حزب الله وإسرائيل يصعدان من تبادل النار تزامنا مع انطلاق  المفاوضات من جديد بشأن وقف الحرب بغزة
حزب الله وإسرائيل يصعدان من تبادل النار تزامنا مع انطلاق المفاوضات من جديد بشأن وقف الحرب بغزة

قصف حزب الله الخميس مقار عسكرية إسرائيلية بوابل من الصواريخ والمسيّرات المفخّخة ردا على اغتيال أحد قادته، في خطوة تزيد المخاوف من اتساع التصعيد بينه وبين إسرائيل التي أرسلت من جهتها إلى الدوحة وفدا لاستئناف مفاوضات التهدئة في قطاع غزة.

وبعد أشهر من الجمود على صعيد المفاوضات الرامية لوقف الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الخميس، على إرسال وفد لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع حماس غداة إعلان الحركة أنّها تبادلت مع الوسطاء "أفكارا" جديدة لإنهاء الحرب.

"فرصة مهمة"

وفي واشنطن، اعتبر مسؤول أميركي كبير أن أمام إسرائيل وحماس "فرصة مهمة" للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن.

وبالفعل فقد توجه رئيس الموساد الإسرائيلي، ديفيد برنيع، على رأس وفد إلى العاصمة القطرية، الخميس، لاستئناف المفاوضات.

وبحسب المسؤول الأميركي الكبير الذي لم يشأ كشف هويته للصحفيين فإن حماس طرحت مقترحات جديدة "أدت إلى تقدم العملية وقد تشكل القاعدة الضرورية لبلوغ اتفاق"، مع إقراره بأن "هذا لا يعني أن الاتفاق سيتم التوصل إليه خلال الأيام المقبلة"، لأنه "يبقى عمل كثير ينبغي القيام به حول بعض مراحل التطبيق".

وترى واشنطن أن التوصل الى اتفاق يؤدي إلى الإفراج عن الرهائن وإلى وقف لإطلاق النار في القطاع الذي دمرته الحرب، من شأنه أن يؤدي أيضاً الى تهدئة على الحدود مع لبنان حيث لا يزال الوضع متوتراً بشدّة.

وقال المسؤول الأميركي: "إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة.. أعتقد أن ذلك يوفّر فرصة فعلية لنزع فتيل التصعيد والتوصل إلى اتفاق دائم" أيضاً على جبهة لبنان، وفق ما نقلته فرانس برس.

وأعلن حزب الله، الخميس، أن عناصره وفي "إطار الردّ على الاعتداء والاغتيال الذي نفّذه العدو في منطقة الحوش في مدينة صور"، قصفوا "بأكثر من 200 صاروخ من مختلف الأنواع"، خمسة مقار عسكرية في شمال إسرائيل. 

وأضاف أنّه شنّ "هجوما جويا بسرب من المسيرات الانقضاضية"، على ثمانية مقار وقواعد عسكرية إسرائيلية. 

من جانبه، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر إكس، الخميس، أن المقاتلات الإسرائيلية "أغارت.. في الساعات الماضية على بنية إرهابية لحزب الله في منطقة ميس الجبل ومبنى عسكري للحزب الارهابي في عيتا الشعب".

وكان حزب الله تبنّى الأربعاء قصف مقار عسكرية إسرائيلية عبر الحدود بأكثر من 100 صاروخ رداً على مقتل القيادي محمد ناصر. 

وأكد الجيش الإسرائيلي أنّ حزب الله أطلق "حوالى مئتي مقذوف وأكثر من عشرين هدفاً جوياً".

وأسفر قصف حزب الله لشمال إسرائيل عن مقتل جندي إسرائيلي، بحسب مصدر عسكري في الدولة العبرية.

وأعلن الجيش أنّه قصف مواقع في جنوب لبنان أطلقت منها صواريخ، مؤكداً "اعتراض العديد من الصواريخ... واندلاع حرائق في عدد من المناطق في شمال إسرائيل". 

مخاوف

يزيد هذا القصف المخاوف من انجراف الوضع إلى حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله.

والأربعاء، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: "نحن قلقون جدا حيال التصعيد وتبادل القصف"، محذرا من الخطر المحدق بالمنطقة "برمتها إذا وجدنا أنفسنا وسط نزاع شامل".

وفي قطاع غزة الذي لا يزال يتعرض لقصف اسرائيلي، تتواصل المعارك في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة، وفي رفح في جنوب قطاع غزة حيث أثار أمر إسرائيلي جديد بالإخلاء من منطقة تمتد شرق خان يونس مخاوف من عملية عسكرية إسرائيلية واسعة جديدة. 

والخميس، قرر نتانياهو إرسال وفد للتفاوض في شأن الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة غداة إعلان حماس أنّها "تبادلت أفكاراً" جديدة مع الوسطاء بهدف إنهاء الحرب.

وقال مكتب نتانياهو في بيان إن "رئيس الوزراء ابلغ الرئيس (الأميركي جو) بايدن قراره إرسال وفد لمواصلة التفاوض بهدف الإفراج عن الرهائن"، من دون أن يحدد المكان الذي ستتم فيه هذه المفاوضات.

وليل الأربعاء، قالت حماس في بيان إن رئيس مكتبها السياسي "إسماعيل هنية أجرى خلال الساعات الأخيرة اتصالات مع الإخوة الوسطاء في قطر ومصر حول الأفكار التي تتداولها الحركة معهم  بهدف التوصل لاتفاق يضع حداً" للحرب في غزة.

ورحّب بايدن خلال مكالمة هاتفية مع نتانياهو بقرار إرسال الوفد التفاوضي.

وقال البيت الابيض في بيان إنّ "الرئيس بايدن ورئيس الوزراء ناقشا الجهود القائمة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لوقف إطلاق النار وكذلك للإفراج عن الرهائن"، مضيفاً أنّ الجانبين "بحثا الردّ الأخير لحماس" و"قد رحّب الرئيس بقرار رئيس الوزراء السماح لمفاوضيه بإجراء محادثات مع الوسطاء الأميركيين والقطريين والمصريين بهدف إنجاز الاتفاق".

وجنوب القطاع، تتواصل منذ الإثنين حركة النزوح من المناطق الشرقية في رفح وخان يونس مع فرار العائلات بحثاً عن ملجأ بين الأنقاض والدمار، وفي ظلّ شحّ الماء ونقص الغذاء مع استمرار القصف والمعارك. 

وفي درجات حرارة خانقة، فرّ النازحون سيرا أو تكدّسوا في عربات وسط أنقاض خان يونس، أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، والتي انسحب منها الجيش الإسرائيلي في بداية أبريل، مخلّفا دماراً هائلا.

بالمجمل، يبلغ عدد النازحين من سكان قطاع غزة وفق الأمم المتحدة، 1,9 مليون شخص، أي 80 بالمئة من السكان.

وقالت أم مالك النجار: "غادرنا، لكن لا نعرف الى أين نذهب. الأمر صعب جدا. الطقس حار، ومعنا أطفال".

وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأنّ نحو 250 ألف شخص كانوا في المنطقة التي أمر الجيش بإخلائها بعد إطلاق صواريخ منها باتجاه إسرائيل. 

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أمر الإخلاء الذي يشمل منطقة مساحتها 117 كيلومترا مربعا، أي ثلث قطاع غزة، هو "الأشمل منذ أكتوبر، عندما صدرت أوامر لسكان شمال غزة بالإخلاء" في الأيام الأولى من الحرب.

دمار وموت

وبدأ الجيش الاسرائيلي عملية برية في 7 مايو في مدينة رفح الحدودية مع مصر والتي كانت تضمّ مئات آلاف السكان والنازحين الذين اضطروا بمعظمهم للفرار.

وبعدما ساد اعتقاد أن معركة رفح ستكون المرحلة الأخيرة من الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحماس، تجددت في الأسابيع الأخيرة المعارك في مناطق عدّة كان الجيش قد قال إنه سيطر عليها، لا سيّما في الشمال حيث بدأ عملية برية في 27 يونيو في حيّ الشجاعية في شرق مدينة غزة. 

وروت أم بشار الجمل (42 عاما) لوكالة فرانس برس أنّها غادرت الشجاعية قبل أيام بعد "أن أيقظنا هدير الدبابات. لقد دُمّرت بيوتنا".

وأفاد الدفاع المدني في قطاع غزة الخميس عن انتشال خمسة قتلى ونقل أكثر من 15 إصابة من مدرسة موسى بن نصير التي "استهدفها الاحتلال الإسرائيلي في منطقة الدرج" في مدينة غزة.

واندلعت الحرب في السابع أكتوبر بعد هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1195 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية. 

ومن بين 251 شخصا خُطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجزين رهائن في غزة، من بينهم 42 لقوا حتفهم، بحسب الجيش الإسرائيلي. 

على الإثر، تعهّد نتانياهو بالقضاء على حماس التي تولت السلطة في غزة في عام 2007 وتعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل "إرهابية". 

وأدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن إلى مقتل 38011 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.

حزب الله أقحم لبنان في سلسلة خصومات مع محيطه العربي.

أشعل سلاح حزب الله الجدل في لبنان مع مطالبة حزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية"، بوضع جدول زمني واضح لنزعه، في مقابل رفض أطراف سياسية أخرى لهذا الطرح.

وخلال الجلسة الحكومية يوم الخميس الماضي، طالب وزراء "القوات"، بعقد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع لوضع جدول زمني لسحب سلاح الحزب، الذي يشكل تهديداً للأمن الداخلي، ويجعل لبنان ساحة لصراعات إقليمية ودولية.

في المقابل، يرفض وزراء آخرون هذا الطرح، ومن بينهم وزيرة البيئة، تمارا الزين، التي شددت، في مقابلة مع "الحرة" يوم الاثنين الماضي، على أن "السياسة تتأثر بالظروف".

مقابلة خاصة مع د. تمارا الزين  وزيرة البيئة في الحكومة اللبنانية
مقابلة خاصة مع د. تمارا الزين وزيرة البيئة في الحكومة اللبنانية
في ظل الأزمات المتفاقمة من الغلاء وتراجع الخدمات، يجد المواطن اللبناني نفسه في مواجهة تحديات جديدة. وسط هذا الواقع، بدأت الحكومة بخطوات إصلاحية، أبرزها ملء الشواغر الأمنية والعسكرية بعد سنوات من الفراغ، بالتزامن مع مفاوضات صندوق النقد الدولي، فهل تحمل هذه التحركات أملًا للاقتصاد المنهك؟

في الجنوب، تتجه الأنظار نحو الانسحاب الإسرائيلي غير المكتمل، مع رسائل إسرائيلية وأميركية تشير إلى أن التطبيع مع إسرائيل هو عنوان المرحلة المقبلة.

كما نناقش في هذه الحلقة قضايا إعادة الإعمار، حجم الخسائر، مصير الردميات، والبيئة التي باتت جزءًا من الصمود اليومي، كل ذلك نطرحه بصراحة مع ضيفتنا وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين

واعتبرت أنه "لا يمكن الحديث عن وضع روزنامة في وقت لا نعرف فيه بعد ما إذا كانت إسرائيل ستنسحب من النقاط الخمس المحتلة".

وسبق أن صرّح نائب رئيس مجلس الوزراء، طارق متري، بأن الحكومة لم تحسم بعد متى وكيف سيتم نزع السلاح، مشدداً في حديث مع "الحرة"، في 10 مارس، على أن "تمكين الأجهزة العسكرية وتعزيز قدراتها هو شرط أساسي لفرض سيادة الدولة".

لكن متري عاد لاحقاً لتوضيح موقفه، مؤكداً، كما نقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" عنه، أن البيان الوزاري يستند إلى خطاب القسم، الذي ينص على حق الدولة في احتكار السلاح وامتلاك قرار الحرب والسلم.

وشدد على أن "الموقف الحكومي ليس مجرد إعلان نوايا، بل هو التزام واضح ومن البديهي أن يعمل مجلس الوزراء على وضع جدول زمني وخطوات ملموسة لتحقيق هذا الهدف".

هذا الانقسام يعكس التحديات التي تواجهها الحكومة اللبنانية في التعامل مع ملف سلاح حزب الله، حيث يبقى السؤال: هل ستتمكن من اتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه، أم أن التوازنات الداخلية ستجعل من هذا الملف مؤجلاً إلى أجل غير مسمى؟

بين القدرة والإرادة

في موقف يتعارض مع خطاب القسم والبيان الوزاري والتزامات الحكومة اللبنانية واتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، أكد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، رفضه التخلي عن سلاح الحزب المصنف جماعة إرهابية.

ويواصل حزب الله استثناء نفسه، وكأن سلاحه كيان مستقل لا يخضع لأي سلطة رسمية أو التزامات قانونية. هذا الواقع يزيد من تفاقم الأزمة السياسية والأمنية في لبنان، ويثير تساؤلات حول قدرة الدولة على فرض سيادتها.

وفي هذا السياق، أكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، أن الدولة اللبنانية تمتلك القدرة على فرض سيادتها ونزع سلاح حزب الله، "لكنها حتى الآن تفتقر إلى الإرادة السياسية لتنفيذ ذلك".

وأوضح جبور، في حديث لموقع "الحرة"، أن البيان الوزاري للحكومة وخطاب قسم رئيس الجمهورية يشددان على حصر السلاح بيد الدولة.

وأشار إلى أن "حزب القوات اللبنانية اقترح تكليف المجلس الأعلى للدفاع بمهمة نزع سلاح حزب الله خلال ستة أشهر، على غرار ما حصل في اتفاق الطائف عام 1991، عندما كان يفترض أن يسلم الحزب سلاحه أسوة بسائر الميليشيات، إلا أن ذلك لم يحدث بسبب النفوذ السوري والإيراني في لبنان آنذاك".

وشدد على أن الحكومة اللبنانية اتخذت قرار نزع سلاح الحزب، مستنداً إلى اجتماعها في 27 نوفمبر الماضي، حيث وافق حزب الله، الذي كان جزءاً من الحكومة حينها، على تفكيك بنيته العسكرية.

وقال جبور: "اليوم، على المجلس الأعلى للدفاع أن ينفذ هذا القرار، لأن الدولة لا يمكن أن تنهض إلا باستعادة سيادتها".

كذلك يرى حزب الكتائب اللبنانية أن هناك محاولات لتأجيل وتسويف قضية تسليم أسلحة حزب الله، وفق ما صرّح به رئيس جهاز الإعلام في الحزب، باتريك ريشا، لموقع "الحرة".

وأشار إلى أن "التراخي في هذا الملف يهدف إلى إضاعة الوقت والاعتماد على عامل الزمن كي ينسى اللبنانيون والمجتمع الدولي هذه القضية".

وأكد ريشا أن الكتائب تواصل إثارة هذا الملف في مختلف المحافل السياسية، سواء في مجلس الوزراء أو مجلس النواب أو من خلال البيانات والتصريحات الصحفية، مشدداً على أن "تسليم السلاح إلى الدولة الشرعية يجب أن يكون أولوية وطنية".

وأشار إلى أن "قرار نزع السلاح يقع على عاتق الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الجمهورية، الذين يمتلكون السلطة الكاملة لاتخاذ هذا القرار".

ودعا إلى إدراج هذا الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء كبند أساسي. كما شدد على أن الكتائب طالبت، في بيانها الأخير، بضرورة وضع جدول زمني واضح لتنفيذ عملية تسليم سلاح الحزب.

ضرورة وطنية

وفيما يتعلق بتداعيات أي محاولة داخلية أو خارجية لنزع السلاح، أكد ريشا أن "هذا المطلب لا يجب أن يكون محل جدل، بل هو ضرورة شعبية ووطنية".

وأشار إلى أن "حزب الله نفسه وقّع على اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على تجريده من جميع أسلحته، حيث تضمن تنفيذ القرار 1701 المتعلق بنزع سلاحه جنوب الليطاني، والقرار 1559 الذي يدعو إلى نزع السلاح غير الشرعي على كامل الأراضي اللبنانية، داخل المخيمات الفلسطينية وخارجها".

وشدد على أن قضية السلاح ليست مسألة لبنانية داخلية فحسب، بل هي تحت إشراف الأمم المتحدة وتحظى بغطاء دولي، مشدداً على أن الكتائب لا تكترث لأي تداعيات سلبية محتملة، لأن هذا المطلب محق.

وأضاف "لقد صمدنا 20 عاماً في مواجهة العنف والدمار، ولن نتراجع عن موقفنا الآن".

كذلك أكد جبور أن "الدولة اللبنانية اليوم هي الأقوى، بعدما كان الحزب هو الطرف الأقوى في السابق"، مشيراً إلى أن تعرض لضربة قاسية نتيجة "الدمار الذي طال بنيته العسكرية والتغيرات الجيوسياسية في المنطقة، لاسيما خسارته سوريا كممر استراتيجي بينه وبين طهران".

وأشار جبور إلى أن "عدم تسليم السلاح هو ما يبقي لبنان ساحة للصراعات"، لافتاً إلى أن "إسرائيل تستهدف حزب الله بشكل يومي، دون أن يكون الحزب قادراً على الردّ، مما يطرح تساؤلات حول جدوى هذا السلاح، خاصة أنه أثبت عدم فاعليته في مواجهة إسرائيل".

التسوية ممكنة؟

وعن إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية تضمن حصر السلاح بيد الدولة، شدد جبور على أن أي تسوية يجب أن تقوم على الالتزام بالدستور اللبناني والقرارات الدولية واتفاق وقف إطلاق النار، مؤكداً أن "ما يسمى بالمقاومة ليس إلا ذراعاً إيرانية".

ورأى جبور أن تأخر تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله قد يعود إلى حسابات دولية، "حيث يعتبر البعض أن مصير هذا السلاح مرتبط بمآلات الصراع بين واشنطن وطهران، سواء عبر تسوية تفرض تراجع إيران عن نفوذها الإقليمي، أو عبر ضربة عسكرية تؤدي إلى إضعاف الحزب داخل لبنان".

كما رأى أن الضغوط الدولية، لا سيما الخليجية والغربية، تلعب دوراً في إعادة صياغة المشهد في الشرق الأوسط، مؤكداً أن "حزب الله انتهى عسكرياً، تماماً كما هو حال حركة حماس ونظام الأسد".

وأوضح أن هناك سعياً دولياً لإعادة رسم خارطة المنطقة بعيداً عن النفوذ الإيراني، معتبراً أنه "للمرة الأولى يتم التعامل مع إيران باعتبارها المحرّك الأساسي للأزمات في الشرق الأوسط".

وأشار إلى أن "إيران لاتزال تعتبر حزب الله ورقة تفاوضية في محادثاتها مع الولايات المتحدة، ولذلك لا يبدو الحزب مستعداً للتخلي عن سلاحه في الوقت الحالي".

أما ريشا، فاعتبر أن المواقف الإقليمية، خصوصاً الضغوط الأميركية والخليجية، تسهم في الدفع نحو نزع سلاح حزب الله، مشدداً على أن "المطالب المطروحة في هذا السياق عقلانية ولا تستهدف لبنان، بل تسعى إلى إنهاء أزمة السلاح، الذي يعتبر السبب الرئيسي لحالة عدم الاستقرار في البلاد".

خطر بقاء السلاح

استمرار الوضع الراهن سيؤدي كما حذّر ريشا إلى دخول لبنان في دوامة من الصراعات والأزمات المتكررة، "ما سيؤثر على الاستحقاقات الدستورية، سواء الانتخابات النيابية أو تشكيل الحكومات أو انتخاب رئيس الجمهورية".

كما لفت إلى أن استقواء حزب الله بسلاحه أدى إلى زعزعة الاستقرار، وتراجع الاستثمارات، وغياب السياحة، ما فاقم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ ست سنوات".

وختم ريشا بالتأكيد على أن غياب أي بدائل اقتصادية سيزيد من حدة الانهيار الحاصل، معتبراً أنه "لا يمكن لأي مستثمر أو سائح أن يأتي إلى بلد يعاني من النزاعات والمخاطر الأمنية".

وأكد أن قضية السلاح هي المحور الأساسي لاستقرار لبنان، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل البلاد الاقتصادي والسياسي، وبقدرة الدولة على تأمين بيئة آمنة ومستدامة لمواطنيها.

من جانبه، اعتبر جبور أن استمرار الوضع الحالي في لبنان يبقيه ساحة مستباحة، ويحرم الدولة من المساعدات وإعادة الإعمار، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يرفض تمويل لبنان طالما أن حزب الله يسيطر عليه.

وقال: "لا يمكن إعادة إعمار بلد يتحكم به من لديه القدرة على تدميره مجدداً"، مؤكداً أن لبنان سيظل بعيداً عن أي دعم مالي ما لم يتم حلّ قضية سلاح حزب الله.