بهاء الحريري
بهاء الحريري يؤكد أن رؤيته للأمور مختلفة تماما عن أخيه

كشف بهاء الحريري، نجل رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، عن مشروعه السياسي وتحضيراته للمرحلة المقبلة، إضافة إلى علاقته مع شقيقه رئيس الحكومة الأسبق سعد وموقفه من "حزب الله" وعلاقته بتركيا، وذلك في لقاء حصري لبرنامج "المشهد اللبناني" على قناة الحرة.

سعد "أخي وأحبه وهذا أمر مفروغ منه وللعائلة حرمتها"، أكد الحريري في المقابلة التي تبث كاملة يوم الاثنين الساعة الثامنة مساء بتوقيت غرينتش.

بيد أن الحريري، الذي برز على الساحة السياسية "مزاحماً" لشقيقه سعد، قبل أن يعلن الأخير انسحابه ولو مؤقتاً من "اللعبة السياسية" استطرد قائلا إن الخلاف مع شقيقه "كبير وشاسع بالتفكير وبالرؤية حول كيفية السير إلى الأمام".

واعتبر بهاء الحريري أن الموضوع لم يعد بينه وبين سعد "لأنه ترك الحياة السياسية"، مشيراً إلى أن"العربة تمشي إلى الأمام وليس إلى الوراء".

لطالما دعا بهاء الحريري إلى تنفيذ القرارات الدولية وسحب السلاح غير الشرعي واصفاً "حزب الله" بالارهابي، ليعود ويكرر أنه "في زمن رفيق الحريري كان لبنان تحت وصاية شرعية سورية وافق عليها المجتمع الدولي والاقليمي، أما اليوم فليست هناك وصاية إنما فريق إرهابي كما يعتبره ثلاثة أرباع العالم ولا يملك أي وصاية شرعية".

وأضاف "هذا الفريق أخذ شعباً بكامله إلى المهوار، وعندما كنا تحت الوصاية استطعنا أن نربح، فلماذا لا نستطيع الآن".

وعن السياسة التي سيتبعها للتعامل مع شروط حزب الله وضغوطه قال "بالنسبة إلينا الانتخابات هي الأساس"، واصفاً "التحالف الرباعي الذي حصل بعد اغتيال رفيق الحريري بأنه كفر سياسي" مشدداً"نحن لا نتعاون مع حزب الله، لا تعاون مع حزب الله".

كما نفى أن يكون هناك تواصل مع "حركة أمل" التي اعتبرها أنها لا تمثل الاعتدال الشيعي، قائلاً إن"التواصل يجري مع الاعتدال الشيعي"، مشيراً إلى وجود مقوّمات هائلة في الطائفة الشيعية تؤمن بالاعتدال وليس بالمسيرة التي أدت إلى هذه الكارثة.

ورداً على سؤال عما يُحكى عن أجندة له مع الأتراك أجاب "فليسمحوا لنا، لقد أثبتنا أين هو توجهنا في الأشهر الـ 18 الأخيرة، تحدثنا مع الحرّة، الشرق الأوسط، العربية، والصحف الكويتية ولا أذكر أنني تحدثت لصحيفة تركية، ولم أزر تركيا طوال حياتي وليس لدي عمل هناك ولا أي تواصل مباشر أوغير مباشر مع هذه الدولة".

وعن مشروعه السياسي قال "هو تطبيق اتفاق الطائف وفيه فصل الدين عن السلطة التنفيذية والتشريعية، وجود مجلس شيوخ يعطي الصلاحيات للأقليات، تطبيق اللامركزية الادارية، تحقيق استقلالية القضاء ومكافحة الفساد عبر قضاء مستقل".

واعتبر الحريري أنه في "عهد ميشال عون شهدنا انهياراً لبنانياً تاماً ورأينا عزلة دولية وعربية تامة للبنان،أصبحنا نصوّت في الجامعة العربية ضد إخواننا العرب وهذا لم يحصل بتاريخ لبنان، لذلك نعتبر أنالعهد مسؤول عن هذه الأخطاء وعليه تحمّل المسؤولية".

وتمنى التواصل مع كل المكونات التي ظلّت تحترم مبادئ 14 آذار "لكن من خرج عن القيم وساوم في هذه المنظومة وغض النظر عن السلاح والفساد فنحمّله مسؤولية الكارثة التي وصل إليها لبنان".

أما في الموضوع الاقتصادي فتحدث عن أربع ركائز هي: القطاع المصرفي، القطاع السياحي، الطبابة والتعليم، هذا بالاضافة كما قال إلى موضوع اللبنانيين في الخارج الذين يشكلون جزءاً أساسياً للبنان كاقتصاد حر.

وعن الطائفة السنية وما يحكى عن إحباط في صفوفها، قال إن "تصدّع أو تفكك الطائفة السنية خط أحمر ولن نرضى إلا أن تأخذ حقها بالكامل ضمن المعادلة اللبنانية ولا مساومة بحقوقها، في الوقت نفسه مشروعنا عابر للطوائف، مشروعنا الاعتدال".

ورداً على سؤال عن علاقته بالمملكة العربية السعودية أجاب "الحمد لله وين ما منروح مكرّمين ومنرجع مكرّمين"، ولم أسمع يوماً إساءة لي من إخواننا الخليجيين وحسب ما أعرف علاقتنا جيدة، لم يُسَأ إلينا سابقاً ولا أسيء إلينا اليوم ولن يساء إلينا في المستقبل".

وكرر "ما بحياتنا رحنا إلا مكرمين وما بحياتنا رجعنا إلا مكرمين"، مشدداً "على لبنان أن يصلح علاقاته مع الخليج والمجتمع الدولي". 

وعن سبب عدم مجيئه إلى لبنان قال "هو أمني بحت، ولو أُعطيت ضمانة أمنية للنزول أنزل اليوم لكن هذا الموضوع يُدرس بدقة".

وفيما إن كان مهدداً أمنياً أجاب "كل الدلائل مع حلفائنا وأصحابنا في المجال الأمني تشير إلى ذلك،ونحن نريد أن نكون حريصين أمنياً وأكثر من حريصين، ووعد الحر دين في الوقت المناسب نكون في لبنان".  

الكثير من الأسر نزحت رفقة أطفالها خارج لبنان منذ بداية الحرب
الكثير من الأسر نزحت رفقة أطفالها خارج لبنان منذ بداية الحرب -AFP

في تقرير صادم، كشف مكتب اليونيسف تداعيات الحرب على الأطفال في لبنان منذ الرابع من أكتوبر، مسجلا مقتل طفل على الأقل يوميًا، إلى جانب إصابة عشرة آخرين في المواجهات العسكرية. 

وتُعد هذه الأرقام، الصادرة الخميس، مؤشرًا على المعاناة التي يعيشها الأطفال، في ظل تساؤلات حول دور السلطات المحلية والمسؤولية الدولية في حماية هؤلاء من دوامة العنف.

ندوب وصدمات

أحمد، طفل من بعلبك يبلغ عشر سنوات، مثال على المعاناة التي يعيشها الأطفال يوميًا. يحكي كيف فقد شقيقته في قصف منزلهما، لموقع "الحرة"، ويقول بصوت متحسر: "كنا نلعب معًا كل مساء، والآن ألعب وحدي".

قصة أحمد ليست سوى واحدة من قصص كثيرة لأطفال يعانون من تداعيات الوضع في لبنان. وينقل تقرير اليونيسف عن وزارة الصحة اللبنانية أنّ عدد الأطفال الذين قُتلوا منذ أكتوبر 2023 بلغ 16، بينما أُصيب ما لا يقلّ عن 1168طفلًا آخرين. 

وتشير تقارير اليونيسف إلى أن آلاف الأطفال الناجين من القصف يعانون من ضغوط نفسيّة شديدة جراء تصاعد العنف والفوضى.

وفي تقريرها الأخيرة، شدّدت اليونيسف على أنّ "التعافي الحقيقي" للأطفال في لبنان مرهون بوقف العنف، مؤكّدة على أهمية "تحقيق هدنة فورية تتيح لهم الوصول الآمن إلى الخدمات الأساسية والبدء في التئام جراحهم النفسية والجسدية".

ويؤكد خبراء في علم النفس أنّ هذه الصدمات يمكن أن تترك آثارًا نفسية دائمة على الأطفال، مثل اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق المزمن. 

وفي حديث لموقع "الحرة"، تشرح اختصاصية الطب النفسي، ريما بجاني، أنّ الأطفال الذين يتعرضون للعنف قد يواجهون مشاكل في العلاقات الاجتماعية مستقبلًا، ويعانون من فقدان الإحساس بالأمان، مما قد يؤدّي إلى تعطل نموّهم العاطفي والاجتماعي. 

تسعى منظمات لتنظيم برامج تخفف عن الأطفال في لبنان وطأة الحرب

وتضيف بجاني أن ما يضاعف من حدة الأزمة هو أن الأطفال "فقدوا الثقة في الأمان من حولهم"، إذ لا يقتصر العنف على مناطق النزاع، بل يمتدّ إلى المنازل والأحياء السكنيّة، مما يجعل الأطفال يشعرون أنهم ليسوا آمنين في أي مكان. ومع تكرار حالات استهداف المنازل، تصبح حياة الأطفال معرضة للخطر بشكل مباشر، وهو ما يتطلب من المجتمع اتخاذ إجراءات فورية لحمايتهم، وفق المختصة في الطب النفسي.

من المسؤول؟

مع تفاقم الوضع، تبرز مساع لتتبع الأطفال المتضررين من الحرب. وفي هذا السياق، تسعى وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضرّرين عبر برامج متخصّصة، إذ صرّحت منسّقة قطاع الحماية في خليّة الأزمة المركزيّة بالوزارة، سناء عواضة، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ الوزارة تقدّم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء من خلال فرق متنقّلة ومراكز الخدمات الإنمائيّة، خصوصًا في مناطق الجنوب مثل قضاء جزين وصيدا.

وتعمل الفرق التي تتألف من عاملات اجتماعيات واختصاصيّين نفسيّين على تنظيم أنشطة وألعاب تتيح للأطفال التعبير عن مشاعرهم والتنفيس عن صدماتهم. كما تتعاون الوزارة مع منظمات دوليّة، مثل اليونيسف و"Save the Children" لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، وتحرص على متابعة حالات الأطفال الذين يعانون من ظروف اجتماعية صعبة، سواء ضمن أسرهم أو عبر إحالتهم إلى مؤسسات رعاية خاصة إذا دعت الحاجة.

بينما يشدّد المحامي رالف أبي عساف، في حديث لموقع "الحرة"، على ضرورة أن "تتحمّل الحكومة اللبنانيّة، وخصوصًا وزارة الشؤون الاجتماعيّة، مسؤوليّاتها تجاه الأطفال المتضرّرين من النزاعات". 

ويضيف  المتحدث "قانونيًا، يمكن تحميل الجهات المسؤولة المسؤوليّة في حال تخلّفها عن تقديم الدعم اللازم للأطفال المعرّضين للعنف أو تقصيرها في حماية حقوقهم، ويؤكّد أبي عساف أن على الدولة اتخاذ خطوات جدية لإنشاء مراكز إيواء وحماية للأطفال، خاصة في ظل الظروف الراهنة.

وإلى جانب الدولة، وفي هذا الصدد، تلعب المنظّمات الدولية والمنظمات غير الحكومية "دورا هاما" في ما يعتبره المحامي أبي عساف "توثيق الانتهاكات وتقديم الدعم للأطفال المتضررين من النزاعات"، داعيا هذه المنظمات إلى "الضغط على الحكومات لضمان حيادية الأطفال عن مناطق النزاع وتوفير بيئة آمنة لهم".

من جهتها، تؤكد سناء عواضة أن وزارة الشؤون الاجتماعية "تتعاون مع هذه المنظمات لتقديم الدعم المناسب، وتتابع الحالات وتنسق الجهود لتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال المتضررين". 

وتشير إلى أن "التعاون مع المنظمات الدولية يهدف إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة وتوسيع نطاقها لتشمل جميع المناطق المتضرّرة"، مؤكدة أن الوزارة "ملتزمة بتوفير كل ما يلزم لحماية الأطفال وضمان سلامتهم."