السيول تجتاح مخيمات لاجئين سوريين في لبنان
كميات الأمطار المتساقطة فاقت التوقعات وأغرقت الطرقات ومخيمات اللاجئين

أدت العاصفة المطرية الشديدة التي يشهدها لبنان، إلى غرق العديد من الشوارع والأحياء السكنية ومخيمات اللاجئين السوريين، ولاسيما شمال البلاد، بالسيول التي تشكلت نتيجة فيضانات لمجاري الأنهار وقنوات تصريف المياه التي ما عادت تستوعب كمية المتساقطات الغزيرة التي انهمرت في فترات زمنية قصيرة ومتلاحقة.

ويشهد لبنان ومعه منطقة الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، منخفضا جويا مصحوبا بأمطار فيضانية منذ مطلع الأسبوع، بلغ ذروته يوم أمس الجمعة واليوم السبت.

بلا مأوى

وتسببت العاصفة التي لا زالت تطال العديد من المناطق اللبنانية بوقوع خسائر فادحة، سيّما في شمال لبنان حيث لا زال عناصر الدفاع المدني ينفذون عمليات إنقاذ المواطنين بسبب ارتفاع منسوب المياه واجتياحها الطرقات والمنازل والمحال التجارية في مناطق العبدة والكنيسة في محافظة عكّار، بحسب بيان صادر عن الدفاع المدني.

واجتاحت مياه الأمطار 3 مخيمات للاجئين السوريين في منطقة سهل عكار، حيث فاضت خيم اللاجئين بالمياه بارتفاع نحو نصف متر، ما جعلها غير صالحة للسكن وأتلف مقتنيات سكانها وامتعتهم، ودفعهم للبحث عن مأوى يبيتون فيه، فيما لم يجد الكثير منهم أماكن يلجؤون إليها، في ظل انعدام جهود الإغاثة والدعم.

وفي اتصال مع موقع "الحرة"، أفاد رئيس اتحاد بلديات سهل عكار خالد خالد عن غرق كل من مخيمات الميدا في منطقة تل حياة، ومخيمين أصغر حجماً في منطقة عبرين، في سهل عكار.

ويضيف "عاينت المكان منذ الصباح مع ورود أخبار طوفان المخيمات، نحمد الله أنه لم يسجل أي إصابات أو أضرار في الأرواح حيث اقتصرت الأضرار على الجانب المادي."

بحسب خالد، فإن كمية الأمطار التي تساقطت على المنطقة الزراعية ليل الجمعة - السبت "لم تكن طبيعية أبدا، فاقت الخيال"، "الناس استيقظت صباحاً لتجد نفسها غارقة بالمياه".

ونتيجة لذلك غرقت عشرات الخيم للاجئين، ومنازل لسكان لبنانيين في المنطقة، فضلاً عن عشرات الخيم الزراعية، بحسب رئيس اتحاد بلديات المنطقة، الذي يؤكد أن الأضرار المادية وخسائر الناس كبيرة جداً.

وعن مصير اللاجئين الذين فقدوا خيمهم، ووجهة لجوئهم في ظل العاصفة، يلفت خالد إلى أن كل عائلة لديها أقارب أو معارف في مناطق قريبة لجأوا إليهم ليبيتوا عندهم بانتظار انحسار العاصفة. ويضيف أنه وعلى الرغم من تواصل اللاجئين مع هيئات إغاثية على الخطوط الساخنة المخصصة لهم، "لكن لم يستجب أحد حتى الآن".

أما من لم يجد مأوى أو ليس لديه أقارب، فقد لجأ بحسب خالد إلى مبنى قريب يعود لأصحاب الأرض المقام عليها المخيم، حيث جمعوا بعضهم هناك في مستودعات داخل البناء "في ظروف صعبة جداً".

كذلك أفاد الدفاع المدني اللبناني عن إنقاذه عدداً من اللاجئين السوريين من داخل الخيم التي اجتاحتها السيول في منطقة القليعات في عكار.

فيضان النهر الكبير

كما أدّت الأمطار الغزيرة إلى فيضان مجرى النهر الكبير في عكار ، الواقع عند الحدود اللبنانية السورية والفاصل بين البلدين، ما خلّف أضراراً كبيرة في الأراضي الزراعية، واقتحمت السيول أراضي وممتلكات المزارعين ومنازلهم في خراج البلدات اللبنانية الواقعة على ضفة النهر، ومنها حكر الضاهري والسماقية والعريضة والمسعودية.
 

 إلى ذلك، أفادت غرفة "التحكم المروري" التابعة لقوى الأمن الداخلي اللبناني عن "تجمّع للمياه على مستديرة العبدة والطريق البحرية المقابلة إليها والعمل جار على المعالجة من قبل عناصر الدفاع المدني".

بدوره تحدث الدفاع المدني عن انقاذ العناصر ثمانية اطفال ومواطنة مسنة من داخل احد المنازل في بلدة العبدة، كذلك نفذ عمليات انقاذ للبنانيين محاصرين نتيجة السيول، في منطقة وادي خالد شمال لبنان القريبة من الحدود السورية.

وأفاد مختار منطقة وادي خالد، مروان الوريدي، في حديث لموقع "الحرة" بأن الفيضانات في المنطقة طالت ما يسمى بـ "خط البترول" السهلية، حيث أطاحت السيول بخيم زراعية ومحاصيل ودخلت منازل السكان والمزارعين، متحدثاً عن أضرار مادية كبيرة.

وحوّلت غزارة المتساقطات الطرقات والأوتوسترادات الساحلية الشمالية إلى أنهار وبحيرات جرّاء تدفّق السيول الجارفة إليها ممزوجة بالأتربة والوحول والحجارة ولا سيّما عند أوتوستراد المنية وفي مدينة طرابلس والميناء والقلمون امتداداً إلى شكا والبترون، حيث حاصرت السيول بعض السيّارات التي عملت الفرق المختصة على سحبها.

انهيارات وقطع طرقات

وسجل في مدينة طرابلس فجر السبت، انهيار سقف منزل في منطقة ساحة الدفتردار على قاطنيه، ما ادى الى سقوط جريحة جرى نقلها الى مستشفى طرابلس الحكومي للعلاج نتيجة تعرضها لكسر في ظهرها وفي يدها ووصفت حالتها لاحقاً بالمستقرة.

كذلك أقفلت السيول طرقات رئيسية وفرعية في العاصمة اللبنانية بيروت وعلى مداخلها والمناطق المحيطة بها، وعملت عناصر الدفاع المدني، على سحب سيارة وفان ركاب وإنقاذ مواطنين احتجزوا بداخلهم بسبب تبرك المياه جراء غزارة المتساقطات وقاموا بمساعدتهم على متابعة سيرهم بأمان في نفق خلده-عاليه.
 

الأمطار الغزيرة ساحلاً كانت أقل غزارة في المرتفعات حيث تساقطت الثلوج من ارتفاع 1500 متر وما فوق، ما أدى إلى إقفال بعض الطرق الجبلية نتيجة الثلوج والانهيارات، فيما عملت الفرق المختصة على فتح طرق أخرى رئيسية بين المحافظات.

وتمكن عناصر من الدفاع المدني من إنقاذ 6 أشخاص كانوا قد احتجزوا داخل سيارتين في أعالي جبل صنين بسبب تراكم الثلوج. وقد نفذ العناصر مسحًا شاملًا لتلك البقعة الجغرافية وسط أجواء مناخية شديدة السوء، إلى أن تم العثور عليهم، بحسب البيان.

ومن المتوقع أن يستمر المنخفض الجوي الذي يضرب لبنان حتى صباح يوم الاثنين المقبل، حيث ينحسر بصورة تامة بحسب الأرصاد الجوية.

التوتر تصاعد على الحدود الجبلية منذ ثلاثة أشهر عقب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد (أرشيفية)
التوتر تصاعد على الحدود الجبلية منذ ثلاثة أشهر عقب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد (أرشيفية)

اتفق وزيرا الدفاع اللبناني والسوري، الاثنين، على وقف إطلاق النار بين الجانبين عقب اشتباكات خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل جنود من الجانبين.  

وذكرت وزارتا الدفاع السورية والصحة اللبنانية أن ثلاثة جنود من الجيش السوري الجديد وسبعة لبنانيين قُتلوا في اشتباكات على الحدود خلال اليومين الماضيين، وذلك في الوقت الذي اجتمع فيه وزراء البلدين لمناقشة سبل التهدئة والاتفاق على وقف لإطلاق النار.

وأضافت وزارة الصحة أن 52 شخصا أصيبوا على الجانب اللبناني.

وتصاعد التوتر على الحدود الجبلية منذ ثلاثة أشهر عقب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد حليف طهران وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، وما أعقب هذا من تولي المعارضة مسؤولية المؤسسات والجيش.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن وزير الخارجية يوسف رجي التقى في بروكسل مع نظيره السوري أسعد الشيباني وبحثا "التطورات الحاصلة على الحدود اللبنانية-السورية واتفقا على متابعة الاتصالات بما يضمن سيادة الدولتين ويحول دون تدهور الأوضاع".

كما أجرى وزير الدفاع اللبناني، ميشال منسى، اتصالا بنظيره السوري، مرهف أبو قصرة، وبحثا التطورات الحاصلة على الحدود، وفق ما نقلته مراسلة الحرة. 

وجرى الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين على أن يستمر التواصل بين مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والمخابرات السورية للحؤول دون تدهور الأوضاع على الحدود بين البلدين تجنبا لسقوط ضحايا مدنيين أبرياء.

واتهمت وزارة الدفاع السورية مساء الأحد عناصر من جماعة حزب الله بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم. ونفت جماعة حزب الله ضلوعها في هذا الأمر.

وذكر مصدر أمني لبناني لرويترز إن الجنود السوريين الثلاثة هم من عبروا إلى الأراضي اللبنانية أولا وقُتلوا على أيدي مسلحين من عشيرة في شمال شرقي لبنان كانوا يخشون تعرض بلدتهم لهجوم.

وقالت وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني إن القوات السورية قصفت بلدات حدودية لبنانية ليلا ردا على مقتلهم.

وأضاف سكان من بلدة القصر التي تبعد أقل من كيلومتر واحد عن الحدود لرويترز إنهم فروا مبتعدين عن المناطق الحدودية هربا من القصف.

وقال الجيش اللبناني في بيان، الاثنين، إنه سلم جثامين القتلى السوريين الثلاثة إلى السلطات السورية، وإن الوحدات العسكرية ردت على إطلاق النار من الأراضي السورية "وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني".

وذكر مراسل من رويترز على الحدود أن الجيش السوري أرسل قافلة من الجنود وعدة دبابات إلى الحدود الاثنين. وأطلقت القوات السورية النار في الهواء في أثناء مرورها عبر البلدات في طريقها إلى الحدود.

وقال ماهر الزيواني، وهو قائد فرقة في الجيش السوري تنتشر على الحدود، إن "تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت لدعم المواقع على الحدود السورية اللبنانية ومنع أي انتهاكات في الأيام المقبلة".