مظاهرة نسائية في شوارع بيروت (أرشيف)
مظاهرة نسائية في شوارع بيروت (أرشيف)

"تعرّضت للاغتصاب، وعلمت بحملي بعد خمسة أشهر من الجريمة، إلا أن عائلتي منعتني من التبليغ عن المجرم بسبب خوفهم من المجتمع، وتعرضت للتهديد بالقتل من شقيقي إن بلغت عن الأمر. لقد تسبّبت لي هذه الحادثة بصدمة كبيرة، ومررت بالكثير من المشاكل النفسيّة والخوف والقلق الدائمين والرغبة بالعزلة نتيجة لذلك"، تقول إحدى الناجيات من اعتداء جنسي في لبنان تحدثت عن تجربتها بعد لجوئها إلى منظمة "أبعاد" للحصول على الحماية. 

"العرض والشرف"، هاجس يمنع 6 من أصل 10 نساء تعّرضن للاعتداء الجنسي في لبنان من التبليغ عن الجريمة، فيما 71% منهن يعتبرن أن المجتمع يرى بالدرجة الأولى في الجريمة، اعتداء على "عرض العائلة"، قبل أن يكون اعتداء جسدي ونفسي على المرأة. 

جاءت هذه النسب في دراسة إحصائية أعدتها منظمة "أبعاد"، التي تعمل على تعزيز المساواة والعدالة الجندرية، بهدف تسليط الضوء على جرائم الاعتداء الجنسي في لبنان ومعرفة مدى لجوء النساء اللواتي يتعرضن للعنف الجنسي للتبليغ، وما هي أسباب الامتناع عن ذلك.

وسجلت قوى الأمن الداخلي في لبنان، 57 حالة اعتداء جنسي مبلغ عنه في لبنان منذ مطلع العام 2022 لغاية شهر أكتوبر، من بينها 20 حالة اغتصاب و37 حالة تحرّش جنسي، أي بمعدل 6 حالات في الشهر. 

#NoShameNoBlame | #لا_عرض_ولا_عار

كم مرّة سمعنا إنو لازم نتستّر عن كل الجرايم اللي بتتعلَّق بالإعتداء الجنسي لأنها بتمسّ ب "العرض"؟ الإعتداء الجنسي جريمة #لاعرض_ولا_عار! Diakonia | Ministerie van Buitenlandse Zaken | Rutgers | RDPP Middle East | The Danish Embassy in Beirut | Kirkens Nødhjelp | United Nations Democracy Fund (UNDEF) | PAX | Nour Arida|

Posted by Abaad on Thursday, November 24, 2022

 

"لا عرض ولا عار"

الدراسة التي أعلنت نتائجها اليوم الجمعة، جاءت في سياق حملة أطلقتها منظمة "أبعاد" تحت عنوان "# لا_عرض_ولا_عار" تطالب بتعديل الفصل السابع من قانون العقوبات اللبناني الخاص بجرائم الاعتداء الجنسي وتشديد العقوبات عليها، وتستهدف فكرة اعتبار تعرض النساء للعنف الجنسي او الاعتداء مس بالعرض والشرف العائلي، مشددة على انها جريمة تستهدف جسد المرأة قبل أي شيء آخر. 

وتأسف مديرة منظمة "أبعاد" غيدا عناني للربط الذي يتم بين جرائم الاعتداء الجنسي في لبنان بموضوع العرض والشرف والعار، وتقول "نحن في أبعاد منذ بدأنا العمل على هذه القضيّة أكدنا على أهمية النظر إلى هذا النوع من الجرائم خارج سياق التنميط المجتمعي والتعامل معها بحزم". 

وتتابع "القوانيين يجب أن تكون حازمة لا منمطة، فالسيدة التي تتعرض للإعتداء الجنسي "الإغتصاب" لم تكن تجرؤ أن تقوم برفع دعوى قانونية بسبب الوصمة المجتمعية أو إذا تجرأت على ذلك يقوم المجرم بطلب الزواج منها فيسقط حقها في معاقبته وهو ما تغير بتعديل القانون 522 ويبقى أن نقوم بتفعيل هكذا قوانيين وتعديل ما يبطء سير العدالة وتحقيقها حتى تشعر من تعرضت للإعتداء بالأمان وأن حقها لن يذهب هدراً أو سدى وأن العقوبة بإنتظار كل من تسول له نفسه أن يتعرض لسيدة أو فتاة بإعتداء ما."

وتطالب منظمة "أبعاد" بتعديل وتشديد العقوبات على جرائم الاعتداء الجنسي على اعتبار هذا الموضوع يشكّل رادعًا لمنع حدوث مثل هذه الجرائم، ولهذا الهدف تتواصل المنظمة مع الكتل النيابيّة لتسليمها مقترح تعديل الفصل الأوّل من الباب السابع من قانون العقوبات اللبناني من أجل أن يكون منصفًا لكل ضحيّة وناجية من هذه الجرائم، و"تعول على السلطة التشريعية في لبنان لإنصاف النساء والموافقة على التعديلات المقترحة"، بحسب عناني.

يتزامن إطلاق الحملة مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في 25 من نوفمبر من كل عام، حيث تطلق هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة سنوياً، حملة الـ 16 يوماً من الأنشطة لمكافحة هذا العنف، وتحذو المنظمات الحقوقية والإنسانية حذوها في نطاقها المحلي. 

وعلى الرغم من رفضه الأخلاقي والمبدئي للفعل، يبدو جنوح المجتمع اللبناني إلى ربط الاعتداءات الجنسية بالعرض والشرف إلى حد التستر والمداراة مثيراً للاستفهام لما فيه من تناقض مع موقفه من جرائم الاعتداء الجنسي وأدائه بعد وقوعها، وحول ذلك تشرح عناني لموقع "الحرة" أن مصدر هذا الجنوح هو "العادات والتقاليد التي تشكل ثقل معكوس بالنسبة للمجتمع، فمسألة محرم تناولها تكون تحت مسميات مختلفة تمس بالحالة النفسية للجماعة أو الفرد كالإعتداء الجنسي الذي يصب في خانة العار والعيب."

 وعليه تضطر من تعرضت للعنف جنسي، وفق مديرة منظمة "أبعاد" إلى كتمان الأمر "حتى لا تصبح ثقلاً على كاهل عائلتها ضمناً أو مجتمعياً ووصمة عار لهم، بحسب المفهوم الذكوري، والذي يمكن أن يشكل خطراً على حياة السيدة أو الفتاة أو حتى تزويجها قسراً من مغتصبها للتستر على "الفضيحة" وسترها كضحية فيلوذ المجرم بجرمه وتموت الضحية وهي على قيد الحياة مرات ومرات يومياً وهذا مردّه الى أن المجتمع يلوم الضحية يحاسبها بدل أن يحاسب المجرم ويحتضنها لتمكينها في وجه هكذا ممارسات. 


أبرز الهواجس

"لم يكن لديّ أو لدى والدتي الجرأة للتبليغ عن الإعتداء، وقد أجبرتني عائلتي على الزواج من رجل يكبرني سنًّا للتستر على عرضهم." تنقل أبعاد عن ناجية أخرى أدلت للمنظمة بشهادتها، وأضافت "أقول لكلّ ناجية من العنف الجنسي أن الذنب ليس ذنبك، حاولي أن تكوني قويّة وأبلغي من تثقين بهم لمساعدتك". 

تبين الدراسة أيضاً أن النسبة نفسها من النساء (6 من أصل 10) ممن تعرضت بناتهن للاعتداء الجنسي، لم يبلغن عن هذا الاعتداء بسبب "العرض والشرف"، والنسبة نفسها لم يبلغن نتيجة رفض العائلة بسبب هاجس "العرض والشرف"، الذي صنفته الدراسة كأبرز أسباب عدم التبليغ عن هذا النوع من الجرائم في لبنان. 

نُفِذَت هذه الدراسة ما بين الثالث عشر من شهر تشرين الأول من العام 2022 والحادي والعشرين منه، وشملت 1800 سيدة وفتاة مقيمة في لبنان (1200 لبنانية، 400 سورية، 200 فلسطينية) تراوحت اعمارهن ما بين 18 و50 سنة، وتوزعت العينة على مختلف المناطق اللبنانية، وشملت السكان من مختلف المستويات الثقافية ومن مختلف فئات الدخل.

وقد كان لافتاً، وفق الدراسة، أن سلوك النساء لناحية التبليغ، يختلف بين من تعرضن لاعتداء جنسي وبين من لم يتعرضن، اذ أن النساء اللواتي لم يتعرضن للعنف الجنسي أكدن، وبنسب مرتفعة جداً، أنهن سيبلغن عن هذا الاعتداء، لكن المفارقة أن هذه النسبة انخفضت كثيراً لدى النساء اللواتي تعرضن فعلاً لاعتداء جنسي تحت ضغط "العرض والشرف".

84 في المئة من النساء اللواتي لم تتعرضن لاعتداءٍ جنسي، أعلن أنهن سيبلغن في حال لو تعرضن لهذا الاعتداء، في المقابل فإن أكثر من نصف النساء (55 في المئة) اللواتي تعرضن لاعتداءٍ جنسي لم يبلغن عن هذا الاعتداء، أي ان امرأة من أصل 2 تعرضن لاعتداء جنسي لم تبلغ عنه. 

ومن أصل 10 نساء، 6 اخترن إبلاغ السلطات الأمنية والقضائية عن الجريمة، فيما 5 منهن بلغن الأهل والعائلة عما حصل، و2 فقط شاركن الأمر مع أحد الأصدقاء، و2 أيضاً من أصل 10 لجأن إلى احدى الجمعيات المعنية.

عقوبات مجهولة

"تعرّضتُ للاغتصاب. لم أبلّغ القوى الأمنيّة بسبب عدم امتلاكي أوراقًا قانونية. فأنا لاجئة في لبنان منذ سنين. وقد كنت أخاف من أن يتمّ توقيفي في حال توجهت إلى القوى الأمنيّة. لم أخبر أحدًا بالجريمة وأكثر ما يعذبني اليوم أن الجاني لم ينل عقابه." تنقل أبعاد عن ناجية أخرى أيضاً. 

وتبين الدراسة أن 4 من أصل 10 نساء تعرضن للاعتداء الجنسي لم يبلغن عن هذا الاعتداء لأن لا أحد سيصدقهن، فيما 2 ممن تعرضن للاعتداء الجنسي لم يبلغن عن هذا الاعتداء لأن ليس لديهن ثقة أنه بإمكانهن الوصول الى نتيجة، ويرون أن العقوبة لن تكون جدية.

ومن بين أهداف الدراسة أيضاً تحديد مدى المعرفة بالعقوبات التي ينص عليها قانون العقوبات اللبناني لجرائم العنف الجنسي، المدرجة ضمن الفصل السابع منه، والتي تنص على سلسلة عقوبات تجاه حالات مختلفة من الاعتداءات الجنسية، وتميز بين الاعتداء على البالغ أو القاصر، وتشدد العقوبة كلما كانت الضحية أصغر عمراً. 

وتنص المادة 503 من قانون العقوبات على معاقبة "من اكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع بالاشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات اذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره."

58 في المئة من المشاركات في الدراسة لا يعرفن ما هي هذه العقوبة في القانون اللبناني، فيما 60 في المئة منهن اعتبرن أن هذه العقوبة غير عادلة، وطالب 46 في المئة منهن برفع العقوبة إلى السجن المؤبد. 

والأمر نفسه ينطبق على باقي مواد الفصل السابع من قانون العقوبات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية، التي تتراوح مدة عقوباتها ما بين 5 و7 سنوات حيث أن أكثر من نصف المشاركات في الدراسة لم يعرفن بوجود العقوبة ووجدوا أنها ليست عادلة وطالبن بالسجن المؤبد. 

وفي هذا السياق توضح المحامية المتابعة للقضية في منظمة أبعاد، دانيال حويك أن الحملة اليوم ليست جديدة، بل بدأت منذ العام 2017، "حين عملنا على الغاء المادة 522 التي تعفي المغتصب من العقاب في حال تزوج من الضحية، كان الهدف بعدها أن نصل إلى مرحلة العمل على تغيير الثقافة السائدة، لاسيما وأن هذه القوانين الموضوعة منذ أربعينيات القرن الماضي، والتي تعفي المغتصب من الحساب إذا تزوج وكأن جسد المرأة للعائلة والقبيلة والعشيرة ويمثل الشرف والعرض، وفعل التزويج من شأنه أن يغسل العار." 

وتضيف في حديثها لموقع "الحرة" أن المطلب منذ البداية هو "إعادة النظر بجميع مواد الفصل القانوني المتعلق بالجرائم الجنسية، انطلاقاً من أن العقوبات مخففة بصيغتها الحالية، ولم يكن الاعتداء الجنسي يعتبر في وقت وضع القانون جريمة كبيرة، من هنا حملة اليوم تنطلق لتواكب المفاهيم السائدة اليوم وتبدأ من تغيير الفصل القانوني الذي يسميها في عنوانه جرائم "اعتداء على العرض" لتكون اعتداء جنسي، وتشديد العقوبات في كل الفصل لتكون رادعة."

العقوبات اليوم بحدها الأدنى خمس سنوات، والسنة السجنية في لبنان 9 أشهر، وتطالب "أبعاد" بحد أدنى 20 عاماً وترتفع حين يكون الشخص مقرب أو تحت عمر ال12 عاماً أو جرم مكرر، حيث تطالب بالمؤبد.

"أبعاد" أتمت من جهتها إعداد المقترح القانوني، وتم توزيعه على الكتل النيابية في مجلس النواب اللبناني، وحصل الاقتراح بالفعل على توقيع النائب سامي الجميل وكتلته النيابية، وتسعى حويك للحصول على مزيد من التواقيع في الأيام المقبلة، على أن تستمر الحملة في متابعة هذه القضية لجمع اكبر عدد من الكتل النيابية لكي يسلك المسار التشريعي لإقراره، "ووقف التعامل مع هذا النوع من الجرائم بالخفة الحالية"، على حد قول حويك. 

وترجح حويك أن يكون هناك تجاوب واسع من الكتل النيابية، وتضيف "لم نشعر بوجود أي معارضة للمقترح، ولكن مع ذلك لا نعول على الكلام وإنما ننتظر التواقيع، والكتل مدعوة لمواكبة التغيير الحاصل في واقعنا ما بين زمن وضع القانون وزمننا الحالي."
 
وتختم "يجب التسليم بأن الاعتداء الجنسي ليس اعتداء على عرض أو شرف أحد وإنما على الضحية وحريتها وارادتها، من الضروري أن تتغير هذه النظرة، فتغيير النصوص يجب أن يواكبه تغيير في النفوس."

من سجن رومية.. أرشيفية
من سجن رومية.. أرشيفية

أطلق "معتقلو الرأي السوريون" في سجن رومية، شرق بيروت، معركة الأمعاء الخاوية، حيث بدأوا، الاثنين، إضراباً عن الطعام احتجاجاً على "فقدان 10 معتقلين سوريين نتيجة الوضع الصعب وانعدام الرعاية الصحية"، وفقاً لما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، نقلاً عن مصادر حقوقية.

ولن يقبل "المعتقلون" الطعام والخبز المقدّم من إدارة السجن، حيث "سيستمرون في الإضراب إلى حين تحقيق مطالبهم الإنسانية في ملفي الصحة والغذاء، كونهم يعانون من اهمال حالتهم الصحية ومن سوء التغذية" بحسب ما أورد المرصد.

كما يعاني "معتقلو الرأي السوريون" في غياهب السجون اللبنانية بحسب المرصد، من "تلفيق التهم ومحاسبتهم على ذنب لم يُقترف وحرمانهم من المحاكمة العادلة ومن حق رؤية ذويهم، وكذلك من التعذيب النفسي والجسدي، في ظل تنصل ولامبالاة السلطة اللبنانية في معالجة ملفهم وغياب دور المنظمات الحقوقية والإنسانية في متابعة هذا الملف".

ويقبع في السجون اللبنانية ما يقرب من 6685 سجينا، بحسب إحصائيات مديرية السجون في وزارة العدل، "حوالي 2500 منهم من الجنسية السورية" وفقاً لما يقوله المدافع عن حقوق الإنسان، المحامي صبلوح لموقع "الحرة"، "من بينهم نحو 400 من معتقلي الرأي".

"اتهامات ملفقة"

ويرى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن "السجون في المنطقة أصبحت متشابهة، سواء كان سجن صيدنايا سيء الصيت، أو سجن حوار كلس في ريف حلب الشمالي، أو سجن رومية"، ويوضح أن "جميع هذه السجون تحتجز معتقلي الرأي الذين لا علاقة لهم بقضايا جنائية، ويتم اتهامهم بالإرهاب دون أدلة، بل بناءً على توصيفات من جهات رسمية".

ويشدد عبد الرحمن، في حديث لموقع "الحرة"، على أن "من لم يثبت تورطه في القتل أو المشاركة في عمليات إرهابية يعد معتقل رأي وليس مجرماً جنائياً أو أمنياً".

و"يواجه غالبية معتقلي الرأي السوريين في السجون اللبنانية اتهامات متنوعة"، تشمل كما يوضح صبلوح "المشاركة في أحداث عرسال عام 2014، والانضمام إلى تنظيمات مصنفة إرهابية، أو معارضة نظام بشار الأسد ومشاركتهم في الحرب السورية، ويقبع بعض هؤلاء خلف القضبان منذ عام 2013 دون محاكمات عادلة أو تقدم ملحوظ في قضاياهم".

ويكشف صبلوح عن "سياسة ممنهجة تتبعتها السلطات الأمنية اللبنانية، تستهدف معارضي نظام الأسد، حيث يتم تلفيق أدلة ضدهم وتقديمهم لمحاكمات صورية. وبالإضافة إلى ذلك، يتعرض هؤلاء المعتقلون للتعذيب خلال استجوابهم، وهو ما تجسد بوضوح في قضية بشار السعود، الذي لقي حتفه عام 2022 نتيجة التعذيب الذي تعرض له".

لكن الحكومة والقضاء اللبناني لا يعترفان، كما تؤكد الناشطة الحقوقية المحامية ديالا شحادة لموقع "الحرة"، بـ "معتقلي رأي" في السجون اللبنانية.

غير أن "ملاحقة وسجن ومحاكمة وادانة الآلاف من السوريين على مر السنوات العشر الأخيرة لمجرد ممارستهم حق تقرير المصير في سوريا من دون انتهاك أي قوانين دولية من التي ترعى النزعات المسلحة"، لا يمكن تصنيفه وفق ما تقوله شحادة سوى على أنه "اضطهاد لمن عارض نظام بشار الأسد وقاوم طغيانه وبطشه، وكل ملاحقة قضائية ذات خلفية سياسية تندرج ضمن سياسات قمع الحقوق الأساسية اللصيقة بالإنسان ومنها الحق في تقرير المصير وحرية الرأي والتعبير".

ظروف "مميتة"

اضراب أي سجناء في السجون اللبنانية نتيجة حتمية، كما تشدد شحادة "لاكتظاظ السجون بثلاثة أضعاف قدرتها الاستيعابية ولتراجع الخدمات الأساسية ومنها الغذائية والطبية".

وما يزيد من نقمة عدد من السجناء، وفق شحادة "هو امتناع المحاكم المختصة عن تقصير فترات التوقيف الاحتياطي رغم تردي ظروف السجون وطول أمد بعض المحاكمات".

و"يواجه معتقلو الرأي السوريون في سجن رومية، مثل باقي السجناء، ظروف كارثية"، كما يقول صبلوح، مشيراً إلى أنهم يعانون من "أوضاع معيشية صعبة للغاية نتيجة نقص التمويل الذي أدى إلى حرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية، كما يعانون من ظروف قاسية وغير إنسانية، حيث يواجهون درجات حرارة مرتفعة في الصيف وبرداً شديداً في الشتاء، إضافة إلى التلوث البيئي والحرمان من طعام ذي جودة وكميات كافية".

ووصل تدهور الأوضاع في سجن رومية إلى حد وفاة عدد من السجناء، بحسب ما يقول صبلوح، وذلك "نتيجة توقف الأطباء عن زيارة السجون، وعدم قدرة السجناء على إجراء الفحوص الطبية والعمليات الجراحية التي يحتاجون إليها، فكل ما له علاقة بالأوضاع الصحية للسجناء تقع على كاهل أهلهم بينما تنتمي غالبيتهم إلى الطبقة الفقيرة".

مطالبة بالحزم

منذ سنوات، يرفع "السجناء السوريون المعارضون لنظام بشار الأسد في سجن رومية" الصوت مطالبين بوضع حد لمأساتهم، ولكن بدلاً ذلك كلّفت الحكومة اللبنانية، المدير العام للأمن العام بالإنابة، اللواء إلياس البيسري، في أبريل الماضي، بإعادة التواصل مع السلطات السورية لحل قضية السجناء والمحكومين السوريين في السجون اللبنانية، أي تسليمهم للنظام السوري.

وقبل ذلك، "سلّمت السلطات اللبنانية معتقلين سوريين إلى النظام السوري" وفقاً لما يقوله صبلوح، وهو ما دفع أربعة سجناء سوريين في سجن رومية إلى محاولة الانتحار في مارس الماضي، باستخدام الأغطية كأدوات للشنق، قبل إنقاذهم في اللحظات الأخيرة.

ويؤكد صبلوح أن "معتقلي الرأي السوريين مشمولون باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984، التي تمنع تسليم أي شخص يمكن أن يتعرض للتعذيب في بلده"، موضحاً أن "تحركات السجناء السوريين نجحت في تجميد خطوة الحكومة اللبنانية، مما يشكل انتصاراً مؤقتاً في معركتهم ضد التسليم القسري، على أمل أن يتخذ قرار إنسانياً بحلّ ملّفهم عما قريب".

"يهدد معتقلو الرأي السوريون بالتصعيد سلمياً في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم"، كما أشار المرصد، موضحاً أن "التنكيل الذي يتعرضون له يخالف كل القرارات والقوانين الدولية، ورغم الدعوات المتكررة لإطلاق سراحهم فإن ملفهم ما زال عالقاً منذ عشر سنوات".

ويؤكد عبد الرحمن أن "الحكومة اللبنانية تتحمل مسؤولية سجونها"، داعياً المجتمع الدولي إلى "تسليط الضوء على هذه القضية"، بينما أوضح المرصد أن "إنقاذ هؤلاء المعتقلين يتطلب موقفاً حازماً من المجتمع الدولي"، الذي يجب أن يدافع عن حقوق "سجناء الرأي والكلمة الحرة، الذين فروا من ويلات الحرب والموت في سوريا ليجدوا أنفسهم محاصرين في المعتقلات اللبنانية، ومتّهمين بالتطرف لمجرد معارضتهم للنظام السوري".