أعمال القتال بين حزب الله اللبناني وإسرائيل تسببت في خسائر فادحة على جانبي الحدود
أعمال القتال بين حزب الله اللبناني وإسرائيل تسببت في خسائر فادحة على جانبي الحدود

تحدثت تقرير لمجلة "الإيكونوموسيت" البريطانية عن سيناريو محتمل لما ستكون عليه الحرب بين إسرائيل وحزب الله، حيث يتبادل الطرفان المناوشات منذ أكتوبر الماضي وسط مخاوف طرأت مؤخرا من احتمال التصعيد بين الجانبين.

يرجح التقرير أن تتميز الحرب، في حال اندلاعها، بهجمات مكثفة بواسطة طائرات مسيرة انتحارية وانقطاع للتيار الكهربائي بشكل دائم وأكبر وابل صاروخي في التاريخ.

يقول التقرير إنه في حال قررت إسرائيل شن حرب تستهدف إضعاف حزب الله ودفعه نحو الشمال، فقد ينطوي ذلك على غزو بري محدود لجنوب لبنان، وهي المنطقة التي احتلتها القوات الإسرائيلية حتى عام 2000. 

في عام 2006، عندما خاض الجانبان حربا استمرت 34 يوما، استخدمت فرق حزب الله مئات الأسلحة المضادة للدبابات لصد هجمات المدرعات الإسرائيلية، مما فاجأ الجيش الإسرائيلي.

في تلك الفترة هاجمت القوات الجوية الإسرائيلية حوالى 100 هدف يوميا، واليوم يشير التقرير إلى أن القادة العسكرييين الإسرائيليين يتباهون بأنهم يستطيعون إصابة أكثر من 3000 هدف في اليوم.

خلال الأشهر التسعة الماضية جرى إضعاف حزب الله، الذي فقد ما يقرب من 400 من مسلحيه والكثير من بنيته التحتية العسكرية في الجنوب. 

وينقل التقرير عن مسؤولين في المخابرات الغربية القول إن إيران لا تعتقد أن حزب الله مستعد لحرب كبيرة.

على الجانب الآخر، يرى التقرير أن على إسرائيل أن لا تتفاءل كثيرا، وينقل عن ضابط درس الجماعة اللبنانية القول إن حزب الله مستعد بشكل أفضل بكثير مقارنة بالحرب التي اندلعت في عام 2006.

يشير التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي سينجح في التوغل في جنوب لبنان ولكن بشكل أبطأ وبتكلفة أعلى بكثير مما كان عليه في الحرب الأخيرة. 

ويعتقد الجنرال اللبناني المتقاعد خليل الحلو أن من المحتمل أن "يمتص حزب الله الصدمة قبل أن يستهدف القوات الإسرائيلية باستخدام تكتيكات حرب العصابات" بما في ذلك من خلال شبكة أنفاق واسعة النطاق، تم بناؤها بمساعدة كوريا الشمالية.

ما الذي تغير؟

يشير التقرير إلى حصول عدة تغييرات رئيسية منذ عام 2006، أحدها يتمثل في أن حزب الله حصل على مجموعة واسعة من الطائرات المسيرة الإيرانية التي يمكن أن تستهدف الدبابات والمركبات المدرعة الإسرائيلية بفعالية أكثر مقارنة بالأسلحة المضادة للدروع.

أما التغيير الثاني فيتمثل بتطور القدرات البرية لحزب الله وإنشائها لمجاميع خاصة قادرة على ضرب مسافة تصل إلى 20 كيلومترا داخل إسرائيل. 

وأخيرا، يقول التقرير إن القوة النارية لحزب الله أصبحت أكثر دقة، حيث باتت الجماعة تستخدم طائرات مسيرة صغيرة لتحديد الأهداف وبعد يوم أو يومين، تستخدم طائرات مسيرة أكبر لمهاجمة تلك الأهداف "بدقة شديدة"، كما يقول الضابط الإسرائيلي. 

"أكثر شدة"

تشمل الحرب بين الجانبين في حال اندلاعها، وفقا للتقرير، شن غارات جوية إسرائيلية بهدف تدمير أكبر قدر ممكن من منصات إطلاق صواريخ حزب الله ومخزوناته من الأسلحة.

سيؤدي ذلك بالضرورة لسقوط خسائر في صفوف المدنيين، على اعتبار أن العديد من منصات إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله موجودة في القرى، بحسب التقرير. 

من شأن ذلك أن يؤدي لمزيد من التصعيد حيث سيكون لدى حزب الله حافز لإطلاق صواريخه باتجاه وسط إسرائيل. 

Cross-border hostilities between Hezbollah and Israeli forces near Kiryat Shmona
احتمالات الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. ماذا تتوقع دوائر الاستخبارات الأميركية؟
ترجح أجهزة الاستخبارات الأميركية أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله تقترب أكثر فأكثر، حيث يمكن أن تندلع مواجهة واسعة النطاق في الأسابيع القليلة المقبلة إذا فشلت إسرائيل وحماس في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

وإذا حدث ذلك فمن المرجح أن تقوم إسرائيل بالتصعيد خطوتين إضافيتين، عبر ضرب أهداف سياسية، بما في ذلك مقرات حزب الله في المدن، وكذلك بنية تحتية مدنية لبنانية.

في الوقت الراهن، تقتصر الهجمات الصاروخية التي يشنها حزب الله إلى حد كبير على الأهداف العسكرية في شمال إسرائيل. 

ويرجح التقرير أنه في حالة حدوث غزو بري للبنان، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق تلك الحملة وكثافتها.

في عام 2006، كان لدى حزب الله حوالي 15 ألف صاروخ وقذيفة، غالبيتها العظمى كانت غير موجهة ومداها أقل من 20 كيلومترا، مما يعني أنها لم تكن قادرة على الوصول لمدينة حيفا شمالي إسرائيل. 

أطلق الحزب المدعوم من إيران حوالي 120 صاروخا يوميا في تلك الحرب، مما أسفر عن مقتل 53 إسرائيليا وإصابة 250 وإلحاق أضرار بـ 2000 مبنى. 

يرجح التقرير أن تكون الحرب القادمة أكثر شدة بكثير، على اعتبار أن حزب الله يمتلك الآن أكثر من 120 ألف صاروخ وقذيفة، والعديد منها قادر على الوصول إلى تل أبيب وأبعد من ذلك وبتوجيه دقيق.

ويضيف التقرير أن حزب الله قد يطلق ما بين 2500 إلى 3000 صاروخ يوميا، أي 25 ضعف معدل عام 2006، لمدة ثلاثة أسابيع متتالية. 

ويؤكد التقرير أن ذلك وفي حال حصوله، "سيكون أكبر وابل صاروخي مستدام في التاريخ"، مما يؤدي إلى وقوع خسائر فادحة في الأرواح.

ومن المرجح أيضا أن يقوم حزب الله باستهداف محطات الطاقة الكهربائية الإسرائيلية، الأمر الذي سيستدعي ردا مماثلا وربما أكبر من جانب إسرائيل، وهو ما يعني غرق الكثيرين بالظلام في كلا البلدين.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر في قطاع غزة، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل شبه يومي.

وأودت الهجمات الإسرائيلية في لبنان بحياة أكثر من 300 من مسلحي حزب الله و87 مدنيا وفقا لإحصاءات رويترز. وقالت إسرائيل إن النيران القادمة من لبنان تسببت في مقتل 18 جنديا و10 مدنيين.

وتسببت أعمال القتال في خسائر فادحة على جانبي الحدود، وأجبرت عشرات الآلاف على الفرار من منازلهم.

وصعّد مسؤولون اسرائيليون في الآونة الأخيرة لهجة تهديدهم بشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد لبنان. 

والأربعاء، أعلن حزب الله قصف مقرين عسكريين اسرائيليين في الجولان السوري "بمئة صاروخ كاتيوشا"، ردا على مقتل قيادي في الحزب في غارة اسرائيلية في جنوب لبنان في وقت سابق. 

مركبات تابعة لقوات اليونيفيل في مرجعيون بلبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
مركبات تابعة لقوات اليونيفيل في مرجعيون بلبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

أنفاق وترسانة عسكرية ضخمة أقامها "حزب الله" طيلة السنوات الماضية، دون اكتراث لما يُعرف بـ"العين الساهرة" على تطبيق القرار 1701، أي قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان ((يونيفيل).

 فالحرب الأخيرة بين إسرائيل والحزب كشفت أن الأخير واصل تعزيز قدراته العسكرية في جنوب لبنان ولاسيما المناطق الواقعة جنوبي نهر الليطاني وصولا إلى الحدود مع إسرائيل، وكأن لا رقيب ولا حسيب عليه.

انتقاد "اليونيفيل" جاء هذه المرة على لسان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مايكل والتز.

مستشار ترامب يشكك

وقال والتز، خلال حديث في معهد الولايات المتحدة للسلام في واشنطن العاصمة، يوم الثلاثاء الماضي، إن "أنفاق وأنظمة الصواريخ كانت نشطة على مسمع من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة".

ما أظهرته الحرب الأخيرة أعاد طرح التساؤلات حول فعالية وجدوى قوات اليونيفيل، التي عزز مجلس الأمن دورها بموجب القرار 1701 عقب حرب يوليو 2006.

وأوكل مجلس الأمن لليونيفيل مساعدة الجيش اللبناني لضمان خلو جنوب نهر الليطاني من أي أسلحة غير شرعية، وهو ما طرحه والتز، الذي أشار إلى ضرورة إجراء "نقاش جاد للغاية حول مستقبل وفعالية هذه القوة".

عناصر من الجيش اللبناني. - فرانس برس
قوة من اليونيفيل في مدينة الخيام الحدودية "تمهيدا لدخول الجيش اللبناني"
جدد الجيش الإسرائيلي تحذيراته إلى سكان الجنوب اللبناني، حيث حذر من عدم الانتقال جنوبا إلى عدد من القرى الحدودية "حتى إشعار آخر"، وذلك في وقت يبدأ فيه الجيش اللبناني الانتشار في بعض المواقع في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.

وسط الانتقادات الموجهة إلى اليونيفيل، وصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الخميس إلى بيروت في زيارة وصفها بأنها "تعبير عن التضامن العميق مع لبنان وشعبه الذي عانى من أزمات وأحداث داخلية وإقليمية متلاحقة تركت آثاراً سلبية عليه".

واليوم الجمعة، توجّه غوتيريش، برفقة الوفد المرافق، إلى المقر العام لقوات اليونيفيل في الناقورة، حيث عقد اجتماعاً مع القائد العام لليونيفيل، الجنرال أرولدو لاثارو. 

غوتيريش فخور بعمل اليونيفيل

وخلال الجولة، عبّر عن فخره بهذه القوة، قائلاً "أخبرت العالم أنكم جميعاً لستم فقط على الخط الأزرق في لبنان، بل على خط المواجهة من أجل السلام"، مشيراً إلى أن مهمة اليونيفيل هي البيئة الأكثر تحدياً لقوات حفظ السلام في أي مكان.

كما أوضح غوتيريش أن اليونيفيل تمكنت منذ 27 نوفمبر، وهو تاريخ دخول اتفاق وقف النار بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ، من الكشف عن أكثر من 100 مخزن أسلحة تعود لحزب الله أو لمجموعات مسلحة أخرى. 

واعتبر أن وجود أفراد مسلحين وأسلحة غير تابعة للحكومة اللبنانية أو قوات اليونيفيل بين الخط الأزرق ونهر الليطاني "يشكّل انتهاكاً صارخاً للقرار 1701 ويقوّض استقرار لبنان".

يذكر أن الانتقادات الموجهة إلى قوات "اليونيفيل" ليست جديدة، وقد تراوحت بين اتهامات بالتراخي في أداء المهام، ووجود عوائق ميدانية تفوق إمكانياتها، وصولاً إلى بالتواطؤ مع حزب الله. 

وفي ظل هذه التحديات، تواجه القوة الدولية أزمة ثقة قد تؤثر على مستقبلها في لبنان.

وفي هذا السياق، يطرح السؤال: هل تستطيع اليونيفيل تحسين أدائها واستعادة مصداقيتها، أم أن التعقيدات السياسية والميدانية ستظل حاجزاً أمام تحقيق مهمتها؟

إخفاقات أم عراقيل؟

وكان تقرير مشترك للمساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، والعميد الإسرائيلي المتقاعد الخبير الاستراتيجي للشؤون الدفاعية، أساف أوريون، اعتبر أن اليونيفيل أثبتت عدم فعاليتها في تنفيذ المهام الموكلة إليها على مدى عقود.

والتقرير حمل عنوان "إيجابيات وسلبيات إنقاذ قوات "اليونيفيل (أو التخلي عنها)"، ونشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في 20 أغسطس 2024.

وأشار شنكر وأوريون، في التقرير، إلى أن اليونيفيل نادراً ما تمكنت من مصادرة أسلحة حزب الله قبل اندلاع الحرب في أكتوبر وما تلاها من حملة جوية إسرائيلية.

وأشار التقرير  إلى فشل اليونيفيل في التحقيق في أكثر من 3000 مستودع أسلحة ومواقع عسكرية استهدفتها إسرائيل منذ أكتوبر، بما في ذلك قواعد مدمرة تديرها منظمة "أخضر بلا حدود"، التي تعتبر واجهة بيئية مزعومة لحزب الله.

ويعكس اكتشاف وتدمير الأنفاق في جنوب لبنان من قبل إسرائيل كما يقول الصحفي علي الأمين "الخلل الكبير في وظيفة قوات اليونيفيل في مناطق انتشارها، بالإضافة إلى الخلل في تطبيق القرار 1701". 

ويرى أن "هذا الخلل لم يكن ناتجاً عن غياب المعرفة لدى اليونيفيل بوجود هذه الأنفاق، بل بسبب غياب الإرادة الدولية الفعلية لتطبيق القرار، مما أدى إلى محاولة تفسير بنوده بطريقة تحول دون قيام اليونيفيل بواجبها".

ويضيف الأمين، في حديث لموقع "الحرة"، أن "حزب الله استخدم بشكل متكرر السكان لمنع اليونيفيل من تنفيذ مهمتها"، مشيراً إلى أن الجيش اللبناني أيضاً لعب دوراً أقرب إلى حزب الله منه إلى اليونيفيل". 

واعتبر الأمين أن "ميزان القوى على الأرض هو الذي كان يفرض وجهة تطبيق القرار 1701، مع غياب الاهتمام الدولي طالما أن الاستقرار قائم وليس هناك من مواجهات عسكرية على طرفي الحدود".

غياب الصلاحيات

ويرى الكاتب المحلل السياسي، وجدي العريضي، أن قوات اليونيفيل تفتقر إلى الصلاحيات اللازمة لمنع حزب الله من التسلح أو بناء الأنفاق. 

ويشير إلى أن هذه القوات "ليست قوات ردع، بل قوات طوارئ دولية، ما يجعلها غير قادرة على مواجهة الحزب".

ويضيف العريضي، في حديث لموقع "الحرة"، أن "الجيش اللبناني والسلطة اللبنانية لم يتمكنا أيضاً من منع حزب الله من اقتناء السلاح، نتيجة وجود ما وصفه بدويلة حزب الله، التي أضعفت مؤسسات الدولة بالكامل، بما فيها الأمنية والسياسية..". 

كما أن "دعم وزراء ونواب الحزب، إلى جانب المساندة الإيرانية والسورية السابقة، لعب دوراً أساسياً في تمكين الحزب من بناء ترسانته العسكرية التي دمّر جزء كبير منها خلال الحرب الأخيرة، خاصة عبر طريق دمشق التي شكّلت ممراً أساسياً لتمرير السلاح إليه"، وفق العريضي.

ويلفت إلى أن قوات اليونيفيل تعرضت للاعتداءات في بعض المناطق الخاضعة لنفوذ حزب الله، مثل حادثة مقتل الجندي الإيرلندي قبل عام تقريباً، "مما يعكس سيطرة الحزب على جنوب لبنان".

أما الكاتب الباحث السياسي، الدكتور مكرم رباح، فيقول إن "الجميع، بمن فيهم قوات اليونيفيل، الشعب اللبناني، والإسرائيليون، كانوا على علم بوجود أنفاق حزب الله وترسانة أسلحته". 

لكنه يرى أن "عناصر قوات اليونيفيل في جنوب لبنان كانوا بمثابة رهائن لدى حزب الله أكثر من كونهم مراقبين للحدود".

ويشير رباح، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في أن "اليونيفيل لا تستطيع تنفيذ مهامها عندما يكون سكان تلك المناطق متواطئين مع إيران وحزب الله، وقد دفع قسم من الشعب اللبناني ثمن غياب المسؤولية لدى بعض سكان البلدات الحدودية".

يذكر أن مجلس الأمن الدولي أنشأ بعثة اليونيفيل في مارس عام 1978 بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان. 

ومنذ ذلك الحين تعمل هذه القوة على طول الخط الأزرق الذي يفصل بين لبنان وإسرائيل، وقد تم توسيع ولايتها وتجديدها على مر الأعوام.

بين التواطؤ والإخلاص

وصف شينكر وأوريون في تقريرهما قوات اليونيفيل بالـ"متواطئة"، ومن أسباب ذلك كما يعتبران "اعتمادها على حسن نية السكان في أمنها واستثمارها في استقرار البلاد".

بنا على ذلك "فإنها غالباً ما تتجنب مراقبة المناطق التي قد تولّد توترات بشكل فعال، وتخفف من حدة تقاريرها، وتقدم مساعدات اقتصادية لأنصار حزب الله جنوب الليطاني".

وفيما إن كانت اليونيفيل فعلاً متواطئة مع حزب الله، يقول الأمين "هناك عوامل جعلت قوات اليونيفيل غير قادرة على تنفيذ مهمتها، دون أن يعني ذلك وجود تواطؤ بينها وبين حزب الله، بل كان ذلك انعكاساً لموقف دولي غير حاسم في التصدي لانتهاكات القرار 1701، طالما أن الاستقرار والأمن كانا شبه مستتبين في المنطقة".

ويشرح الأمين "كان هناك تواصلاً ولو غير مباشر بين حزب الله واليونيفيل التي هي قوة لحفظ السلام وليست قوة ردع أو فرض سلام. ولهذا السبب كانت تتحاشى الاصطدام مع الحزب، الذي وجّه لها رسائل عديدة بأنه لن يتساهل إزاء أي ما يعتبره مساً بقدراته العسكرية أو مواقعه غير القانونية في جنوب الليطاني، لا سيما في المناطق الحدودية".

ويضيف أن أداء اليونيفيل كان "يعكس ميزان القوى الدولي وطبيعة القرار 1701، الذي لا يندرج ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى التفسيرات المتباينة لبنوده، وخصوصاً تلك المتعلقة بحرية الحركة دون مواكبة الجيش اللبناني".

كذلك يشدد رباح على أن اليونيفيل "ليست متواطئة مع حزب الله، لكنها في الوقت نفسه غير قادرة على التحول إلى أداة صراع". 

ويشير إلى أن العقبة الأساسية أمامها هي "غياب إرادة لبنانية واضحة، خاصة من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله، للتعاون في أداء مهامها".

وكان المتحدث باسم اليونيفيل، أندريا تيننتي، أشار في مؤتمر صحفي عقده في 30 أكتوبر الماضي، إلى أن دور القوات الأممية يتمثل في دعم تنفيذ القرار 1701 ومراقبة الانتهاكات والإبلاغ عنها.

وشدد أن اليونيفيل "تواصل أداء هذا الدور بإخلاص وثبات من خلال تقاريرها الشاملة والمنتظمة التي تقدمها لمجلس الأمن".

وفي كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن في 10 أكتوبر الماضي، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، أن دور قوات اليونيفيل يقتصر على دعم تنفيذ القرار 1701. 

لكنه شدد في الوقت نفسه على أن مسؤولية تنفيذ بنود هذا القرار "يقع على عاتق الطرفين نفسيهما".

دور على المحك؟

فرض اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُقر بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر كما يقول الأمين "وقائع جديدة وملحقات لهذا القرار، بما في ذلك تشكيل لجنة رقابة برئاسة أميركية تمنح صلاحية تفسير بنود القرار". 

ويرى الأمين أن "الوضع الحالي يشير إلى أن قدرة حزب الله على التصدي لتنفيذ القرار انتهت بعد قبوله الانسحاب من الجنوب".

من جهة أخرى، استفادت إسرائيل كما يقول الأمين "من ملحقات القرار، التي تمنحها حق تجاوز بنوده على قاعدة أن خروقات حزب الله تتيح لها حرية التصرف لاستهداف ما تعتبره انتهاكاً للقرار في حال عجزت اليونيفيل والجيش اللبناني عن لجمه".

"تولى الجيش اللبناني قيادة هذه المرحلة، وسيتعاون مع اليونيفيل"، كما يقول رباح، ومع ذلك، تبقى المشكلة الأساسية برأيه "في عدم اعتراف حزب الله وحركة أمل بأن توقيع القرار 1701 يعني فعلياً التخلي عن سلاحهما بشكل كامل، سواء في جنوب الليطاني أو شماله".

ويصف العريضي اللجنة المكلفة تطبيق القرار 1701 بأنها "محور أساسي، جاءت نتيجة توافق دولي كبير، بقيادة الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وبدعم فرنسي وبريطاني ودولي، بالإضافة إلى دعم عربي". 

ويرى أن هذه اللجنة "تملك القدرة على مراقبة ومتابعة تنفيذ بنود القرار، بما في ذلك ضبط تسلح حزب الله".

لكن العريضي يشير إلى "وجود غموض حول دور اللجنة وآلية عملها"، مستنداً إلى تصريحات سفراء سابقين في الولايات المتحدة. 

ويقول "المفاوضات التي أجراها رئيس مجلس النواب نبيه بري، نيابة عن حزب الله، مع الوسيط الأميركي، تحمل في طياتها بنوداً توصف بـ"الاستسلامية"، ما قد يمنح "إسرائيل مساحة لاستهداف ما تبقى من سلاح الحزب أو حتى تنفيذ عمليات اغتيال تطال قياداته".

ويرى أن "المشهد سيصبح أكثر وضوحاً مع تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وتشكيل حكومة جديدة في لبنان. هذه التطورات، ستحدد المسار المستقبلي لتطبيق القرار 1701 وآلية التعامل مع ملف حزب الله وسلاحه".

وكان شينكر وأوريون، دعيا في تقريرهما إلى مراجعة جذرية لعمل قوة اليونيفيل، التي تكلف سنوياً 500 مليون دولار، تتحمل الولايات المتحدة منها 125 مليون دولار.

وذكرا أن أن استمرار ضعف فعالية ومصداقية هذه القوة يثير التساؤلات حول جدوى وجودها، ما يدفع إلى التفكير في إلغاء نشرها بشكل دائم.

وإذا كانت واشنطن تعتقد أن "اليونيفيل" قادرة على المساهمة في تأجيل أو منع حرب أخرى بين حزب الله وإسرائيل، فسيتعين عليها وفق شينكر وأوريون اتخاذ عدة خطوات لإنقاذ ما يمكنها إنقاذه من هذه المنظمة. 

وفي حال استمرار الأداء الضعيف لليونيفيل، يعتبر الكاتبان أنه يتعين حينها على واشنطن النظر بجدية في استخدام حق النقض ضد ولايتها، وإنهاء انتشارها، والبدء من جديد.

وفي وقت تثار شكوك بشأن مستقبل ودور قوات اليونيفيل، أكد غوتيريش من الناقورة مواصلة العمل بشكل وثيق مع الدول المساهمة بهذه قوات لضمان حصولها على القدرات المعززة، بما في ذلك إزالة الألغام والتخلص من الذخائر غير المنفجرة، بغية تمكينها من استئناف الدوريات ومهام المراقبة الموكلة إليها.

وقال غوتيريش، متوجهاً إلى الجنرال أرلدو لاثارو وقيادة البعثة، "أعلم أن هذه القدرات، إلى جانب تكييف أسلوب العمليات ضمن إطار ولايتكم، هي حيوية لاستعادة حرية الحركة والوصول في جميع أنحاء منطقة عمليات اليونيفيل. وسأؤكد على هذه الرسائل في اجتماعاتي غدا مع القادة اللبنانيين".