A man reacts while holding a Hezbollah flag during the funeral of people killed after hundreds of paging devices exploded in a…
حزب الله والحكومة اللبنانية ألقيا باللوم على إسرائيل في الهجوم، في حين لم تؤكد الأخيرة ذلك

بعد سلسلة التفجيرات التي طالت أجهزة اتصال كان يستخدمها مسلحو حزب الله، ونُسبت لإسرائيل، تدخل المنطقة مرحلة تصعيد أخرى، وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأربعاء، بـ"المرحلة الجديدة".

وأسفرت الهجمات عن إصابة مئات الأشخاص، مما جعلها تتصدر عناوين الأخبار حول العالم، بسبب الطبيعة غير المعتادة للعملية المتقدمة تقنيًّا والتي استهدفت أجهزة تُعتبر قديمة في معظم أنحاء العالم.

وقد ألقى كل من حزب الله والحكومة اللبنانية اللوم على إسرائيل في الهجوم الجريء، بينما لم تؤكد إسرائيل أو تنفِ مسؤوليتها.

وجاء بيان غالانت، بعد ساعات من إعلان نقل القوات الإسرائيلية إلى شمال البلاد وحدوث موجة ثانية من الانفجارات في لبنان.

وكشف غالانت، في بيانه الذي نشره على وسائل التواصل الاجتماعي أنه تحدث مع أفراد سلاح الجو في قاعدة رمات دافيد، وأكد لهم أنهم يفتتحون "مرحلة جديدة في الحرب".

وتابع قائلًا: "مركز الثقل ينتقل إلى الشمال ما يعني أننا نخصص القوات والموارد والطاقة للجبهة الشمالية".

وأضاف "نحن في بداية مرحلة جديدة من الحرب، وعلينا أن نتكيف معها".

وتشترك إسرائيل في الحدود شمالًا مع لبنان، الذي يُعتبر موطنًا لحركة حزب الله، حيث تبادلت إسرائيل معه إطلاق الصواريخ بشكل شبه يومي خلال العام الماضي.

تحييد مصدر الخطر

يرى المحلل السياسي اللبناني المقيم في واشنطن، حسن منيمنة، أن المقصود بـ"المرحلة الجديدة" بالنسبة للإسرائيليين هو "إعادة ترتيب الوضع على الحدود من أجل دفع حزب الله بعيدا بشكل يسمح للمواطنين في البلدات المتاخمة للبنان بالعودة إلى منازلهم".

وفي اتصال مع موقع الحرة، شدد منيمنة على أن الهدف التالي للجيش الإسرائيلي هو "ألا يكون لبنان مصدر خطر لإسرائيل".

يُذكر أنه في نهاية شهر أغسطس الماضي، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بـ"القيام بكل شيء" لاستعادة الأمن في شمال الدولة العبرية.

وقال نتانياهو في بيان نشره مكتبه: "نحن مصممون على القيام بكل شيء لحماية بلادنا وإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم، ومواصلة اتباع قاعدة بسيطة: من يؤذينا، نؤذيه".

من جانبه، قال المحلل الإسرائيلي، روني شالوم، إن القصد من الحديث عن المرحلة الجديدة هو "انتقال الحرب إلى العمق الإيراني".

وفي اتصال مع موقع الحرة، أوضح شالوم أن المرحلة الجديدة بالنسبة لإسرائيل هي استهداف العمق الإيراني واللبناني "بشكل غير مسبوق".

وأشار إلى ذلك بالقول: "في هذه الحرب ستتغير موازين القوى بشكل كلي لمصلحة إسرائيل"، حسب تعبيره.

منيمنة من جانبه، قال إن الحديث عن المرحلة الجديدة يوحي بأن إسرائيل ترى أنها "استرجعت زمام المبادرة" بعدما كان حزب الله هو المبادر عند بداية الحرب بينها وبين حماس.

وغداة الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر عام 2023، بدأ حزب الله قصف مواقع إسرائيلية من جنوب لبنان، وردت الدولة العبرية بقصف مماثل، من دون أن يخرج الطرفان عن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ نحو 16 عاما.

فقد استهدف حزب الله يومها موقعاً إسرائيلياً في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل.

ويتحدث الإعلام باستمرار عن هذه "القواعد" غير المعلنة التي تنص عملياً على تجنب توسع رقعة التصعيد، في حال حدوث مواجهة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وذلك منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أنهى حرب 2006. لكن منذ ذلك الحين، تصاعدت وتيرة المواجهات.

في السياق، يرى منيمنة أن إسرائيل بدأت توحي بأنها استرجعت زمام المبادرة بعدما كان حزب الله هو السبّاق للهجوم انتصارًا لحماس في غزة.

وقال: "عندما لم تكن المبادرة لإسرائيل، كان الهدف القريب هو عودة السكان إلى بلداتهم في الشمال، لكن الآن تغير المشهد وأصبحت إسرائيل هي المبادرة"، مشيرًا إلى أن هذا التغير هو المقصود بحديث "المرحلة الجديدة".

ولفت منيمنة إلى أن استهداف الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران دون أي رد من طرف إيران التي تدعم حركة حماس وحزب الله "جعل إسرائيل تفكر في الانتقال إلى مرحلة أخرى تتخلص فيها من خطر حزب الله نهائيًا".

وكانت إيران نسبت مقتل هنية للدولة العبرية.

وقال منيمنة: "المرحلة الجديدة لا تقتصر على إعادة ترتيب الحدود لعودة السكان، بل تشمل أيضاً استهداف حزب الله"، مشيراً إلى أن واشنطن، التي "تريد ردا ًهادئاً على حزب الله، لا تمانع في أي استهداف يصيب مسلحي حزب الله دون المدنيين".

وفي يوم الأربعاء، حذّر البيت الأبيض جميع الأطراف من أي تصعيد في الشرق الأوسط بعد انفجارات لبنان. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين: "ما زلنا لا نريد أن نرى أيّ تصعيد من أيّ نوع، لا نعتقد على الإطلاق أن الطريقة لحل الأزمة الحالية تكمن في عمليات عسكرية إضافية".

وأضاف: "ما زلنا نعتقد أن أفضل طريقة لمنع التصعيد ومنع فتح جبهة أخرى في لبنان هي من خلال الدبلوماسية".

وعندما سئل عمّا إذا كانت إسرائيل تلتزم بالقانون الإنساني الدولي في التفجيرات التي وقعت عبر أجهزة النداء واللاسلكي في لبنان، أجاب كيربي: "كما قلنا منذ البداية، فإن لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن نفسها".

وأضاف أنّ "الطريقة التي يقومون (الإسرائيليون) بها بذلك تهمّنا، ونحن لا نتردّد في إجراء مثل هذه المحادثات مع الإسرائيليين بالشكل المناسب"، دون تأكيد تورط إسرائيل في تلك التفجيرات.

أما في ما يتعلق بالولايات المتحدة، فكرر كيربي تصريحات سابقة قائلاً: "لم نكن متورطين في حوادث الأمس أو اليوم بأي شكل من الأشكال".

مصارف لبنان

في تحول تاريخي لعمل القطاع المصرفي اللبناني، أقرّ مجلس النواب الخميس تعديلات على قانون السرية المصرفية تسهّل للهيئات الناظمة الحصول على كامل المعلومات المتعلّقة بالحسابات.

جاءت الخطوة تلبية لمطلب رئيسي من مطالب صندوق النقد الدولي.

واعتبر رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، القرار "خطوة ضرورية نحو الإصلاح المالي المنشود وركيزة أساسية لأي خطة تعافٍ، ولكشف الحقائق" بشأن الأزمة المالية التي بدأت عام 2019.

والجمعة، نُشر في الجريدة الرسمية اللبنانية قانون تعديل بعض المواد المتعلقة بسرية المصارف في لبنان، بما في ذلك تعديل المادة 7 (هـ) و (و) من القانون المتعلق بسرية المصارف الذي أقرّ عام 1956، وكذلك تعديل المادة 150 من قانون النقد والتسليف الصادر في عام 1963، بموجب القانون رقم 306 الصادر في 28 تشرين الأول 2022.

وينص التعديل الجديد على تعديل المادة 7 (هـ) من القانون المتعلق بسرية المصارف بما يسمح بمشاركة معلومات مصرفية بين مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع، في إطار تعزيز مراقبة القطاع المصرفي وحماية النظام المالي. 

ويشمل التعديل أيضا صلاحيات تعديل وإنشاء مؤسسة مختلطة لضمان الودائع المصرفية.

أما المادة 7 (و) فتتيح للجهات المعنية، مثل مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، طلب معلومات مصرفية محمية بالسرية دون تحديد حساب أو عميل معين. ويتيح التعديل إصدار طلبات عامة للحصول على معلومات عن جميع الحسابات والعملاء، إلا أن هذه الطلبات يمكن أن تكون قابلة للاعتراض أمام قاضي الأمور المستعجلة، ويخضع الاعتراض للأصول القانونية المتعلقة بالاعتراض على العرائض.

وفي ما يتعلق بالمادة 150 من قانون النقد والتسليف، تضمن التعديل رفع السرية المصرفية بشكل كامل وغير مقيد أمام مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، بالإضافة إلى المدققين والمقيمين المعينين من قبل مصرف لبنان أو اللجنة.

وتشمل التعديلات الحسابات الدائنة والمدينة، سواء كانت ضمن أو خارج الميزانية، كما تتيح رفع السرية المصرفية عن سجلات ومستندات ومعلومات تعود إلى أشخاص معنويين أو حقيقيين يتعاملون مع المصارف أو المؤسسات المالية الخاضعة للرقابة. ويشمل تطبيق هذا التعديل بأثر رجعي لمدة عشر سنوات من تاريخ صدور القانون.

وقد شهد لبنان خلال الأسابيع الماضية نقاشات حادة، رأى فيها معارضون للخطوة أن هذا القانون ورفع السرية المصرفية طي لصفحة من تاريخ لبنان المالي العريق من خلال "إلغاء ميزة تفاضلية،" وبأن كشف الفساد ليس معطلاً بسبب السرية المصرفية.

ويرى المتحمسون للقانون أن من شأن التعديلات الجديدة تعزيز الشفافية في القطاع المصرفي في لبنان وتحسين مراقبة ومراجعة العمليات المصرفية، في وقت يشهد فيه القطاع المصرفي تحديات كبيرة في ظل الأزمة المالية المستمرة.

وأوضحت "المفكرة القانونية" وهي منظمة حقوقية غير حكومية، في بيان أصدرته أن التعديل يخوّل "الهيئات الرقابيّة والهيئات النّاظمة للمصارف، وتحديدًا مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع، طلب الحصول على جميع المعلومات المصرفية، من دون أن يربط طلب المعلومات بأيّ هدف معيّن، وإمكانية التدقيق في الحسابات بالأسماء، تصحيحا لقانون 2022" والذي تضمن بعض التعديلات.

يعتمد لبنان السرية المصرفية منذ عام 1956، وكان لذلك أثر كبير في جذب رؤوس الأموال والودائع وتوفير مناخ الاستقرار الاقتصادي. وبموجب هذا القانون تلتزم المصارف الخاضعة لأحكامه السرية المطلقة، إذ لا يجوز كشف السر المصرفي سواء في مواجهة الجهات الخاصة أو السلطات العامة، وسواء كانت قضائية أو إدارية أو مالية، إلا في حالات معينة في القانون وردت على سبيل الحصر، وهي:

1- إذن العميل او ورثته خطيًا.
2- صدور حكم بإشهار افلاس العميل.
3- وجود نزاع قضائي بينه وبين البنك بمناسبة الروابط المصرفية. 
4- وجود دعاوى تتعلق بجريمة الكسب غير المشروع. 
5- توقف المصرف عن الدفع، إذ ترفع في هذه الحالة السرية المصرفية عن حسابات أعضاء مجلس الإدارة والمفوضين بالتوقيع ومراقبي الحسابات. 
6- الاشتباه في استخدام الأموال لغاية تبييضها، وعندها ترفع السرية المصرفية بقرار من هيئة التحقيق الخاصة لمصلحة المراجع القضائية المختصة والهيئة المصرفية العليا، وذلك عن الحسابات المفتوحة لدى المصارف أو المؤسسات المالية.

وبالفعل ومنذ إقرار هذا القانون ازدهر القطاع المصرفي اللبناني واستطاع جذب رؤوس أموال، لكن كل ذلك تغير مع اندلاع الحرب الأهلية في منتصف السبعينيات، وبدأت الليرة اللبنانية رحلة الانهيار. خمسة عشر عاما من الاقتتال، انتهت بتسويات سياسية، تبعها نظام اقتصادي جديد، قاده منذ عام 1993 الراحل رفيق الحريري رئيسا للحكومة، ورياض سلامة حاكما لمصرف لبنان المركزي، سعيا وراء الاستقرار. 

وبعد أربع سنوات من استلام منصبه، نجح سلامة في تثبيت سعر العملة اللبنانية، عند 1500 مقابل الدولار الأميركي.

استمرت تلك المعادلة أكثر من عقدين، لكنها كانت تحتاج إمدادات لا تنقطع من العملة الصعبة للمحافظة على استمرارها. وفي محاولة لسد العجز، سعت المصارف اللبنانية لجذب حصيلة كبيرة من العملة الخضراء عبر تقديم فوائد مرتفعة على الودائع الدولارية، فوائد تراوحت بين 15 و 16 في المئة.

نتيجة للفوائد البنكية المرتفعة، شهدت ودائع القطاع المصرفي اللبناني نمواً سنوياً وصل ذروته بقرابة 12 مليار دولار خلال عام 2009.

أغرت الفوائد العالية المقيمين والمغتربين، ليصل إجمالي الودائع في المصارف اللبنانية إلى أكثر من 177 مليار دولار في نهاية نوفمبر عام 2018. 

منذ عام 2017، تراجع الاحتياطي في خزينة مصرف لبنان، رغم محاولات جذب الدولار. وفي صيف عام 2019، لاحت بوادر صعوبة في توافر الدولار في الأسواق اللبنانية، فارتفع سعر صرفه مقابل الليرة للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاما، ما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات استثنائية. لكن البعض يرى أن تلك القرارات جاءت متأخرة.

في أكتوبر 2019، انفجر الشارع اللبناني مطالبا بإسقاط السلطة السياسية، وأغلقت المصارف أبوابها، لكن تقارير صحفية تحدثت عن عمليات تحويل لأرصدة ضخمة الى خارج البلاد.

في تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، نُشر في صيف 2020، فإنه، وفقا لكبير موظفي الخدمة المدنية المالية السابق في لبنان ومدير عام وزارة المالية السابق ألان بيفاني، قام مصرفيون بتهريب ما يصل إلى 6 مليارات دولار من لبنان منذ  أكتوبر 2019، في تحايل على الضوابط التي تم إدخالها لوقف هروب رأس المال، مع غرق البلاد في أسوأ أزمة مالية منذ ثلاثين 30 عاما، بينما بات مصير مليارات الدولارات مجهولًا. 

بدأت الأزمة المالية بالظهور تدريجيا، لكنها انفجرت حرفيا منذ اندلاع الاحتجاجات في شهر أكتوبر عام 2019. وتشير تقارير رسمية إلى أن أموالا طائلة تصل إلى مليارات الدولارات تم تحويلها إلى الخارج، بينما تم حجز ودائع صغار زبائن البنوك، من دون ضمانات لحماية ودائع المواطنين، ولا سيولة نقدية.

وتقدر تقارير دولية والمصرف المركزي اللبناني أن ودائع صغار زبائن البنوك بحوالي 121 مليار دولار منها ودائع لغير المقيمين تُقدّر بـ20 مليار دولار، وأصحابها لبنانيون وعراقيون ويمنيون وليبيون ومصريون ومن دول الخليج، إضافة لودائع للسوريين، يقدر المصرفيون بأنها أكثر من 3 مليارات دولار.

وفيما تجري التحقيقات حول آلية تهريب الأموال، لم يصل المحققون المحليون ولا حتى الدوليون إلى جواب شاف، لكن كانت دائما "المصالح المتشابكة داخل النظام اللبناني" جزءا من الجواب.

وتعتبر البنوك اللبنانية مرآة للنظام من حيث التقسيم الطائفي، فغالبيتها تابعة لجهات سياسية ومقربين منها، الأمر الذيث كان واضحا في انعدام الرقابة على عمليات إدخال أموال حزب الله المهربة أو غير الشرعية إلى هذه البنوك، مما يعني عمليات تبييض وشرعنة لهذه الأموال.

منذ منذ عام 2001، وضعت الولايات المتحدة حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، وفرضت عليه عقوبات ضمن خطة لمكافحة تمويل الإرهاب. وفي هذا الإطار صدر قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 44، عام 2015، والذي لم يتم تعطبيقه، واكتفى مصرف لبنان بتعاميم، لم تغير واقع الحال.

بدأ لبنان في يناير 2022 مفاوضات رسمية مع صندوق النقد الذي طالما شدد على أنه لن يقدم أي دعم طالما لم تقرّ الحكومة إصلاحات على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي للفساد المستشري.

وأعلن الصندوق في أبريل من العام ذاته اتفاقا مبدئيا على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، لكنّ تطبيقها كان مشروطا بإصلاحات لم يتم تنفيذ معظمها.

في سبتمبر عام 2024، أوقف الحاكم السابق لمصرف لبنان، رياض سلامة، وهو حتى اليوم قيد التحقيق في اتهامات بغسيل الأموال وشراء وبيع سندات خزينة الحكومة اللبنانية. ومنذ انهيار حزب الله اللبناني، في حربه مع إسرائيل، وصعود ما سمي بالعهد الجديد، أقرت حكومة نواف سلام مشروع قانون لإعادة هيكلة المصارف، استجابةً لمطالب صندوق النقد الدولي، الذي اشترط تنفيذ إصلاحات جذرية، بينها رفع السرية المصرفية، كشرط أساسي لأي دعم مالي للبنان، كما تأتي في ظل إدراج مجموعة العمل المالي (FATF) لبنان على اللائحة الرمادية بسبب ثغرات خطيرة في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

من المتوقع أن تسهم هذه التعديلات في تعزيز الشفافية المالية، ومكافحة الفساد وتبييض الأموال والتهرب الضريبي، كما يُتوقع أن تفتح الباب أمام إعادة هيكلة النظام المالي اللبناني بالكامل، واستعادة ثقة المجتمع الدولي، وتأمين الدعم المالي اللازم من الجهات المانحة.

إلا أن نجاح هذه الخطوة لا يقاس فقط بالكشف عن الحسابات، بل العبرة في التنفيذ في ظل نظام قضائي شبه مهترئ وتورط بعض من أصحاب النفوذ السياسي والمالي أنفسهم.

لبنان اليوم أمام مفترق طرق، فإما أن يسلك طريق العهد الجديد الذي وعد به اللبنانيون، أو يظل الفساد العنوان الأبرز في سياسات لبنان المالية المقبلة.