أطلال مرفأ بيروت
الخطوة تأتي في الوقت الذي توقفت فيه التحقيقات المحلية في لبنان منذ ديسمبر.

أعلنت مؤسسة سويسرية، الأربعاء، أن عائلات بعض ضحايا انفجار مرفأ بيروت رفعوا دعوى قضائية ضد شركة أميركية-نرويجية، يشتبه في تورطها في نقل المواد المتفجرة إلى المرفأ، وطالبوا بتعويضات قدرها 250 مليون دولار. 

وأوضحت منظمة "المساءلة الآن"، التي تقول إن مهمتها دعم جهود المجتمع المدني اللبناني لوضع حد لإفلات قادة البلاد من العقاب، أن الدعوى رفعت الاثنين، وأن هناك بين المدعين تسعة أميركيين أو أقارب لأميركي.

وتأتي هذه الخطوة فيما توقفت التحقيقات المحلية في لبنان منذ ديسمبر، إثر طعون قانونية قدمها مسؤولون مطلوبون للاستجواب، ضد قاضي التحقيق في القضية.

وانفجرت، في الرابع من أغسطس 2020، مئات الأطنان من نترات الأمونيوم، وهي مادة شديدة الانفجار تستخدم في أسمدة خُزنت بشكل غير صحيح في الميناء لسنوات، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 220 شخصا وإصابة أكثر من 6000 آخرين، وإلحاق أضرار قدرت بمليارات الدولارات.

وبيّن التحقيق اللبناني أن معظم المسؤولين الحكوميين كانوا على علم بالمواد الخطرة المخزنة في المرفأ. وأدى الانفجار إلى تفاقم الانهيار الاقتصادي الذي بدأ قبل عام في البلاد، وترجع جذوره إلى عقود من الفساد وسوء الإدارة.

وقالت شركة Accountability Now إن الدعوى القضائية التي تبلغ قيمتها 250 مليون دولار ورُفعت في تكساس، اتهمت مجموعة الخدمات الجيوفيزيائية الأميركية-النرويجية TGS، التي تمتلك شركة Spectrum Geo البريطانية، بإنها أبرمت سلسلة "عقود مربحة للغاية ولكن مشبوهة مع وزارة الطاقة في لبنان".

وأضافت أنه في عام 2012 ، استأجرت شركة Spectrum السفينة Rhosus التي ترفع علم مولدوفا لتأتي إلى بيروت، وهي تحمل 2750 طنا من نترات الأمونيوم على متنها.

وقالت زينة واكيم، محامية منظمة من Accountability Now التي ساعدت المدعين: "هذا الادعاء سيجبر TGS على الكشف عن اتصالات Spectrum مع أطراف ثالثة مختلفة ذات صلة بالتحقيقات في لبنان".

وقالت وكالة أسوشييتد برس أنها تركت رسالة لـ TGS على موقعها على الإنترنت، الأربعاء، تطلب تعليقا ولم يتم الرد عليها، على الفور.

وقالت واكيم إن التحقيق المحلي متوقف حاليا بسبب العرقلة، وأن الأدلة الإضافية التي "يمكننا الحصول عليها من خلال هذه القضية ستساعد القضاء في لبنان وخارجه على تحديد الأفراد المسؤولين وبالتالي محاسبة الجناة".

وغرّدت سارة كوبلاند، التي كان نجلها إسحاق أصغر ضحايا الانفجار الذي دمر الميناء وألحق أضرارا بأحياء بيروت بأكملها، أنه "في خطوة إلى الأمام نحو تحقيق العدالة في قضية انفجار بيروت، تم رفع دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد الشركة، التي استأجرت السفينة التي جلبت" المواد إلى بيروت.

وقالت كوبلاند، وهي مواطنة أسترالية، إن ابنها إسحاق كان مواطنا أميركيا، "لذلك انضممنا إلى هذه الدعوى نيابة عنه، ولكن أيضا نيابة عن جميع الضحايا".

واتهم طارق بيطار، القاضي اللبناني الذي يقود التحقيق في بيروت في الانفجار، أربعة من كبار المسؤولين الحكوميين السابقين بالقتل المتعمد والإهمال الذي أدى إلى مقتل عشرات في انفجار الميناء.

ورفع اثنان على الأقل من الوزراء السابقين طعونا قانونية ضد القاضي لإجباره على تعليق عمله منذ أكثر من سبعة أشهر.

ورفض عدد من المسؤولين الخضوع للاستجواب، وسط دعوات من بعض الجماعات، بما في ذلك حزب الله القوي، لإقالة القاضي، متهمة إياه بالتحيز.

وتقول واكيم إن "ذلك يرجع جزئيا إلى أن الضحايا يائسون. لم يستمع أحد إلى أصواتهم. ولم يبق لهم أي موارد في لبنان. والقضاء مكمم تماما"، مضيفا أن الدعوى تخص جميع ضحايا الانفجار.

Aftermath of Israeli strikes on Beirut's southern suburbs
آثار الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان

أثارت كلمة نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، الثلاثاء، تساؤلات بشأن "فصل الربط" بين لبنان وغزة، خاصة وأنه لم يتطرق لشرط الحزب حول الهدنة في القطاع، مقابل وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

ولطالما أكد حزب الله أنه لن يقبل بأي وقف لإطلاق النار، ما لم تكن هناك هدنة في غزة، أولا.

وقال قاسم في خطاب مصور، الثلاثاء، إن "حزب الله يدعم جهود رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار".

وقبل هذا الخطاب كانت هناك مؤشرات من قيادات أخرى، على أن حزب الله قد يغير موقفه.

وقال محمود قماطي القيادي في حزب الله للتلفزيون الرسمي العراقي، الأحد، إن "الجماعة ستكون مستعدة لبدء استكشاف الحلول السياسية، وإنها تأتي بعد وقف العدوان الصهيوني على لبنان"، من دون ذكر غزة.

قال إدوار غابرييل، وهو المدير التنفيذي لمجموعة العمل الأميركي بشأن لبنان في مقابلة مع قناة "الحرة" إن "فصل الربط بين غزة ولبنان، فكرة جيدة وعلامة إيجابية. لكن لن يكون ذلك منطقياً حتى يكون هناك وقف لإطلاق النار".

وتوقع غابرييل أن ترحب إسرائيل بفك الارتباط، لأنهما موضوعان مختلفان وحسابات سياسية مختلفة، على حد قوله.

لكن رضوان عقيل، وهو كاتب وباحث سياسي لبناني، أشار  إلى أن ما قاله نعيم قاسم "ليس بالجديد".

وتابع في مقابلة مع قناة "الحرة" إن "نصر الله، ذكر ذلك سابقاً، لكن الأهم الآن هو وقف إطلاق النار، والحديث عن أي شيء قبل ذلك، لا معنى له".

وأضاف: "وافقت لبنان على هدنة لثلاثة أسابيع، لكن نتنياهو تنصل من هذا الاتفاق، والأميركيون لم يمارسوا عليه الضغط المطلوب لتنفيذها".

وقال سامي أبو زهري القيادي في حركة "حماس" لرويترز إن "أعضاء الحركة لا يزالون واثقين من موقف حزب الله من ربط أي اتفاق بوقف الحرب في غزة".

ونقلت رويترز عن مسؤول في الحكومة اللبنانية "لم تسمه" قوله إن "حزب الله عدل عن موقفه بسبب مجموعة من الضغوط، بما في ذلك النزوح الجماعي للأفراد من الدوائر الانتخابية الرئيسية"، حيث يعيش أنصار الجماعة الشيعية في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.

وفي الأيام القليلة الماضية، دعا مشرعون كبار من الطوائف الأخرى في المشهد السياسي اللبناني إلى إصدار قرار لإنهاء القتال لا يربط مستقبل لبنان بحرب غزة.

وقال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الاثنين: "لن نربط مصيرنا بمصير غزة".

وقال السياسي المسيحي سليمان فرنجية، الحليف المقرب لحزب الله، لصحفيين، الاثنين، إن "الأولوية هي وقف الهجوم الإسرائيلي".

وأضاف: "يجب أن نخرج موحدين في لبنان، والأهم أن يخرج لبنان منتصرا".

ودفع الهجوم الإسرائيلي على حزب الله في لبنان بعض الساسة اللبنانيين إلى القيام بمحاولة جديدة لملء الفراغ الرئاسي المستمر منذ عامين، في محاولة لإحياء الدولة التي تواجه شللا في مختلف مناحي الحياة بينما تئن تحت وطأة الصراع المتصاعد.