An Israeli army convoy advances on a northern road near the border with Lebanon on October 17, 2023. - Israeli troops killed…
قافلة تابعة للجيش الإسرائيلي تتقدم على طريق شمالي بالقرب من الحدود مع لبنان في 17 أكتوبر 2023.

أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بورود تقارير حول تعرض قوة عسكرية لإطلاق قذيفة مضادة للدروع في منطقة بلدة شتولا والسياج الأمني على الحدود اللبنانية، فجر الأربعاء.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يقوم بالرد من خلال القصف المدفعي نحو مصادر اطلاق النار.

وتعرض محيط بلدتي رميش وعيتا الشعب اللبنانيتين، على الحدود مع إسرائيل، لقصف مدفعي بعدد كبير من القذائف التي سمعت أصواتها في أماكن عدة من الجنوب اللبناني حتى مدينة النبطية، وسط أنباء عن إطلاق صواريخ من الجانب اللبناني.

وكانت الحدود اللبنانية الإسرائيلية قد شهدت تطورات عسكرية بارزة، الثلاثاء، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل أربعة أشخاص حاولوا عبور السياج الحدودي مع لبنان وزرع عبوة ناسفة، ولم يذكر البيان موقع محاولة التسلل بشكل واضح.

انفجار قذيفة أطلقتها إسرائيل فوق قرية الضهيرة الحدودية في جنوب لبنان في 16 أكتوبر 2023.

من جهتها نقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية في لبنان أن أربعة أشخاص قتلوا في قصف إسرائيلي قرب قرية علما الشعب بجنوب البلاد.

وقال الجيش الإسرائيلي أيضا إنه تلقى تقريرا عن "إطلاق نار باتجاه بلدة المطلة" دون تقديم مزيد من التفاصيل، فيما نقلت رويترز عن مصدر أمني في لبنان بأن تبادلا لإطلاق النار وقع عبر الحدود قرب المطلة.

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام بياناً لتنظيم "حزب الله" أعلن فيه أن عناصره استهدفوا "دبابة للجيش الإسرائيلي في موقع المطلة وحققوا فيها إصابات مباشرة"، فيما أعلن لاحقاً عن استهداف 5 مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود.

كذلك أعلن الجيش الإسرائيلي عبر صفحته على منصة X  أن اثنين من جنوده الاحتياط جرحوا إثر إطلاق صاروخ مضاد للدبابات من لبنان باتجاه شمال إسرائيل.

في المقابل أعلن حزب الله، الثلاثاء، مقتل 5 من عناصره، بحسب ما نقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، من دون توضيح حول ظروف أو مكان مقتلهم.

وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر تصعيدا يوميا للأعمال الحربية والعسكرية بين الجانبين، هي الأعنف منذ سنوات، إثر الحرب المندلعة بين حماس وإسرائيل، حيث يسجل قصفا متبادلا وخروقات جوية ومحاولات تسلل بري فضلا عن اشتباكات مسلحة باتت وتيرتها يومية وبصورة تصاعدية، وسط مخاوف دولية من تمدد الحرب أو انخراط حزب الله في الهجوم على الشمال الإسرائيلي.

وحذر الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، لبنان من الانخراط في صراع معه، قائلا إنه سيرد "بقوة كبيرة جدا، إذا ارتكب حزب الله خطأ".

قوات إسرائيلية شنت قصفا مدفعيا على مناطق حدودية مع لبنان

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي: "نحن نبقى في حالة تأهب واستعداد قصوى في منطقة الشمال. إذا ارتكب حزب الله خطأ فسنرد بقوة كبيرة جدا".

وأضاف "يجب على دولة لبنان أن تسأل نفسها إن كانت تريد المخاطرة بلبنان من أجل مخربي داعش في غزة".

من ناحيتها حذرت الحكومة اللبنانية من أن الهجمات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني تهدد بفتح جبهة على الحدود، وفق رويترز.

الاشتباكات بين إسرائيل وجنوب لبنان أوقعت قتلى

وقال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب إن الهجمات الإسرائيلية على المناطق الحدودية والقرى والبلدات اللبنانية "أفعال تصب الزيت على النار، وتخرق بشكل فاضح القرار 1701 وتوتر الأجواء، مما قد يؤدي إلى اشتعال الجبهة بطريقة يصعب احتواؤها"، داعيا إلى ووقفها.

وكان قد أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، تفعيل خطة لإجلاء سكان 28 قرية ضمن نطاق كيلومترين من الحدود اللبنانية، وذلك في أعقاب اندلاع أعمال قتالية مع حزب الله اللبناني، بالتزامن مع الحرب المتصاعدة في غزة.

كما يشهد الجنوب اللبناني ولاسيما القرى الحدودية عمليات نزوح لسكانها نحو المناطق الداخلية والمدن الأكثر أماناً مثل صيدا وصور وبيروت، خوفاً من إمكانية التصعيد الأمني والعسكري في مناطقهم.

اللبنانيون يترقبون تطورات المشهد الأمني ـ صورة أرشيفية.

يترقب اللبنانيون تطورات المشهد الأمني الذي يزداد احتداماً بعد إطلاق 3 صواريخ باتجاه إسرائيل، وردّ الأخيرة بغارات جوية واسعة استهدفت عدة قرى لبنانية في الجنوب والشرق. 

ومع استمرار احتفاظ حزب الله بسلاحه متجاوزاً اتفاق الهدنة، تبدو المواجهة مفتوحة على مزيد من التصعيد.

ففي تحدٍّّ للاتفاقيات الدولية وخطاب قسم رئيس لبنان جوزاف عون والبيان الوزاري، يواصل حزب الله تمسكه بسلاحه، ما يجعل احتمالات التهدئة شبه معدومة. 

في المقابل، تواصل إسرائيل استهداف بنيته التحتية وقياداته العسكرية بضربات جوية، في محاولة لإضعافه أو القضاء عليه.

والسبت الماضي، اعترض الجيش الإسرائيلي 3 صواريخ أُطلقت من منطقة لبنانية تبعد نحو 6 كيلومترات عن الحدود، في ثاني عملية إطلاق عبر الحدود منذ توقف القتال في نوفمبر بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة.

وردّاً على الهجوم، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أنه أصدر تعليمات، بالتنسيق مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، للجيش "بالتحرك بقوة ضد عشرات الأهداف الإرهابية في لبنان".

من جانبه، نفى حزب الله مسؤوليته عن الصواريخ التي أُطلقت باتجاه إسرائيل، في وقت يواجه فيه تحديات متزايدة بعد الخسائر التي تكبدها في الحرب الأخيرة. 

ورغم تهديد مسؤوليه بالرد على الضربات الإسرائيلية والتأكيد على أن "للصبر حدود"، يرى مراقبون أنه يواجه صعوبات في تنفيذ تهديداته.

وفي ظل استمرار الغارات الإسرائيلية على مواقع وقيادات الحزب، يفرض السؤال نفسه: هل تكفي هذه الضربات لتحقيق أهداف إسرائيل؟ أم أن حزب الله قادر على امتصاصها وإعادة بناء قدراته مجدداً؟

حسم أم استنزاف؟

"نجحت إسرائيل في جمع معلومات دقيقة عن حزب الله تشمل الأسماء والمواقع والأسلحة"، كما يشير الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، مؤكداً أن السكان في المناطق المستهدفة "لا يخشون المسيّرات الإسرائيلية أو صوتها، لأنهم يدركون أنهم ليسوا في دائرة الاستهداف، وهو ما يعكس تمييز إسرائيل بين حزب الله والمجتمع المدني اللبناني".

ويقول ملاعب لموقع "الحرة"، "إسرائيل تختار أهدافها بعناية، مستهدفة الأشخاص الذين تعتبرهم جزءاً من حزب الله، مما يجعل بقية السكان يدركون أنهم خارج دائرة الاستهداف".

القضاء على حزب الله "ليس أمراً سهلاً"، كما يرى ملاعب "فالغارات الجوية وحدها لا تحسم المعارك، كما أن اكتشاف الأنفاق التابعة للحزب يؤكد أن بنيته العسكرية لا تعتمد فقط على السلاح المكشوف، بل على استراتيجيات بديلة تعزز استمراريته".

ويشير إلى تصريحات الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، الذي أكد أن "حتى إذا تم قطع طرق الإمداد من سوريا، فإن الحزب يمتلك مخزوناً يكفيه لسنوات، مما يجعل من الصعب القضاء على سلاحه عبر الهجمات العسكرية فقط".

من جانبه يؤكد العميد الركن المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر، أن "إسرائيل ستواصل هجماتها على لبنان إذ إن يظل الهدف الأسمى لها القضاء على حزب الله عسكرياً، لكن تحقيق ذلك صعب جداً. ومع ذلك، تسعى إسرائيل من خلال ضرباتها المتكررة إلى إضعاف الحزب إلى الحد الأدنى الذي تريده."

ويقول جابر لموقع "الحرة" إن"الضربات الجوية تُحدث دماراً، لكنها لا تكفي للقضاء على الحزب أو إضعافه بالكامل. حزب الله لا يزال يمتلك قدرات عسكرية مخفية، وهو يعمل على إعادة تنظيم صفوفه رغم الاستهدافات المستمرة."

أما مسألة تسليم سلاح الحزب للدولة اللبنانية، فيرتبط وفق جابر "بإدماجه في استراتيجية دفاعية وطنية تشرف عليها السلطة العسكرية."

تجدر الإشارة إلى أنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر، كان من المفترض أن يجري إخلاء جنوب لبنان من أي أسلحة لحزب الله وأن تنسحب القوات الإسرائيلية من المنطقة، وأن ينشر الجيش اللبناني قوات فيها.

وينص الاتفاق على أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في جنوب لبنان ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها.

مفتاح الحل

أكد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، رفضه التخلي عن سلاح الحزب المصنف جماعة إرهابية، متجاهلاً التزامات الدولة اللبنانية وتعهداتها الرسمية، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، الذي وافق عليه الحزب عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري والحكومة اللبنانية.

وفي مقابلة تلفزيونية على قناة "المنار"، في 9 مارس، أكد قاسم أن "رئيس الجمهورية تحدث عن حصرية السلاح، ونحن أيضاً مع حصرية السلاح بيد قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لضبط الأمن والدفاع، ولسنا ضد أن يكونوا هم المسؤولين. نرفض منطق الميليشيات ونرفض أن يشارك أحد الدولة في حماية أمنها، لكن نحن لا علاقة لنا بهذا الموضوع، نحن مقاومة".

وبعد إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، دعا الرئيس اللبناني جوزاف عون القوى المعنية في الجنوب اللبناني كافة، لاسيما لجنة المراقبة المنبثقة عن اتفاق نوفمبر 2024، والجيش، إلى متابعة ما يحصل بجدية قصوى لتلافي أي تداعيات وضبط أي خرق أو تسيّب يمكن أن يهدد الوطن في هذه الظروف الدقيقة. 

كما طلب عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل، اتخاذ الإجراءات الميدانية الضرورية للمحافظة على سلامة المواطنين، والتحقيق لجلاء ملابسات ما حصل".

من جانبه، يرى ملاعب أن "انسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية المعترف بها في اتفاقية عام 1949 سيساهم في تعزيز دور الدولة اللبنانية في استعادة سلطتها على السلاح".

ورغم ذلك يلفت ملاعب إلى أن "قرار حزب الله ليس محلياً بالكامل، بل مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإيران، لذلك مستقبل سلاح الحزب يتأثر بشكل رئيسي بالعلاقة بين إيران والولايات المتحدة، وخلال الشهرين المقبلين سيتم تحديد ما إذا كانت الجهود الأميركية ستؤدي إلى صفقة بين الطرفين أو ما إذا كنا نتجه نحو تصعيد جديد".

وفي حال فشلت الجهود الدبلوماسية، يحذر ملاعب، من أن "البديل سيكون المواجهة العسكرية، ما قد يؤدي إلى تصعيد دموي في المنطقة، بما في ذلك تفعيل إيران لأذرعها".

وعن السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة في حال لم يسلم الحزب سلاحه، يرى جابر أن "إسرائيل ستواصل غاراتها على لبنان وعمليات الاغتيال التي تستهدف كوادر وقيادات حزب الله، في إطار سعيها المستمر لإضعافه أو القضاء عليه".

كما لم يستبعد لجوء إسرائيل إلى تنفيذ عمليات كوماندوز ضد أهداف محددة، "فرغم صعوبة هذا الخيار وتكلفته العالية، يبقى احتمالاً قائماً".