وقع وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، والوكالة الفرنسية للتنمية، و"مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية" بالسفارة الفرنسية في بيروت، مذكرة "التفاهم الإطارية للصندوق السعودي الفرنسي لدعم الشعب اللبناني"، والذي "يرمي إلى دعم السكان المستضعفين في لبنان"، بحسب بيان صدر، الثلاثاء، عن السفارة الفرنسية في بيروت.
وأعلن السفير السعودي في لبنان، وليد البخاري، في كلمة ألقاها بالمناسبة، أن هذه الشراكة تهدف إلى "دعم العمل الإنساني والإغاثي في البنان بأعلى معايير الشفافية، حيث يهدف التمويل لدعم ستة قطاعات رئيسية، وهي الأمن الغذائي، والصحة والتعليم، والطاقة والمياه، والأمن الداخلي".
وقال البخاري في كلمته "نؤدي واجباتنا تجاه لبنان من دون تمييز بين طائفة وأخرى، حيث كرست السعودية جهودا متميزة مفعمة بالعطاء والروح الإنسانية التي تقدر قيمة الإنسان".
وأضاف أن "السعودية نفذت الكثير من المشاريع الإنسانية في لبنان، وأن هذا الدعم يأتي استمرارا وتواصلا للدعم خلال العقود الماضية، حيث حرصت المملكة مع شركائها على دعم كل ما يخفف المعاناة الإنسانية عن المحتاجين".
وأكدت سفيرة فرنسا في لبنان آن غريّو، خلال توقيع المذكرة، على أهمية "عمل فرنسا مع السعودية لدعم الشعب اللبناني في مواجهة أزماته الإنسانية".
وقال البيان الصادر عن السفارة الفرنسية في بيروت إن هذا الاتفاق "يوفر دعما ماليا بقيمة تناهز 30 مليون يورو لتنفيذ سلسلة من المشاريع في المجالين الإنساني والإنمائي".
وأضاف أن الاتفاق "يمثل مرحلة هامة في تنفيذ الالتزام الذي قطعه وزير أوروبا والشؤون الخارجية ونظيره السعودي في باريس، في 28 شباط (فبراير) في سبيل تقديم فرنسا والمملكة العربية السعودية الدعم المالي الطارئ لمشاريع مخصصة للسكان المستضعفين في لبنان"، وذلك "وفقا للمبادئ التوجيهية التي اعتمدها كل من رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 4 ديسمبر في جدة."
#لبنان | سيوقع كل من @francediplo_AR و@AFD_France و@ksrelief في بيروت اليوم اتفاق يرمي إلى دعم السكان المستضعفين في 🇱🇧
— الخارجية الفرنسية 🇫🇷 🇪🇺 (@francediplo_AR) April 26, 2022
⬅️ دعم مالي بقيمة تناهز 30 مليون يورو لتنفيذ سلسلة من المشاريع في المجالين الإنساني والإنمائي.https://t.co/EiHT0nIRQA pic.twitter.com/ClkA1X3iZH
وكان السفير السعودي في لبنان، كشف خلال حفل إفطار أقامه، الاثنين، على شرف القادة الروحيين في لبنان، عن موعد توقيع اتفاقية "الصندوق السعودي – الفرنسي" لدعم الشعب اللبناني.
وقال البخاري في نهاية الإفطار إن " هذه المأدبة تجسد دور السعودية في نشر ثقافة السلام وسعيها في تعزيز سبل العيش المشترك، وهناك شراكة سعودية فرنسية تُرجمت بإنشاء صندوق مشترك، وتتضمن 35 مشروعا في لبنان تتعلق بقطاع الصحة والتعليم والطاقة".
— الخارجية الفرنسية 🇫🇷 🇪🇺 (@francediplo_AR) April 26, 2022
بدورها، أشارت السفارة الفرنسية إلى أن "هذه المشاريع تلبي احتياجات السكان المستضعفين في لبنان الأكثر إلحاحا في قطاعي الصحة والأمن الغذائي، ذوي الأولوية. وترمي إلى دعم مستشفى طرابلس بصورة خاصة، وتعزيز الانتفاع بخدمات الرعاية الصحية الأولية، وتقديم المعونة الطارئة، التي تشمل الغذاء، إلى الفئات المحرومة."
— الخارجية الفرنسية 🇫🇷 🇪🇺 (@francediplo_AR) April 26, 2022
وأضافت السفارة أن هذه التمويلات "تمثل مرحلة أولى في سبيل حشد جهود مشتركة ومعززة لصالح لبنان. وتكمن الغاية من هذه الآلية في استمرارها على الأجل البعيد وتناولها قضايا إنمائية أيضا".
يأتي هذا الاتفاق بعد أقل من شهر واحد على عودة السفير السعودي إلى بيروت، في السابع من أبريل الجاري، بعد أكثر من ستة أشهر على استدعاء المملكة له، على خلفية تدهور العلاقات بين الرياض ودول الخليج من جهة وبيروت من جهة أخرى، بسبب تصريحات لوزير الإعلام السابق، جورج قرداحي، بشأن حرب اليمن اعتبرتها الرياض "مسيئة".
وجاءت تلك القضية لتفجر مسارا طويلا من الضغط الذي أصاب العلاقات بين دول الخليج ولبنان، بعد سلسلة مواقف وتصريحات صادرة من لبنان، رأت فيها السعودية طابعا عدوانيا تجاهها، لاسيما مع إحكام "حزب الله" لقبضته على السلطة اللبنانية وقرارات البلاد، وتسخيرها في سبيل خدمة أهداف إيران على الساحة الإقليمية، من اليمن إلى البحرين والعراق وسوريا.
ويمثل الاتفاق الموقع اليوم، ثمرة جهود حثيثة بذلتها فرنسا على خط إعادة التواصل بين الرياض وبيروت، تضمنت زيارة قام بها الرئيس الفرنسي إلى السعودية نهاية العام الماضي، تهدف لإعادة الدور السعودي الداعم للبنان، حيث أعلن الرئيس الفرنسي في وقت لاحق أن باريس والرياض اتفقتا على الانخراط بشكل كامل في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع لبنان.
وعرضت الدول الخليجية فيما بعد مبادرة أطلق عليها اسم "المبادرة الكويتية"، تهدف إلى "استعادة الثقة مع لبنان"، حيث تجاوب المسؤولون اللبنانيون مع بنودها التي تتمحور حول الالتزام بمسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي في لبنان، وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة اللبنانية، وضرورة اعتماد سياسة النأي بالنفس واحترام سيادة الدول العربية والخليجية ووقف التدخل السياسي والإعلامي والعسكري فيها، واحترام قرارات الجامعة العربية والالتزام بالشرعية العربية، وصولا إلى ضرورة التزام لبنان بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، لا سيما القرارين 1559 و1701، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، في إشارة إلى الموقف المطلوب من سلاح ميليشيا حزب الله.
وكانت العودة السعودية – الخليجية إلى لبنان، قد أثارت أسئلة في الأوساط السياسية والإعلامية اللبنانية، حيث جرى الحديث عن ارتباط في توقيتها مع موعد اجراء الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو المقبل، وتاليا عن دور سعودي متوقع في مجريات الانتخابات، عبر دعم حلفائها اللبنانيين لمنع حصول حزب الله على الأكثرية النيابية في المرحلة المقبلة.
وردا على سؤال صحفي في هذا الإطار، أوضح السفير السعودي في تصريحه اليوم، أن السعودية "لا تتدخل في كل العمليات الداخلية وهذه الأمور سيادية، ولكن نتمنى أن يكون هناك توجه إيجابي نحو العملية الديمقراطية”.
من ناحيتها، أكدت السفارة الفرنسية في ختام بيانها أن "فرنسا تقف إلى جانب الشعب اللبناني. وتواصل تأكيد مطالبها وتطلعاتها، التي تتماشى ومطالب الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، إزاء السلطات اللبنانية، والتي تتمثل في التنفيذ العاجل للإصلاحات الضرورية لحل الأزمة في لبنان، وإبرام اتفاق شامل وكامل مع صندوق النقد الدولي، وتنظيم انتخابات تشريعية محايدة وشفافة في موعدها المقرر في 15 أيار 2022".