ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بخبر توقيف الضابط ميشال مطران من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وذلك على خلفية منشور انتقد فيه عمل غرفة التحكم المروري.
زوجة مطران، جويل باسيل كشفت في تغريدة أنه تم استدعاؤه كالمجرمين، حيث كتبت "تم استدعاء زوجي، ميشال مطران، كالمجرمين الساعة 6 مساء الجمعة وعلى عجل من منزلنا في زحلة بهدف توقيفه! وقد تم توقيفه فعلا من قبل فرع المعلومات لأنه ممتهن ومحترف وبسبب بوست كتبه على مواقع التواصل منذ 6 أيام! ولأنو ما بدكم مين يخبركم عن حرفيته".
فرع المعلومات اعتقل ميشال مطران ليل أمس بسبب هالتغريدة لأنو ما في اي جهاز او سياسي او حزب بيقبل يسمع الحقيقة ولأنو بدلا من السهر عالسلامة المرورية وأمن الناس، سهرانين عتويتر يراقبوا شو عم ينكتب ويحرصوا على كم أفواه يلي هدفهم يصلحوا بهالبلد #الحرية_لميشال_مطران@MichelMoutran pic.twitter.com/j2FqBJ9BT5
— Roula Ibrahim (@roulaibrahim) July 16, 2022
أرفقت باسيل التغريدة بصورة لمنشور زوجها الذي على أساسه تم توقيفه، وجاء فيه "وفاة 5 أشخاص يوميا في بلد عدد سكانه 6 ملايين نسمة يعني أننا نخسر 30 شخص لكل 100 ألف نسمة، مما يعني أننا نتصدر دول العالم في عدد قتلى الصدامات المرورية".
وأضاف "عندما أسّست حساب غرفة التحكم المروري على تويتر منذ 10 سنوات، كتبت التغريدة الأولى من هاتفي في شهر ديسمبر عام 2013، وكان الهدف ليس تأسيس حساب بل إطلاق "حركية" أو momentum تدفع نحو دخولنا مرحلة جديدة في قطاع السلامة المرورية تصل بنا إلى صفر قتلى وتضعنا في مصاف الدول المتقدمة".
وتابع "نجحنا يومها في أمور كثيرة وانتهت التجربة بعد سنتين بخيبة كبيرة، اليوم تحوّل الحساب إلى موقع لنشر وتعداد عدد الجرحى والقتلى يوميا! يعني عاللبناني صار الحساب "ورقة نعوة"، قصة هذا الحساب تشبه واقع البلد بكل تفاصيله".
استهجان وتوضيح
وتعليقا على استدعاء مطران كالمجرمين كما وصفت زوجته، شرحت باسيل لموقع "الحرة" أنه "في الأمس تلقى ميشال عدة اتصالات من قبل شعبة المعلومات للحضور بهدف التحقيق معه، سارع إلى هناك، وإذ بدورية مؤلفة من عناصر مسلحة، تقصد منزل والديه الطاعنين بالسن عند الساعة الثامنة مساء، حيث مارست عليهما ضغطا نفسيا للحصول على هواتف مطران ولمعرفة عنوان منزله ورقم هاتفي، كما طلبت مفتاح منزلي".
في عام 2014 تمت إقالة مطران من رئاسة حساب "غرفة التحكم المروري" على "تويتر"، وذلك بعدما نجح كما قالت زوجته "في ملف السلامة المرورية، بعدها حاول العمل على تأسيس المجلس الوطني للسلامة المرورية، إلا أنه حورب كذلك، ليكلف بعدها من رئاسة الحكومة بشغل مركز أمانة سر المجلس، لكن الحرب عليه استمرت، حيث تمت اقالته من مركزه بقرار غير قانوني".
منذ سنوات لم يتم تعيين مطران في أي مركز، كما لم تتم ترقيته، بحسب باسيل التي شددت كذلك "جميع زملائه تم فرز سيارة لهم إلا هو، اضافة إلى ذلك يمنع عليه الحصول على مأذونية للسفر، باختصار أقصى أنواع الانتقام والظلم تمارس بحقه، إلى أن وصل الأمر إلى توقيفه بسبب إبداء رأيه بطريقة تقنية بموضوع هو خبير به، لا بل لم يسمح لي بمقابلته بعدما توجهت صباح اليوم لارسال أغراض وأدوية له، حيث أطلعت أنه يحق له التواصل معي عبر الهاتف مرة واحدة في اليوم لمدة تسع دقائق".
وعن سبب محاربته أجابت "أتمنى لو أعلم، فشخص بكفاءة زوجي حاصل على شهادات محلية ودولية بالسلامة المرورية، ويعتبر مرجعا استشاريا في مختلف الدول العربية، يجب أن تستفيد دولته من خبراته لا أن يحارب ويجري توقيفه".
توضيحا لتوقيف مطران، شرح مصدر في قوى الأمن الداخلي لموقع "الحرة" أنه يمنع قانونا على عناصر ورتباء وضباط قوى الأمن كتابة أي منشور ذات طابع سياسي أو ينتقد مؤسسات الدولة، وذلك استنادا إلى المادة 160 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي التي تنص على أنه "لا يحق لرجال قوى الأمن الداخلي في الخدمة الفعلية ولا للاحتياطيين الذين استأنفوا الخدمة تحت طائلة العقوبات التأديبية والجزائية نشر المقالات أو القاء محاضرات أو خطابات أو الادلاء بتصريحات إلى وسائل الاعلام قبل الحصول على اذن مسبق من المدير العام".
مطران ليس أول ضابط في قوى الأمن يجري توقيفه نتيجة مخالفته قوانين المؤسسة العسكرية، بحسب المصدر "إلا أن أحدا ممن جرى توقيفهم سابقا لم يجاهر بالأمر، كما أن توقيف مطران يأتي بعد تاريخ طويل من مخالفته لقوانين قوى الأمن الداخلي".
كذلك شدد العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي ناجي ملاعب على ما ورد في المادة 160، مشددا أنه "لا يحق لأي من رجالات قوى الأمن الادلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام من دون إذن مسبق من مدير عام قوى الأمن الداخلي، حيث أن رئيس شعبة العلاقات العامة هو الشخص الوحيد المفوض بالتصريح من دون اذن مسبق".
كذلك يمنع كما يقول ملاعب لموقع "الحرة" على من هم في الخدمة الفعلية أو الاحتياطين التطرق إلى قضايا تخص المؤسسة العسكرية، أو افشاء سر يمس بأمن الدولة اللبنانية، وعن المقصود بالاحتياطين شرح "خلال خمس سنوات من تقاعد رجال قوى الأمن يمكن أن يتم استدعائهم لمن يرغب منهم إلى الخدمة وذلك في حال فرض وضع البلد ذلك، أي أنهم يبقون من ضمن الاحتياط الأول حتى انتهاء هذه المدة، وطالما لم يتم التحاقهم من جديد يمكن لهم التصريح بما يريدون، لكن في حل التحقوا بالخدمة عندها ينطبق عليهم ما ينطبق على رجالات الخدمة الفعلية".
تفاعل مع القضية
دفاعا عن مطران، تم اطلاق هاشتاغ (الحرية لميشال مطران)، ومن بين الذين تفاعلوا مع القضية النائب سليم عون الذي كتب "ما هكذا يعامل رائد في قوى الأمن الداخلي وهو من خيرة الضباط ومن أبرز الناشطين في مجال السلامة المرورية. يا عيب الشوم. الحرية لميشال مطران فورا".
كذلك علّق الخبير في شؤون السلامة المرورية كامل ابراهيم على القضية، حيث كتب في صفحته على "فايسبوك" "وفاة 5 اشخاص في يوم واحد بسبب حوادث السير في لبنان.. خبر عادي يمر عند المسؤولين وقوى الأمن الداخلي. غرفة التحكم المروري كانت خلية نحل ومرجع ومصدر ثقة وتواصل مباشر بين اللبنانيين والإعلاميين بقوى الأمن الداخلي بفضل ضابط كفوء ونشيط ومتخصص، تحولت إلى غرفة متروكة وحساب على مواقع التواصل من دون جدوى مثل النشرة المسائية التي تخبر عن سقوط ضحايا بعدد من الحوادث".
وأضاف "هذا الضابط الكفوء "غير المنضبط" تم توقيفه في الأمس بسبب منشور على فيسبوك (بالصورة)، منشور علمي يوصّف الواقع وحزين على الوضع الذي وصلنا له بفضل الإهمال وعدم تحمّل المسؤولية. اعتدنا عدم توقع أن تتم محاسبة ضابط أو مسؤول عن تقصيره وإهماله وعدم القيام بوجباته بحماية الناس على الطرقات...لأنه ولا مرة سلامة الناس على الطرقات كانت أولوية عند قوى الأمن الداخلي غير بتقارير إعلامية وبكم حاجز لتطبيق القانون حسب الموسم. لا تخطيط ولا تطبيق قانون وتقاذف مسؤوليات مع إدارات ثانية".
كما جاء في منشور إبراهيم "رغم كل التقارير الإعلامية والتحقيقات الصحفية والنقاشات في لجنة الأشغال بمجلس النواب من سنة 2012 إلى اليوم، ولا مرة تحركت مؤسسة قوى الأمن لتحسين الواقع المأساوي بملف السلامة المرورية الذي أنا شخصيا قدمت العديد من الاقتراحات... وما انعمل شي، الموضوع ليست قصة تغريدة أو مخالفة مسلكية، الموضوع الأساسي يتعلق باستهتار المؤسسات بسلامتنا على الطريق وعدم القيام بواجباتها".
وختم "(انجاز) مهم هذا التوقيف في بلد ينهار، بدل تحمّل المسؤوليات وتطبيق الخطط ورسم الأهداف الواضحة لحماية الناس في ظل وضع البلد المزري والاستفادة من الخبرات والدراسات الموجودة في ظل الامكانات المتواضعة، من غير المسموح أن تبقى سلامة الناس على الطريق قضية ثانوية، سلامة الناس قضية "نضال مستمر" لا تقف عند توقيف ميشال مطران".
وأبدى الكاتب والمخرج المسرحي والسينمائي، لوسيان بورجيلي رأيه كذلك من خلال تغريدة جاء فيها "في لبنان: الذي يواجه الفشل والفساد ويرفع الصوت في وجه استهتار وسوء إدارة السلطة القاتلة (وكل أركانها)، بينسحب من بيتو وبينحبس… وبالمقابل، المسؤول الذي يسرق وينهب ويتسبب بالموت والدمار والانهيار؟ يبقى في مركزه وقصره: معزز ومكرم".
العميد المتقاعد ملاعب رفض الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي التي وضعت توقيف مطران في خانة "كم الأفواه"، شارحا العقوبات التي تطال كل من يخالف المادة 160 بالقول "الأمر يتوقف على نوع المخالفة، فهناك عقوبات تأديبية مسلكية وأخرى جزائية، ففي حالة كتابة منشور للمرة الأولى يعاقب رجل الأمن بالتوقيف مدة عشرة أيام يمضيها في منزله، وإذ شددت العقوبة قد يتم ايقافه في نظارة تابعة لقوى الأمن حيث يسمح له الخروج لساعة واحدة فقط يوميا".
أما إذا كان الفعل المرتكب شائنا كافشاء سر يمس بالدولة، عندها كما يقول ملاعب "يتم التحقيق مع رجل الأمن من قبل قاضي التحقيق، على أن يتخذ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الإجراء المناسب، وإذا صدر الحكم عليه لمدة تزيد عن شهر يحول إلى المجلس التأديبي حيث قد تكسر رتبته العسكرية أو يتم طرده من السلك".