غارات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان.. أرشيفية
غارات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان.. أرشيفية

أعلن حزب الله اللبناني، الأحد، أنه شن هجمات بالمسيّرات والصواريخ ضد مناطق في إسرائيل، ردا على مقتل القيادي بالجماعة فؤاد شكر، في حين قالت إسرائيل إن ضرباتها تركز على الجنوب اللبناني، متوعدة في الوقت نفسه بأنها "ستقصف أي مكان به تهديد".

ونشر حزب الله المصنف إرهابيا في الولايات المتحدة ودول أخرى، بيانًا نقلته وكالة رويترز، جاء فيه أنه بدأ هجوما على هدف عسكري إسرائيلي "نوعي"، بالإضافة إلى استهداف عدد من المواقع ومنصات القبة الحديدية.

وأضاف البيان أن العمليات العسكرية ستأخذ "بعض الوقت" للانتهاء منها، وبعد ذلك ستصدر بيانا تفصيليا حول مجرياتها.

وأشار في بيان آخر أنه "تم الانتهاء من المرحلة الأولى بنجاح كامل"، في إشارة إلى الهجوم، مضيفًا أنها "مرحلة استهداف الثكنات والمواقع الإسرائيلية تسهيلا لعبور المسيرات الهجومية بإتجاه ‏هدفها المنشود".

كما قال حزب الله أنه عدد الصواريخ التي أطلقها حتى الآن تجاوزت 320 صاروخًا، واستهدفت  11 موقعا عسكريا إسرائيليا.

فيما أشار في بيان ثالث، الأحد، أنه  "تم إطلاق جميع المسيرات الهجومية في الأوقات المحددة لها ومن جميع مرابضها ‏وعبرت ‏الحدود اللبنانية الفلسطينية باتجاه الهدف المنشود ومن مسارات متعددة، وبالتالي تكون عمليتنا العسكرية لهذا ‏اليوم قد تمت وأنجزت".

واعتبر بيان الحزب أن إعلان إسرائيل شن ضربة استباقية و"تعطيله" للهجوم ‏"هي ‏إدعاءات فارغة وتتنافى مع وقائع الميدان"، موضحًا أن الأمين العام للحزب حسن نصر الله سوف يلقي خطابا في وقت لاحق اليوم حول الهجوم.

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب، أن حزب الله أطلق "للتو أكثر من 150 قذيفة من لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية. نحن نستهدف البنية التحتية للإرهاب، وهم يستهدفون المدنيين".

وقال الجيش في بيان إن "مئة طائرة حربية شاركت في صد الهجوم الذي كان مقررا من قبل حزب الله على إسرائيل".

وتابع البيان: "‏أغارت نحو 100 طائرة حربية لسلاح الجو ودمرت آلاف منصات إطلاق قذائف صاروخية لحزب الله ومعظمها كانت موجهة نحو شمال البلاد وبعضها أيضًا إلى وسط البلاد".

فيما نقلت وكالة فرانس برس، عن بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، جاء فيه أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي سيجتمع الساعة (04,00 بتوقيت غرينتش)، الأحد، في ظل التطورات الجارية.

وفي سياق متصل، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي حالة الطوارئ في الجبهة الداخلية لمدة 48 ساعة في ظل الهجمات من حزب الله.

كما أعلن الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية على مناطق في جنوبي لبنان، فيما نقلت مراسلة الحرة عن مصدر أمني أن الغارات الإسرائيلية استهدفت مناطق مختلفة في القطاعين الشرقي والغربي، وإقليم التفاح، ومرتفعات جبل الريحان.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي، إن معظم هجمات الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله تتركز حاليا على جنوبي لبنان، لكنه سيقصف "أي مكان يوجد فيه تهديد".

وذكر بيان للجيش الإسرائيلي، بوقت سابق الأحد، أن طائرات حربية تابعة لسلاح الجو "بناءً على توجيهات من القيادة الشمالية وهيئة الاستخبارات العسكرية، قامت بمهاجمة أهداف لحزب الله شكلت تهديدًا فوريًا على الجبهة الداخلية الإسرائيلية".

وتابع البيان: "نظرًا لهذه الهجمات، وبناءً على تقييم الوضع الذي أُجري في قيادة الجبهة الداخلية، سيتم إصدار تعليمات منقذة للحياة في بعض المناطق في البلاد".

وقال: "رصدنا قبل قليل استعدادات لحزب الله لإطلاق صواريخ وقذائف صاروخية نحو إسرائيل"، موضحا أنه بناءً على ذلك، قرر الجيش الهجوم "لإزالة التهديد عن مواطني إسرائيل"، مشيرًا إلى أن طائرات سلاح الجو تهاجم "أهدافًا إرهابية في لبنان".

ومنذ عدة أسابيع، عبر المجتمع الدولي عن قلقه من إمكانية توسع الصراع إقليميًا بعد توعد إيران وحزب الله بالرد على مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في 31 يوليو في طهران، والمنسوب إلى إسرائيل، وكذلك مقتل فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية في ضربة إسرائيلية.

وأعلن حزب الله، الذي يتبادل القصف بشكل شبه يومي مع الجيش الإسرائيلي على الحدود منذ أن فتح "جبهة إسناد" في بداية الحرب على غزة، مسؤوليته عن أكثر من 10 هجمات، السبت، على القوات والمواقع الإسرائيلية، خصوصًا بطائرات مسيرة متفجرة.

بشار الأسد ونصرالله في لقاء سابق
صورة أرشيفية لبشار الأسد وحسن نصرالله

في وقت يتصاعد فيه الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، يرى محللون أن النظام السوري "يحرص على عدم الانجرار" إلى تلك الحرب، وذلك رغم تأثيرها السلبي الكبير على أحد أكبر حلفائه في المنطقة، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا" الإخباري.

والسبت، وصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى العاصمة السورية دمشق، بعد زيارة إلى لبنان في خضم التصعيد بين بلاده وإسرائيل من جهة، وبين الأخيرة وحزب الله اللبناني من جهة أخرى.

وأشارت وكالة رويترز إلى أن عراقجي سيبحث "التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية" مع مسؤولي النظام السوري.

ورغم الضربات التي تعرضت لها بعض المواقع في دمشق ومناطق أخرى في سوريا، نُسب معظمها إلى إسرائيل، فإن نظام بشار الأسد لم يحرك ساكنا، ولم يتخذ أي "إجراءات انتقامية".

وفي هذا الصدد، أوضح الزميل المساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، سيث فرانتزمان، إن تحفظ النظام السوري على الانضمام إلى تهديدات إيران ضد إسرائيل "ينبع على الأرجح من شعوره بأنه ليس لديه ما يكسبه من التصعيد، وأن هناك الكثير ليخسره".

ونبه إلى أنه مع استمرار الصراع الدموي في سوريا دون حل منذ أكثر من 13 عاما، فإن نظام دمشق "لا يزال يحاول إيجاد طريقة لإعادة قواته إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمال البلاد، بالإضافة إلى رغبته في أن تغادر القوات الأميركية، وأن توقف واشنطن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية".

وتابع: "لذلك، فإن النظام السوري لديه ما يكفي من المشاكل".

اعتباران و"استثمار" وراء سلوك الأسد على المعابر مع لبنان
عندما بدأت الحملة الإسرائيلية على جنوب لبنان سارع النظام السوري إلى إطلاق خطط استجابة لاستقبال اللبنانيين مع حديثه عن وجود "مراكز إيواء" تتسع للآلاف منهم. وفي حين أن طريقة التعاطي هذه قد تكون إجراء طبيعيا لدولة جارة تختلف الصورة عند النظر إلى الموقف الذي أبدته دمشق مع اللاجئين السوريين هناك، سابقا والآن.

"الأسد يعلم"

ويقول خبراء إن مرتفعات الجولان هي إحدى المناطق التي يمكن أن تكون هدفًا للجماعات المدعومة من إيران، والتي لها وجود في سوريا. 

وفي أواخر يوليو، استهدفت قرية في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من الجولان بهجوم صاروخي، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، معظمهم من الأطفال. وألقت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم على حزب الله في ذلك الهجوم، فيما نفت الجماعة اللبنانية مسؤوليتها.

وقال فرانتزمان إن حزب الله والميليشيات المدعومة من إيران، قد ترغب في تهديد إسرائيل من الجزء السوري من الجولان، لكن حكومة الأسد "من المرجح أن تتظاهر بأنها تتمتع بقدرة معقولة على منع مثل هذا التصعيد".

وتابع: "يعلم الأسد أن إسرائيل ستحمله المسؤولية عن أي دعم للهجمات"، معتبرا أنه "على مدى عقود، أظهرت دمشق أنها تفضل الوضع الراهن مع إسرائيل".

وأضاف فرانتزمان: "إنها (دمشق) تخشى المخاطرة.. ورغم أنها تتظاهر بأنها جزء من (المقاومة) ضد إسرائيل، فقد قبلت بأنها لا تستطيع هزيمة إسرائيل منذ سبعينيات القرن الماضي".

من جانبه، رأى العميد أحمد رحال، وهو ضابط سوري سابق انشق عام 2012، إن سياسة "عدم التدخل" من قبل نظام الأسد، ظلت قائمة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر 2023.

وزاد: " الأسد يعرف أن أي تنشيط لجبهة الجولان يمكن أن يعني نهاية نظامه.. لكنه لا يملك القدرة على السيطرة على حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران، لذلك اختار البقاء بعيدًا".

"رسالة للأسد"

وفي سياق متصل، قال مسؤولون إسرائيليون إن إيران "تواصل استخدام سوريا لتهريب الأسلحة إلى حزب الله".

وأوضح خبراء أن هذا يمثل أيضًا "خطرًا على النظام السوري في هذه المرحلة من الصراع بين إسرائيل وحزب الله"، وفق "صوت أميركا".

وقال رحال: "نظرًا لأن حزب الله سحب معظم مقاتليه من سوريا للقتال في لبنان، فإنه لا يزال بحاجة إلى شخص لنقل الأسلحة الإيرانية، وهذا الشخص هو ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام)، والذي يرأس الفرقة الرابعة في الجيش السوري".

وأفادت العديد من وسائل الإعلام العربية، أن من بين الضربات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على سوريا، كانت غارة أصابت مسكن ماهر الأسد بالقرب من دمشق.

وختم رحال بالقول: "كانت الرسالة الإسرائيلية للأسد واضحة، وهي (لا تسلموا أسلحة لحزب الله). لذا يبدو أنه في ظل مثل هذه التهديدات الإسرائيلية، اضطر نظام الأسد إلى النأي بنفسه عن إيران في سياق هذا الصراع".