وزير الإعلام اللبناني، زياد مكاري (صورة أرشيفية)
وزير الإعلام اللبناني، زياد مكاري (صورة أرشيفية)

قال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، زياد المكاري، الإثنين، إنه في إطار ما أسماها بـ"الحرب النفسية التهويلية التي تعتمدها إسرائيل"، تلقى عدد كبير من اللبنانيين في بيروت ومناطق أخرى "رسائل هاتفية عشوائية موحدة عبر الشبكة الأرضية، تدعو إلى إخلاء أماكن وجودهم".

ونقلت وكالة رويترز عن رئيس شركة الاتصالات اللبنانية "أوجيرو"، قوله إن "لبنان تلقى، الإثنين، أكثر من 80 ألف محاولة اتصال يشتبه بأنها إسرائيلية، تطلب من الناس الإخلاء".

وكان مراسل لرويترز في جنوب لبنان، قد قال إن سكان الجنوب "تلقوا اتصالات هاتفية من رقم لبناني، تأمرهم بالابتعاد فورا مسافة ألف متر عن أي موقع تستخدمه جماعة حزب الله اللبنانية".

وفي إفادة بثها التلفزيون في وقت سابق، أصدر المتحدث العسكري الإسرائيلي، دانيل هاغاري، تحذيرا مماثلا قال إنه "يتم تعميمه باللغة العربية على جميع الشبكات والمنصات في لبنان".

من جانبه، أوضح المكاري أن مكتبه الإعلامي "كان من بين الذين تلقوا الرسالة الإسرائيلية".

واعتبر الوزير في بيان، أن "ذلك الأسلوب ليس غريبا على إسرائيل التي تتوسّل كل السبل في حربها النفسية، وهو لا يقدم ولا يؤخر في شيء".

وأشار إلى أن "العمل في وزارة الإعلام مستمر وطبيعي، وجميع العاملين منصرفون إلى مهامهم اليومية التي تفوق أي رسائل أهمية في هذا الظرف الدقيق"، داعيا إلى "عدم إعارة الأمر أكثر مما يستحق، علما أنه محل متابعة من الجهات المعنية".

وفي نفس السياق، قال مكتب وزير الثقافة اللبناني، محمد وسام المرتضى، إنه "تلقى اتصالا تحذيريا من شخص يتكلم العربية الفصحى بلكنة غريبة، بوجوب مغادرة المكتب فورا لأنه مستهدف"، حسب الوكالة الوطنية للإعلام.

وشن الجيش الإسرائيلي أكبر موجة من الضربات الجوية من حيث النطاق على أهداف في لبنان لجماعة حزب الله المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، الإثنين.

واستهدف في وقت واحد جنوبي لبنان وسهل البقاع بشرق البلاد والمنطقة الشمالية بالقرب من سوريا، وذلك في إطار الصراع المستمر منذ ما يقرب من عام، وفق رويترز.

قال الجيش الإسرائيلي، الإثنين، إنه "مستعد لكل السيناريوهات" في الصراع المحتدم مع حزب الله، "ومن بينها الاجتياح البري"، في وقت ترتفع فيه حدة التصعيد مع الجماعة اللبنانية على جانبي الحدود.

وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، في تصريحات لـ"الحرة": "نستعد لكل السيناريوهات في لبنان، بما فيها الاجتياح البري"، معتبرا أن إسرائيل "لم تختر الحرب، بل حزب الله هو الذي اختارها".

ضربات إسرائيلية على مواقع في جنوب لبنان
إسرائيل تدعو اللبنانيين "للابتعاد" عن مواقع حزب الله وتؤكد استمرار الغارات "بالمستقبل القريب"
أعلن الجيش الإسرائيلي، الإثنين، "مهاجمة أهداف" لجماعة حزب الله في لبنان، وذلك غداة بعض أعنف عمليات تبادل إطلاق النار عبر الحدود، في صراع يدور بالتزامن مع حرب غزة المستمرة منذ نحو عام.

وتابع أدرعي تصريحاته بالقول إن حزب الله (المصنف على لوائح الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى)، "يستخدم بيئته المدنية لاستهداف إسرائيل"، معلنا أن الجيش سينفذ غارات واسعة النطاق على قرى لبنانية.

وأضاف أنه سيتم قصف "بيوت ومبان مدنية يستخدمها حزب الله لإخفاء أسلحته"، مشيرًا إلى أن "الأولوية لدى إسرائيل هي عدم ضرب مدنيين في لبنان".

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الإثنين، في حصيلة أولية، مقتل شخص وإصابة 6 آخرين في الهرمل، وما يقارب 30 جريحا في عيترون وجبال البطم وتفاحتا، إثر الغارات الإسرائيلية.

وذكرت مراسلة الحرة في لبنان، أنه على مدى أكثر من 40 دقيقة، تواصل المقاتلات الحربية الإسرائيلية شن غارات كثيفة وُصفت بـ"العنيفة"، على "كل القرى جنوبي لبنان دون استثناء".

وأضافت أنه "في جولة ثانية، استهدفت الطائرات الحربية وسط البلدات الجنوبية، وتسببت بوقوع إصابات في صفوف المدنيين"، حسب مصدر طبي، كما أدت إلى وقوع أضرار كبيرة بالممتلكات.

وكانت الجولة الأولى من الغارات قد استهدفت القرى الجنوبية البعيدة عن خط المواجهة، وبلغت أكثر من 100 كم من الحدود، عندما أغارت على بلدات في الهرمل وبعلبك.

وفي وقت سابق الإثنين، نقلت مراسلة الحرة عن مصدر أمني لبناني، أن "أضرارا جسيمة طالت المنازل والسيارات والمحال التجارية في العباسية وباتوليه وعين بعال جنوبي البلاد، نتيجة الغارات العنيفة التي شنها الجيش الإسرائيلي صباح اليوم (الإثنين)".

وذكرت مراسلة الحرة، أنه تم في وقت لاحق، إطلاق رشقات صاروخية من الأراضي اللبنانية باتجاه الجانب الإسرائيلي.

مخاوف لبنانية من حرب جديدة - رويترز
مخاوف لبنانية من حرب جديدة - رويترز

يعيش اللبنانيون حالة من القلق المتزايد مع تصاعد التوترات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، إذ بات شبح الحرب يخيم على حياتهم اليومية، متسللاً إلى تفاصيلها مع كل انفجار أو تحذير من تصعيد جديد.

وخلال الأيام الأخيرة، شهدت الحدود الجنوبية تصعيداً خطيراً مع إطلاق ثلاثة صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، التي ردّت بسلسلة غارات جوية استهدفت مناطق في الجنوب والبقاع.

هذا التطور أعاد إلى الأذهان مشاهد الحرب الأخيرة، في وقت لم تتعافَ فيه البلاد بعد من تداعياتها، ولم يتم البدء حتى في إعادة إعمار ما دمرته.

لا تزال المنازل المدمرة شاهدة على حرب لم تُطوَ صفحتها بعد، فيما يجد اللبنانيون أنفسهم مجدداً في مواجهة واقع مجهول، حيث لا ضمانات بأن الأيام المقبلة لن تحمل تصعيداً أشد، خصوصاً مع استمرار التهديدات التي قد تتحول في أي لحظة إلى مواجهة مفتوحة تزيد من معاناتهم.

وفي ظل هذا المشهد القاتم، تتجه الأنظار إلى المسؤولين اللبنانيين وإلى مدى قدرتهم على احتواء الأزمة ومنع الانزلاق نحو حرب شاملة. فهل تستطيع السلطات اللبنانية تجنيب البلاد سيناريو كارثياً آخر، أم أن لبنان يقترب من مواجهة جديدة قد تفاقم مآسيه؟

يأس وجمود

في جنوب لبنان، يعيش بعض الأهالي حالة من اليأس وسط تصاعد التوترات الأمنية، حيث تجد سهام، وهي من سكان مدينة صور (فقدت منزلها في الحرب الأخيرة واضطرت إلى استئجار منزل آخر)، نفسها غارقة في الإحباط. تقول بأسى: "للأسف، وكأنّه كُتب علينا أن نعيش في حروب متواصلة، حتى أصبحت أفضّل الموت".

تعكس كلمات سهام مشاعر العجز التي تخيم على كثير من اللبنانيين، وتضيف في حديث لموقع "الحرة" "نحن وُلدنا في الحروب، اللبنانيون يعانون نفسياً"، مؤكدة أن الناس لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد من النزوح والمعاناة.

ورغم أن الحرب الأخيرة كانت مكلفة على مختلف الفئات، ترى سهام أن اللبنانيين المقيمين في مناطق محسوبة على حزب الله تحملوا العبء الأكبر، مشيرة إلى أن "هناك قرى دُمّرت بالكامل. المواطنون باتوا في حاجة ماسة إلى الاستقرار وإعادة إعمار منازلهم ومستقبلهم، وليس إلى المزيد من الحروب".

ورغم مخاوفها، تؤكد سهام أنها لن تغادر منزلها إذا اندلعت مواجهة جديدة>

وتحذر من أن العائلات النازحة هذه المرة قد تواجه صعوبات أكبر في إيجاد ملاذ آمن، خاصة مع تصاعد الخطاب الاستفزازي لبعض مسؤولي حزب الله، إلى جانب الحملات الإلكترونية الواسعة التي انطلقت عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث شملت تهديدات صريحة لمعارضي الحزب ومنتقديه، متوعدةً إياهم بـ"التأديب"، وذلك بدلاً من أن يُسلّم الحزب سلاحه للجيش اللبناني، كي ينعم اللبنانيون بالسلام".

وفي ظل التصعيد المتزايد، لا يقتصر القلق على لبنان وحده، بل يمتد إلى الجوار أيضاً لاسيما غزة وسوريا، كما يوضح الباحث في الشأن السياسي نضال السبع لموقع "الحرة".

وشهد لبنان في الأيام الأخيرة ضربات إسرائيلية "عنيفة"، وفق وصف السبع، "استهدفت مناطق عدة رداً على إطلاق صواريخ لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها".

ويرى السبع أن هذا التصعيد "يعكس مدى هشاشة الوضع الأمني، وسط تحذيرات من إمكانية تفاقم الأمور". 

وفي هذا السياق، يُجري المسؤولون اللبنانيون اتصالات مكثفة مع المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في محاولة لاحتواء التوترات ومنع انزلاق لبنان إلى مواجهة شاملة.

وفي هذا الإطار، دعا رئيس لبنان، العماد جوزاف عون، القوى المعنية في الجنوب اللبناني كافة، ولاسيما لجنة المراقبة المنبثقة عن اتفاق نوفمبر 2024، والجيش الى متابعة ما يحصل بجدية قصوى لتلافي أي تداعيات وضبط أي خرق أو تسيّب يمكن أن يهدد الوطن في هذه الظروف الدقيقة. 

كما طلب عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل اتخاذ الإجراءات الميدانية الضرورية للمحافظة على سلامة المواطنين.

في مهب المجهول

تعيش مروى، وهي من سكان بلدة معركة جنوب لبنان، حالة من القلق المستمر، تخشى أن يكون القادم أسوأ. تقول بأسى "في الحرب الأخيرة، اضطررت للنزوح مع عائلتي إلى شمال البلاد، قبل أن نعود بعد إعلان اتفاق وقف النار، لكن لا أشعر بأي أمان. أنا لا أخاف فقط من اندلاع حرب جديدة، فالحرب قائمة أساساً، لكن الخوف هو أن تتوسع وتصبح أشمل".

وترى مروى في حديث لموقع "الحرة" أن القلق يعمّ جميع اللبنانيين، "خصوصاً أهالي الجنوب، الذين يدركون أن أي تصعيد جديد قد يكون أكثر عنفاً وتدميراً". 

هذا الشعور بالخوف المستمر دفعها إلى التردد في المضي قدماً في مشروعها العملي، موضحة "التهديدات مستمرة، وكل يوم نسمع تحذيرات من أن التصعيد قد يعود في أي لحظة. لذلك، نقوم بتأجيل مخططاتنا".

وتضيف: "لبنان لم يعد يشجّع على الاستثمار. نحن نعيش في حالة من العجز، نترقب المصير المجهول واحتمال أن نجد أنفسنا مجدداً في حرب لا نريدها، حرب لا تجلب سوى المزيد من الموت والدمار".

في المقابل، تسعى الحكومة اللبنانية إلى تفادي الانجرار إلى مواجهة مع إسرائيل، وفق ما يشير السبع.

ويشدد: "لبنان غير معني حالياً بأي تصعيد عسكري. بالتوازي، تتحدث تقارير عن زيارة مرتقبة للمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، إلى بيروت خلال الأيام المقبلة، في محاولة لفتح قناة تفاوضية مباشرة بين لبنان وإسرائيل، إلا أن هذا التوجه يواجه رفضاً واضحاً، خاصة من رئيس مجلس النواب نبيه بري".

ويحذر السبع من أن "المخاوف تتزايد في الأوساط الدبلوماسية والسياسية من احتمال أن تستغل إسرائيل أي حادث أمني لشن هجمات عسكرية موسعة وإنشاء حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية بعمق يتراوح بين 7 و10 كيلومترات. خطوة كهذه قد تفتح الباب أمام توترات جديدة، في وقت لم يتعافَ فيه لبنان بعد من تداعيات المواجهات السابقة".

معادلات جديدة؟

في العاصمة اللبنانية بيروت، يعيش منير، مثل كثير من اللبنانيين، في حالة من القلق المستمر وسط ضبابية المشهد الأمني والسياسي. ويقول "نحن في حالة رعب دائمة، لا نعرف إذا كانت الحرب قد انتهت أم لا. هل سيتوقف إطلاق النار؟ هل ستُطلق صواريخ جديدة على إسرائيل؟ وكيف سيكون الرد الإسرائيلي؟".

ويشير منير إلى غياب أي شعور بالأمان في ظل الوضع الراهن، مضيفاً "نحن في بلد بلا ملاجئ، أي مكان قد يكون مستهدفاً، وأي شخص قد يكون في خطر"، ورغم ذلك، يؤكد "لا خيار أمامنا سوى البقاء، ننتظر ما سيحمله الغد".

أما هناء، التي تقيم بالقرب من الضاحية الجنوبية لبيروت، فتعيش في حالة من التوتر الدائم. تقول "كلما سمعت صوت دراجة نارية أو فرقعة، أعتقد أنه صاروخ"، وتضيف "أعيش على أعصابي، خصوصاً منذ أن عاد القصف الإسرائيلي على غزة. وأنا الآن أنتظر في كل لحظة أن يتصاعد التوتر في لبنان".

في ظل هذه المخاوف، تُتابع قيادة الجيش التطورات بالتنسيق مع اليونيفيل والجهات المعنية لاحتواء الوضع المستجد على الحدود الجنوبية، كما جاء في بيان رسمي، بينما دعا وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي إلى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل بنوده.

وبموجب الاتفاق المبرم في نوفمبر، كان من المفترض إخلاء جنوب لبنان من أي أسلحة تابعة لحزب الله، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة، مع نشر الجيش اللبناني لضمان الاستقرار. 

كما نص الاتفاق على أن تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في الجنوب ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها.

ويراقب حزب الله الوضع بحذر، محاولاً تجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، كما يرى السبع، ويقول "الحزب يواجه تحديات معقدة، خصوصاً بعد قطع خطوط إمداده إثر سقوط نظام الأسد، ما يجعله غير مستعد لمغامرة عسكرية جديدة في هذه المرحلة".

من جهتها، ترى إسرائيل، وفق السبع أن "الحزب يمرّ بمرحلة ضعف، وهو ما قد يدفعها إلى محاولة فرض معادلات جديدة على الأرض، من خلال شن حرب تهدف إلى القضاء على ما تبقى من قوة لدى الحزب".