الأمن اللبناني اعتقل أفراد شبكة لاغتصاب الأطفال
الأمن اللبناني اعتقل أفراد شبكة لاغتصاب الأطفال

في العالم الرقمي، حيث بات الإنترنت بوابة لا غنى عنها، ينغمس الأطفال في رحلة افتراضية مليئة بالفرص والاكتشافات، لكن قد تتحول هذه الرحلة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، وهو ما حصل مع أطفال في لبنان، وقعوا في مصيدة الاستدراج والاعتداء الجنسي والابتزاز.

أضاء الكشف عن "شبكة اغتصاب الأطفال" في لبنان على المخاطر المحدقة بالصغار على وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت ساحة مفتوحة لعصابات إجرامية تستغل براءتهم وتدفعهم نحو أفخاخها.

وخلّف إعلان الأجهزة الأمنية اللبنانية عن إلقاء القبض على عدد من أفراد الشبكة، وتسريب تفاصيل الجريمة وأسلوبها، وفصول الرعب التي تخفيها والمتورطين فيها من شخصيات مشهورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً على تطبيق "تيك توك"، صدمة كبيرة لا تزال ارتداداتها مستمرة.

وشكّلت الجريمة جرس إنذار، بوجود قنابل موقوتة بين أيدي الأطفال أي الهواتف الذكية، وأثارت تساؤلات حول دور الأسرة والمجتمع والسلطات في حماية وتحصين الصغار من مخاطر الإنترنت.

خطر محدق

"تحوّلت شاشات الهواتف الذكية إلى نوافذ تطل على عالم افتراضي مليء بالإيجابيات والسلبيات"، كما تقول هدى، الأم التي عاش ابنها سمير تجربة قاسية خلال رحلته في هذا العالم، والتي تخشى على حفيديها من تجربة مماثلة، وتشدد "مع سهولة التواصل مع الغرباء، قد يقع بعض الأطفال وحتى الكبار، ضحية لمتحرشين ومبتزين يتربصون بهم، مستغلين عدم معرفتهم الكافية بمخاطر هذا العالم".

وكان سمير تعرّض وهو في عمر العشرين، للابتزاز الإلكتروني بعد تعرّفه على فتاة من خارج لبنان، عبر تطبيق إنستغرام، التقطت له مقاطع فيديو في أوضاع مخلة من دون علمه خلال الحديث معه عبر تقنية "الفيديو كول"، ليرضخ بعدها لتهديداتها ويقوم بإرسال مبلغ مالي لها لعدم نشر ما بحوزتها رغم معارضة والدته.

وتقول هدى لموقع "الحرة" "كما توقعت قامت بتهديده مرة ثانية بعد استلامها المبلغ المالي، فما كان منه إلا أن أغلق جميع حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم مرور خمس سنوات على الحادثة، لا يزال يعاني من آثار هذه التجربة المؤلمة".

والآن تدرك هدى جيداً، كما تشدد، خطورة الإنترنت على حفيديها (8 و12 عاماً) وتقول "منذ أن كانا بعمر السنتين كنت أرفض أن يعتادا على الأجهزة الذكية، لكن العاملة المنزلية كانت تفضّل إشغالهما بها كنوع من الترفيه، لذا، أصريت على ابنتي تثبيت برامج حماية تحول دون الدخول عن طريق الخطأ إلى مواقع مشبوهة".

كلما كبر حفيديّ هدى تزداد مخاوفها من عالم الإنترنت، لا سيما بعد أن أصبح لكلّ منهما هاتفه الخاص، وتقول "أحذرهما دائماً من لصوص الإنترنت، كونهما لا يُدركان معنى الابتزاز الإلكتروني، أشرح لهما أن هؤلاء اللصوص قد يطلبون منهم صوراً خاصة لهما أو لمنزلهما وأنه من الخطأ الكبير أن يتحدثا مع الغرباء عبر الإنترنت".

كما تطلب هدى دائماً من ابنتها مراقبة المواقع التي يتصفحها صغيراها، لا سيما عند ذهابهما إلى المدرسة وترك هاتفهما في المنزل، والصدمة الكبرى كانت قبل أيام بعدما ضج الخبر بعصابة اغتصاب الأطفال، إذ وفقاً لما تقوله "اكتشفت ابنتي أن حفيدي الصغير حمّل تطبيق تيك توك على هاتفه دون علمنا! وعند مواجهته برّر الأمر برغبته مشاهدة فيديوهات كرة قدم، فسارعت وحذفته على الفور".

تشدد هدى من خلال تجربتها على أهمية مراقبة الأطفال وتوجيههم في استخدام الإنترنت "لا يجب تركهم يواجهون مخاطر العالم الافتراضي بمفردهم، خاصة في مراحل عمرية حساسة، حيث يجب أن يبقي الأهل يدهم وعينهم دائماً على هاتف طفلهم".

وتطالب بحظر تطبيق "تيك توك"، لما له من "تأثير سلبيّ على سلوكيات الأطفال، ونشر ثقافة خاطئة تمجّد الربح السهل على حساب القيم والأخلاق".

الحجب هو الحل؟

بعد الكشف عن أن عصابة اغتصاب الأطفال، كانت تستخدم "تيك توك" بشكل رئيسي، لاستدراجهم والاعتداء عليهم وابتزازهم، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات ومطالبات تتعلّق بحجب هذا التطبيق، ما دفع المكتب الإعلامي لوزير الاتصالات جوني القرم إلى التأكيد أن "حظر وزارة الاتصالات لأي تطبيق سواء تيك توك أو غيره، ومنعها مواقع الويب أو التطبيقات الخاصة يتطلب أمراً قضائياً وفقاً للبروتوكولات القانونية".

وشرح المكتب في بيان أن "وزارة الاتصالات هي سلطة تنفيذية، وما يصدر عن القضاء اللبناني لناحية حظر أو عدم حظر أي تطبيق تلتزم الوزارة بتنفيذه حصراً، بمعنى أن لا صلاحية فردية لوزير الاتصالات في اتخاذ قرار حظر أي تطبيق من عدمه".

من جهة ثانية، "وحرصاً على حسن استعمال الانترنت" شدد مكتب القرم على "ضرورة رقابة الأهل على أطفالهم وتحسين العلاقة معهم وبناء جسور من الثقة، وهو ما يساهم في حماية أطفالهم من الوقوع ضحايا هكذا جرائم. كما أن هناك أدوات في كافة التطبيقات ومن بينها تيك توك تتيح لأولياء الأمور إدارة وقت شاشة أطفالهم وحظر المحتوى غير المناسب. ويمكن لإدارة هذا التطبيق أن تقدّم التدريب المناسب لإرشاد الأهل عليه".

كما شدّد المكتب على "ضرورة أن يكون جميع حاملي بطاقات SIM فوق سن 18 عاماً، ممّا يجعل أي انتهاكات للقوانين اللبنانية عبر القنوات الرقمية موضوعاً لإجراءات قانونية قاسية".

لكن وزير الإعلام زياد مكاري اعتبر في بيان أن الحجب لا يحد من استعمال هذا التطبيق، إذ إن "هناك طرقاً أخرى بديلة ممكنة ومتاحة، مثل تقنية vpn، مع الإشارة إلى أن تيك توك ليس إلا وسيلة تواصل، وإذا تم حجبه فتنتقل هذه الشبكات إلى منصات أخرى، لذا الأجدى والأهم، هو مراقبة المحتوى والتبليغ بسرعة عن أي مضمون يمس بالآداب العامة أو يحمل شبهات إجرامية ولا أخلاقية، بهدف الحذف وإقفال الحساب".

كذلك أكد المدير التنفيذي لمنظمة "سمكس" (المعنية بالحقوق والسلامة الرقمية)، محمد نجم، بحسب ما أوردت المنظمة أن "حجب التطبيق لا يعني انتهاء حالات الابتزاز والاعتداءات الجنسية وغيرها من الجرائم، مشدداً على أن "الحجب ليس حلّاً، ولا يجوز رمي تقاعس الأجهزة القضائية والأمنية وحتى إهمال بعض الأهل على التطبيق، في حين تُنسى الجريمة ويُنسى المجرمون".

وأشارت "سمكس" إلى أن تطبيق "تيك توك" يقدّم في "دليل أولياء الأمور" بعض الخطوات التي تمكّن أولياء الأمور من مراقبة حسابات أبنائهم/ن، لا سيما إذا كانوا تحت سن 13 عاماً، وذلك عن طريق ربط حسابات العائلة مع بعضها البعض، لتمكين واستخدام مجموعة متنوعة من إعدادات المحتوى والخصوصية والرفاهية على حسابات الأولاد، كما تقول تيك توك”.

ويمكن عن طريق هذا الربط أن يضيف الأهل بعض خصائص الحماية لحسابات أولادهم على "تيك توك"، بحسب نجم "مثل جعل الحساب خاصّاً، والحد من التعليقات على مقاطع الفيديو، والاطّلاع على الرسائل المباشرة، والبحث، وتحديد مدة الاستخدام اليومية، وصولاً إلى تقييد الحساب".

وكذلك "يمكن لأيّ مستخدم لتطبيق تيك توك أن يطّلع على صفحة التحكم بالسلامة والخصوصية، للتحكم في إعدادات الحساب، والتفضيلات، والظهور العلني للحساب، وتحديد من يتفاعل مع المحتوى الخاص بكم/ن، وإدارة مقاطع الفيديو التي تشاهدونها على التطبيق".

خيارات المواجهة

كما نشرت "أوجيرو" (اليد التنفيذية لوزارة الاتصالات)، طرقاً عدة يمكن للوالدين اتباعها لمنع طفلهما من الوقوع ضحية للتأثيرات السلبية دون عزله عن عالم وسائل التواصل الاجتماعي تماماً.

الخطوة الأولى التي على الأهل اتباعها بحسب "أوجيرو" هي إعداد حساب وسائل التواصل الاجتماعي الخاص بالطفل للسماح لهم بالإشراف على نشاطه ومنع وصول المحتوى الضار إليه.

بعض الخيارات التي أوصت بها لتطبيق تيك توك هي تمكين الاقتران العائلي من خلال ربط حساب وسائل التواصل الاجتماعي الخاص بالطفل بحساب الأهل. ويمكن القيام بذلك باتباع الخطوات التالية: الضغط على الملف الشخصي في الأسفل، ثم الضغط على زر القائمة في أعلى الشاشة، بعدها الضغط على الإعدادات والخصوصية، ومن ثم اضغط على ربط الحسابات للعائلة، والضغط على آباء أو مراهقين، ومن ثم اتباع الخطوات داخل التطبيق لربط الحسابات.

كما يمكن كما ذكرت "أوجيرو" تقييد الرسائل الخاصة أو إلغاء تنشيطها تماماً لمنع أي تواصل مباشر عن طريق الحسابات المشبوهة مع الطفل، وكذلك تصفية المحتوى من خلال مساعدة الطفل على تحديد أنواع المحتوى الذي يريد مشاهدته، وتقليل فرصة تعثره في محتوى خطير معمم.

وأشارت إلى أن معظم منصات الوسائط الاجتماعية، إن لم يكن جميعها، تحتوي على إعدادات مشابهة لتلك المذكورة أعلاه وأوصت باستكشاف هذه الإعدادات إذا كان الأطفال يعتزمون استخدام هذه المنصات.

كما لفتت إلى أنه من المهم إعداد الطفل لبيئة الإنترنت التي يحاول أن يكون جزءاً منها، قائلة "إن جعل الطفل يفهم مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يساعده على تجنب التأثيرات السلبية تماماً باستخدام حكمه الخاص"، ومن النصائح لذلك:

"التواصل مع الطفل بشكل متكرر بشأن استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي وتحذيره من أنه لا يمكن الوثوق بمحتوى الوسائط الاجتماعية في ظاهره، وتشجيعه على السؤال عن أي محتوى أو إعلانات تبدو مشبوهة أو غير متأكد منها، والتوضيح له أن الأهل موجودون دائماً لمساعدته إذا شعر أنه شارك معلومات حساسة أو وقع ضحية عبر الإنترنت".

وأشارت "أوجيرو" إلى أنه يمكن أن يكون لمنع الأطفال من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي آثاراً سلبية أيضاً، "لذا فإن أفضل مسار للعمل هو مساعدتهم على التنقل والتأكد من أنهم يشعرون بالحرية في التحدث مع الأهل بشأن أي من مخاوفهم. إذا كانوا لا يخشون أن تتعرض أسرهم للعار أو العقاب على أفعالهم عبر الإنترنت، فلن يترددوا في المجيء إليهم للحصول على المساعدة عندما يكونون في أمس الحاجة إليها".

مسؤولية مشتركة

لكن سمر حلال مسؤولة "منصة السلامة الرقمية" في "سمكس" تقول إن "نصائح السلامة الرقمية مهمّة وضرورية، ويوجد على تطبيق تيك توك عدداً من الميزات لتعزيز سلامة المستخدمين القاصرين مثل ميزة الخصوصية، والإشراف العائلي وغيرها"، ومع ذلك تؤكد أن "هذا لا يكفي لحماية الأشخاص القاصرين من هذا النوع من الابتزاز".

وتحمّل حلال، المجرمين في "شبكة اغتصاب الأطفال" الذين تثبت الاتهامات ضدهم "المسؤولية الأولى عن أفعالهم التي يجب أن يعاقبوا عليها" كما تقع المسؤولية وفقاً لها "على الدولة وأجهزتها، وعلى تطبيق تيك توك، وأيضاً على الأهل".

وتشرح "ينبغي على الأهل أن يكونوا واعين لما يحصل مع أولادهم ويؤمّنوا ملاذاً آمناً للأولاد كي يستطيعوا التحدث معهم عند التعرض لحالات مشابهة. أما الأجهزة الأمنية فينبغي أن تعزّز الثقة لدى المواطنين، إذ تقع عليها مسؤولية كبيرة ولديها القدرة على توقيف هؤلاء".

من جانبها تعرّف قوى الأمن الداخلي الابتزاز الإلكتروني في موقعها بأنه "جريمة يتم فيها التهديد بنشر صور أو فيديوهات خاصّة بالضحيّة بهدف الحصول على مبالغ مالية، أو دفع الضحيّة للقيام بأعمال غير مشروعة.

وخلال ندوة عن الابتزاز والتنمّر الإلكتروني عقدت في مارس الماضي في كلية العلوم الإنسانية في جامعة بيروت العربية، أشار النقيب في قوى الأمن الداخلي ايلي داغر إلى أن "مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية قد تم استحداثه عام 2006 وهو الوحيد في لبنان الذي يحقق بهذه الأنواع من الجرائم" لافتاً إلى تزايد عدد الشكاوى التي قد تصل إلى 50-60 شكوى في اليوم.

وتابع داغر "الابتزاز يطال الجميع وليس فقط الفتيات، والمجرم الذي كان يرتكب الجريمة جسدياً أصبح يرتكبها الكترونياً" متمنياً اصدار قانون محدد أكثر للجرائم الالكترونية.

وتنصح قوى الأمن الداخلي عبر موقعها الالكتروني المواطنين بتفادي التعرّض للابتزاز "بوعي وذكاء" من خلال، "عدم نشر أو إرسال صور خاصّة أو مقاطع فيديو شخصية عبر تطبيقات الإنترنت، وتعزيز إعدادات الأمان والخصوصية على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي".

وكذلك "تغطية الكاميرا الموجودة في الكمبيوتر والهاتف المحمول، لمنع تسجيل فيديو أو أخذ صور دون علم المستخدم، وتجنّب محادثة الغرباء أو لقاءهم، فقد لا يكون من الذي تم الحديث معه على الانترنت هو ذاته الشخصية التي يدّعيها، وربما يكون منتحلاً شخصية أُخرى مستخدماً صورة أو معلومات مزيفة".

وتدعو من يتعرّض لعملية ابتزاز إلى اتّباع الخطوات التالية، "التحدّث إلى شخص راشد يثق به، مثل الوالدين أو الأقارب أو أستاذه، وعدم الرضوخ والتجاوب مع طلبات الشخص المبتز مهما بلغ حجم الضغوطات".

كما تدعو للاحتفاظ بكل ما يَرِدُ الضحية من المُبتزّ سواء كانت صوراً، فيديوهات، رسائل، تعليقات، بريد الكتروني، رسائل فورية، وغيرها، كدليل يمكن استخدامه لتثبيت وقوع الجرم عند اللزوم، والإبلاغ لدى قوى الأمن الداخلي أو النيابات العامة، عن محاولات الابتزاز أو التنمّر الإلكتروني عند وقوعها، من دون التلميح للمُبتزّ عن الرغبة في إبلاغ الجهات المختصّة.

وكذلك الاستفادة من خدمة الإبلاغ (Report) عن الإساءة التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي وذلك عندما تُستخدَم هذه المواقع لنشر صور خاصّة أو مقاطع فيديو شخصية للضحية.

صرخة.. قبل فوات الأوان

ترخي شبكة الإنترنت مخاطر جمة على الأطفال والمراهقين تتعدى بحسب الأستاذة الجامعية والباحثة الاجتماعية البروفيسورة، وديعة الأميوني "مسألة الإدمان الالكتروني والتعرض للمحتوى العنيف والإباحي والعزل الاجتماعي والتنمر والتحرش، لتصل إلى تهديد الصحة الجسدية وظهور المشكلات في العامود والفقري والعيون ناهيك عن مضار تعرضهم للإشعاع الكهرومغناطيسي من الأجهزة وهم في طور النمو وتعزيز مناعتهم الصحية".

وتحذّر الأميوني في حديث مع موقع "الحرة" من أن "المسألة خطيرة وتطال جيل بكامله، من هنا نطالب السلطة بتوفير تشريعات لحماية الأطفال والأولاد/الجيل الرقمي قبل فوات الأوان، وأن تلعب المؤسسات التعليمية دورها الهام في التوعية والتدريب حول الاستخدام الآمن للإنترنت، وأن يراقب الأهل استخدام أطفالهم للهواتف والتطبيقات لما له اليوم من تأثير كبير على تربيتهم وبناء شخصيتهم النفسية والاجتماعية".

يقع الدور الأكبر في الضبط والتوجيه وفقاً لما تقول الأميوني "على الأهل الذين يجب أن يستخدموا تطبيقات متخصصة لمراقبة هواتف أبنائهم أو أن يلجأوا الى خبراء وفنيين لمساعدتهم في ذلك. فيمكن أن يستخدموا على سبيل المثال تطبيق KidsGuard Pro الذي يساعد في مراقبة المكالمات والرسائل وتحديد المواقع التي يزورها الأبناء، وتطبيقQustodio الذي يعمل على تصفية المحتوى ومراقبة الأنشطة على وسائل التواصل الاجتماعي. وNorton Family الذي يساعد على تتبع الأنشطة وتحديد الحدود الزمنية المتاحة وDigital wellbeing & Parental Control المتواجد على كافة الهواتف المحمولة".

بكلمة مختصرة تقول إن "العالم يشهد اليوم انتشاراً هائلاً لوسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص بين الأطفال والشباب. وفي هذا السياق، تبرز أهمية تعزيز الوعي بأخلاقيات استخدام هذه الوسائل بين الأطفال".

إذ يلعب التوجيه الأخلاقي وفقاً للأستاذة الجامعية "دوراً حيوياً في تشكيل قيمهم وسلوكياتهم في العالم الرقمي. وهناك العديد من الطرق لتعزيز الوعي لدى الأطفال حول استخدام الإنترنت، بما في ذلك زيادة وعيهم حول انتشار المعلومات الزائفة والتحريض والابتزاز الإلكتروني، والتواصل الإيجابي وبناء العلاقات الصحية والتفاهم الثقافي والاجتماعي، وتلقينهم كيفية التعامل بأمان واحترام مع الآخرين في المجتمع الرقمي وتوعيتهم حول المخاطر المحتملة وكيفية التصدي لها".

بالإضافة إلى ذلك، "يمكن ارشادهم نحو تحديد الخصوصية على منصات التواصل الاجتماعي الذي يُعد أمراً بالغ الأهمية في الحفاظ على سرية المعلومات الشخصية وتقليل خطر الوصول غير المصرح به إليها وبالتالي التحكم في من يمكنه رؤية المحتوى الذي يتم مشاركته وتقليل خطر استغلال البيانات الشخصية دون موافقة المستخدم لأسباب قد تكون غير أخلاقية الأمر الذي يحد من خطر تعرضهم للجرائم الإلكترونية مثل الاحتيال وسرقة الهوية، ويساعد في الحفاظ على السمعة وحماية الأفراد من التشويه أو التحكم بها من قِبل الآخرين".

لذلك، تنصح المستخدمين "تحديث إعدادات الخصوصية بشكل دوري لضمان الحماية الكاملة لبياناتهم وخصوصيتهم على الإنترنت".

وعن دور المجلس النيابي في حماية الأطفال من الجرائم التي تطالهم عبر الانترنت، سبق أن أكدت رئيسة لجنة المرأة والطفل النائب عناية عز الدين في حديث لقناة "الحرة" أنه "نحن اليوم مطالبون بمراجعة المحفظة التشريعية، للتأكد من أن العقوبات والغرامات كافية وملائمة وأن النصوص تتناسب مع الإجراءات العالمية بهذا الخصوص".

وأعلنت أنها تقدّمت منذ عام 2020 باقتراح قانون يتعلّق بحماية الأطفال على الإنترنت وستتابع هذا الاقتراح في لجنة الإدارة والعدل "وخصوصاً أن للمجلس النيابي دورًا في تأمين بيئة تشريعية وقائية ورقابية رادعة".

وطالبت بـ "تطبيق النصوص القانونيّة التي تتعامل مع حالات التحرش والاغتصاب والاستغلال الجنسي والدعارة والإتجار بالبشر ولا سيما بعدما تم تعديل القوانين في لبنان لتشمل هذه الجرائم في المواقع الإلكترونية، كما تمّ تشديد العقوبات ومنح القضاء صلاحيات واسعة للتحرك ولو لم يتمّ الادّعاء على المرتكب أو الجاني".

واعتبرت أنه "يجب إلزام الشركات الكبرى المنتجة للمنصات الرقمية بتزويد الدول ببرامج وتقنيات لممارسة نوع من الرقابة على الصفحات التي يستخدمها الأطفال والقاصرون. وهناك دور للأهل في هذا المجال لمراقبة كيفية استخدام أطفالهم المنصات الرقمية وتأمين الحماية لهم".

وتابعت أنه "يجب تعزيز القدرة لدى وزارة الداخلية وشعبة مكافحة جرائم المعلوماتية لاكتشاف مصادر هذه الشبكات وملاحقتها وتتبّع أفرادها".

عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)
عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)

إصرار على بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الجيش.. بهذا النهج يستهل الرئيس الجديد جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، قيادتهما للبلاد في مرحلة حساسة، وقد تبعت تصريحاتهما بهذا الشأن، أنباء عن مداهمة الجيش اللبناني مستودع سلاح تابع لحزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت.. فهل تعد هذه الخطوة الأولى في سلسلة من الإجراءات المقبلة التي تصب في نفس الهدف، وما هي التبعات التي قد تترتب عليها؟.

عاد سلاح حزب الله إلى الواجهة، بعد انتخاب عون رئيسا جديدا للبنان، وتكليف سلام برئاسة الحكومة، وذلك بعد حرب مدمرة مع إسرائيل، تسببت بمقتل وجرح الآلاف خلال العام الماضي، وهدنة هشة تتكثف الجهود للحفاظ على استمراريتها.

والثلاثاء، نقلت مراسلة "الحرة" في بيروت عن مصدر أمني قوله، إن "الجيش اللبناني داهم مستودع سلاح تابع لحزب الله في منطقة العمروسية بالضاحية الجنوبية"، وسط تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي.

وتطرح الخطوة تساؤلات عن إمكانية مصادرة الجيش اللبناني أسلحة لحزب الله، خاصة بعد قيامه بمصادرة أسلحة وذخائر من مواقع فصائل فلسطينية بلبنان كانت موالية لنظام المخلوع بشار الأسد في سوريا، وعن إمكانية أن يتحول الحزب إلى سياسي فقط، أو أن يحصل أي اشتباك أو احتكاك مع الجيش اللبناني.

وقالت الأكاديمية والباحثة السياسية، زينة منصور، في حديثها لموقع "الحرة" إنه "حتى الساعة لا يوجد قرار في المؤسسة العسكرية اللبنانية بأن يقف الجيش اللبناني بوجه حزب الله (...) وهو لم يقم بضبط ومصادرة مخازن السلاح، بينما الجيش الإسرائيلي هو من يقوم بتدمير مخازن أسلحة ومهاجمة مواقع لحزب الله".

وأضافت: "ما زالت المؤسسة العسكرية بحاجة للتمكين لجهة التسلح ورفع مستوى القدرات العسكرية للاضطلاع بدورها على كامل الأراضي اللبنانية وللقيام بعمليات الضبط حيث يتوجب ذلك، بهدف تطبيق الدستور الذي ينص على حصرية السلاح بالجيش اللبناني، إلى جانب أن القرارات السياسية تلجمها عن الاصطدام بالحزب"، مستبعدة أيضا "حصول اشتباكات مسلحة بين الجيش وحزب الله".

وفي هذا الصدد، نوهت بوجود "دعوات دولية لأن يصبح حزب الله سياسيا"، وأن يتخلى عن سلاحه، لتجنيب البلد المزيد من الصراعات المدمرة. 

يذكر أن الجيش اللبناني لم يصادر أسلحة من حزب الله في الماضي، وذلك بسبب طبيعة العلاقة الحساسة والمعقدة بين الطرفين، كون حزب الله (المصنف على قوائم الإرهاب في أميركا ودول أخرى)، كان يُعتبر قوة رئيسية في لبنان، ويحتفظ بترسانة عسكرية خارج إطار الجيش.

ورغم ذلك، يتواصل الجدل في البلاد حول وضع سلاح حزب الله. وقد ناقشت أطراف سياسية داخلية ودولية ضرورة وضعه تحت إشراف الدولة اللبنانية. 

لكن حتى الآن، لم يقم الجيش اللبناني بتنفيذ عمليات مصادرة واضحة أو تفكيك لقوة الحزب العسكرية.

"ضرورة وطنية"

ويرى الباحث والمحلل السياسي، طارق أبو زينب، أن نزع سلاح حزب الله "ليس فقط ضرورة وطنية، إنما هو ضرورة لتطبيق القرار الدولي 1701".

وقال في حديثه لموقع "الحرة"، إن نزع السلاح أيضا "ضرورة لحماية الأمن القومي اللبناني من المخاطر التي تترتب على تدخلات هذا الحزب في شؤون الدول الأخرى".

واستطرد موضحا أن "حزب الله كان أحد اللاعبين الرئيسيين في دعم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية في سوريا. وبعد الانسحاب السريع لعناصره من سوريا بعد سنوات من التدخل المكثف، أصبح حزب الله في موقف ضعيف على الصعيدين اللبناني والإقليمي".

وتابع: "تراجع تأثيره في المحور الإيراني جعله غير قادر على متابعة أهدافه العسكرية خارج الحدود اللبنانية". 

وأضاف: "علاوة على ذلك، كشفت الحرب الأخيرة عن حقيقة عجز حزب الله أمام قوة إسرائيل، حيث لا يستطيع مجاراة التكنولوجيا العسكرية والتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، مما يفرض حكما بالفشل على أي مواجهة مع إسرائيل".

جوزاف عون قال في خطاب القسم أنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرا على الدولة - AFP
الرئيس اللبناني ومعركة "السلاح".. "لقطة" تختصر أزمة حزب الله
لقطة رصدتها عدسات الكاميرا في البرلمان اللبناني خلال خطاب القسم لقائد الجيش، جوزاف عون، بعد انتخابه رئيسا للبلاد يوم الخميس الماضي، تعكس ضعف موقف حزب الله في هذه المرحلة بعد أن كان يدير خيوط اللعبة السياسية لأعوام طويلة عبر سياسة ترهيب وترغيب الخصوم.

تفاقم الوضع الداخلي

وأشار أبو زينب إلى تفاقم وضع حزب الله داخليا، موضحا أنه "يعاني من أزمات مالية خانقة نتيجة لسياساته المدمرة والفساد الذي يعيشه تحت مظلة نفوذه السياسي". 

بالإضافة إلى ذلك، "أدت الأزمة السياسية إلى تراجع نفوذه في لبنان، خاصة بعد انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون، الذي قدم خطابا حاسما حول حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، وضرورة تطبيق القرار الدولي 1701"، وفق أبو زينب.

كما أشار إلى أن "هذا الموقف يعكس تراجع قدرة حزب الله على توجيه الأحداث في لبنان، ويجعله غير قادر على العودة إلى مشهد التدخلات العسكرية الداخلية أو الإقليمية، التي كان يتحكم فيها سابقا".

وأكد أن حزب الله الذي "طالما استغل سلاحه كأداة للتسلّط على القرار الوطني اللبناني، يجد نفسه اليوم في مأزق داخلي وخارجي، حيث أصبح غير قادر على فرض إرادته كما كان في السابق". 

وهذا التراجع في قدرته على التحكم بمجريات الأحداث، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي، يشير بوضوح إلى "ضرورة إنهاء هذا النفوذ غير الشرعي، واستعادة لبنان لدوره كدولة ذات سيادة قادرة على اتخاذ قراراتها بحرية، ضمن إطار المؤسسات الشرعية"، حسب ما يؤكد المحلل السياسي.

وأضعفت الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حزب الله الذي وافق في 27 نوفمبر الماضي على اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أميركية بالدرجة الأولى.

انسحاب القوات الإسرائيلية

وبحث  عون، الإثنين، الوضع في جنوب لبنان، ومراحل "تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي" مع وفد عسكري أميركي برئاسة قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، وفق بيان صادر عن الرئاسة.

وانتُخب عون رئيسا للبنان في 9 يناير بعد أكثر من عامين من فراغ المنصب، وحرب مدمّرة بين حزب الله وإسرائيل اشتدت حدتها في سبتمبر، ومُني فيها الحزب بخسائر كبيرة وانتهت بوقف إطلاق نار في 27 نوفمبر.

وبحث الرئيس اللبناني مع الوفد الأميركي، وفق البيان، "الوضع في الجنوب ومراحل تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من هناك، وفق برنامج الانسحاب المعد لهذه الغاية".

وضم الوفد أيضا رئيس اللجنة التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال جاسبير جيفرز، وعددا من الضباط الأميركيين المعاونين، والسفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون.

وناقش الطرفان أيضا "سبل تفعيل التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي في ضوء الدعم الذي تقدمه السلطات الأميركية للبنان".

وانضم لاحقا إلى الاجتماع، قائد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، آرولدو لازارو، ونائب رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الجنرال الفرنسي، غيوم بونشان، وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن، حسان عودة، مع وفد من ضباط الجيش.

وتطرق الاجتماع، وفق البيان، إلى "الإجراءات المعتمدة لتنفيذ القرار 1701، والتعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية ولجنة المراقبة".

وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية، على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخلها، خلال مهلة 60 يوما تنتهي في 26 يناير الحالي، على أن يعزز الجيش اللبناني واليونيفيل انتشارهما مكان القوات الإسرائيلية وحزب الله.

ويتعيّن على الحزب بموجب الاتفاق أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كم من الحدود مع إسرائيل، وأن يفكك أي بنية تحتية عسكرية فيها.

وبموجب الاتفاق أيضا، تتولى لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا إضافة إلى لبنان وإسرائيل واليونيفيل، مراقبة الالتزام ببنوده والتعامل مع الخروقات التي يبلغ عنها كل طرف.