مطران كشف أن خمسة أشخاص يوميا في لبنان بسبب حوادث الطرق
مطران قال إن خمسة أشخاص يموتون يوميا في لبنان بسبب حوادث الطرق

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بخبر توقيف الضابط ميشال مطران من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وذلك على خلفية منشور انتقد فيه عمل غرفة التحكم المروري. 

زوجة مطران، جويل باسيل كشفت في تغريدة أنه تم استدعاؤه كالمجرمين، حيث كتبت "تم استدعاء زوجي، ميشال مطران، كالمجرمين الساعة 6 مساء الجمعة وعلى عجل من منزلنا في زحلة بهدف توقيفه! وقد تم توقيفه فعلا من قبل فرع المعلومات لأنه ممتهن ومحترف وبسبب بوست كتبه على مواقع التواصل منذ 6 أيام! ولأنو ما بدكم مين يخبركم عن حرفيته". 

أرفقت باسيل التغريدة بصورة لمنشور زوجها الذي على أساسه تم توقيفه، وجاء فيه "وفاة 5 أشخاص يوميا في بلد عدد سكانه 6 ملايين نسمة يعني أننا نخسر 30 شخص لكل 100 ألف نسمة، مما يعني أننا نتصدر دول العالم في عدد قتلى الصدامات المرورية". 

وأضاف "عندما أسّست حساب غرفة التحكم المروري على تويتر منذ 10 سنوات، كتبت التغريدة الأولى من هاتفي في شهر ديسمبر عام 2013، وكان الهدف ليس تأسيس حساب بل إطلاق "حركية" أو momentum  تدفع نحو دخولنا مرحلة جديدة في قطاع السلامة المرورية تصل بنا إلى صفر قتلى وتضعنا في مصاف الدول المتقدمة". 

وتابع "نجحنا يومها في أمور كثيرة وانتهت التجربة بعد سنتين بخيبة كبيرة، اليوم تحوّل الحساب إلى موقع لنشر وتعداد عدد الجرحى والقتلى يوميا! يعني عاللبناني صار الحساب "ورقة نعوة"، قصة هذا الحساب تشبه واقع البلد بكل تفاصيله". 

استهجان وتوضيح 

وتعليقا على استدعاء مطران كالمجرمين كما وصفت زوجته، شرحت باسيل لموقع "الحرة" أنه "في الأمس تلقى ميشال عدة اتصالات من قبل شعبة المعلومات للحضور بهدف التحقيق معه، سارع إلى هناك، وإذ بدورية مؤلفة من عناصر مسلحة، تقصد منزل والديه الطاعنين بالسن عند الساعة الثامنة مساء، حيث مارست عليهما ضغطا نفسيا للحصول على هواتف مطران ولمعرفة عنوان منزله ورقم هاتفي، كما طلبت مفتاح منزلي". 

في عام 2014 تمت إقالة مطران من رئاسة حساب "غرفة التحكم المروري" على "تويتر"، وذلك بعدما نجح كما قالت زوجته "في ملف السلامة المرورية، بعدها حاول العمل على تأسيس المجلس الوطني للسلامة المرورية، إلا أنه حورب كذلك، ليكلف بعدها من رئاسة الحكومة بشغل مركز أمانة سر المجلس، لكن الحرب عليه استمرت، حيث تمت اقالته من مركزه بقرار غير قانوني". 

منذ سنوات لم يتم تعيين مطران في أي مركز، كما لم تتم ترقيته، بحسب باسيل التي شددت كذلك "جميع زملائه تم فرز سيارة لهم إلا هو، اضافة إلى ذلك يمنع عليه الحصول على مأذونية للسفر، باختصار أقصى أنواع الانتقام والظلم تمارس بحقه، إلى أن وصل الأمر إلى توقيفه بسبب إبداء رأيه بطريقة تقنية بموضوع هو خبير به، لا بل لم يسمح لي بمقابلته بعدما توجهت صباح اليوم لارسال أغراض وأدوية له، حيث أطلعت أنه يحق له التواصل معي عبر الهاتف مرة واحدة في اليوم لمدة تسع دقائق". 

وعن سبب محاربته أجابت "أتمنى لو أعلم، فشخص بكفاءة زوجي حاصل على شهادات محلية ودولية بالسلامة المرورية، ويعتبر مرجعا استشاريا في مختلف الدول العربية، يجب أن تستفيد دولته من خبراته لا أن يحارب ويجري توقيفه". 

توضيحا لتوقيف مطران، شرح مصدر في قوى الأمن الداخلي لموقع "الحرة" أنه يمنع قانونا على عناصر ورتباء وضباط قوى الأمن  كتابة أي منشور ذات طابع سياسي أو ينتقد مؤسسات الدولة، وذلك استنادا إلى المادة 160 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي التي تنص على أنه "لا يحق لرجال قوى الأمن الداخلي في الخدمة الفعلية ولا للاحتياطيين الذين استأنفوا الخدمة تحت طائلة العقوبات التأديبية والجزائية نشر المقالات أو القاء محاضرات أو خطابات أو الادلاء بتصريحات إلى وسائل الاعلام قبل الحصول على اذن مسبق من المدير العام". 

مطران ليس أول ضابط في قوى الأمن يجري توقيفه نتيجة مخالفته قوانين المؤسسة العسكرية، بحسب المصدر "إلا أن أحدا ممن جرى توقيفهم سابقا لم يجاهر بالأمر، كما أن توقيف مطران يأتي بعد تاريخ طويل من مخالفته لقوانين قوى الأمن الداخلي". 

كذلك شدد العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي ناجي ملاعب على ما ورد في المادة 160، مشددا أنه "لا يحق لأي من رجالات قوى الأمن الادلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام من دون إذن مسبق من مدير عام قوى الأمن الداخلي، حيث أن رئيس شعبة العلاقات العامة هو الشخص الوحيد المفوض بالتصريح من دون اذن مسبق". 

كذلك يمنع كما يقول ملاعب لموقع "الحرة" على من هم في الخدمة الفعلية أو الاحتياطين التطرق إلى قضايا تخص المؤسسة العسكرية، أو افشاء سر يمس بأمن الدولة اللبنانية، وعن المقصود بالاحتياطين شرح "خلال خمس سنوات من تقاعد رجال قوى الأمن يمكن أن يتم استدعائهم لمن يرغب منهم إلى الخدمة وذلك في حال فرض وضع البلد ذلك، أي أنهم يبقون من ضمن الاحتياط الأول حتى انتهاء هذه المدة، وطالما لم يتم التحاقهم من جديد يمكن لهم التصريح بما يريدون، لكن في حل التحقوا بالخدمة عندها ينطبق عليهم ما ينطبق على رجالات الخدمة الفعلية". 

تفاعل مع القضية 

دفاعا عن مطران، تم اطلاق هاشتاغ (الحرية لميشال مطران)، ومن بين الذين تفاعلوا مع القضية النائب سليم عون الذي كتب "ما هكذا يعامل رائد في قوى الأمن الداخلي وهو من خيرة الضباط ومن أبرز الناشطين في مجال السلامة المرورية. يا عيب الشوم. الحرية لميشال مطران فورا".

كذلك علّق الخبير في شؤون السلامة المرورية كامل ابراهيم على القضية، حيث كتب في صفحته على "فايسبوك" "وفاة 5 اشخاص في يوم واحد بسبب حوادث السير في لبنان.. خبر عادي يمر عند المسؤولين وقوى الأمن الداخلي. غرفة التحكم المروري كانت خلية نحل ومرجع ومصدر ثقة وتواصل مباشر بين اللبنانيين والإعلاميين بقوى الأمن الداخلي بفضل ضابط كفوء ونشيط ومتخصص، تحولت إلى غرفة متروكة وحساب على مواقع التواصل من دون جدوى مثل النشرة المسائية التي تخبر عن سقوط ضحايا بعدد من الحوادث". 

وأضاف "هذا الضابط الكفوء "غير المنضبط" تم توقيفه في الأمس بسبب منشور على فيسبوك (بالصورة)، منشور علمي يوصّف الواقع وحزين على الوضع الذي وصلنا له بفضل الإهمال وعدم تحمّل المسؤولية. اعتدنا عدم توقع أن تتم محاسبة ضابط أو مسؤول عن تقصيره وإهماله وعدم القيام بوجباته بحماية الناس على الطرقات...لأنه ولا مرة سلامة الناس على الطرقات كانت أولوية عند قوى الأمن الداخلي غير بتقارير إعلامية وبكم حاجز لتطبيق القانون حسب الموسم. لا تخطيط ولا تطبيق قانون وتقاذف مسؤوليات مع إدارات ثانية". 

كما جاء في منشور إبراهيم "رغم كل التقارير الإعلامية والتحقيقات الصحفية والنقاشات في لجنة الأشغال بمجلس النواب من سنة 2012 إلى اليوم، ولا مرة تحركت مؤسسة قوى الأمن لتحسين الواقع المأساوي بملف السلامة المرورية الذي أنا شخصيا قدمت العديد من الاقتراحات... وما انعمل شي، الموضوع ليست قصة تغريدة أو مخالفة مسلكية، الموضوع الأساسي يتعلق باستهتار المؤسسات بسلامتنا على الطريق وعدم القيام بواجباتها". 

وختم "(انجاز) مهم هذا التوقيف في بلد ينهار، بدل تحمّل المسؤوليات وتطبيق الخطط ورسم الأهداف الواضحة لحماية الناس في ظل وضع البلد المزري والاستفادة من الخبرات والدراسات الموجودة في ظل الامكانات المتواضعة، من غير المسموح أن تبقى سلامة الناس على الطريق قضية ثانوية، سلامة الناس قضية "نضال مستمر" لا تقف عند توقيف ميشال مطران". 

وأبدى الكاتب والمخرج المسرحي والسينمائي، لوسيان بورجيلي رأيه كذلك من خلال تغريدة جاء فيها "في لبنان: الذي يواجه الفشل والفساد ويرفع الصوت في وجه استهتار وسوء إدارة السلطة القاتلة (وكل أركانها)، بينسحب من بيتو وبينحبس… وبالمقابل، المسؤول الذي يسرق وينهب ويتسبب بالموت والدمار والانهيار؟ يبقى في مركزه وقصره: معزز ومكرم". 

العميد المتقاعد ملاعب رفض الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي التي وضعت توقيف مطران في خانة "كم الأفواه"، شارحا العقوبات التي تطال كل من يخالف المادة 160 بالقول "الأمر يتوقف على نوع المخالفة، فهناك عقوبات تأديبية مسلكية وأخرى جزائية، ففي حالة كتابة منشور للمرة الأولى يعاقب رجل الأمن بالتوقيف مدة عشرة أيام يمضيها في منزله، وإذ شددت العقوبة قد يتم ايقافه في نظارة تابعة لقوى الأمن حيث يسمح له الخروج لساعة واحدة فقط يوميا". 

أما إذا كان الفعل المرتكب شائنا كافشاء سر يمس بالدولة، عندها كما يقول ملاعب "يتم التحقيق مع رجل الأمن من قبل قاضي التحقيق، على أن يتخذ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الإجراء المناسب، وإذا صدر الحكم عليه لمدة تزيد عن شهر يحول إلى المجلس التأديبي حيث قد تكسر رتبته العسكرية أو يتم طرده من السلك".

لبنان وحماس

في حدث معبر وغير مسبوق، أظهرت الدولة اللبنانية صلابة في موقفها، وأجبرت حركة حماس، التي طالما استخفت بالسيادة اللبنانية، على الانصياع.

بعد تحذير حازم، من مجلس الدفاع الوطني اللبناني، سلمت حماس عددا من المطلوبين بتهمة إطلاق صواريخ من جنوب لبنان نحو إسرائيل، وهو تصعيد لم تكن الدولة اللبنانية لتواجهه بردع مباشر في السابق، إذ غالبا ما كانت تتم معالجة خروقات كهذه ضمن تفاهمات خلف الكواليس، خصوصا بوجود غطاء سياسي لحماس في لبنان من حزب الله. 

لكن هذه المرة، بدا الأمر مختلفا تماما.

الرسالة كانت واضحة: لم يعد بإمكان أي جهة أن تتصرف خارج سلطة الدولة اللبنانية.

استعادة السيادة

في أبريل الماضي، أعلن الجيش اللبناني ضبط عدة صواريخ ومنصات إطلاق واعتقل عددا من الأشخاص في جنوب لبنان، وقال إن التحقيقات جارية تحت إشراف القضاء.

حماس، التي اعتادت التلاعب بالسيادة اللبنانية مسنودة بتحالفاتها الإقليمية وصلاتها بحزب الله، وجدت نفسها الآن مجبرة على تسليم المطلوبين، في خطوة تعكس هشاشة موقفها وانحسار الدعم الذي طالما استفادت منه.

هذه الاستجابة السريعة تأتي بعد الهزيمة العسكرية التي تعرضت لها الحركة في غزة خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل. فبينما تكبدت حماس خسائر فادحة، أظهرت التطورات الميدانية في لبنان تراجعا واضحا في تأثيرها ونفوذها.

فهل نحن أمام إعادة صياغة لدور حماس في لبنان؟ أم أن الحركة تسعى لتجنب مواجهة جديدة قد تكون مكلفة في ظل تغير الموازين السياسية والأمنية في المنطقة؟

نقطة التحول المفصلية

أصبحت بيروت منذ عام 2019 حاضنة رئيسية لقيادات حماس ومحطة مهمة لوجودها السياسي والأمني، كما ذكر مركز "كارنيغي".

ولا شك أن اللحظة التي أُعلنت فيها استراتيجية "وحدة الساحات" 

وقبل هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023 وتشكيل غرفة عمليات مشتركة في الضاحية الجنوبية لـ"محور الساحات،" أعلنت حماس وحزب الله استراتيجية "وحدة الساحات".

وبدت تلك اللحظة وكأنها "تمهيد لانقلاب شامل على الوضع اللبناني ومحاولة لفرض سيطرة محور الممانعة على كامل الأراضي اللبنانية وعلى جميع القوى السياسية دون استثناء مع بروز دور حركة حماس كعامل فلسطيني رديف لحزب الله في لبنان".

نشاط حماس في لبنان "يتعارض مع السياسة الرسمية الفلسطينية في التعاطي مع الشأن اللبناني"، يقول مدير مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية الباحث الفلسطيني، هشام دبسي لموقع "الحرة".

وتبنت حماس إطلاق صواريخ من لبنان خلال المواجهة التي بدأها حزب الله ضد إسرائيل عام 2023 على خلفية الحرب في قطاع غزة، لكن التطورات الميدانية وعمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل قلبت المشهد رأساً على عقب".

وجاءت "تداعيات الضربات الإسرائيلية على حزب الله ومحور الممانعة في لبنان قاسية ليس فقط على حركة حماس بل على حزب الله ذاته"، يقول دبسي لموقع "الحرة".

وشكّلت عملية اغتيال نائب رئيس مكتب حماس السياسي، صالح العاروري في لبنان في يناير 2024، وفق ما يقوله دبسي "نقطة تحول رئيسية في مسار حركة حماس التي كانت تعيش حالة من الصعود على المستويين الفلسطيني واللبناني".

ويتابع "لكن نتائج الحرب الأخيرة وضعت الحركة في مأزق تحالفها مع حزب الله إذ لم تعد قادرة على فك ارتباطها بهذا التحالف كما لا تستطيع اتخاذ خطوة تراجع منهجية تقتضي بتسليم سلاحها للدولة اللبنانية والالتزام بالشرعية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير وسفارة فلسطين في لبنان".

يذكر أن العاروري، قتل مع اثنين من قادة الجناح العسكري للحركة، في ضربة إسرائيلية استهدفت مكتبا للحركة في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، أحد معاقل جماعة حزب الله اللبنانية.

رسالة واضحة

حذّر مجلس الدفاع الوطني اللبناني حماس من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي اللبناني تحت طائلة اتخاذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية.

يتجلى في خطوة المجلس هذه بعدان أساسيان، يشرحهما دبسي "الأول هو انقلاب موازين القوى الداخلية لصالح الدولة اللبنانية في مواجهة سلاح الميليشيات حيث يعكس هذا التحرك تحولاً نوعياً نحو تعزيز سيطرة الدولة على السلاح وتقليص نفوذ الجماعات المسلحة".

الثاني "هو ترجمة خطاب القسم الرئاسي والبيان الوزاري إلى خطوات عملية تهدف إلى حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وفي هذا الإطار جاء إطلاق مجموعة من حركة حماس صواريخ من الأراضي اللبنانية نحو إسرائيل ليشكل اختباراً لمدى جدية العهد الجديد في فرض سيادة الدولة وقد كان الرد الإسرائيلي العنيف بمثابة إنذار لما قد تترتب عليه مثل هذه العمليات من تداعيات خطيرة".

وبالتالي فإن الدولة اللبنانية بسياساتها الجديدة لا يمكنها وفق ما يشدد دبسي "التغاضي عن هذه التطورات أو التعامل معها كما كان يحدث في السابق، بل على العكس جاء توجيه الإنذار لحركة حماس كرسالة واضحة بأن قرار السلاح والسيادة بات في يد الدولة اللبنانية ولن يُسمح لأي طرف بتجاوزه".

وفي ما يتعلق بتقييم استجابة حركة حماس لطلب تسليم المطلوبين، يرى دبسي أن الحركة "في البداية كانت مترددة وحاولت الاعتماد على علاقاتها التقليدية مع حزب الله وباقي قوى محور الممانعة في لبنان لكن مع إدراكها أن حزب الله لن يقدم لها الدعم ولن تستطيع الاحتماء بمظلته أو بمظلة أي من القوى اللبنانية الأخرى لم يبق أمامها سوى خيارين إما تسليم العناصر المطلوبة للدولة اللبنانية أو مواجهة الدولة دون أي غطاء لبناني داخلي ودون أي غطاء فلسطيني أيضاً".

ويشير دبسي إلى "أن منظمة التحرير الفلسطينية طالبت حماس مرارا بتسليم المطلوبين وعدم استخدام الأراضي اللبنانية لإطلاق الصواريخ حتى لا تعرض مجتمع اللاجئين الفلسطينيين لردود الفعل الإسرائيلية".

وبناء على ذلك اضطرت حركة حماس "في نهاية المطاف للاستجابة لمطلب الدولة اللبنانية كخيار إجباري لا مفر منه".

تصدّع التحالف

كشفت التطورات الأخيرة عمق الخلافات والتباينات الميدانية بين حماس وحزب الله، إذ لم يعد أي منهما قادراً على مساندة الآخر في ظل الظروف الراهنة، بحسب ما يرى دبسي.

ويشرح أن "حزب الله الذي أعلن التزامه بموقف الدولة اللبنانية لم يعد قادراً على تقديم الغطاء لحماس أو حمايتها، ما يعكس حالة من التباعد بين الطرفين، خاصة وأن حزب الله يشعر بأن حماس قد خدعته بعملية 'طوفان الأقصى'، إذ لم تنسق العملية معه ولم تُعلمه بموعدها مسبقاً".

في المقابل، "تشعر حماس بأن حزب الله لم يكن وفياً بما يكفي في دعمه للحالة الفلسطينية ولم يلتزم بتعهداته كما تتصور الحركة. وهكذا، باتت العلاقة بين الطرفين أقرب إلى تبادل الاتهامات وتحميل المسؤولية؛ فحزب الله يلقي اللوم على حماس بسبب التصعيد الميداني غير المنسق، بينما ترى حماس أن حزب الله استخدم إطلاق النار من لبنان كغطاء دون التشاور معها".

في ظل هذه التوترات، عادت قضية سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات إلى الواجهة، وسط توقعات بإعلان الدولة اللبنانية عن خريطة طريق واضحة لتنفيذ هذه الخطوة، وفقاً لدبسي.

يُذكر أن ملف السلاح الفلسطيني في لبنان ينقسم إلى محورين: السلاح داخل المخيمات وخارجها. وقد أنجز ملف السلاح خارج المخيمات بالكامل، بينما يجري العمل حالياً لضبط السلاح داخل المخيمات.

وتندرج هذه القضية ضمن إطار القرار 1559 الصادر عام 2003، والذي ينص على نزع سلاح الميليشيات والقوى الأجنبية غير اللبنانية، بما فيها السلاح الفلسطيني.

يشير دبسي إلى أن "الشرعية الفلسطينية سبق أن أعلنت دعمها لتطبيق القرارين 1559 و1701، وأبدت استعدادها للتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية لتنظيم الوجود المسلح داخل المخيمات وخارجها".

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أكد خلال زيارته السابقة إلى قصر بعبدا في عهد الرئيس ميشال سليمان على تسهيل عمل الحكومة اللبنانية في إنهاء هذا الملف، لكن التطبيق تعثر بفعل هيمنة "محور الممانعة".

وفي هذا السياق، تتجه الأنظار إلى زيارة عباس المرتقبة إلى لبنان في 21 مايو، "حيث يتوقع أن تحمل مؤشرات حول كيفية تنفيذ المبادرة السياسية والأمنية المتعلقة بسحب السلاح من المخيمات بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية"، وفقاً لدبسي.