غارات إسرائيلية مستمرة على لبنان
غارات إسرائيلية مستمرة على لبنان

ارتفعت حصيلة الغارات الإسرائيلية على البلدات والقرى في جنوب لبنان والبقاع وبعلبك، الاثنين، إلى 492 قتيلا وأكثر من 1600 جريح، بحسب ما نقلت مراسلة موقع "الحرة" عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية.

وذكرت الوزارة أن الغارات الإسرائيلية أدت إلى مقتل 35 طفلا و57 سيدة من بين الحصيلة العامة. وتضمنت الحصيلة السابقة للضحايا مقتل 356 شخصا. 

وكانت مناطق عدة قد تعرضت الاثنين، لسلسلة غارات إسرائيلية كثيفة منذ ساعات الصباح، بينما أفادت تقارير عن استهداف إسرائيل لقيادي بارز في حزب الله.

وقال وزير الصحة اللبنانية، فراس الأبيض، إن هذه الحصيلة "غير مسبوقة" وهي الأعلى التي يتم تسجيلها خلال يوم واحد، منذ بداية التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله قبل نحو عام.

وأضاف أن آلاف العائلات نزحت، اليوم الاثنين، من مناطق استهدفتها الغارات الإسرائيلية.

وشنت إسرائيل غارات جوية على المئات من أهداف لحزب الله في جنوب لبنان وسهل البقاع بشرق البلاد، والمنطقة الشمالية بالقرب من سوريا، في أكبر موجة من الضربات التي استهدفت التنظيم.

وطالبت إسرائيل اللبنانيين بإخلاء المناطق التي قالت إن الجماعة تخزن أسلحتها بها.

وتأتي الغارات الإسرائيلية بعد يومين من هجوم حزب الله الأعمق منذ الثامن من أكتوبر، حيث استهدف قاعدة "رامات دافيد" الجوية ومجمعا تابعا لشركة "رافائيل" للصناعات العسكرية، مستخدما في هجومه نوعا جديدا من الصواريخ يطلق عليها "فادي 1" و"فادي 2".

ويشير الوضع الميداني إلى أن المواجهة بين الطرفين باتت مفتوحة على كافة السيناريوهات.

في الضاحية الجنوبية لبيروت.. الاثنين 23 سبتمبر
هل تعتمد إسرائيل سياسة "الأرض المحروقة" قبل اجتياح جنوب لبنان؟
شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تصعيداً خطيراً صباح اليوم الاثنين، حيث شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جوية واسعة النطاق استهدفت مواقع متعددة في لبنان، في خطوة رفعت مستوى التوتر بينه وبين حزب الله إلى احتمالية نشوب حرب شاملة.


وأفادت مراسلة الحرة في بيروت، مساء الاثنين، بسقوط قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية في منطقة البقاع، بعد استهدافها صباحا.

وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام أن "غارات معادية استهدفت مرتفعات السلسلة الشرقية في بعلبك" وعددا من القرى في المنطقة، إضافة إلى مدينة الهرمل.

وقالت مراسلة الحرة إن المقاتلات الإسرائيلية شنت غارات على البقاع الشرقي والشمالي والغربي. وأدت الغارات إلى سقوط قتلى وجرحى لاسيما في بلدتي سحمر ويحمر. 

غارات على البقاع

 

استهداف "الرجل الثالث" في حزب الله

وأعلن الجيش الإسرائيلي، مساء، تنفيذ "ضربة محددة الهدف" في بيروت، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية من بينها "هآرتس" و"تايمز أوف إسرائيل" أن الغارة استهدفت القيادي في حزب الله، علي كركي، قائد جبهة جنوب لبنان في حزب الله، وهو أكده أيضا مصدر لفرانس برس.

ولم تحدد هذه المصادر مصيره على الفور، فيما أصدر حزب الله بيانا بأنه "بخير"، وانتقل إلى مكان آمن.

وقالت تايمز أوف إسرئيل إنه "المسؤول عن النشاط العسكري للجماعة في جنوب لبنان، وهو عضو في مجلس الجهاد، أعلى هيئة عسكرية للتنظيم".

وقال مصدر فرانس برس إن كركي يعد "الرجل الثالث عسكريا في حزب الله بعد القياديين فؤاد شكر، وابراهيم عقيل" اللذين قتلا بضربات مماثلة.

"تغيير التوازن"

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه قصف نحو 800 هدف لحزب الله في جنوب لبنان والبقاع، منذ صباح الاثنين. وأفاد بأن مجموع ما تم رصده من قذائف تم إطلاقها من الجانب اللبناني، الاثنين، تجاوز 160قذيفة.

من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في تصريحات، الاثنين، أن الجيش يقوم "بتغيير التوازن الأمني" في شمال إسرائيل.

وأضاف نتانياهو من خندق لسلاح الجو في وزارة الدفاع، بحسب بيان صادر عن مكتبه، "لقد وعدت بأننا سنغير التوازن الأمني، توازن القوى في الشمال، وهذا تحديدا ما نقوم به"، مضيفا أن "إسرائيل لا تنتظر التهديد، بل تستبقه".

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت: "نكثف ضرباتنا في لبنان وستستمر سلسلة العمليات حتى نحقق أهدافنا".

وقال الوزير الذي كان يحضر تقييما لجاهزية الجبهة الداخلية: "أمامنا أيام سيكون فيها على الجمهور التحلي برباطة الجأش والانضباط والطاعة الكاملة" للتعليمات الصادرة عن قيادة الجبهة الداخلية.

وفي غضون ذلك، نقل مراسل الحرة في تل أبيب عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، دعوته سكان لبنان بالابتعاد عن أماكن مستودعات الذخيرة التابعة لحزب الله وخص بالذكر منطقة البقاع.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أرسل رسائل نصية إلى السكان، واتصل بهم هاتفيا من رقم هاتف لبناني.

حالة هلع

وما أن شنت إسرائيل صباح غارات كثيفة على جنوب لبنان وتلقى سكان رسائل هاتفية تطالبهم بإخلاء منازلهم، حتى سادت حالة من الهلع، وفق فرانس برس.

وحزم المئات أمتعتهم ونزحوا على عجل بينما ضاقت مستشفيات المنطقة بعشرات الضحايا.

وفي مستشفى النجدة الشعبية في مدينة النبطية بجنوب لبنان، وصف الطبيب، جمال بدران، لفرانس برس ما جرى بأنه "كارثة ومجزرة"، مضيفا "بين الغارة والغارة، تشن غارة، حتى أنهم قصفونا خلال انتشالنا جرحى" في بلدة دير الزهراني.

وعلى بعد أكثر من 20 كيلومترا، تكرر المشهد ذاته في مستشفى تبنين الحكومي. وقال موظف، امتنع عن كشف هويته: "يتدفق الجرحى بشكل متتال، الوضع صعب للغاية". وأضاف: "لا يمكنني أن أحدد عدد الإصابات، الجرحى في الخارج، ما زالوا في الشارع".

وفي مدينة صيدا، التي تعدّ أحد مداخل الجنوب، شاهد مراسل فرانس برس تدفقا كبيرا للسيارات باتجاه بيروت. واكتظت الطرق بمئات السيارات وعشرات الحافلات التي أقلت نازحين مع أمتعتهم. 

وقال النازح السوري، محمّد الوليد، الذي فر مع عائلته المؤلفة من 7 أشخاص: "هربنا من بلدة الغسانية بعد غارات عدة أرعبت أطفالنا" مضيفا: "سنلجأ الآن إلى أي مكان حتى لو نمنا على الرصيف".

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية من جهتها بـ"زحمة سير خانقة" شهدها الطريق السريع" الذي يربط الجنوب ببيروت.

الفرار إلى الملاجئ

ومن جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي في حسابه الرسمي على "إكس" أن "أكثر من مليون مدني إسرائيلي هبوا إلى الملاجئ في حيفا في ظل إطلاق حزب الله للصواريخ دون تمييز".

وأضف: "لهذا السبب نعمل ضد حزب الله الذي يهاجم مدنيينا باستمرار".

حيفا تعرضت لصواريخ حزب الله

ومساء الاثنين، سمع دوي صفارات الإنذار في الجليل، ووادي يزرعيل، ومنطقة وادي عارة والبلدات القريبة من حيفا، وسط وابل جديد من الصواريخ أطلقت من لبنان، وفق الجيش.

حزب الله أطلق صواريخ على شمال إسرائيل

جهود دبلوماسية 

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية تعزيز عدد قواتها في المنطقة بقوة عسكرية إضافية صغيرة، في ضوء التوتر المتزايد في الشرق الأوسط.

وقالت إنه "من المهم للغاية أن نواصل العمل لإيجاد حل دبلوماسي" مع تزايد "احتمال اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا"، مضيفة: "لكننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد".

وأضافت: "نستمر في التشاور عن كثب مع إسرائيل وغيرها من الدول في المنطقة لمنع تحول التصعيد إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا".

ومن جانبها، حذرت وزارة الخارجية الإيرانية إسرائيل، الاثنين، من "تداعيات خطيرة" للضربات التي يشنها جيشها على مواقع لحزب الله في لبنان.

ودان المتحدث باسم الخارجية، ناصر كنعاني، "بشدة الهجمات الجوية الواسعة النطاق" محذرا من التداعيات الخطيرة لما وصفها بـ"المغامرة الجديدة".

وأفادت أنباء بوصول المبعوث الفرنسي، جان إيف ‎لودريان، إلى لبنان ولقائه قائد الجيش، العماد ‎جوزيف عون.

كيف تصل إسرائيل إلى هذه الدقة في إصابة أهدافها؟ وما هي الاستراتيجية والأهداف؟
كيف تصل إسرائيل إلى هذه الدقة في إصابة أهدافها؟ وما هي الاستراتيجية والأهداف؟

طائرة تحلّق في الأجواء. صاروخ لا تراه لكن تشاهد أثره: سيارة تتحول في ثوان إلى حطام، أو شقة سكنية تتحول إلى كتلة لهب.

الهدف كادر أو قيادي في حزب الله.

والمشهد يتكرر.

في لبنان، تهدئة معلنة.. هذا على الأرض.

لكن في السماء، تواصل الطائرات الإسرائيلية المسيّرة التحليق وتنفيذ ضربات دقيقة تخلّف آثاراً جسيمة، ليس في ترسانة الحزب العسكرية فقط، بل في البنية القيادية كذلك.

وفيما يحاول الحزب امتصاص الضربات، تتوالى الأسئلة: كيف تصل إسرائيل إلى هذه الدقة في إصابة أهدافها؟ أهو التقدّم التكنولوجي المحض، من ذكاء اصطناعي وطائرات بدون طيار؟ أم أن هناك ما هو أخطر؟ اختراقات بشرية داخل صفوف الحزب تُستغلّ لتسهيل تنفيذ الضربات؟ وما هي الاستراتيجية الإسرائيلية هنا والأهداف؟

"اختراق بشري"

استهداف تلو الآخر، والرسالة واضحة: اليد الإسرائيلية طويلة بما يكفي لتصل إلى أي نقطة في لبنان، والعين الإسرائيلية ترى ما لا يُفترض أن يُرى.

يصف القائد السابق للفوج المجوقل في الجيش اللبناني، العميد المتقاعد جورج نادر العمليات الإسرائيلية الأخيرة بأنها "بالغة التعقيد، تعتمد على تناغم نادر بين التكنولوجيا المتقدّمة والاختراق الاستخباراتي البشري"، مشيراً إلى أن "تحديد هوية القادة الجدد الذين حلّوا مكان المُغتالين يتم عبر تقنيات متطوّرة تشمل بصمات العين والصوت والوجه"، متسائلاً "من أين حصلت إسرائيل على أسماء القادة والكوادر الجدد؟ الجواب ببساطة: عبر اختراق بشري فعّال".

ويتابع نادر "حتى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، المعروف بتشدده الأمني وإقامته في مواقع محصّنة، لم يكن بمنأى عن محاولات التتبّع، إذ تحدّثت تقارير استخباراتية دولية عن اختراق بشري ساعد في تحديد موقعه".

ويرى أن "ما نشهده هو منظومة اغتيال متطوّرة ومتعددة الأبعاد، تمزج بين الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والعمل البشري الدقيق. هذه الثلاثية تفسّر نجاح العمليات الأخيرة، والأثر العميق الذي تتركه في هيكلية حزب الله، سواء على المستوى العملياتي أو المعنوي".

من جانبه، يرى الباحث في الشأن السياسي نضال السبع أن هذه الاستهدافات "تعكس مزيجاً من التفوق التقني الإسرائيلي والاختراق الأمني الداخلي في بنية الحزب، وكما هو واضح فإن إسرائيل تمتلك قائمة أهداف تتعامل معها تباعاً، وفقاً لمعلومات دقيقة يتم تحديثها باستمرار، ما يتيح لها تنفيذ عمليات مدروسة بعناية شديدة، ويحدّ من قدرة حزب الله على المناورة أو استعادة توازنه سريعاً".

صمت وعجز

على الرغم من الضربات المتتالية التي تلقاها الحزب منذ 27نوفمبر الماضي، والتي أودت بحياة عدد كبير من كوادره، لم يقم بالرد، ويُفسّر نادر ذلك بـ"ضعف فعلي في القدرة على الرد، أكثر من كونه خياراً استراتيجياً".

ويقول نادر "ليس بالضرورة أن الحزب لا يريد الرد، بل الحقيقة أنه لم يعد يمتلك القدرة. هو يعاني من تراجع عملياتي ملحوظ، وتصدّع في هيكليته القيادية، يرافقه حصار سياسي داخلي وخارجي يزداد ضيقاً".

ويضيف "حتى لو قرّر الرد، فما الذي يمكنه فعله فعلاً؟ هل يملك القدرة على تنفيذ عملية نوعية تترك أثراً؟ المعطيات الحالية تشير إلى أن هذه القدرة باتت شبه معدومة، لا سيما بعد خسارته الغطاء السياسي الذي كان يوفره له بعض الحلفاء، ومع تزايد عزلته على الصعيدين العربي والدولي".

ويختم نادر بالقول "تصريحات الحزب تعكس حالة من التردد والارتباك. فتارةً يتحدّث عن التزامه بقرارات الدولة، وتارةً يلوّح بحق الرد. لكن الواقع على الأرض يقول إنه في وضع حرج: محاصر سياسياً، وعاجز عسكرياً، وأي مغامرة جديدة قد تكلّفه الكثير... وهو يعلم ذلك جيداً".

من جانبه، يرى السبع أن حزب الله لا يسعى حالياً إلى الرد، بل يركّز على "مرحلة إعادة التقييم والاستعداد"، مشيراً إلى أن الحزب "رغم الخسائر، لا يزال يحتفظ ببنية عسكرية كبيرة، تفوق في بعض جوانبها إمكانيات الجيش اللبناني نفسه، لكنه في المقابل، يقرأ المشهد اللبناني الداخلي بدقة، ويدرك حساسية التزامات الدولة تجاه المجتمع الدولي، ولا سيما مع توقف خطوط إمداده من سوريا، ما يدفعه إلى التريّث في اتخاذ قرار المواجهة".

خريطة استراتيجية تغيرت

يرى الباحث نضال السبع أن الإسرائيليين يشعرون بالتفوق. يضيف "عزز هذا الانطباع عدد من العوامل، أبرزها سقوط النظام السوري كحليف استراتيجي، والتقدم الميداني في غزة، وعجز الحزب عن تنفيذ ضربات نوعية، فضلاً عن ازدياد عزلته السياسية في الداخل اللبناني، لا سيما بعد انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل نواف سلام للحكومة".

يشبّه السبع ما يجري اليوم في لبنان بالمشهد الذي أعقب حرب يوليو 2006، "حيث توقفت العمليات العسكرية رسمياً، فيما بدأت إسرائيل التحضير لما وصفته آنذاك بـ(المعركة الأخيرة)، مستغلة فترة الهدوء الطويل لإعادة التموضع وتكثيف الجهوزية".

يقول إن "حزب الله دخل مرحلة إعادة تقييم وتجهيز بعد سلسلة الضربات التي تلقاها في الأشهر الماضية، في حين تسعى إسرائيل إلى منعه من التقاط الأنفاس، عبر استمرارها في تنفيذ عمليات نوعية ودقيقة، تشبه إلى حدّ بعيد تلك التي نفذتها في الساحة السورية بعد العام 2011، عندما استباحت الأجواء السورية".

ويضيف أن "المشهد ذاته يتكرر اليوم في لبنان، حيث باتت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية جزءاً من المشهد اليومي، تنفّذ عمليات اغتيال متتالية".

كسر البنية القيادية

لكن هل تؤثر هذه العمليات على بنية الحزب؟

يوضح السبع أن "الاستهدافات الأخيرة تطال كوادر داخل حزب الله، لكن الضربة الكبرى وقعت خلال حرب الشهرين، حين تعرّضت قيادات الصف الأول والثاني للاغتيال، أما اغتيال كوادر من الصف الثالث، فله تأثير محدود ولا يحدث خللاً جذرياً في الهيكل التنظيمي للحزب".

من جهته، يرى العميد المتقاعد جورج نادر أن أهداف إسرائيل من تصفية الكوادر العسكرية تلامس عمقاً استراتيجياً أكبر، موضحاً: "الرسالة الأساسية التي تبعث بها إسرائيل من خلال هذه العمليات هي التأكيد على قدرتها على استهداف أي عنصر أو قائد في حزب الله، وفي أي موقع داخل الأراضي اللبنانية، ما يكرّس واقعاً أمنياً جديداً تتحكم فيه بالمجال الجوي للبنان".

ويؤكد نادر أن وراء هذا الاستهداف "رسالة مباشرة مفادها أن لا أحد بمنأى، ما يترك أثراً نفسياً بالغاً على العناصر، ويقوّض شعورهم بالأمان".

خريطة استهدافات

رسمت إسرائيل، خلال السنوات الماضية، خريطة دقيقة لاستهداف قيادات حزب الله، عبر عمليات اغتيال شكّلت ضربة قاسية للحزب. ومن بين أبرز هذه العمليات، اغتيال ثلاثة من أمنائه العامين.

ففي 16 فبراير 1992، اغتيل عباس الموسوي، الأمين العام الأسبق لحزب الله، في غارة جوية استهدفت موكبه في جنوب لبنان.

وفي سبتمبر 2024، قتل حسن نصر الله، بصواريخ خارقة للتحصينات، في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعد أسابيع، في أكتوبر 2024، اغتيل هاشم صفي الدين، خلفية نصر الله، في عملية مماثلة.

وطالت الاغتيالات شخصيات بارزة في الجناح العسكري للحزب، أبرزهم عماد مغنية، الذي قُتل في فبراير 2008، إثر تفجير سيارة مفخخة في أحد أحياء دمشق، وفي مايو 2016، لقي مصطفى بدر الدين، خليفة مغنية مصرعه في تفجير استهدفه قرب مطار دمشق.

واغتيل فؤاد شكر، القائد البارز في وحدة "الرضوان"، في يوليو 2024، بواسطة طائرة استهدفته داخل مبنى سكني في الضاحية الجنوبية.

وفي سبتمبر 2024، لقي إبراهيم عقيل، عضو مجلس الجهاد والرجل الثاني في قيادة الحزب بعد مقتل شكر، المصير ذاته، إثر ضربة بطائرة استهدفته في الضاحية.

ويرى نادر أن "هذه الاغتيالات لا تكتفي بالتأثير الرمزي، بل تُحدث خللاً فعلياً في التراتبية القيادية داخل الحزب، إذ يصعب تعويض القادة المستهدفين بسرعة أو بكفاءة مماثلة، ما يربك الأداء الميداني والتنظيمي، ويجعل من عمليات الاغتيال أداة استراتيجية تستخدم لإضعاف حزب الله من الداخل".