شعارات ورموز حزب الله تنتشر في الضاحية الجنوبية . أرشيفية
شعارات ورموز حزب الله تنتشر في الضاحية الجنوبية . أرشيفية

مع كل تصعيد بين لبنان وحزب الله، يعود اسم "الضاحية الجنوبية" بالعاصمة اللبنانية، بيروت، ليتصدر المشهد.

في ثوان قليلة الجمعة، تحولت ستة أبنية إلى ركام في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، وارتفعت سحابة من الغبار، في حين اندلعت حرائق بين الركام ووسط حفر عميقة خلفتها غارات إسرائيلية.

وفرت مئات العائلات بشكل عاجل ليل الجمعة السبت من الضاحية الجنوبية، على وقع الغارات الإسرائيلية المتتالية التي استهدفت معقل حزب الله، فيما أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات لأهالي المنطقة لإخلاء منازلهم.

A traffic jam clogs up a street in the Lebanese city of Sidon on September 23, 2024, as people flee their homes in southern…
"لا مكان لنا".. عائلات تفرّ من الضاحية الجنوبية لبيروت على وقع غارات إسرائيلية
فرّت مئات العائلات اللبنانية، بشكل عاجل، ليل الجمعة السبت، من الضاحية الجنوبية لبيروت، على وقع غارات إسرائيلية متتالية استهدفت معقل حزب الله وإنذارات بإخلاء مناطق عدة، وفق ما شاهد مراسلو وكالة فرانس برس.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن مساء الجمعة قصفه ثلاثة مبان في ضاحية بيروت الجنوبية اتهم حزب الله بتخزين أسلحة فيها، بعد أن استهدف في وقت سابق المقر المركزي لحزب الله في حارة حريك.

أعمدة دخان تتصاعد من الضاحية الجنوبية ببيروت بعد سلسلة غارات إسرائيلية جديدة

وفي حين كان الجيش الإسرائيلي يشنّ غارات عنيفة متتالية أضاءت سماء الضاحية الجنوبية، تجمع رجال ونساء وأطفال في ساحة الشهداء في وسط العاصمة وكذلك على كورنيش عين المريسة، حيث افترشوا الأرض، وقد ارتسم القلق على وجوههم.

وقالت الأمم المتحدة الجمعة إنها تتابع بقلق كبير الضربات الإسرائيلية على منطقة "مكتظة بالسكان" في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.

وتقع الضاحية التي يقل عدد سكانها عن مليون نسمة بين ساحل بيروت الجنوبي وبداية جبل لبنان شرق بيروت.

وفي التاريخ الحديث للبنان، سكن العديد من أبناء الطائفة الشيعية في هذه المنطقة، مع بداية الحرب الأهلية في 1975، بعد أن نزحوا إليها بعد مضايقات من الميليشيات المسيحية في تلك الفترة.

ظهر حسن نصر الله أكثر من مرة في أحياء الضاحية الجنوبية. أرشيفية

وتعتبر الضاحية الجنوبية معقلا لحزب الله، خاصة حارة حريك، حيث استهدفت الضربات الإسرائيلية ما قالت إنه "المقر المركزي لحزب الله".

وتتبع للضاحية عدة أحياء: حارة حريك، الليلكي، الشياح، الغبيري، برج البراجنة، بئر العبد، حي السلم، الأوزاعي، المرجية، تحويطة الغدير.

أصبحت الضاحية الجنوبية معقلا لحزب الله في لبنان. أرشيفية

وفي بيان مقتضب، نشره المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إنذارا عاجلا للسكان بمغادرة المنطقة، والتي تضم: حي برج البراجنة في المبنى الذي يقع أمام مدرسة الأمير والمباني المجاورة له، وحي برج البراجنة في المبنى الذي يعمل في داخله محل روني كافيه والمباني المجاورة له، وحي حدث بيروت أمام مدرسة البيان والمباني المجاورة له.

وتبعد حارة حريك التي تعرضت لضربات الجمعة عن مركز العاصمة، بيروت، حوالي خمسة كلم، فيما تقل مساحتها الإجمالية عن 2 كلم مربع، وفي عام 2006، تضررت بضربات إسرائيلية، حيث تم تدمير حوالي 256 مبنى سكنيا تضم أكثر من 3 ألاف وحدة سكنية بحسب ورقة بحثية موقع "ميديل إيست للبحث والمعلومات".

وتصف الورقة البحثية "حارة حريك" على أنها "حي آخر من أحياء بيروت يديره طرف سياسي قائم على أساسي طائفي".

وتشير إلى أن "حارة حريك لم تكن قاعدة عسكرية يختبئ فيها مقاتلو حزب الله.. بل كانت حيا سكنيا يقع على طول شريان رئيسي للضاحية، حيث تربط الغبيري ببرج البراجنة، والذي تطورت حوله الضاحية الجنوبية لبيروت بداية من أوائل ستينيات القرن الماضي".

حزب الله يتحكم بكل شيء في الضاحية الجنوبية. أرشيفية

تم تصميم هذه المنطقة وفقا لرؤية مخطط المدن الفرنسي، ميشيل إيكوشار، الذي أراد تقليص كثافة العاصمة اللبنانية وتحويل ضواحيها إلى مناطق مجهزة بالخدمات والبنية التحتية، لاجتذاب الطبقة المتوسطة المتعلمة.

وفي عام 2006، بعد تعرض حارة حريك وأحياء من الضاحية الجنوبية للدمار، تركت الحكومة لحزب الله مهمة إعادة إعمار الضاحية الجنوبية، ليعزز من تواجده في المنطقة التي بدأ يسيطر عليها منذ مطلع الثمانينيات.

وبدأ حزب الله في تحديد مناطقه، حيث وضعت الرموز واللوحات الجدارية على الجدران، إلى جانب إحياء احتفالات دينية وسياسية، لتصبح الضاحية أشبه بإقطاعية لحزب الله.

ولكن الضاحية بالنهاية بحسب الورقة البحثية، ليست مكانا حصريا لحزب الله، ولكن هناك العديد من القيود التي تطبق مثل حظر المشروبات الكحولية، ووجود جهاز أمن حزب الله الخاص، ومنع الزوار من استخدام الكاميرات من دون إذن.

تقرير لمنظمة "أوربان فيلونس" أفاد أن الضاحية الجنوبية لها "سمعة متناقضة" ما بين "أرض الفوضى، والمكان الأكثر أمنا في البلاد"، إذ تنتشر فيها نقاط التفتيش، حيث يراقب حزب الله الأحياء التابعة للضاحية ويوفر الأمن والحماية للسكان المحللين.

سورلي موزيدال، باحث متخصص بالدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد تحدث عن مشاهداته لزيارته إلى الضاحية الجنوبية في عام 2023، "حيث القيادة بالسيارة جنوبا من وسط بيروت ستوصلك إلى نقطة تفتيش منعزلة للجيش اللبناني، قبل دخولك منطقة تتبع لحزب الله، إذ يمكنك رؤية الأعلام الصفراء تنتشر في كل مكان".

واستقطبت الضاحية اللاجئين السوريين، الذي ساهموا في زيادة الاكتظاظ في المنطقة، مما سبب ضغوطا إضافية على البنية التحتية في المنطقة، وفق ما ذكره موزيدال. 

وتحدث أيضا عن اكتساب حزب الله المزيد من السيطرة في تلك المنطقة، وذلك يعود لبنائه قاعدة دعم قوية بترسيخ وجوده في المؤسسات الرئيسية مثل المدارس والمستشفيات.

اندلعت اشتباكات بين أنصار حزب الله والجيش اللبناني وسط تجمع نظمه الحزب لإغلاق الطريق إلى مطار بيروت الدولي بسبب قرار منع طائرتين إيرانيتين من الهبوط هناك، في بيروت في 15 فبراير 2025. الصورة لـ أفب
اندلعت اشتباكات بين أنصار حزب الله والجيش اللبناني وسط تجمع نظمه حزب الله لإغلاق الطريق إلى مطار بيروت الدولي بسبب قرار منع طائرتين إيرانيتين من الهبوط هناك، في بيروت في 15 فبراير 2025.

قالت قيادة الجيش اللبناني، في بيان الأحد، إن الجيش تدخل في اعتصام السبت، على طريق مطار رفيق الحريري في بيروت، جاء بعد "قطع عدد من المحتجين الطريق والتعرض لعناصر الوحدات العسكرية المولجة حفظ الأمن، والتعدي على آلياتها".

وقالت وحدات الجيش تدخلت لمنع التعدي على عناصرها وفتح الطريق بعد إصابة 23 عسكريا بينهم 3 ضباط بجروح.

وأوضح البيان، ردا عل ما تتداوله وسائل الإعلام، إن تدخل الجيش تم بـ"التنسيق مسبقا مع منظمي الاعتصام لناحية الالتزام بالتعبير السلمي عن الرأي، وعدم قطع الطريق المؤدية إلى المطار".

وأضاف أن تدخل الجيش جاء تطبيقًا لقرار السلطة السياسية بهدف منع إقفال الطرقات والتعديات على الأملاك العامة والخاصة ... حفظا على الأمن والاستقرار".

والسيت أظهر مقطع فيديو مقتضب، عناصر من الجيش اللبناني وهم يطلقون الغاز المسيل للدموع لتفريق أنصار حزب الله المتظاهرين على طريق مطار بيروت.

وكانت السلطات اللبنانية أعلنت في وقت سابق توقيف أكثر من 25 شخصا غداة إصابة ضابطين من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان أحدهما نائب قائدها المنتهية ولايته بهجوم على موكبهما على طريق مؤدٍ إلى مطار بيروت أغلقه حشد من أنصار حزب الله.