حراك دبلوماسي أميركي-فرنسي لمنع اندلاع حرب أوسع
حراك دبلوماسي أميركي-فرنسي لمنع اندلاع حرب أوسع

دعت الولايات المتحدة وعدد من حلفائها في بيان مشترك، الأربعاء، إلى وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في خطوة يرى مراقبون أنها ستحتاج جهودا دبلوماسية "جبارة" لتنفيذها. 

وشدد البيان المشترك لعشر دول بينها الولايات المتحدة والسعودية وقطر والإمارات على أهمية التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني من أجل منح فرصة للدبلوماسية.

وطالب البيان بوقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوما، ودعا جميع الأطراف، بما في ذلك حكومتا إسرائيل ولبنان، إلى الموافقة على وقف إطلاق النار المؤقت فوراً وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701 وإعطاء فرصة حقيقية للتوصل إلى تسوية دبلوماسية.

تشير حنين غدار، الزميلة الأقدم في معهد واشنطن الأميركي في حديثها لموقع الحرة أن تنسيق أميركي فرنسي يجري حاليا لإطلاق مبادرة دبلوماسية سيتم تنفيذها على مراحل، تبدأ بهدنة تتراوح من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، يتم خلال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين، وتطبيق القرار 1701، وإقناع "حزب الله عن الفصل بين جبهتي لبنان وغزة".

غدار أوضحت أن تطبيق الهدنة يحتاج إلى جهد دبلوماسي وصفته "بالجبار" لأسباب عدة أبرزها، أن الهدنة ستعطي حزب الله بعض الوقت لرص الصفوف، وهو ما ترفضه إسرائيل، وأن حزب الله في الطرف الآخر يرفض الفصل بين جبهتي غزة وجنوب لبنان.

 

قبول حزب الله بهذه المبادرة وتطبيق شروط القرار 1701، يعني، بحسب غدار، "الهزيمة المطلقة للحزب"، وهو عكس ما يحاول القيام به الآن وهو تقليل حجم الخسائر، بحسب تعبيرها.

لكنها توقعت أن تتفاعل إسرائيل هذه المرة إيجابا مع الهدنة، فـ"إسرائيل لا ترغب بحرب واسعة في لبنان شبيهة لما يحدث في غزة"، كما تقول غدار، وتضيف أن  هناك فرقا بين العمليات التي تنفذها إسرائيل في غزة ولبنان.

فإسرائيل، بحسب رأيها، لا ترغب في تنفيذ عمليات برية في لبنان، ولا تهدف إلى القضاء على حزب الله، بل إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم، موضحة أن هذا يتطلب من حزب الله أن يوقف القتال و"يفصل بين الجبهات" ويبتعد عن حدود إسرائيل الشمالية.

تضيف غدار أن تجربة إسرائيل في قطاع غزة علمتها أنه من الصعب فعليا القضاء على حركة حماس بالكامل، وأن هذا الموضوع كان السبب في استمرار المعارك لتدخل عامها الثاني.

أما في لبنان، فتقول غدار، أن حزب الله ليس مثل حماس، رغم أن إسرائيل والولايات المتحدة وضعت الجماعتين في لائحة الإرهاب، فحزب الله من الصعب القضاء عليه بسبب انتشاره في العديد من المناطق، وأن تنفيذ عمليات برية هناك مثلا، سيؤدى إلى حرب شاملة تتوسع إلى العراق وسوريا ومناطق أخرى.

وتقول غدار إن كل هذه الأسباب مجتمعة، تجعل إسرائيل تضع هدفا "واقعيا" في لبنان وهو حماية حدودها الشمالية وإبعاد حزب الله عنها، وإرجاع مواطنيها بأمان إلى ديارهم.

ضربات إسرائيلية استهدفت جنوبي لبنان - أرشيفية
توسيع أهداف الحرب و"منطقة عازلة" مع لبنان.. ماذا تريد إسرائيل الآن؟
قررت السلطات الإسرائيلية توسيع أهداف الحرب لتشمل عودة مواطني الشمال إلى منازلهم قرب الحدود مع لبنان، في خطوة يمكن اعتبارها بمثابة خطوة تمهيدية لاحتمال شن هجوم ضد حزب الله اللبناني الذي يتبادل مع إسرائيل الضربات على مدار عام تقريبا.

 

وفي وقت سابق، الأربعاء، أكد البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، ناقش مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الجهود الرامية إلى تأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني ومنع إندلاع حرب أوسع نطاقا.

هذه التطورات تزامنت مع تكثيف الغارات الاسرائيلية التي تستهدف منذ الاثنين جنوب لبنان وشرقه، في تصعيد للنزاع المتواصل بين إسرائيل وحزب الله منذ أكتوبر الماضي على خلفية الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والتي ستدخل عامها الثاني.

وفي نيويورك، قال روبرت وود نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، في كلمة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع على الحدود بين إسرائيل ولبنان، إن الدبلوماسية سوف تزداد صعوبة في ظل التصعيد المتزايد، وإن الولايات المتحدة تعمل على تجنب حرب أوسع نطاقا من خلال العمل مع دول أخرى على اقتراح يؤدي إلى الهدوء وإتاحة المناقشات حول الحل الدبلوماسي.

وأضاف وود أن "انتشار حزب الله في الخط الأزرق كان مصدرا لعدم الاستقرار"، وأن قرار مجلس الأمن رقم 1701 هو السبيل الوحيد لحل الأزمة، موضحا أن لا أحد يريد تكرار حرب شبيهة بحرب 2006، بحسب تعبيره.

وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، قال بدوره، في وقت سابق الأربعاء، إن فرنسا والولايات المتحدة تعملان على التوصل إلى وقف مؤقت لاطلاق النار لمدة 21 يوما بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، لإتاحة الوقت لمفاوضات أوسع نطاق، موضحا في كلمة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، أن الخطة ستعلن قريبا.

وذكر بارو، الذي سيتوجه الى لبنان في الأيام المقبلة، أن باريس عملت مع الأطراف في تحديد المعايير لحل دبلوماسي للأزمة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701، وأردف قائلا "إنه مسار صعب ولكنه ممكن".

وانتهت حرب 2006 باعتماد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وبالإجماع، في الحادي عشر من أغسطس، بعدما استمرت 34 يوما. وفور توقف إسرائيل عن عملياتها الهجومية، أوقف حزب الله هجماته بالصواريخ على إسرائيل، في الرابع عشر من الشهر المذكور.

وأنهى القرار الأممي 1701  الحرب التي شنتها إسرائيل آنذاك، وفيه دعا مجلس الأمن الدولي لبنان وإسرائيل إلى وقف دائم لإطلاق النار استنادا إلى عدد من المبادئ والعناصر منها "الاحترام التام للخط الأزرق، واتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان".

والخط الأزرق، الذي يمتد لمسافة 120 كلم على طول حدود لبنان الجنوبية، "خط انسحاب" وضعته الأمم المتحدة عام 2000 لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.

آلية عسكرية في القصير.

لم تكد الجبهة الجنوبية للبنان تهدأ قليلاً بعد الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، حتى اشتعلت الجبهة الشمالية الشرقية المحاذية للحدود السورية، بتصعيد أمني خطير خلال الأيام الماضية.

وشهدت المنطقة الحدودية اشتباكات عنيفة بين قوات تابعة للإدارة السورية الجديدة ومسلحين من عشائر لبنانية، حيث امتدت النيران من داخل الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية، ما دفع الجيش اللبناني إلى التدخل مباشرة.

وانطلقت شرارة هذه المواجهات بعد أن "قرر الأمن العام السوري يوم الخميس الماضي تنفيذ عمليات واسعة لمكافحة الاتجار بالمخدرات وتفكيك معامل الكبتاغون"، وفقاً للباحث والمتخصص في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، المحامي نبيل الحلبي.

مدينة القصير في سوريا (فرانس برس)
القصير السورية.. بوابة صعود وأفول "حدود حزب الله"
قبل 12 عاما.. كسر حزب الله الحدود بين سوريا ولبنان، واختار دعم نظام بشار الأسد ضد مناهضيه من فصائل "الجيش السوري الحر".. وبعدما وضع كل ثقله العسكري هناك، تمكن من إحكام السيطرة على القصير "الاستراتيجية"، وكل القرى والبلدات التابعة لها.

وقال الحلبي، لموقع "الحرة": "شملت هذه العمليات مداهمات في مناطق عدة داخل الأراضي السورية، خاصة في قرى ريف حمص الغربي، سيما في قرى حاويك وجرماش وهيت، التي كانت تعد مراكز رئيسية لتهريب المخدرات".

وأوضح الحلبي أن هذه القرى كانت خاضعة "لسيطرة حزب الله اللبناني، وتمتد من منطقة القصير السورية إلى منطقة الهرمل داخل الأراضي اللبنانية، وتضم عائلات تحمل الجنسية اللبنانية وتنتمي إلى عشائر الهرمل، مثل عائلات زعيتر، نون، وجعفر..".

وأضاف: "وخلال عمليات تفكيك مستودعات المخدرات، اندلعت اشتباكات بين الأمن السوري ومسلحين تابعين لهذه العائلات، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وأسرى من الجانبين، لتجري بعدها عملية تبادل".

وأكد الحلبي أن "هذه المناطق استخدمت كذلك كخط أمني لتهريب عناصر النظام السوري السابق بعد سقوطه إلى لبنان، خاصة أفراد الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد. كما توجد مؤشرات على مشاركة مجموعات من هذه الفلول في العمليات العسكرية انطلاقاً من داخل الأراضي اللبنانية، حيث تجمعهم شراكة طويلة مع حزب الله في تجارة الكبتاغون".

يذكر أنه يوم الخميس الماضي، أعلنت الإدارة السورية الجديدة، عن إطلاق حملة واسعة النطاق بهدف إغلاق ما وصفته "منافذ تهريب الأسلحة والممنوعات".

وفي سياق التصعيد، أجرى الرئيس اللبناني، العماد جوزاف عون، يوم الجمعة الماضي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، لبحث "التنسيق لضبط الوضع على الحدود ومنع استهداف المدنيين".

أبعاد متعددة؟

ما يحدث على الحدود اللبنانية-السورية "لا يرتبط بخلفية سياسية مباشرة، بل هو صراع على النفوذ والسيطرة يحمل أبعاداً طائفية"، وفق العميد الركن المتقاعد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر.

وقال جابر، لموقع "الحرة"، إن "هناك أكثر من خمس بلدات سورية على الحدود يقطنها لبنانيون من الطائفة الشيعية ينتمون إلى عشائر بعلبك-الهرمل، مثل عائلات زعيتر، علاو، ناصر الدين، وجعفر. هذه العشائر مسلحة، وعندما تحركت هيئة تحرير الشام للسيطرة على هذه القرى، اندلعت مواجهات بين الطرفين".

من جهته، رأى الباحث في شؤون الأمن القومي والاستراتيجي، العميد المتقاعد يعرب صخر، في تغريدة عبر صفحته على منصة "إكس"، أن ما يجري على الحدود " يمثل عزم إدارة العمليات العسكرية السورية على مطاردة ذيول النظام وفلول حزب الله الذين يتلطون باسم العشائر ويتذرعون بتداخل الحدود والقرى، يحاولون إعادة تنظيم خلاياهم وفتح ممرات تهريب السلاح والمخدرات لتمويل أنفسهم".

ودعا صخر إلى تجريد هذه العشائر من سلاحها تنفيذاً للقرارين الدوليين 1701 و1559، والإسراع بتنفيذ القرار 1680 لترسيم الحدود وانتشار الجيش اللبناني عليها.

أما الحلبي، فأشار إلى أن "حمل العشائر للسلاح يعود إلى جذور تاريخية قديمة، لكن الوضع تفاقم مع ظهور حزب الله، الذي وفّر لهذه العشائر غطاءً ودعماً حيث أصبحت تمتلك أسلحة ثقيلة".

وأضاف أن "مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر نقل آليات عسكرية ثقيلة من داخل الأراضي السورية إلى لبنان، بينما يواجه الجيش اللبناني قيوداً سياسية تمنعه من مواجهة هذه العصابات، تفادياً للصدام مع حزب الله".

وكشف أن "الجيش السوري دعم الأمن العام السوري في عملياته ضد هذه العصابات، ونجح في السيطرة على القرى الحدودية التي شهدت الاشتباكات، ما دفع المسلحين إلى الانسحاب نحو الأراضي اللبنانية واستخدام الراجمات والمدفعية من منطقة الهرمل لقصف الأراضي السورية. وردّ الجيش السوري بقصف مصادر النيران، ما أدى إلى سقوط أحد صواريخه على نقطة تابعة للجيش اللبناني، الذي رد بدوره على القصف وأصدر بياناً لتوضيح الموقف".

وقال الجيش اللبناني، في البيان، إنه "بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية جوزاف عون، أصدرت قيادة الجيش أوامر للوحدات المنتشرة على الحدود الشمالية والشرقية بالرد على مصادر النيران التي تُطلق من الأراضي السورية وتستهدف الأراضي اللبنانية، وقد باشرت الوحدات الرد باستخدام الأسلحة المناسبة".

ورغم تبادل القصف، أكد الحلبي أنه "لم تقع معارك مباشرة بين الجيشين اللبناني والسوري"، مشيراً إلى أن "ما حدث اقتصر على تبادل القصف بين الجيش السوري وعصابات التهريب المتمركزة في لبنان".

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي، نضال السبع، أن "الاشتباكات جاءت في توقيت حساس، تزامن مع فشل تشكيل الحكومة اللبنانية قبل أيام، والغارات الإسرائيلية على مناطق البقاع وجنوب لبنان".

ورأى السبع، في حديث لموقع "الحرة"، أن "الهدف من هذه العمليات هو استنزاف حزب الله عسكرياً، رغم تصريحات هيئة تحرير الشام أن عملياتها تستهدف تجار المخدرات والمهربين. خاصة أن الموفد الأميركي السابق، أموس هوكستين، وخلال زيارته الأخيرة للبنان، دعا إلى سحب سلاح حزب الله جنوب وشمال نهر الليطاني، وهو مطلب جرى التأكيد عليه خلال زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إلى قصر بعبدا".

مفتاح استقرار الحدود

ويعاني الجيش اللبناني من نقص حاد في العديد، خاصة على الحدود اللبنانية-السورية الممتدة على طول 375 كيلومتراً، وفق ما سبق أن أكده مصدر مطلع لموقع "الحرة".

وقال المصدر إن "المعايير العسكرية تتطلب وجود 200 جندي لكل كيلومتر، ما يعني حاجة الجيش اللبناني إلى نحو 75 ألف جندي لتأمين هذه الحدود، في حين أن مجموع عديد الجيش المنتشر على كامل الأراضي اللبنانية لا يتجاوز 80 ألف جندي".

العدد الفعلي للجنود المنتشرين على الحدود اللبنانية-السورية قبل سقوط نظام الأسد لم يكن يتجاوز بحسب المصدر 4 آلاف عنصر، مما شكّل تحدياً كبيراً في تأمين الحدود، ولتعويض النقص، أقام الجيش اللبناني أبراج مراقبة، إلا أن الطبيعة الجغرافية الصعبة للحدود تزيد من تعقيد المهمة.

وبعد سقوط نظام الأسد، أعلن الجيش اللبناني عن نشر قوات إضافية لتعزيز الأمن على طول الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا، وعقب المواجهات الأخيرة بدأ بتنفيذ تدابير أمنية استثنائية على امتداد الحدود، يتخلّلها تركيز نقاط مراقبة، وتسيير دوريات، وإقامة حواجز ظرفية.

وأعلنت الوكالة الوطنية للإعلام أن الجيش اللبناني يستكمل انتشاره اليوم الاثنين، في المنطقة الحدودية الشمالية لمدينة الهرمل مع سوريا، بعد انسحاب مقاتلي العشائر خلف الحدود التي ينتشر فيها الجيش.

في إطار التدابير الأمنية التي تقوم بها المؤسسة العسكرية في مختلف المناطق، دهمت وحدات من الجيش اللبناني تؤازر كلاً منها دورية من مديرية المخابرات منازل مطلوبين في بلدَتي القصر- الهرمل والعصفورية - عكار، وضبطت كمية كبيرة من القذائف الصاروخية والرمانات اليدوية والأسلحة الحربية والذخائر، بحسب ما أعلن الجيش في بيان اليوم الاثنين.

وفي السياق، توقع السبع أن تستمر الاشتباكات على الحدود اللبنانية-السورية في الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن الاشتباكات "تأتي في إطار الضغوط المتزايدة على حزب الله. ومع ذلك، سيحاول الحزب تجنب الانجرار إلى هذه المعركة، نظراً لوضعه العسكري الحرج، خاصة بعد فقدانه خطوط إمداده بالأسلحة عبر سوريا والضغط الإسرائيلي المتواصل منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، كما أن الحزب يدرك أن إسرائيل قد لا تنفذ بنود الاتفاق، ما يزيد من احتمالية تصعيد الأوضاع".

من جهته، رأى جابر أنه " لا يجوز أن تتصارع فئات مسلحة لبنانية مع الجانب السوري الرسمي في ظل صمت الدولة اللبنانية. لذلك، تدخل الجيش اللبناني وطلب من مسلحي العشائر الانسحاب، واستخدم مدافعه لإسكات مرابض هيئة تحرير الشام".

واعتبر جابر أن الحل الأمثل للوضع الراهن يكمن في "التواصل المباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية. فلبنان لا يرغب في مواجهة عسكرية مع أطراف تابعة للإدارة السورية الجديدة، خاصة أن الاشتباكات بين الجيشين اللبناني والسوري نادرة تاريخياً. لذا، يجب التركيز على الجهود الدبلوماسية لتجنب التصعيد العسكري وضمان احترام الحدود بين البلدين".

كما شدد جابر على ضرورة معالجة قضية اللبنانيين المقيمين في القرى السورية الحدودية، مشيراً إلى أهمية ربطها بملف اللاجئين السوريين في لبنان.

وأكد أن "هذا الملف يتطلب حلولاً شاملة ومتكاملة، خصوصاً مع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة".

أما الحلبي، فدعا الجيش اللبناني إلى "الاستفادة من المبادرة السورية لمكافحة عصابات تهريب المخدرات".

وأوضح أن "هذه العصابات لم تعد تجد ملاذاً آمناً داخل الأراضي السورية كما كان في السابق بعد تمكّن قوات الأمن السورية من السيطرة على مناطقها الحدودية، فالهروب إلى الجرود أو الأراضي السورية بات خياراً غير متاح، ما يتيح فرصة للجيش اللبناني لتطهير المنطقة اللبنانية من هذه العصابات".

وأكد الحلبي على ضرورة التنسيق الأمني بين لبنان وسوريا لاحتواء التصعيد، محذراً من أن "استمرار قصف العصابات من الأراضي اللبنانية نحو سوريا سيدفع الجيش السوري إلى الرد، خاصة أن القرى السورية الحدودية مأهولة بالسكان، ولن يسمح باستمرار تعرضها للنيران. لذلك، يجب التحرك سريعاً لحماية أمن المدنيين على جانبي الحدود، لأن تفاقم الأمور سيؤدي إلى خسائر فادحة للطرفين".