال وسلاح وقدرة على القمع". لكنه يلفت إلى أن هذه السيطرة بدأت تتآكل بدورها، "مع تنامي صرخة النازحين والمتضررين من الحرب، وتراجع الثقة بقدرة الحزب على تأمين شروط العودة إلى القرى، وإعادة الإعمار، وتوفير الأمن والأمان".

من جهته، يسجّل ملاعب نقطة لافتة تتعلّق بعلاقة الحزب مع بيئته، إذ يرى أن "التماهي شبه الكامل بين حزب الله وسكان جنوب لبنان بات هشّاً. فالمواطن الجنوبي غير المنتمي للحزب عاد إلى بلدته بإحساس نسبي بالأمان، بعدما لمس أن الضربات الإسرائيلية تركّز على مواقع محدّدة تابعة للحزب ".

ويضيف ملاعب أن هذا التحوّل في الوعي الشعبي أصبح أكثر وضوحاً، كما ظهر في جولة ميدانية له في الضاحية الجنوبية لبيروت، "حيث بات السكان يفرّقون بوضوح بين مبنى تابع للحزب وبقية المباني في الحيّ الذي يقطنونه". ويعتبر أن هذا المزاج الجديد يعكس إرهاقاً عاماً من الحروب المتكررة، ورغبة متزايدة في حياة أكثر استقراراً وأقل مخاطرة.

يذكر أن الحرس الثوري الإيراني أسّس حزب الله عام 1982، عقب انشقاق مجموعة من حركة "أمل"، ليشكّل نقطة تحول في المشهد السياسي والأمني اللبناني. وسرعان ما عمل الحزب على تعزيز حضوره داخل الطائفة الشيعية، معتمداً على خطاب سياسي تعبوي، خاصة في عهد أمينه العام السابق حسن نصر الله، إلى جانب الدعم المالي والعسكري المباشر من إيران.

هذا الدعم مكّن حزب الله من ترسيخ نفوذه داخل مؤسسات الدولة اللبنانية، وتعميق الانقسام السياسي والطائفي، وصولاً إلى السيطرة على قرار الحرب والسلم. وقد أدّى ذلك إلى توريط لبنان في صراعات إقليمية متشابكة، خلّفت تداعيات أمنية وسياسية خطيرة على البلاد.

وعلى مدى سنوات، لم يتوانَ حزب الله عن الترويج لقدراته العسكرية، متحدثاً عن استعداده لاجتياح الجليل، واستهداف حيفا وما بعدها، في إطار معادلة ردع رسمها لنفسه. لكن الحرب الأخيرة كشفت حدود هذه المزاعم، وأظهرت عجز الحزب عن تنفيذ تهديداته.

فقد تمكّنت القوات الإسرائيلية من التوغل في الجنوب اللبناني وصولاً إلى نهر الليطاني، وانتهت المواجهة بتوقيع اتفاق وُصف من قبل مراقبين بأنه "مُذل"، فيما لا تزال القوات الإسرائيلية تحتفظ بوجودها في خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية.

القرار في طهران

رغم التصدعات التي أصابت صورة حزب الله، يرى ملاعب أن "العقيدة التنظيمية للحزب لا تزال متماسكة، إذ لا يزال عدد كبير من مقاتليه يلتزمون بقيادة مركزية صلبة". لكنه يلفت إلى أن قرار إشعال الجبهة اللبنانية "لا يُتخذ في بيروت، بل في طهران".

فإيران، بحسب ملاعب، "استثمرت في حزب الله كأداة استراتيجية للضغط الإقليمي والدولي، وتستخدمه كورقة تفاوض مع الغرب، لا سيما في سياق المحادثات المرتبطة بالملف النووي والعقوبات الاقتصادية، ومن هذا المنظور، فإن موافقة الحزب مؤخراً على وقف إطلاق النار لا يمكن فصلها عن الحسابات الإيرانية الأوسع، التي تهدف إلى تحقيق مكاسب على طاولة المفاوضات".

وعن مدى نجاح إسرائيل في تدمير ترسانة الحزب، يؤكد ملاعب أن "إسرائيل ألحقت ضرراً بالغاً بالبنية التحتية العسكرية لحزب الله، لكنها لم تنجح في تدمير أصوله الحيوية، كشبكات الأنفاق ومنظومات الصواريخ الدقيقة". ويضيف أن "الأسلحة الاستراتيجية، بما فيها الصواريخ بعيدة المدى، لا تزال خارج المعركة، لأنها تخضع لسيطرة القرار الإيراني المباشر".

من جانبه، يرى الأمين أن "المنطقة، وليس لبنان وحده، تمرّ اليوم بمرحلة تحوّل بنيوي عميق، ينعكس بشكل مباشر على علاقة حزب الله بمحيطه، وخصوصاً بجمهوره".

ويشير الأمين إلى أن الحزب "لم يعد يُنظر إليه كقوة قادرة على توفير الحماية والأمان، وتراجعت الثقة بإمكانية استعادته لهذا الدور في المستقبل، خاصة بعد تهاوي وهم ردع إسرائيل، وسقوط النظام السوري، الذي شكّل ضربة قاصمة لحزب الله، أطاحت بمقومات استعادته لنفوذه وقدراته الأمنية والعسكرية".