شركة قطر للطاقة تمتلك 30 في المئة في تحالف يعمل على التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية
شركة قطر للطاقة تمتلك 30 في المئة في تحالف يعمل على التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية

تعمل قطر بصمت على توسيع نفوذها في لبنان المنكوبة بالأزمة في السنوات الأخيرة، مستغلة ابتعاد باقي دول الخليج الغنية بالنفط عن الدولة المتوسطية بسبب النفوذ المتزايد لجماعة حزب الله، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".

وقال تقرير للوكالة، نشر السبت، إن معظم دول الخليج حذت حذو المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة ونبذت لبنان الذي ضربته الأزمة بسبب النفوذ المتزايد لجماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران، لكن قطر كانت استثناء من ذلك.

وأضاف أن الدوحة واصلت استقبال القادة اللبنانيين وضخ عشرات الملايين من الدولارات لمساعدة القوات المسلحة في البلاد وسط الانهيار الاقتصادي التاريخي.

وتابع التقرير أن الدولة الغنية بالغاز بدأت في أواخر يناير في رؤية ثمار استثمارها، عندما حلت شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة محل شركة روسية في تحالف دولي ينقب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط قبالة الساحل اللبناني.

ومن المؤمل كذلك أن تنضم قطر للمرة الأولى إلى اجتماع يعقد في باريس الاثنين المقبل، ويضم مسؤولين من فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لإجراء مناقشات تركز على الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان.

وتشير الوكالة إلى أن قطر تصور نفسها على أنها قوة أكثر حيادية، في لبنان، البلد الذي شهد على مدار عقود تدخلات من قوى خارجية استغلت الانقسامات الطائفية لخوض معارك بالوكالة. 

ولطالما دعمت المملكة العربية السعودية الفصائل السنية في لبنان وحاولت مواجهة النفوذ الإيراني المتمثل بحزب الله الشيعي، حيث دفع هذا التنافس لبنان مرارا إلى حافة نزاع مسلح.

وتحاول قطر، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران، تعزيز مستوى المفاوضات بين طهران ودول الخليج، وفقا للتقرير.

وقال مدير مركز هاكوب كيفوركيان لدراسات الشرق الأدنى في جامعة نيويورك محمد بزي إن اشراك قطر في المحادثات المقبلة "إشارة إلى أن إيران لن تُستبعد تماما من ذلك الاجتماع واعتراف بنفوذ طهران على لبنان". 

وأضاف: "مع تراجع تدخل المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى في لبنان، تحاول قطر إحياء دورها كوسيط في البلاد".

ومع ذلك، أشار بزي إلى أن "لم تظهر حتى الآن سوى القليل من الدلائل على استعدادها لإنقاذ لبنان بمفردها".

ومنذ أواخر عام 2019، انهار الاقتصاد اللبناني تحت وطأة الفساد المستشري وسوء الإدارة، حيث فقدت العملة أكثر من 90 في المئة من قيمتها، مما أدى إلى ارتفاع مستويات الفقر في البلاد.

ويطالب المانحون الدوليون، بما في ذلك قطر، الحكومة بتنفيذ إصلاحات للإفراج عن نحو 11 مليار دولار في شكل قروض ومنح، لكن السياسيين اللبنانيين قاوموا ذلك لأن من شأن أي إصلاحات اضعاف قبضتهم على البلاد.

ويشير التقرير إلى أن تدخل قطر في لبنان ليس جديدا، فبعد الحرب التي استمرت 34 يوما بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، ساعدت قطر في إعادة بناء العديد من البلدات والقرى التي عانت من دمار كبير في جنوب لبنان. 

ويضيف أن لوحات إعلانية ضخمة كُتب عليها "شكرا قطر" انتشرت في جميع أنحاء لبنان في تلك الفترة.

وفي مايو 2008، بعد أن حارب حزب الله وحلفاؤه خصومهم المدعومين من الغرب في أسوأ قتال في بيروت منذ الحرب الأهلية، سافر القادة السياسيون اللبنانيون إلى قطر، حيث توصلوا إلى اتفاق يعرف باسم "اتفاق الدوحة". 

أنهت الصفقة جمودا دام 18 شهرا ونتج عنها انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة. 

وفي ظل الهدوء الذي أعقب ذلك، تدفقت استثمارات أجنبية ضخمة، ونما الاقتصاد اللبناني بمعدل 9 في المئة لمدة ثلاث سنوات متتالية.

في ديسمبر 2018، افتتح الرئيس ميشال عون المكتبة الوطنية اللبنانية التي أعيد تأهيلها حديثا في بيروت بتمويل من قطر وبتكلفة 25 مليون دولار. 

كانت والدة الأمير الحالية، الشيخة موزة بنت ناصر المسند قد وضعت حجر الأساس للمشروع في قلب بيروت في عام 2009.

انسحبت السعودية من لبنان في السنوات الأخيرة مع تنامي قوة حزب الله. ففي العام الماضي، أعلن الحليف الرئيسي للسعودية في لبنان رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، وهو مواطن لبناني سعودي، عن تعليق عمله في السياسة.

وفي عام 2020، حظرت الرياض استيراد المنتجات اللبنانية بعد أن انتقد مسؤول لبناني التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن. وحذت دول خليجية أخرى حذوها، لكن قطر لم تفعل ذلك، بل ضاعفت استثماراتها مع تراجع الاقتصاد اللبناني.

اشترى المستثمرون القطريون فندق بيروت لو فيندوم الشهير المطل على البحر الأبيض المتوسط في عام 2020، وهناك تقارير تفيد بأن الدوحة تخطط لضخ الأموال في القطاع المصرفي اللبناني المتعثر.

وتبرعت قطر في يونيو الماضي بمبلغ 60 مليون دولار لدعم رواتب أفراد الجيش اللبناني، كما أرسلت له إمدادات غذائية شهرية. 

ولطالما كان دعم الجيش اللبناني سياسة متبعة من قبل الولايات المتحدة، التي ترى فيه ثقلا موازنا لحزب الله.

وبعد ثلاثة أشهر من توقيع لبنان وإسرائيل اتفاقية الحدود البحرية بوساطة أميركية، انضم وزير الطاقة القطري سعد الكعبي الأسبوع الماضي إلى المسؤولين اللبنانيين في بيروت في حفل للتوقيع على اتفاق للحصول على حصة 30 في المئة في تحالف يعمل على التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية.

ووفقا للاتفاق، ستستحوذ شركة قطر للطاقة على حصة 20 في المئة، التي كانت تمتلكها شركة روسية، بالإضافة إلى 5 في المئة، كانت مملوكة لشركة إيني الإيطالية العملاقة ومثلها مملوكة لتوتال إنيرجيز الفرنسية، مما يجعل حصتها ترتفع لـ30 في المئة.

سياسيا، يبين التقرير أن قطر لم تدعم علانية أي حزب، لكن يقال إنها تقف لجانب قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، ليصبح الرئيس المقبل للبلاد. 

ودعي عون، الذي لا علاقة له بالرئيس المنتهية ولايته ميشال عون، لزيارة قطر في ديسمبر الماضي والتقى بمسؤولين رفيعي المستوى. ويعتقد أن حزب الله يعارضه.

وقال الاقتصادي اللبناني أنطوان فرح إن قطر، كما تفعل في كثير من الأحيان، تعمل على تعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية معا، فهي تضمن الحصول على أموال من استثماراتها بينما تكتسب دورا سياسيا في البلد الذي تستثمر فيه.

لكن الصحفي بصحيفة النهار اللبنانية اليومية علي حمادة يرى أن قطر، مثل دول الخليج الأخرى، سترغب في رؤية القادة السياسيين اللبنانيين يجرون إصلاحات جادة.

ويضيف: "يجب على لبنان أن يساعد نفسه لكي يساعده العرب.. لا يمكن للسياسيين اللبنانيين الجلوس وانتظار هطول الاموال من السماء".

من القصف على الضاحية الجنوبية... الأحد 6 أكتوبر
إسرائيل تكثف غاراتها على الضاحية الجنوبية لاستهداف مقرات قيادة حزب الله اللبناني

قال رئيس التيار الشيعي الحر، محمد الحاج حسن، في مقابلة مع قناة "الحرة" من دولة الإمارات، إن "أي حديث عن انكفاء حزب الله عن ساحة غزة هو بعيد عن الواقع"، مؤكدا أن "قرار الجماعة اللبنانية المسلحة ليس بيدها، بل تتحكم به طهران".

وأضاف أن "حزب الله لا يملك القرار الذي يسمح له بالانسحاب من المعركة أو التراجع عن ربط الساحات، لأن القرار في يد طهران التي أسست حزب الله ودعمته بالقوة وتستخدمه حالياً لخدمة مصالحها".

وأشار الحاج حسن إلى تصريحات وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته إلى لبنان، الذي أكد استمرار "مشروع القتال"، وهو ما تعززه تصريحات المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الذي دعا اللبنانيين إلى "مواصلة المعركة"، على حد تعبيره.

ويرى رئيس التيار الشيعي الحر أن "القرار لم يعد بيد حزب الله، خاصة في ظل القيادة المتفككة التي يعاني منها الحزب حاليا، ما يعوق اتخاذ قرار موحد"، معتبرا أن تصريحات، نعيم قاسم، "تتنافى مع الحقيقة والواقع".
 

والثلاثاء، أعلن نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، تأييده للجهود السياسية التي تهدف إلى وقف إطلاق النار في لبنان، مؤكدا أن إمكانات حزبه العسكرية "لا تزال بخير" رغم الضغوط الإسرائيلية.

وتزامنت كلمته مع "الذكرى الأولى لفتح حزب الله جبهة من جنوب لبنان ضد إسرائيل إسنادا لغزة".

وشدد قاسم على أهمية الدعم السياسي للجهود الرامية إلى تحقيق السلام، معترفا بالتحديات المعقدة التي تواجه الحزب.

ويعتقد الحاج حسن أن تصريحات قاسم تأتي في سياق "محاولة رفع معنويات الجمهور"، مبينا أن ما ققاله قاسم "منفصل عن الواقع الذي يترجم على الأرض، خاصة في ظل ما يتعرض له الحزب من ضغوط عسكرية متزايدة من قبل إسرائيل".

مناطق طلبت إسرائيل من سكانها اللبنانيين إخلاءها

ويصف الحاج حسن الوضع الحالي بأنه "دقيق وحساس، حيث يحتاج الحزب إلى خطاب يدعم قاعدته الشعبية المصدومة من ردة الفعل" على مقتل نصرالله.

ويرى الحاج حسن أن غياب الردود الفعلية في الوقت الراهن قد "يدل على ضعف الحزب"، مشيرا إلى أن الجماعة اللبنانية "شهدت خسائر كبيرة مؤخرا، لا سيما مع استهداف إسرائيل لقادته العسكريين وتدمير ترسانته".

"سيل معلومات".. الثمن الباهظ الذي دفعه حزب الله لقاء دعم الأسد
عندما انخرط حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري قبل 12 عاما كانت دوافع "قراره" آنذاك تذهب باتجاه حرصه على منع سقوط بشار الأسد. ورغم أن الأمر تحقق بالفعل على الأرض وضَمن الأخير بعد سنوات من القتال البقاء على كرسيه لم ينعكس ذات المشهد على صعيد هذه الجماعة اللبنانية.

لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الحزب "لا يزال يمتلك بعض الأوراق العسكرية، التي لم يتم استخدامها حتى الآن". ويشير إلى أن إسرائيل قد "تخطت جميع الحدود والأعراف، ولكن هذا لا يعني أن لبنان يجب أن يصبح ساحة للقتال بالنيابة عن إيران".

ويؤكد الحاج حسن على ضرورة استعادة لبنان لاستقلاله، مشيرا إلى أن "حزب الله يسيطر على القرار اللبناني منذ عام 2006"، مشددا على "أهمية تشكيل دولة حقيقية تعيد الاعتبار للسيادة اللبنانية".

Aftermath of Israeli strikes on Beirut's southern suburbs
كلمة نعيم قاسم تثير تساؤلات عن "فصل الربط" بين لبنان وغزة
ونقلت رويترز عن مسؤول في الحكومة اللبنانية "لم تسمه" قوله إن "حزب الله عدل عن موقفه بسبب مجموعة من الضغوط، بما في ذلك النزوح الجماعي للأفراد من الدوائر الانتخابية الرئيسية"، حيث يعيش أنصار الجماعة الشيعية في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.

وتحدث عن ضرورة أن تتحمل السلطة الحالية مسؤوليتها في معالجة معاناة اللبنانيين، معتبرا أن جميع الموجودين في الحكم يتحملون جزءًا من المسؤولية عن الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلد.

وشدد الحاج حسن على ضرورة مواجهة العدوان الإسرائيلي بشكل موحد وفعال، بعيدا عن التبعية لإيران. وعبر عن أمله في أن يتمكن اللبنانيون من إعادة بناء وطنهم بكرامة، وأن يتجاوزوا الحالة الحالية التي جعلتهم رهائن للصراعات الإقليمية والدولية.

هل تحوّلت حرب "الإسناد" في لبنان إلى حرب "البقاء"؟
هل تحوّلت حرب "الإسناد" في لبنان إلى حرب "البقاء"؟
قراءة عسكرية في تطورات الحرب، خصوصًا فيما يتعلق بالانتقال إلى ما يُعرف بالحرب الشاملة التي قد تطال سوريا، إيران، اليمن، والعراق. ما الذي سيحسم الحرب، القدرات الصاروخية والتكنولوجية أم القتال البري؟

هل ما زال الحل الدبلوماسي ممكنًا؟ خصوصًا أن الرئيس نجيب ميقاتي أعلن بعد الاجتماع الثلاثي بينه وبين وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فك "جبهة الإسناد" من خلال التعهد بنشر الجيش اللبناني، والدعوة لوقف إطلاق النار، وتطبيق القرار 1701. وهل ما زالت إسرائيل تريد تطبيق القرار الأممي؟

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي إن واشنطن تريد حلا دبلوماسيا، لكنها تدعم في الوقت نفسه الجهود التي تبذلها إسرائيل في مواجهة حزب الله.

وقال ميلر "على مدى عام، كان العالم يدعو إلى وقف إطلاق النار، وكان حزب الله يرفض. الآن بعد أن أصبح حزب الله في وضعية متراجعة وتعرض للضرب، فجأة غيروا لهجتهم ويريدون وقف إطلاق النار".

وأضاف "ندعم جهود إسرائيل لإضعاف قدرة حزب الله، لكن نعم، في نهاية المطاف، نريد أن نرى حلا دبلوماسيا لهذا النزاع".

وخلال الفترة الماضية، مني حزب الله بخسائر كبيرة لا سيما مع استهداف إسرائيل أبرز قادته العسكريين وإعلانها توجيه ضربات واسعة لترسانته واستهدافها بالغارات مناطق نفوذه.