A man holds a walkie talkie device after he removed the battery during the funeral of persons killed when hundreds of paging…
حزب الله يستخدم "البيجر" وأجهزة الاتصال اللاسلكية لتفادي مراقبة إسرائيل للهواتف المحمولة

انفجرت أجهزة اتصال لاسلكية محمولة، تستخدمها جماعة حزب الله المسلحة، الأربعاء، في جنوب لبنان، وذلك غداة وقوع انفجارات مماثلة متزامنة، الثلاثاء، في أجهزة اتصال تعرف باسم (بيجر) خاصة بالجماعة أيضا.

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن 14 شخصًا قتلوا وأصيب نحو 450، الأربعاء، كما ارتفع عدد القتلى في انفجارات، الثلاثاء إلى 12، بينهم طفلان، فضلاً عن إصابة ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص.

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون على الانفجارات، لكن مصادر أمنية قالت إن جهاز الموساد هو المسؤول عن ذلك، وفق وكالة رويتر.

وقال أحد مسؤولي حزب الله إن الواقعة تمثل أكبر خرق أمني في تاريخ الجماعة، بحسب ذات الوكالة.

ولا تزال أسئلة كثيرة عالقة تتعلق بالطريقة التي انفجرة بها تلك الأجهزة، وبشكل متزامن.

كيف حدث انفجار أجهزة "البيجر"؟

صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت، وفقا لأشخاص مطلعين على تحقيقات حزب الله، أن التقييم الأولي يشير إلى أن أجهزة "البيجر" انفجرت لأن جهازا متفجرا زُرع في الطرازات الجديدة.

يشير هذا السيناريو إلى أن إسرائيل تمكنت من الوصول إلى سلسلة توريد حزب الله لتعديل الأجهزة التي تم تسليمها، وفق تعبير الصحيفة. 

روبرت غراهام، الرئيس التنفيذي لشركة "إيراتا يسكيريتي" Errata Security للأمن السيبراني في أتلانتا، قال للصحيفة إن هناك احتمالا بأن قراصنة تلاعبوا بالبطاريات داخل أجهزة البيجر وجعلوها تنفجر عن طريق إرسال شفرة ضارة.

ويرى غراهام أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن شحنة من أجهزة البيجر تم اعتراضها أثناء نقلها إلى وجهتها، وتم زرع المتفجرات بداخلها بالإضافة إلى شفرة ضارة، بحيث يتم تفجيرها بإرسال إشارة معينة.

ماذا عن أجهزة اللاسلكي؟

أجهزة اللاسلكي التي انفجرت، الأربعاء، كانت تحتوي على بطاريات جديدة وصلت في شحنة حديثة وتم توزيعها على مجموعة أصغر من أعضاء حزب الله مقارنة بأجهزة البيجر، وفق أشخاص مطلعين تحدثوا للصحيفة الأميركية.

وقال نفس الأشخاص إن بعض تلك الانفجارات كانت أقوى من التي وقعت في واقعة البيجر. إذ ذكرت وزارة الصحة اللبنانية، الأربعاء، أن 20 شخصا على الأقل قتلوا في الانفجارات الجديدة، بينما قتل 12 شخصا بينهم طفلان وأصيب نحو 2800 شخص بجروح، بينهم مئات من عناصر حزب الله، بحسب حصيلة جديدة أعلنها وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، الأربعاء، مشيرا إلى أن حوالى 300 جريح في وضع خطر، وفق وكالة فرانس برس.

والتشابه بين حوادث البيجر واللاسلكي يشير إلى احتمال وجود تدخل ما على الأجهزة، وذلك في سلسلة توريد حزب الله. "ربما من خلال إدخال مكونات متفجرة أو شيفرة ضارة تسببت في التفجيرات"، تقول "وول ستريت جورنال". 

"هذه الأحداث أثارت مخاوف حول ضعف الأجهزة الاتصالية المستخدمة من قبل حزب الله، مما يشير إلى جهود تخريبية متقدمة، ربما من قبل جهات خارجية مثل إسرائيل"، تضيف الصحيفة ذاتها.

تصعيد

هجمات يومي الثلاثاء والأربعاء، المنسوبة لإسرائيل، تُهدد بتصعيد النزاع المستمر بين الجانبين، ما قد يعقد الجهود الأميركية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وهو ما كان يمكن أن يفتح الباب لحل دبلوماسي ينهي التبادل اليومي تقريبا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.

يُذكر أن حزب الله أعلن، الأربعاء، أنه سيواصل دعم حماس في غزة من خلال استهداف الجيش الإسرائيلي.

وتزامنت هذه العمليات، التي بدت وكأنها قد دفعت حزب الله إلى حالة من الفوضى، مع الحرب التي تشنها إسرائيل منذ 11 شهرا في غزة، ما أدى إلى تزايد المخاوف من تصعيد على حدودها مع لبنان وخطر اندلاع حرب إقليمية شاملة.

وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأربعاء، أن الحرب دخلت مرحلة جديدة ينتقل مركزها إلى منطقة الحدود الشمالية التي تشهد نقل المزيد من القوات والموارد.

ونفت الولايات المتحدة أن يكون لها أي علم في الانفجارات، وقالت إنها تبذل جهودا دبلوماسية مكثفة لتجنب تصعيد الصراع.

في الجانب الآخر، اتهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إسرائيل بأنها تدفع "المنطقة برمتها إلى هاوية حرب إقليمية" من خلال مواصلة التصعيد الخطير على عدة جبهات.

أجهزة مقلدة

لجأ حزب الله إلى استخدام أجهزة البيجر وأجهزة اتصال أخرى منخفضة التكنولوجيا في محاولة لتفادي مراقبة إسرائيل للهواتف المحمولة.

وأظهرت صور فحصتها وكالة رويترز لأجهزة اتصال لاسلكي محمولة من تلك التي انفجرت، الأربعاء، لوحة داخلية مكتوب عليها "آيكوم" و"صنع في اليابان".

و"آيكوم" هي شركة اتصالات لاسلكية وهاتفية مقرها اليابان -وفقا لموقعها على الإنترنت-.

 وقالت الشركة إن إنتاجها من النموذج (آي سي-في82)، الذي بدا مطابقا لتلك الأجهزة الموجودة في الصور الواردة من لبنان، الأربعاء، توقف إنتاجه تدريجيا في 2014.

وقال مصدر أمني للوكالة إن حزب الله اشترى أجهزة الاتصال اللاسلكي قبل خمسة أشهر، في الوقت ذاته تقريبا الذي اشترت فيه الجماعة أجهزة البيجر.

لكن مسؤولا في الفرع الأميركي للشركة (آيكوم أميركا) قال، الأربعاء، إن أجهزة الراديو التي انفجرت في لبنان تبدو كمنتجات مقلدة وليست مصنوعة من قبل "آيكوم".

وقال راي نوفاك، وهو مدير المبيعات في قسم أجهزة الراديو للهواة، في مقابلة، الأربعاء، مع وكالة أسوشيتد برس: "أستطيع أن أؤكد لكم أن هذه الأجهزة ليست من منتجاتنا".

وأوضح نوفاك أن "آيكوم" قدمت نموذج V82 من أجهزة الراديو ذات الاتجاهين منذ أكثر من عقدين، وتم إيقاف إنتاجه منذ فترة طويلة.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا، الجمعة، لمناقشة التفجيرات الأخيرة في لبنان بطلب من الدول العربية.

عنصر من الجيش اللبناني في نقطة حدودية مع سوريا - رويترز
عنصر من الجيش اللبناني في نقطة حدودية مع سوريا - رويترز

شهدت الليلة الماضية اشتباكات وتبادل للقصف بين الجيشين اللبناني والسوري على الحدود بين البلدين، وذلك في أعقاب حادثة بدأت بمقتل 3 عناصر من القوات السورية على يد مسلحين "تابعين لحزب الله" اللبناني.

الجيش اللبناني كشف في بيان، الإثنين، أنه بعد "مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية السورية في محيط منطقة القصر - الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات للمعالجة وما لبث أن فارق الحياة"، مضيفا أنه تم التنسيق وتسليم القتلى إلى الجانب السوري.

ولم يحدد الجيش اللبناني سبب مقتل الثلاثي، وذكر أن قرى وبلدات لبنانية تعرضت للقصف من داخل الأراضي السورية، فيما قامت الوحدات العسكرية بالرد على مصادر النيران.

نظام الأسد كان يعد حليفا استراتيجيا لحزب الله.
كيف يتعامل حزب الله مع خسارة شريان إمداده؟
مرّت نحو 3 أشهر على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الحدث الذي غيّر المعادلات، ليس فقط في سوريا، بل أيضاً بالنسبة لحزب الله، الذي فقد شريانه الرئيسي، فمع انهيار هذا الحليف الاستراتيجي، وجد الحزب نفسه أمام واقع جديد يفرض عليه تحديات غير مسبوقة عسكرياً ومالياً.

كيف بدأت الأزمة؟

أصدرت وزارة الدفاع السورية، في ساعة مبكرة الإثنين، بيانا قالت فيه إن مجموعة تابعة لحزب الله قامت "عبر كمين بخطف 3 من عناصر الجيش العربي السوري على الحدود السورية اللبنانية قرب سد زيتا غرب حمص، قبل أن تقتادهم للأراضي اللبنانية وتقوم بتصفيتهم تصفية ميدانية".

وأكدت الوزارة أنها ستتخذ "جميع الإجراءات اللازمة بعد التصعيد الخطير من ميليشيا حزب الله".

المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال إن العناصر الثلاثة "ينتمون إلى لواء (علي بن أبي طالب) التابع للجيش السوري".

وأضاف أنهم "قتلوا في كمين لمسلحين يرجح أنهم أفراد عصابات تهريب من أتباع حزب الله اللبناني، ضمن الأراضي اللبنانية بالقرب من طريق السد، مقابل قرية القصر الحدودية مع لبنان".

وأوضح المرصد أن قوات وزارة الدفاع السورية "قصفت مواقع عند الحدود السورية اللبنانية، واشتبكت القوات مع مجموعات عشائرية مسلحة في جرد الهرمل من جهة قرية حاويك على الحدود".

بعد ليلة مشتعلة على الحدود السورية.. الجيش اللبناني يعلّق
قال الجيش اللبناني، الإثنين، إن قرى وبلدات لبنانية تعرضت للقصف من داخل الأراضي السورية، وقامت الوحدات العسكرية بالرد على مصادر النيرات، وذلك في أعقاب مقتل سوريين في منطقة حدودية تبعها ضربات من القوات السورية الحكومية قالت إنها ضد عناصر حزب الله.

ووفقا لمصادر المرصد، فإن "شجارا دار بين أفراد عشائر لبنانية مع عناصر لواء علي بن أبي طالب، انتهى بطعن عنصر من أبناء العشائر، ليتم بعدها استدراج عناصر اللواء إلى داخل الأراضي اللبنانية وقتلهم جميعا، ومن بينهم عنصر قُتل رجما بالحجارة"، وفق شريط مصور حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على نسخة منه.

وتشهد المناطق الحدودية مع لبنان أنشطة تهريب واسعة النطاق، وتحديدا المناطق القريبة من بلدة عرسال، التابعة لمنطقة البقاع اللبنانية بمحاذاة مع الحدود السورية.

وفي ظل افتقار الحدود إلى أي حواجز أو عناصر أمنية، فإن عمليات تهريب متنوعة تنشط في المنطقة، تشمل الآليات الثقيلة التي كانت تابعة للحكومة السابقة والتي تُسرق وتُباع كخردة، بالإضافة إلى تفكيك المعامل والدبابات والآليات العسكرية وبيعها في لبنان، حسب المرصد.

وأشار المرصد أيضا إلى أنه "يتم تهريب أسلحة من مستودعات في القلمون وبيعها في عرسال ومناطق لبنانية أخرى، إلى جانب عمليات تستهدف سرقة وبيع مواد مثل الكابلات النحاسية للهواتف والكهرباء في لبنان".

وبعد الأحداث الأخيرة، قال الجيش اللبناني في بيانه، إن المنطقة الحدودية "يسودها الهدوء"، بعدما تصاعدت حدة القصف من الجانب السوري نحو الأراضي اللبنانية، منتصف ليل الأحد الإثنين.