رايات حزب الله في بيروت
رايات حزب الله في بيروت

تمر الذكرى السادسة عشر لـ"حرب تموز"، (يوليو 2006)، بين لبنان وإسرائيل، فيما يقف البلدان عند أعلى مستوى تصعيد عسكري بينهما منذ ذلك الحين.

غاز البحر المتوسط أشعل نيران الخلاف الحدودي بين الطرفين، ووضعهما في سباق مع الوقت، باتت حدوده "أسابيع معدودة"، لحل النزاع بالمفاوضات، التي ترعاها الولايات المتحدة، قبل الدخول في مواجهة عسكرية.

كان ذلك، فحوى تهديدات "حزب الله"، التي أطلقها زعيمه حسن نصر الله قبل أيام، مطالباً بحسم المفاوضات وبدء عمل شركات التنقيب قبل شهر سبتمبر المقبل، وهو الموعد الذي قدمته إسرائيل للبدء باستخراج الغاز من منطقتها الاقتصادية البحرية، بغض النظر عن حسم النزاع الحدودي مع لبنان.

كما هدد نصر الله بمنع استخراج الغاز أو بيعه من كل إسرائيل "في حال مُنع لبنان من الاستفادة من ثروته النفطية".

جاء ذلك بعد تصعيد عسكري لافت من "حزب الله"، تمثل في إرسال 3 طائرات استطلاع مسيرة، فوق ما يسمى بـ "حقل كاريش" للغاز، الذي تؤكد إسرائيل أنه يقع ضمن منطقتها الاقتصادية البحرية، فيما يعتبر لبنان أن جزءاً منه يقع ضمن حدوده البحرية، ويطالب مقابل التخلي عنه، تخلي إسرائيل عن حقل آخر متنازع عليه يسمى "حقل قانا".

أسقطت إسرائيل مسيرات "حزب الله"، ورفعت من نبرة تهديداتها في وجهه معلنة الجاهزيو للرد على أي تصعيد، فيما بات إطلاق واسقاط الطائرات المسيرة حدثاً شبه يومي في المنطقة الحدودية الفاصلة بينهما، مما ينذر بتدحرج للأمور، قد يفتح حرباً شاملة، لم يخفِ نصر الله نيته بشنها في الفترة المقبلة، إن لم تحسم القضية.

وعلى ما يبدو أن إسرائيل تطالب بالحسم أيضاً، لاسيما رئيس وزرائها الجديد يائير لابيد، الذي نقل الإعلام المحلي الإسرائيلي مطالبته الوسيط الأميركي في الملف، آموس هوكستين، السعي للتوصل إلى اتفاق "في أقرب وقت ممكن" تفادياً لمواجهة شاملة مع "حزب الله"، وذلك خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل، حيث كان هوكستين ضمن الوفد المرافق.

لكن، وفي المقابل، حافظ الطرفان على وتيرة تصاعدية في التهديدات، مترافقة مع مواجهات غير تقليدية، تخاض إما إلكترونياً عبر الهجمات المتبادلة، وإما عن بعد على شكل المسيرات والأنفاق، أو في ساحات أبعد كالأراضي السورية، مما يزيد من أخطار انتقال المواجهة إلى أراضي الطرفين.

الطلقة الأولى

يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث، العميد الركن هشام جابر، أن احتمالات نشوب الحرب مستبعدة جداً، "إنما تبقى احتمالا وارداً دائما، لأن أحداً لا يعرف كيف تنطلق الشرارة"، لكن بيت القصيد في الحرب المحتملة بين حزب الله وإسرائيل، بحسب جابر، هو "من سيقوم بالضربة الأولى؟"

يري الخبير العسكري، في حديثه لموقع "الحرة"، أن حرباً محتملة من هذا النوع سيكون لها تداعيات خطيرة على الطرفين في الداخل والخارج، ومن سيقوم بالضربة الأولى، سيتحمّل كل تداعياتها الداخلية في بلده.

"نتحدث عن دمار كبير لا يشبه أي ما شهدناه في المرات السابقة"، يضيف جابر، "لذلك فإن كل طرف لديه هاجس من تحمل هذه المسؤولية، تجاه الداخل وتجاه المجتمع الدولي وأمام القانون الدولي، إذ أنه دائما ما يصنف من يقوم بالضربة الأولى على أنه المعتدي، في حين أن من يقوم بالرد على الضربة الأولى يكون في موقع الدفاع عن النفس."

ليس من مصلحة "حزب الله" أبدا إطلاق الصاروخ الأول، بحسب جابر، "إلا إذا أرادت إيران ذلك، وهذا برأيي أيضا مستبعد، فالشعب اللبناني لن يكون معه وسيخسر تأييد فئة كبيرة من اللبنانيين لا يزالون يناصرونه، لكنه إذا رد على اعتداء إسرائيلي، سيخرج حينها بصورة المدافع عن لبنان وبنيته التحتية وثرواته."

وفي المقابل لا يبدو أن هناك نية لدى إسرائيل في ابتداء حرب، وهو ما يظهر في طبيعة تصريحات قادته العسكريين والسياسيين، ففي جولة لرئيس الوزراء الإسرائيلي على الحدود الشمالية مع لبنان، بعد واقعة المسيرات، أشار في تصريح له إلى أن "إسرائيل مستعدة وجاهزة للتصرف ضد أي تهديد"، لافتا إلى أن بلاده "لا تسعى لمواجهة، لكن من يحاول المساس بسيادتنا أو بمواطني إسرائيل سيكتشف بسرعة أنه ارتكب خطأ فادحا".

من جهته، وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، وفي تصريح له على مواقع التواصل الاجتماعي، قال إن "دولة لبنان وقادتها، يدركون جيدا أنهم إذا اختاروا طريق النار، فسيحترقون بشدة ويتضررون"، مؤكداً أن "إسرائيل مستعدة لبذل الكثير لجعل جيرانها يزدهرون ومستعدة للعمل طوال الوقت لحماية مواطنيها"، مضيفاً: "نحن جاهزون بكل الأبعاد - في الجو، والبحر، والبر، وفي الحرب الإلكترونية"، مشدداً على أن "عدوان حزب الله غير مقبول ويمكن أن يقود المنطقة بأسرها إلى تصعيد غير ضروري."

ينقل جابر عن الصحافة الإسرائيلية، حديث بشأن استبعاد قيام حرب تقليدية، ولكن الخشية، بحسب الخبير العسكري، "من حرب مسيرات مضبوطة القواعد، لضرب أهداف حساسة لدى الطرفين، وهنا يصبح احتمال التدحرج إلى حرب واسعة أكبر بكثير."

"التفافة حزب الله"

وكانت السلطات اللبنانية قد دعت في يونيو الماضي الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، للمجيء الى بيروت، غداة إرسال إسرائيل سفينة إنتاج وتخزين ستعمل على استخراج الغاز من حقل كاريش، وذلك بهدف البحث في استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، التي كانت قد انطلقت عام 2020 وتوقفت في مايو 2021، إثر تمدد الخلاف على المناطق المتنازع عليها.

ومثلت تصعيدات حزب الله الأخيرة، وتهديدات نصر الله بمواجهة عسكرية، التفافاً في موقفه الذي كان قد سبق اتخذه في الفترة الماضية، معلنا "وقوفه خلف الدولة اللبنانية" في موقفها من المفاوضات الجارية، حيث عاد نصر الله واعتبر أنه "أسيء فهم كلامه" ، معتبراً أن حزبه لن يتردد في فعل ما يرى أنه يحقق مصلحة لبنان "ويدعم موقف المفاوض اللبناني".

في هذا السياق يقول الكاتب والباحث السياسي، غسان جواد، أن "حزب الله" لا يزال في موضوع الترسيم خلف الدولة اللبنانية، فإذا ما قررت الدولة اللبنانية تبني أي خط للترسيم سيكون خلفها، "ولكن الطائرات المسيرة جاءت في سياق دعم المفاوضات وإعطاءها الزخم المطلوب وليست متعلق بملف الترسيم نفسه، ومن أجل إيجاد توازن حقيقي مقابل الوساطة الأميركي التي تتبنى انحيازاً واضحاً إلى جانب إسرائيل"، بحسب جواد.

من جهة أخرى، يرى النائب اللبناني أشرف ريفي أن التحول الذي حصل "هو في الموقف الإيراني، بعد فشل مفاوضات فيينا، وفشل لقاء الدوحة، وبالتالي أراد الإيراني إيصال رسالة للجانب الأميركي مفادها أنه قادر على المشاغبة عليه في المنطقة، لأخذ مصالحه بعين الاعتبار، في حين أن حزب الله مجرد منفذ للأجندة الإيرانية مع الأسف، غير مقرر، وفي آخر اعتباراته المصلحة اللبنانية."

ويصف ريفي في حديثه لموقع "الحرة" دعاية "حزب الله" بأنها " مجرد تبرير"، معتبرا أن "الناس ليست غبية لتصدق، كان يكفي أن يلتزم بوقوفه خلف الدولة اللبنانية، وهو بالفعل مشارك بالاتفاق، وكلنا نعرف أن أحدا لا يتجرأ على تقديم أي موافقة في ملف ترسيم الحدود دون العودة إلى حزب الله، لكن تغيير موقفه ناتج عن خدمته للأجندة الإيرانية."

بدوره، يذهب العميد اللبناني المتقاعد يعرب صخر إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن التجارب والممارسات أثبتت منذ العام 2000 حتى الآن، وتجلت عام 2006، "ان ممارسات حزب الله لم تكن يوماً لخدمة الشأن اللبناني، بل كانت دائما تنفيذا لأجندة إيرانية ورغبات إيرانية، وبالتالي عندما يتأزم وضع إيران، يكلف حزب الله في لبنان، كما يكلف غيره في اليمن والعراق وسوريا، من القوى العابرة لأوطانها، أن يشعلوا جبهات معينة لتوفر لإيران أوراق تفاوضية إن كان في اتفاق فيينا أو إن كان في القمم المختلفة أو في توجهها نحو الغرب لفرض نفسها لاعب أساسي في مجمل الشرق الأوسط."

ويلفت في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن إسرائيل أنهت الاستكشاف ودخلت مرحلة الاستخراج، فيما لبنان لم ينهِ الاستكشاف ويلزمه نحو 10 سنوات على الأقل، للبدء باستخراج النفط والغاز، "وبالتالي هذه التهديدات شعبوية وتهويليه ودعائية فقط، لخدمة موقف إيران، وتثبيت سيطرة حزب الله في لبنان، لاسيما على قرارات السلم والحرب والسياسة الخارجية للدولة."

ما علاقة روسيا؟

وخلق تبدل موقف حزب الله واتجاهه نحو التصعيد، تساؤلات بشأن الهدف الحقيقي حلف هذا التصعيد وتوقيته، لاسيما وأنه أتى بالتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، وقمتي جدة وطهران، الأمر الذي أوحى بأبعاد إقليمية للتصعيد، تتخطى الاعتبارات اللبنانية الداخلية ومصلحة البلاد.

يشرح صخر أنه، وبعد الحرب في أوكرانيا، عاد الشرق الأوسط ليشكل الاهتمام العالمي، "وهو متمثل بهاجس الطاقة لأنه يؤمن للغرب بديلاً عن انقطاع الطاقة من روسيا، خصوصاً أن روسيا ماضية حتى النهاية في حربها، والغرب في المقابل ماض في المقاطعة والعقوبات إلى النهاية، ليصبح الشرق الأوسط هو الحاضر الأساسي في كل الجيو-استراتيجيا العالمية."

ويرى أنه فيما عقد مؤتمر جدة "للتكتل بشأن تأمين امدادات الطاقة إلى أوروبا، ولتشكيل حلف شرق أوسطي عربي غربي، ليس فقط في وجه إيران، بل أيضا في وجه التوسع الروسي وامتداداته وتحالفاته"، أتت قمة طهران، لتشكل حلفاً مقابلاً، "ومن هنا يفهم تصعيد حزب الله، الذي جاء بإشارة إيرانية لخلق أجواء متوترة بهدف إيصال رسالتين، أولاً للقول أن إيران لا زالت هنا، ثانيا إن لم يكن هناك غاز ونفط من إيران، فلا غاز ولا نفط لا من لبنان ولا من إسرائيل."

من ناحيته، لا يغفل جواد صورة قمة طهران وقمة جدة من المشهد، "وقبلهما صورة الناتو، العالم ينقسم مجدداً بين شرق وغرب، وهناك فرز جدي، الروسي بالتأكيد يستفيد من موقف حزب الله اليوم، ولكن هل هذا يعني أن الموقف منسق؟ بالتأكيد لا، لأن حزب الله بالعمق يخوض معركة وطنية لتحصيل مكتسبات للبنان."

ويضيف أن "حزب الله يرى بموضوع الثروة النفطية لاسيما مع التحولات الإقليمية والعالمية وبعد الحرب في أوكرانيا، وفيما أوروبا على أبواب الشتاء، أن لبنان أمام فرصة تاريخية، لذا فإنه يطرح أوراق قوته، للضغط على الأميركيين لتخفيف الحصار، غير المعلن بشكل مباشر، على لبنان وتقديم تنازلات جوهرية."

 هل يحتمل لبنان؟

كان نصر الله واضحاً بكلامه الأخير أنه "لا ينتظر إجماعاً وطنياً" بشأن تصعيده وخطواته، على الرغم من أن هاجس الحرب يؤرق سكان البلاد التي تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها تركت تداعيات كبيرة على الجانب الاجتماعي، في ظل انقسام سياسي حاد بين المكونات اللبنانية، وجعلت نحو 80% من الشعب اللبناني في فقر متعدد الأوجه، وسط انهيار دراماتيكي لمؤسسات الدولة اللبنانية وحضورها.

وفي هذا السياق يشير ريفي، الذي كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي اللبناني برتبة لواء، إلى أنه ما من حرب تخاض بالقواعد العسكرية، دون أن يؤمن كل طرف لنفسه الإخلاء الصحي وجاهزية المستشفيات أو تموين غذاء كاف، وكمية كافية من الذخيرة والسلاح والوقود.

ويضيف "بالجزء الأول ليس هناك أمان صحي في البلاد ولا مستشفيات قادرة على تحمل ضغط حرب، وعلى المستوى الغذائي والتمويني مهما بلغ احتياط لبنان، ليس لديه خطوط تدفق استراتيجي، كذلك الأمر بالنسبة إلى الوقود الذي تعاني البلاد في تأمين حاجتها منه."

ويتابع ريفي أن "بيئة حزب الله قبل غيرها، لن تقبل معه وليست قادرة على تحمل أي نوع من الحروب في ظل هذه الأوضاع، وهو يعرف ذلك أكثر من أي أحد آخر." ليتفق كل من جابر وصخر على أن الجبهة الداخلية في لبنان غير قادرة على احتمال حرب "أو حتى مواجهة عسكرية محدودة".

من جهته، يشدد جواد على أن "أحداً لا يريد الحرب، إلا إذا كان المقابل يريد قتلك على البطيء حينها تصبح المواجهة أقل كلفة." ويشير الباحث السياسي إلى أن "حزب الله يرى الولايات المتحدة مسؤولة عن جزء كبير من الأزمة ومقررة فيها، صحيح أن أسباب الأزمة داخلية، ولكن يتم استثمارها لتفجيرها بوجه حزب الله، وعليه يحاول اليوم تغيير هذه الاستراتيجية مستفيدا من التحولات الدولية ومن قدرته على تنفيذ ما يهدد به."

ويلفت جواد إلى أن "حزب الله يرى أن الحرب ستكون أقل تكلفة عليه وعلى البلاد، من تركها تحت الضغط والحصار ومنعه حتى من استجرار الغاز والكهرباء من الأردن ومصر، وبدلاً من الموت بحروب داخلية وتحريض طائفي وفوضى على الخبز والدواء والمعيشة، يصبح التركيز على الحرب الخارجية التي من شأنها أن تشد عصب المجتمع."

"لو كنت أعلم"؟

لا مجال للمقارنة بين قوة "حزب الله" العسكرية وقوة إسرائيل، وفق ما يؤكد جابر، "إسرائيل الدولة الأولى عسكرياً في المنطقة، لكن حزب الله يملك وسائل للرد والردع، وإسرائيل تعرف هذا الأمر، ومنذ عام 2006 وحتى اليوم، تقول مراكز الدراسات الإسرائيلية أن قوة حزب الله العسكرية تضاعفت عشرات المرات، وبات يملك مئات آلاف الصواريخ بينها صواريخ دقيقة، قادرة على ضرب أهداف حساسة في إسرائيل، كما أنه يملك سلاح دفاع بحري متطورا قادرا على إلحاق الأذى بالبحرية الإسرائيلية ومنصات النفط والغاز، مما قد يعيد إسرائيل سنوات إلى الوراء."

في المقابل، يرى حزب الله نفسه "رابحاً سلفاً" في أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وفق جواد، وعلى هذا الأساس يرى أن الحرب "قد تفتح أفقاً للحل، فإن تمكن حزب الله هذه المرة من إيلام إسرائيل، عبر ضربات قاسية، يصبح هناك إمكانية لإقامة تفاهم كبير على وضع لبنان، وفرض تسوية واستقرار."

وبعد "حرب تموز" 2006، خرج زعيم حزب الله في مقابلة إعلامية شهيرة، قال فيها أنه "لو كان يعلم" بحجم الدمار والخسائر التي تسببت بها الحرب في حينها، لما أقدم على عملية اختطاف الجنود الإسرائيليين، وباتت عبارة "لو كنت أعلم" مثال يضرب لدى الرأي العام اللبناني في إشارة إلى القرارات المتهورة وغير المحسوبة التي قد يتخذها "حزب الله"، وقد استحضر رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذه الجملة خلال تهديدات نصر الله الأخيرة.

وتعليقاً على ذلك، يقول جواد "هذه المرة من واضح ان الذهاب نحو المواجهة يأتي بكامل الإرادة والوعي لها، لأنه يبقى خيارا أسهل من انفجار البلد بعد شهرين في وجه حزب الله، المؤشرات تقول ان احتياط مصرف لبنان يتراجع، ذهاب المغتربين بعد فترة سيخفف من العملة الصعبة في البلاد، وبالتالي سيعود ارتفاع سعر الدولار، ومزيد من الضعف للعملة الوطنية وعجز أكبر عن استيراد الحاجات الأساسية إلا بسعر عالي، وبالتالي هناك عائلات فعلاً لن تتمكن من شراء ربطة خبز في الفترة المقبلة حين تصل إلى 200 ألف ليرة وأكثر."

ويضيف "رأي حزب الله في هذا المكان أن هناك شهر مقبل فقط، إما أن يشهد تفاهم واسع مع الأميركيين والمجتمع الدولي بشأن تخفيف الضغط عن لبنان واعطاؤه حقوقه تمهيدا للنهوض التدريجي بهوية اقتصادية جديدة، وإلا فإن ملف وطني بحجم النفط والغاز يستحق الذهاب في معركة من أجله، من يريد فعلا حلا سريعا وجذريا، يدعو للتكامل بين اللبنانيين، وتحسين شروط لبنان في التفاوض وقد يصل لتحقيق المكتسبات بلا حرب."

ثقافة الحرب

لكن في المقابل، لم تكن الدولة اللبنانية ممنونة من تصعيد حزب الله، وتعقيداً على إرساله للطائرات المسيرة، اعتبرت الحكومة اللبنانية أن أي عمل خارج إطار المفاوضات الجارية بوساطة أميركية يعد "غير مقبول".

وقال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب إن "أي عمل خارج اطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي الذي تجري المفاوضات في إطاره، غير مقبول ويعرّضه لمخاطر هو في غنى عنها"، مشدداً على أن المفاوضات الجارية بمساعي الوسيط الأميركي "قد بلغت مراحل متقدمة"، داعياً الأطراف كافة إلى "التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والالتزام بما سبق وأعلن بأن الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض".

في هذا السياق يرى صخر أن "حزب الله لا يقوم إلا على ثقافة الحرب والموت، وليس في قاموسه ثقافة الحياة والسلام، هذه هي علة وجوده، وهذا هو سبب وجوده على أرض الواقع، خصوصا أنه يشت عن كل الهموم اللبنانية ويتصل بالهم الإيراني الذي لا يتماهى ولا يتطابق مع لبنان، فكل الاستراتيجيات الإيرانية لا تخدم غرض لبنان، لكونها تنزعه من عمقه العربي ومحيطه وتريد ان تجعله موطئ قدم لها، بلداً شمولياً، راديكالياً بعيداً عن الديمقراطية والحداثة والانفتاح، وهذا ما يرفضه كل اللبنانيين."

بينما يؤكد جواد في المقابل أنه "ليس المطلوب الذهاب نحو الحرب، المطلوب مصلحة لبنان، بات عمر هذا الملف 15 عاما شهد ما يكفي من مماطلة ومفاوضات واقتراحات وأخذ ورد، بينما يمر العالم اليوم بمرحلة مصيرية ومستجد دولي كبير، متزامن مع ذروة الضغوطات على لبنان، إذا وقف الأميركي في نقطة وسط ورفع الفيتو عن لبنان، قد لا نصل إلى الحرب، أما إن أداروا ظهرهم للبنان وتركوا شعبه يموت تصبح المواجهة العسكرية محتملة جداً."

من جهته يرى جابر أن حزب الله "يهول ويستعرض قوته فقط لا أكثر، لأننا نعلم جميعاً، أن لبنان في مرحلة مفاوضات تستلزم أن يكون في موقع قوة، وأميركا برأيي أيضا لا تريد حربا في المنطقة قد تورطها وتدفعها للانخراط، لأنها منشغلة بالحرب في أوكرانيا وفي التركيز على الصين، إضافة إلى ملفاتها الداخلية."

ويختم "بالتالي إدارة الرئيس بايدن لن توافق على اندلاع هذه الحرب، التي قد تتوسع رقعتها، وتنخرط فيها إيران وقد تمتد إلى سوريا حيث روسيا، مما يعني توسع أكبر لرقعة الحرب، التي ستكون قاسية جداً وتعود بدمار كبير جداً على الطرفين."

الحدود الإسرائيلية اللبنانية

يتصاعد الحديث عن مسار تطبيعي محتمل بين لبنان وإسرائيل، خاصة بعد الإعلان عن محادثات مرتقبة بوساطة أميركية، فرغم الطابع التقني لهذه المحادثات، فإن تقارير إسرائيلية تشير إلى أنها قد تتجاوز مسألة ترسيم الحدود، لتفتح الباب أمام تحوّل في شكل العلاقة بين البلدين.

وقد نقل موقع "واينت" الإسرائيلي، الأربعاء، عن مصدر سياسي، أن المناقشات بين لبنان وإسرائيل، هي جزء من "خطة واسعة وشاملة"، وأن إسرائيل مهتمة بالتوصل إلى تطبيع مع لبنان.

وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أعلن أن إسرائيل تفتح مفاوضات مع لبنان بشأن الحدود البرية.

وفي السياق نفسه، أكدت نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، مورغن أورتيغاس، الثلاثاء، أن واشنطن ستجمع الجانبين اللبناني والإسرائيلي في محادثات دبلوماسية لحل القضايا العالقة.

وعلى رأس هذه القضايا، النقاط الخلافية المتبقية على الخط الأزرق، والمواقع الخمسة التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، وإطلاق سراح سجناء لبنانيين.

والخط الأزرق هو خط تقني يمتد على مسافة 120 كم، تم تحديده من قبل الأمم المتحدة في عام 2000 بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، ويعد هذا الخط مؤقتاً ويستخدم كحدود فاصلة بين البلدين.

وفي خطوة أثارت تساؤلات واسعة، أطلقت إسرائيل سراح لبنانيين، فيما اعتبره البعض إشارة اعتبرها بعض المراقبين "بادرة حسن نية"، تهيئ الأجواء لمفاوضات أوسع.

وبينما تتسارع الأحداث، يبقى السؤال مطروحاً: هل يمضي لبنان فعلياً نحو مسار التطبيع مع إسرائيل، أم أن هذه المحادثات ستظل محصورة في إطارها الحدودي؟

السلام ممكن؟

وتعتبر إسرائيل اللحظة الحالية "الأنسب لعقد اتفاق سلام مع لبنان، مستفيدة من التغيرات الإقليمية"، كما يرى الباحث في الشأن السياسي نضال السبع.

وقال السبع، لموقع الحرة، إن إسرائيل "نجحت في توجيه ضربة قاسية لحزب الله وإبعاده إلى شمال الليطاني، إضافة إلى انهيار النظام السوري، وقطع خطوط إمداد الحزب، ومنع التواجد الإيراني في الأراضي السورية".

كيف يتعامل حزب الله مع خسارة شريان إمداده؟
مرّت نحو 3 أشهر على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الحدث الذي غيّر المعادلات، ليس فقط في سوريا، بل أيضاً بالنسبة لحزب الله، الذي فقد شريانه الرئيسي، فمع انهيار هذا الحليف الاستراتيجي، وجد الحزب نفسه أمام واقع جديد يفرض عليه تحديات غير مسبوقة عسكرياً ومالياً.

وأضاف السبع أن "إسرائيل تعمل على تحقيق هدفين رئيسيين: أولاً، ربط انسحابها من الأراضي اللبنانية بعملية سلام شاملة، وثانياً، ربط إعادة إعمار الجنوب اللبناني بهذا المسار التفاوضي الذي يحظى بدعم أميركي..".

وقال إن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يسعى "إلى الدفع باتجاه توقيع اتفاق سلام شامل بين لبنان وإسرائيل، في إطار توسيع دائرة اتفاقات التطبيع في الشرق الأوسط".

من جانبه، رأى رئيس لقاء سيدة الجبل النائب السابق، فارس سعيد، أن الخطوة الأولى ليست في اتجاه التطبيع مع إسرائيل، بل في تنفيذ القرار 1701 بالكامل.

وقال سعيد، لموقع "الحرة"، إن "قراءة هذا القرار بتأنٍ تكشف أن البنود 8 و9 و10 تنصّ على آلية واضحة، تقضي بمحادثات بين الحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية برعاية الأمم المتحدة لحل القضايا العالقة".

ولم يرتق القرار 1701، بطبعة عام 2006، "إلى مستوى وقف لإطلاق النار، بل اقتصر على وقف العمليات العسكرية"، كما أشار سعيد.

وشدد على أن الخطوة الحالية تتمثل في "تنفيذ القرار 1701 الذي يهدف إلى الانتقال من مرحلة وقف الاعتداءات إلى مرحلة وقف إطلاق النار، ومن ثم إجراء مفاوضات تشمل ترسيم الحدود، وقضية الأسرى، والنقاط الخمس التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف سعيد أن الادعاء أن "الدفاع عن لبنان هو من اختصاص حزب أو طائفة"، لم يعد قائماً، مشدداً على أن حماية البلاد مسؤولية الدولة اللبنانية.

وذكر أن "لبنان، عبر علاقاته الدبلوماسية العربية والدولية، قادر على حل الأزمات، وسيتمكن من التنفيذ الكامل للقرار 1701 كما تمكّن من إطلاق الأسرى".

ما موقف لبنان الرسمي؟

وعن موقف الحكومة اللبنانية من التطبيع، قال نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني، طارق متري، في لقاء مع "الحرة" بث الاثنين، "هناك تحركات غير رسمية داخل الولايات المتحدة للضغط على الإدارة الأميركية كي تشترط علينا الدخول في مسار تطبيعي مع إسرائيل، وهذا أمر حقيقي. لكننا، كحكومة، لم نتعرض لأي ضغط مباشر من أي جهة".

وعن رد الحكومة اللبنانية في حال تلقي طلب رسمي بهذا الشأن، قال متري "نحن بطبيعة الحال غير مستعدين لذلك".

في المقابل، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، الدكتور مئير مصري، أن "لبنان لم يكن مجرد جار لإسرائيل، بل كان صديقاً حميماً لها وقدم لها الدعم في السابق".

وأشار إلى أن "الجيش اللبناني لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل التي لم تواجه في لبنان سوى عناصر خارجة عن السيادة اللبنانية".

وقال مصري، في مقابلة مع قناة i24، أن " لبنان الرسمي كاد أن يصوت لصالح قرار التقسيم عام 1947".

كما أشار إلى "التحالف العسكري بين إسرائيل وما عرف آنذاك اليمين المسيحي اللبناني الذي استمر لعقود، وتوّج بالحرب المشتركة ضد منظمة التحرير الفلسطينية في أوائل الثمانينيات، ومن ثم توقيع معاهدة السلام اللبنانية-الإسرائيلية في 17 مايو 1983، التي حظيت بتصديق البرلمان اللبناني، حيث صوتت عليها مختلف الطوائف، بأغلبية كبيرة، لكنها ألغيت عام 1984 بضغط سوري".

وحول ملف الحدود، شدد مصري على أنه "لا يوجد أي خلاف حول الحدود، والجهة الوحيدة التي تدعي وجود نزاع هي حزب الله". 

وأشار إلى وثيقة "وقعها الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان، تؤكد أن إسرائيل انسحبت عام 2000 حتى الحدود الدولية وفق ما هو متعارف عليه في الأمم المتحدة، وهي الحدود التي بقيت ثابتة لعقود".

نقاط النزاع

المحادثات المرتقبة بين لبنان وإسرائيل تهدف إلى تثبيت النقاط الحدودية العالقة، وليست عملية ترسيم جديد للحدود، كما شدد السبع.

وشرح: "الحدود البرية بين البلدين معروفة ومحددة مسبقاً بموجب اتفاقيات دولية، أبرزها اتفاق "بوليه – نيوكومب" عام 1923، الذي رسم الحدود بين الانتدابين الفرنسي والبريطاني، واتفاقية الهدنة اللبنانية-الإسرائيلية عام 1949، التي صادقت عليها الأمم المتحدة".

ويبلغ عدد النقاط الخلافية على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية 13 نقطة، وبحسب ما أشار وزير الخارجية اللبناني السابق، عبد الله بو حبيب، في تصريحات سابقة " تم التوصل إلى اتفاق بشأن 7 منها، فيما تبقى 6 نقاط موضع نزاع".

وتمتد هذه النقاط على طول الحدود، من البحر في رأس الناقورة غرباً وصولاً إلى بلدة الغجر شرقاً على الحدود مع سوريا، وتتوزع على النحو التالي: النقطة B1 في رأس الناقورة، 3 نقاط في بلدة علما الشعب، نقطة واحدة في كل من البستان، مروحين، رميش، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، العديسة، كفركلا، والوزاني.

ووفقاً لما سبق أن ذكره العميد المتقاعد، بسام ياسين، الذي ترأس الوفد اللبناني التقني العسكري المفاوض حول الحدود البحرية، لموقع "الحرة"، فإن ما حدث بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، وعقب حرب يوليو 2006، هو أن إسرائيل تقدّمت في بعض النقاط داخل الأراضي اللبنانية وبقيت فيها، وفي المقابل، تقدّم لبنان في بعض النقاط الحدودية ولا يزال متمركزاً فيها.

نتيجة لذلك، تم إنشاء "الخط الأزرق" ليحدد خط انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، لكن بعض النقاط الحدودية ظلّت عالقة بسبب الاستعجال في إعلان الانسحاب الإسرائيلي عام 2000 ووقف إطلاق النار عام 2006، مما جعلها اليوم موضع خلاف بين الجانبين".

وتعدّ النقطة B1 في رأس الناقورة أبرز نقاط الخلاف، وفق ياسين، نظراً لموقعها الجغرافي والعسكري الاستراتيجي، حيث تقع على مرتفع يشرف على مساحات واسعة من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، ويتيح رؤية بصرية تصل إلى مدينة حيفا داخل الأراضي الإسرائيلية.

وقال ياسين "كانت هذه النقطة محور الخلاف الرئيسي خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، فقد أصرّ لبنان على اعتبارها نقطة الانطلاق البري لترسيم حدوده البحرية، وسط رفض من الجانب الإسرائيلي الذي يسيطر على تلك المنطقة الحدودية ويعتبرها جزءا من أراضيه".

أما بقية النقاط الـ12، فبينها بقع صغيرة لا يتعدى الخلاف عليها الأمتار المعدودة، وأخرى تمتد إلى 2000 و3000 متر مربع، فيما تصل أكبرها إلى 18 ألف متر مربع، وفقاً لياسين.

وتشمل أكبر المناطق المتنازع عليها بلدات رميش والعديسة والوزاني، بينما يقدّر لبنان المساحة الإجمالية التي يعتبرها مقتطعة من أراضيه بنحو 485,039 متراً مربعاً.

فيما يتعلق بمزارع شبعا، بلدة الغجر، وتلال كفرشوبا، أشار ياسين إلى أن حل هذا النزاع يتطلب اتفاقاً ثلاثياً بين لبنان وسوريا وإسرائيل لتحديد الحدود في تلك المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن سكان بلدة الغجر، الواقعة على الجانب اللبناني، يرفضون الانضمام إلى لبنان، ما يطرح معضلة إضافية، حيث أكد ياسين أن "الأرض لبنانية ولا يمكن التخلي عنها لأن سكانها يرفضون الانضمام. قد يكون الحل في ترحيلهم إلى حيث يريدون الانتماء."

حزب الله وقدرة التعطيل

ويثير الحديث عن أي تقارب بين لبنان وإسرائيل جدلاً واسعاً في لبنان، حيث يُنظر إلى هذا الملف على أنه قضية شديدة الحساسية، في ظل الرفض القاطع لأي تطبيع من قبل قوى سياسية رئيسية، على رأسها حزب الله.

ومع ذلك، يرى السبع أن "الحزب غير قادر على تعطيل مسار التطبيع، خاصة إذا استمرت التوازنات السياسية في البرلمان على حالها، ولم يتمكن من تشكيل تحالفات تعرقل أي اتفاق يمر عبر المؤسسات الدستورية".

وأشار إلى أنه "حتى في المحطات السياسية السابقة، لم يتمكن الحزب من فرض خياراته بالكامل. فقد عارض انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية، لكنه عاد وصوّت له..".

كما رفض حزب الله "ترشيح نواف سلام لرئاسة الحكومة، إلا أن الأخير حصل على 95 صوتاً في البرلمان. وبالتالي، حتى لو استُثني 30 نائباً محسوبين على الثنائي الشيعي، يبقى هناك 65 نائباً، وهي نسبة كافية لتمرير أي قانون داخل المجلس النيابي"، وفق السبع.

ورغم ذلك، يستذكر الباحث في الشأن السياسي، تجربة عام 1983، حين توصلت إسرائيل إلى "اتفاق 17 أيار (مايو)" مع الحكومة في عهد الرئيس اللبناني أمين الجميّل بعد اجتياحها بيروت، "إلا أن الاتفاق لم يُنفّذ بسبب رفض النظام السوري آنذاك".

لكن السبع يشير إلى أن "المشهد اليوم مختلف، إذ تصبّ المتغيرات الإقليمية والدولية في مصلحة إسرائيل".

وبشأن طبيعة التطبيع المحتمل، أوضح السبع أن "حتى لو تم توقيع اتفاق سلام، فلن يعني ذلك تغييراً جذرياً في المشهد على الأرض".

وأضاف "هل سيتمكن المواطن الإسرائيلي من الهبوط في مطار بيروت، وزيارة الضاحية، والتوجه إلى جونية؟ بالتأكيد لا. قد توقّع اتفاقات سلام، لكن الواقع لن يتغير بهذه السهولة".