مطار بيروت شهد زيادة في عدد الركاب بنسبة 12 بالمئة عام 2023 مقارنة بـ 2022
مطار بيروت شهد زيادة في عدد الركاب بنسبة 12 بالمئة عام 2023 مقارنة بـ 2022 (أرشيف)

بعد أكثر من 12 عاما من إغلاق أجوائها أمام الطيران المدني السوري، قررت دول عربية عدة، آخرها المملكة العربية السعودية، فتح أجوائها أمام الرحلات السورية. يأتي هذا القرار بعد انقطاع العلاقات بين هذه الدول وسوريا بسبب حملة القمع الوحشية التي شنها نظام بشار الأسد على المتظاهرين المناهضين للحكومة في بداية الحرب الأهلية.

قرار إعادة فتح الأجواء العربية أمام الطيران المدني السوري، يثير العديد من التساؤلات بشأن تبعات ذلك على حركة المسافرين والشحن عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، إذ شكّل هذا المطار، طيلة فترة الحرب السورية، شرياناً حيوياً للسفر والشحن إلى سوريا، إذ اعتمد الكثير من السوريين عليه كنقطة عبور رئيسية، مما ساعد في تعزيز الحركة الاقتصادية في لبنان، خصوصاً في قطاعي الطيران والسياحة.

وفي يونيو من العام الماضي أعلن مدير عام الطيران المدني في سوريا، باسم منصور، أن منظمة الطيران المدني العربية، التابعة للجامعة العربية، أعلمت الجانب السوري بعودة كامل نشاطاتها وفعالياتها، وذلك بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

ووصلت الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 13 عاماً الآن إلى نقطة جمود، فيما أعادت الحكومة المركزية في دمشق سيطرتها على معظم الأراضي، بينما يظل شمال غربي البلاد تحت سيطرة مجموعة من الجماعات المعارضة، فيما تسيطر القوات الكردية على شمال شرقي سوريا.

حركة ملموسة

حركة الركاب السوريين في مطار رفيق الحريري الدولي كبيرة، كما يؤكد المدير العام للطيران المدني، المهندس فادي الحسن، ورغم ذلك يوضح الحسن لموقع "الحرة" أنه "من المبكر الحديث عن تأثير استئناف الرحلات الجوية العربية إلى سوريا قبل معرفة الشركات التي ستسير هذه الرحلات".

وتشير البيانات المنشورة على موقع البنك الدولي إلى زيادة ملحوظة في أعداد الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي منذ بداية الحرب السورية عام 2011. في ذلك العام، بلغ عدد الركاب في مطار بيروت 2,029,610، ليرتفع العدد في العام 2012 إلى 2,148,669. 

واستمرت الزيادة في السنوات التالية، حيث سجل عام 2015 عدد ركاب بلغ 2,591,297، ثم وصل العدد إلى 3,164,358 في عام 2019. بعدها تراجع العدد نتيجة جائحة كورونا، إذ سجل 1,077,762 راكب في عام 2020، ليعود ويصل في عام 2021 إلى 1,603,134، وفقاً لآخر تحديث متاح على الموقع.

وشهد العام 2023 وفق الوكالة الوطنية للإعلام، زيادة ملحوظة في عدد الركاب الذين استخدموا مطار رفيق الحريري الدولي، إذ بلغ إجمالي المسافرين 7,127,649 راكباً، مقابل 6,349,967 راكباً، في العام 2022، بزيادة فاقت 12 بالمئة.

من ناحية أخرى، شهد مطار دمشق تراجعاً كبيراً في عدد المسافرين والعابرين خلال السنوات الماضية، وفقاً للبيانات المنشورة على موقع البنك الدولي، إذ بلغ عدد المسافرين في عام 2011 من وإلى المطار 1,433,766 مسافراً، وانخفض العدد إلى 17,902 مسافر في عام 2015. وفي عام 2019، سجل المطار استخدام 18,456 مسافراً، أما في آخر تحديث متاح على الموقع لعام 2021، سجلت حركة الركاب 672,219 مسافراً.

استئناف محدود

استئناف الرحلات الجوية بين سوريا والدول العربية لا يزال محدوداً، كما تقول أستاذة إدارة الطيران في جامعة ساري البريطانية، الدكتورة نادين عيتاني "حيث لم تستأنف شركات الطيران الخليجية رحلاتها إلى المطارات السورية بعد".

وتواجه شركات الطيران السورية، بحسب ما تقوله عيتاني لموقع "الحرة"، "تحديات كبيرة في الفترة الحالية، مما يحد من قدرتها على الاستحواذ على حصة كبيرة من سوق مطار بيروت". مرجعة ذلك إلى محدودية عدد الطائرات العاملة، إذ "يتكون أسطول الطيران السوري من 15 طائرة، 9 منها فقط في الخدمة من بينها 5 طائرات ركاب وطائرتي شحن وطائرتين رئاسيتين، هذا العدد القليل من الطائرات يحد من قدرة الشركة حالياًعلى المنافسة في سوق النقل الجوي".

وتشرح عيتاني "3 من طائرات الركاب التي في الخدمة من طراز ايرباص، والبعض من الطائرات روسية الصنع، متوسط عمرها التشغيلي حوالي 45 عاماً، وهي تعاني من مشكلات في الصيانة نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا، مما يعيق استقبالها في بعض المطارات."

وتشير إلى وجود مشاريع مستقبلية تهدف إلى توسيع وتحسين أوضاع شركة الطيران السورية والمطارات في سوريا، "خاصة بعد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية"، متوقعة أن يشهد هذا القطاع تحسناً ملحوظاً في المستقبل مع عودة شركات الطيران العربية والأجنبية لتسيير رحلاتها إلى سوريا.

وفيما يتعلق بتأثير ذلك على مطار بيروت، توضح عيتاني أن "لبنان سيستعيد حصته الطبيعية من حركة النقل الجوي. فمنذ إغلاق المطارات السورية  عام 2012، تحول جزء كبير من حركة النقل الجوي إلى مطار بيروت كوجهة نهائية للعديد من المسافرين المتجهين إلى سوريا". لذا، تشدد على أن المشاريع التوسعية لمطار بيروت يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن جزءاً كبيراً من نمو حركة المسافرين مرتبط بالسوق السوري.

وفي تصريح له من مطار رفيق الحريري الدولي، في يونيو الماضي، أكد وزير الأشغال العامة والنقل، علي حمية، على تصميم الوزارة الراسخ على تطوير هذا المرفق الحيوي، رغم التحديات التي يواجهها لبنان.

وأشار حمية إلى التعاون الوثيق مع الشركات العاملة في المطار، ولا سيما شركة طيران الشرق الأوسط، التي أضافت طائرة جديدة ذات مواصفات عالية إلى أسطولها.

وأكد حمية أن رؤية الوزارة لتطوير وتحسين خدمات المطار ستظل قيد المتابعة والتنفيذ، مشيراً إلى أن إيرادات الوزارة من المرافق العامة في تزايد مستمر، وسيتم إنفاق جزء منها على مشاريع سلامة الطيران، وصيانة مبنى الركاب ومدارج الطيران، من أجل راحة المسافرين.

كما أعلن الوزير استئناف العمل في مشروع الممر السريع على الجهة اليمنى للوصول إلى المطار، الذي توقفت الأعمال فيه منذ عام 2019.

وأوضح أن وزارة المال ستقوم بتحويل كامل المبلغ المطلوب إلى مجلس الإنماء والإعمار لاستكمال المشروع، مما سيمكن المطار من استقبال حوالي 3 ملايين راكب إضافي، بما يحقق سرعة في إنجاز المعاملات.

تحذير مزدوج

من جانبه، يحذرّ الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، خالد أبو شقرا، من تطورين أساسين يؤثران على لبنان، هما "أولاً: عودة الطيران الخليجي إلى سوريا، "فمع استئناف الرحلات الجوية بين سوريا ودول الخليج، سينخفض عدد المسافرين الذين يتجهون إلى لبنان منذ عام 2011 حتى عام 2023 كبوابة عبور إلى سوريا، مما سيؤثر سلباً على إيرادات المطار".

وسبق أن كشف حمية، أن إيرادات المطار تناهز نحو 250 مليون دولار سنويا، و أن كل إيرادات المطار يجرى تحويلها إلى الخزينة العامة.

أما التطور الثاني، بحسب أبو شقرا، فهو انتهاء مفاعيل قانون قيصر في 17 يونيو الماضي، الذي فرض كما يقول "عقوبات اقتصادية على سوريا منذ عام 2019، مما دفع بالعديد من السوريين إلى الاعتماد على لبنان لاستيراد السلع، بما في ذلك النفط والسيارات". 

مع انتهاء مفاعيل قانون قيصر، لا يزال من غير الواضح، وفقاً لما يقوله أبو شقرا "ما إذا كانت العلاقات التجارية السورية مع الخارج ستعود إلى ما كانت عليه قبل عام 2019، لكن من المتوقع أن تنخفض عمليات الاستيراد عبر مطار رفيق الحريري الدولي، مما سيؤثر على إيراداته من الرسوم الجمركية".

ويشير أبو شقرا إلى أن حركة المطار ومدخوله مهمان جداً للاقتصاد اللبناني، "خاصة بعد رفع الرسوم وفرض رسوم بالعملة الصعبة على الوافدين والمغادرين"، لافتاً إلى أن "المطار يوفر كميات كبيرة من العملة الصعبة من شركات الطيران والمسافرين، وبالتالي أي تراجع في حركة المطار سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد اللبناني في ظل الأزمات التي تمر بها البلاد".

ويشهد لبنان منذ العام 2019 انهياراً اقتصادياً يُعتبر الأسوأ في تاريخ البلاد، ويتزامن مع شلل سياسي وفراغ في سدة الرئاسة من جرّاء انقسامات سياسية تمنع انتخاب رئيس للجمهورية.

لاجئون لبنانيون في مدينة القاسم في العراق
لاجئون لبنانيون في مدينة القاسم في العراق

نافذة أمل خاطفة بالرجوع إلى لبنان فُتحت أمام أحمد فيصل، اللاجئ القاطن في محافظة بابل جنوب العاصمة العراقية بغداد، بعد إعلان الاتفاق على وقف الإطلاق النار بين إسرائيل ولبنان. لكن النافذة أوصدت سريعا بسبب وضع غير متوقع: اندلاع معارك عسكرية في سوريا.

كل ذلك حدث في يومين بين السادس والعشرين من نوفمبر، تاريخ إعلان الهدنة في لبنان، ويوم الثامن والعشرين حين اندلعت أولى المعارك بين النظام السوري والمعارضة. 

يقول أحمد لموقع "الحرة" إن عودة اللبانين اللائذين في العراق برا إلى بلدهم تأجلت بسبب الأوضاع في سوريا التي تمر عبرها قوافل اللاجئين، مشيرا إلى أن قرار العودة ما زال قائما لكن هذه المرة سيكون عن طريق الرحلات الجوية المجانية التي وجه رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني بتسييرها إلى بيروت لنقل الراغبين بالعودة الى لبنان.

قبل ذلك، كانت أعداد اللاجئين اللبنانيين العائدين من العراق إلى بلدهم برا عبر الأراضي السورية بلغت نحو أربعة آلاف لاجئ، أثناء الأيام التي تلت الإعلان عن الهدنة ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في 26 من نوفمبر.

العودة الصعبة

قرار العودة الذي اتخذه أحمد وعائلته جاء بالرغم من تعرض منزلهم إلى أضرار كبيرة بسبب القصف، وهو حال العديد من منازل المواطنين في الجنوب اللبناني. ويشير أحمد إلى أن غالبية اللاجئين الذين تركوا مناطقهم تضررت منازلهم وتعرضت أخرى إلى الهدم بالكامل، فضلا عن توقف الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء وغيرها. وعبر أحمد عن أمله في عودة الحياة الطبيعية والاستقرار الكامل إلى بلاده.

ويبلغ عدد اللاجئين اللبنانيين في العراق أكثر من ستة آلاف عائلة استقرت في مدن جنوب ووسط وشمال العراق، وتقدم لهم الحكومة العراقية المواد الغذائية والمساعدات الانسانية منذ اليوم الأول لدخولهم الى العراق، بحسب ما أفاد به لموقع "الحرة"، المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية علي عباس، مشيرا إلى استمرار تقديم الدعم والمساعدة لهم منذ اليوم الأول لدخولهم الى العراق و"إلى حين عودتهم بشكل طوعي وحسب رغبتهم".

وكان رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني قد دعا إلى منح تأشيرات دخول مجانية للبنانيين وتقديم كافة المساعدات الإنسانية والصحية لهم.

وأشاد اللاجئ عادل رضا، الذي يقطن مع عائلته في محافظة النجف، بالتسهيلات التي أعلنتها السلطات الحكومية العراقية لتمكينهم من العودة جوا إلى بيروت، لكنه تراجع عن قرار العودة وفضل التريث في أعقاب المناوشات الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله والغارات التي تشنها إسرائيل على الجنوب اللبناني.

واضطر اللبنانيون إلى ترك بلادهم والنزوح إلى مناطق آمنة في لبنان واللجوء إلى دول أخرى تاركين وراءهم الدمار الذي لحق بالدور والمباني العامة بسبب الحرب.

بين البقاء أو المغادرة

وكشف البنك الدولي في تقرير أصدره منتصف شهر نوفمبر الماضي عن أضرار وخسائر بقيمة 8.5 مليار دولار طالت لبنان بسبب الحرب.

واعتبر البنك الدولي قطاع الإسكان الأكثر تضرراً، مع خسائر مقدرة بنحو 2.8 مليار دولار تضرر أكثر من 99 ألف منزل بشكل جزئي أو مهدم بالكامل.

ويستبعد اللاجئ اللبناني عبد الجبار حسين، الذي يقطن محافظ كربلاء، العودة حتى استقرار الأوضاع بشكل كامل في بلاده وضمان حصوله على التعويضات ليتمكن من إعادة بناء منزله الذي تهدم إثر القصف الذي خلف أيضا أضرارا كبيرة بمنازل جيرانه وأقربائه في قريته الواقعة بسهل البقاع وانه لا يستطيع العيش بمنزل مدمر.

وأضاف "أفضل البقاء في العراق حتى تتضح الصورة أكثر وضمان عدم اندلاع الحرب مجددا بعد انتهاء وقف إطلاق النار وسأنتظر لما تبقى من أيام الهدنة واقرر حينها، ولدينا تجربة سابقة في عام 2006 تم إعادة إعمار المنازل المدمرة وتعويض أصحابها، كما أن أغلبية اللاجئين اللبنانيين لديهم النية للعودة حال توفر ذلك وندعو الجهات الحكومية في لبنان والمجتمع الدولي إلى دعم إعادة بناء من دمرته الحرب".

ويتمركز غالبية اللاجئين اللبنانيين في محافظتي النجف وكربلاء ويتلقون الدعم والمساعدة من العتبات المقدسة وهي مؤسسة دينية تنشط في المجال الإغاثي.