ليس من الواضح إلى أي مدى تسببت هجمات إسرائيل في تدمير أسلحة حزب الله
ليس من الواضح إلى أي مدى تسببت هجمات إسرائيل في تدمير أسلحة حزب الله

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الخلافات داخل حزب الله اللبناني تتصاعد بشأن كيفية الرد على سلسلة الهجمات المدمرة التي تشنها إسرائيل على مواقع تابعة للجماعة جنوبي لبنان، وفقا لما أكده أشخاص مطلعون على مناقشات الحزب.

ونقلت الصحيفة عن الأشخاص المطلعين القول إن بعض الأعضاء يرون أن الحزب كان متحفظا للغاية بشأن تصعيد الصراع، ويجادلون بأن حزب الله يجب أن يرد الآن مستفيدا من تنامي حالة الغضب داخل صفوفه وبين السكان المحليين.

كذلك أشار هؤلاء الأشخاص إلى أن أعضاء في حزب الله عبروا عن إحباطهم في محادثات مع مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني نتيجة عدم اتخاذ طهران أي خطوات لدعم حليفها اللبناني.

وذكروا أيضا أن قيادة حزب الله تريد تجنب ما تراه فخا نصبته إسرائيل، يتمثل في جعله يظهر وكأنه هو من بدأ حربا إقليمية قد تستدرج إيران والولايات المتحدة.

وبحسب الصحيفة فإن قيادة حزب الله تحاول إيجاد طريقة لإعادة بناء قوة الردع التي كانت تمتلكها الجماعة دون الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل.

وكان حزب الله أطلق، الأربعاء، أول صاروخ بعيد المدى باتجاه تل أبيب، في أقوى رد له حتى الآن على سلسلة الهجمات الإسرائيلية.

وبالتالي تشير الصحيفة إلى أن الحزب يجب الآن أن يتخذ قرارات مصيرية تتمثل بمواصلة استخدام أسلحته المتطورة ومهاجمة عمق إسرائيل مما قد يشعل فتيل حرب شاملة، أو التراجع والمخاطرة بتقويض سمعته داخليا وخارجيا.

من شأن الحرب الشاملة، كتلك التي خاضها حزب الله ضد إسرائيل في عام 2006، أن تكون مدمرة للبنان مما يزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية ويضعف الدعم الشعبي للحزب، وفقا للصحيفة.

وفي ذات الإطار، تشير الصحيفة إلى أن عدم الرد بالمثل على الهجمات الأخيرة، قد يؤدي لتقويض قوة الردع التي بناها حزب الله ضد إسرائيل على مدى عقود، بمساعدة عسكرية ومالية كبيرة من إيران.

تقول المحللة الأمنية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمتخصصة في شؤون حزب الله ريم ممتاز إن "هذه هي اللحظة الأكثر حسما لحزب الله منذ تأسيسه.. ليس لدى الحزب خيارات جيدة".

وليس من الواضح إلى أي مدى تسببت هجمات إسرائيل في تدمير أسلحة حزب الله، فحتى وقت قريب، كانت الجماعة تمتلك حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة، أي نحو 10 أضعاف العدد الذي كان بحوزتها في عام 2006.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن حزب الله أطلق 9000 قذيفة باتجاه إسرائيل منذ العام الماضي، وإن الضربات الأخيرة دمرت عشرات الآلاف من ذخائره.

ومع ذلك من المرجح أن حزب الله لا يزال يمتلك ترسانة ضخمة، بما في ذلك مئات الصواريخ الباليستية الموجهة.

لم يستخدم الحزب حتى الآن أسلحته الأكثر تقدما، والتي يُقدر أن تشمل عشرات الآلاف من الصواريخ الباليستية غير الموجهة بمدى يتراوح بين 128 إلى 290 كيلومترا، ومئات من الصواريخ الباليستية الموجهة بمدى يتراوح بين 240 إلى 480 كيلومتر.

تنقل الصحيفة عن مسؤول في حزب الله القول إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة دمرت ذخائر أقل مقارنة بالحرب في عام 2006.

ومع ذلك يقول بعض المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين الحاليين والسابقين إنهم تفاجؤوا بعدم رد حزب الله بقوة أكبر بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة.

وتشير الصحيفة إلى أن السلطات المحلية، التي تلقت إحاطات من الجيش الإسرائيلي قبل أسابيع من أجل الاستعداد لاحتمال وقوع هجمات من حزب الله، تتوقع بإن الحزب سيطلق نحو 4000 صاروخ وقذيفة يوميا، وهي مستعدة لاحتمال وقوع آلاف الضحايا.

وقال أحد المسؤولين إن الضربات التي استهدفت منصات إطلاق صواريخ حزب الله ربما ساعدت في تقليل حجم الرد، لكنه أضاف أن الجيش الإسرائيلي لا يعول على قدرته المستمرة على إحباط تلك المحاولات بشكل استباقي.

أحد الردود المحتملة من قبل حزب الله قد يكون إطلاق مئات الصواريخ غير الموجهة لإغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية واستهداف مواقع غير عسكرية، وفقا للصحيفة.

يعتقد الزميل البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن دانيال بايمن أن "إسرائيل أعاقت القدرة العسكرية للجماعة، على الأقل بشكل مؤقت، وجعلت من الصعب عليها الرد بشكل متماسك".

ويضيف بايمن، الذي شارك في كتابة دراسة حديثة حول ترسانة حزب الله، أن أحد التعقيدات هو أن صواريخ حزب الله الموجهة بعيدة المدى تكون أكثر وضوحا أثناء إعدادها، مما قد يعرضها لهجمات إسرائيلية".

ويتابع أن "هذا الخطر تضاعف مؤخرا بسبب الهجمات الأخيرة التي أظهرت أن حزب الله تعرض للاختراق بشكل كامل من قبل إسرائيل"، في إشارة منه لهجمات البيجر وأجهزة الاتصال التي أودت بحياة العشرات من عناصر الحزب وأصابت المئات منهم.

وتوعدت إسرائيل، الخميس، بمهاجمة حزب الله اللبناني بقوة حتى تحقيق "النصر"، وواصل جيشها شن غارات جوية مكثفة في مناطق لبنانية مختلفة، رد عليها الحزب بإطلاق صواريخ نحو مدينة حيفا، على رغم مقترح دولي لهدنة مدتها 21 يوما.

ومنذ الاثنين، خلفت الغارات الإسرائيلية أكثر من 600 قتيل في لبنان بينهم العديد من المدنيين وكذلك تسبب بنزوح أكثر من 90 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة.

وأعلنت إسرائيل التي تخوض حربا مع حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة منذ قرابة عام، في منتصف سبتمبر أنها تنقل "مركز ثقل" عملياتها شمالا نحو الحدود اللبنانية، للسماح بعودة عشرات الآلاف من النازحين إلى المنطقة التي يهاجمها حزب الله بشكل يومي منذ بدء النزاع في غزة.

وتزايدت كثافة القصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله عبر الحدود منذ تفجيرات دامية لأجهزة اتصال كان يستعملها عناصره في 17 و18 سبتمبر، في عملية خلفت 39 قتيلا وحوالى 3000 مصاب، وحمّل الحزب إسرائيل مسؤولياتها.

وتلت التفجيرات غارة إسرائيلية في 20 من الشهر الجاري على ضاحية بيروت الجنوبية أدت إلى مقتل 16 عنصرا من حزب الله من بينهم قائد قوة الرضوان النخبوية إبراهيم عقيل.

لبنان يعيش حالات متكررة من الشغور الرئاسي بسبب خلافات سياسية
لبنان يعيش حالات متكررة من الشغور الرئاسي بسبب خلافات سياسية

قال مسؤولون أميركيون لموقع "أكسيوس"، إن البيت الأبيض يحاول استغلال الضربات الإسرائيلية القوية التي وُجهت إلى جماعة حزب الله اللبنانية، للدفع باتجاه انتخاب رئيس لبناني جديد خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد نحو عامين من خلو المنصب بسبب خلافات سياسية.

وأشار المسؤولون إلى أنه مع مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ووصول الجماعة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، إلى أضعف حالاتها منذ سنوات، تعتقد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أن هناك "فرصة" حاليا لتقليص نفوذها على النظام السياسي في لبنان، وانتخاب رئيس جديد، ليس حليفًا للميليشيا الشيعية المدعومة من إيران.

ولم يرد البيت الأبيض على طلب التعليق من الموقع الأميركي.

وأوضح أكسيوس نقلا عن مسؤولين أميركيين، أن البيت الأبيض "يرى الوضع في لبنان بمثابة فرصة لكسر الجمود بشأن انتخاب رئيس لبناني، ويعتقد أنه يجب أن تكون تلك الخطوة على رأس الأوليات، حتى قبل الدفع نحو وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحزب الله".

ولفت المسؤولون إلى أن الأولوية تتمثل في "انتخاب رئيس، ثم التوصل عبر الدبلوماسية إلى حل للصراع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية على أساس قرار الأمم المتحدة الصادر بعد حرب لبنان عام 2006 وتنفيذه بالكامل، ويتبع ذلك تعيين رئيس للوزراء" في البلد الذي يعاني اقتصاديا.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق، ميشال عون، في نهاية أكتوبر ٢٠٢٢، فشل البرلمان في انتخاب رئيس، في وقت لا يحظى فيه أي فريق سياسي بأكثرية تمكّنه منفرداً من إيصال مرشحه إلى المنصب، في ظل  انقسام سياسي بين حزب الله وخصومه.

وفي عام 2016، وصل عون إلى رئاسة لبنان استنادا إلى تسوية سياسية بين حزب الله وخصومه، وذلك بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي.

وقدّرت الحكومة اللبنانية، الأربعاء، عدد النازحين هربا من الهجمات الإسرائيلية بحوالي 1.2 مليون شخص، يفترش عدد كبير منهم الشوارع في عدة مناطق ببيروت.

وأطلق رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ومنسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة في لبنان، عمران ريزا، مطلع الشهر الجاري، نداء إنسانيا عاجلا بقيمة 426 مليون دولار، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، لتلبية احتياجات قرابة مليون نازح جراء الغارات الإسرائيلية.

وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت، الخميس، تقديم مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 30 مليون يورو (33.1 مليون دولار) للبنان.

ويأتي هذا المبلغ بالإضافة إلى 10 ملايين يورو (حوالي 11 مليون دولار) أُعلن عنها بالفعل في 29 سبتمبر، مما يرفع إجمالي المساعدات الإنسانية المقدمة من الاتحاد الأوروبي للبنان إلى أكثر من 104 ملايين يورو هذا العام.

ويثير التصعيد العسكري بين إسرائيل من جهة، وإيران وحزب الله من جهة أخرى، مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة في الشرق الأوسط، بعد عام من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس (المصنفة إرهابية بأميركا ودول أخرى) في غزة.