الجيش الإسرائيلي أعلن أن نصرالله قتل في الغارات الجوية التي نفّذتها طائرات حربية إسرائيلية.
الجيش الإسرائيلي أعلن أن نصرالله قتل في الغارات الجوية التي نفّذتها طائرات حربية إسرائيلية.

مع الإعلان عن مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، إثر غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت، خرجت احتفالات كبيرة في مدينة إدلب شمالي سوريا، لتسلط الضوء على التأثير السلبي الكبير أو ما يمكن وصفه "بالتدمير" الذي سببه انخراط الحزب في تلك الحرب دعما لنظام الأسد.

أشار تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إلى أن قرار  الجماعة الشيعية المدعومة من إيران بالتوسع بعيدا عن لبنان والدخول كطرف في الحرب السورية، كان بمثابة تحول كبير لها، حيث تحولت من حركة تركز على "مقاومة إسرائيل من لبنان، إلى قوة تنفذ هجمات خارج حدود بلادها وذراع إقليمية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني".

قال محللون للصحيفة إن الحرب في سوريا ألحقت الضرر بحزب الله الشيعي، حيث "وضعته في مواجهة مع المسلمين السنة، ما تسبب في تآكل دعمه بين السنّة وآخرين في الشرق الأوسط باتوا يرونه قوة طائفية تدعم دكتاتورا مكروها".

وأعلن حزب الله مقتل نصر الله، السبت، فيما ذكرت ذكرت رويترز، الأحد، أنه تم انتشال "جثته سليمة من موقع الضربة التي نفذتها إسرائيل الجمعة"، ولم يتم الإعلان بعد عن موعد تشييع جنازته.

ولم يحول نصر الله جماعة حزب الله إلى قوة نافذة في لبنان فحسب على مدى 32 عاما تولى فيها زعامة الجماعة بل ساهم أيضا في تحويلها إلى أقوى جماعة من شبكة متحالفة مع إيران في العالم العربي، وفق رويترز.

ومع التصعيد المتواصل، قالت وزارة الصحة اللبنانية إن أكثر من ألف لبناني قُتلوا وأُصيب ستة آلاف على مدى الأسبوعين المنصرمين، دون أن تحدد عدد المدنيين من بينهم، وقالت الحكومة إن نحو مليون، بما يعادل خُمس السكان، فروا من منازلهم.

"الخيار الصعب"

تسبب تورط حزب الله في الحرب السورية، في إرهاق الجماعة، وزرع بذور خسائرها الكارثية حاليا على يد إسرائيل عدوها الأصلي، وفق تقرير فايننشال تايمز.

وقالت الزميلة البارزة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، حنين غدار: "بدأ دور حزب الله في التغيّر. لم يعد جماعة مقاومة لبنانية، بل الذراع الإقليمي لفيلق القدس".

كان دعم حزب الله محوريا لنظام بشار الأسد بجانب الدعم الإيراني والروسي، ما ساعده في سيطرته على سوريا المنقسمة والقضاء على كل الجماعات المسلحة المعارضة عدا جيوب صغيرة مثل إدلب، والتي تكتظ حاليا بملايين النازحين من مناطق المعارضة السابقة التي قاتلها حزب الله، وعادت بعد ذلك لسيطرة الأسد.

وأشارت الصحيفة البريطانية أيضًا إلى أن حزب الله واجه مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا "الخيار الصعب: إما خسارة نظام الأسد الصديق المتحالف مع إيران لصالح حكومة معارضة سنّية معادية على الأرجح، أو دخول المعركة لحماية خطوط الإمداد بالأسلحة من إيران. وقرر في النهاية نشر نحو عشرة آلاف مقاتل في سوريا".

باختيار دعم الأسد، اختار حزب الله المقامرة الكبيرة، واستنفد قدرا كبيرا من الاستحسان الذي كان يتلقاه بسبب مواجهته لإسرائيل عام 2006 في لبنان، وحينها حظيت الجماعة "بإشادة واسعة النطاق واعتبرها كثيرون منتصرة حينها".

"تشتيت بسبب سوريا"

قالت رندا سليم، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن مسؤولي حزب الله الذين تحدثت إليهم كانوا يدركون أن الانضمام لجبهة الأسد من شأنه الإضرار بصورتهم، لكنهم اعتقدوا حينها أنهم سيكونون قادرين على استعادة مصداقيتهم خلال الحرب المقبلة مع إسرائيل.

كما قال محللون للصحيفة إن انتصارات حزب الله في سوريا بدت وكأنها عززت "بشكل مصطنع إيمان نصر الله بالبراعة العسكرية لمجموعته"، وهو الموقف الذي قال، مهند حاج علي، من مركز "كارنيغي" في بيروت إنه كان واضحًا من خطاباته.

وأضاف: "ربما استند هذا الشعور الزائف بالقوة العسكرية إلى تجربته السورية، لكنه تجاهل تأثير الإرهاق. خوض حرب في جنوب لبنان لمدة من 30 إلى 40 يوما يختلف عن خوض حرب لمدة ست إلى سبع سنوات في سوريا".

كما أشار محللون إلى أن الدور الإقليمي لحزب الله لصالح إيران، بما في ذلك التدريب والدعم اللوجيستي لمجموعات مدعومة من إيران في اليمن والعراق، ربما ساعد في تشتيت انتباه الجماعة عن تركيزها التقليدي على الجبهة الإسرائيلية.

وقالت غدار: "لقد أهمل الحدود الإسرائيلية بينما كانت إسرائيل تركز عليها. كانت إسرائيل تنظر إلى حزب الله كأولوية، لكن حزب الله كان مشتتًا بسبب سوريا".

علما لبنان والعراق في ساحة بغداد
علما العراق ولبنان في إحدى شوارع بغداد - أرشيف

وجه رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، الأربعاء، بتسمية اللبنانيين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم إلى العراق بـ"الضيوف" وليس "نازحين".

ووفقا لكتاب صادر عن مكتب السوداني وموجه للأمانة العامة لمجلس الوزراء، فإن رئيس الحكومة وجه بتسمية اللبنانيين الذين وصلوا إلى العراق مؤخرا، بـ"ضيوف العراق" وليس بالنازحين.

ويأتي الموقف الحكومي العراقي بالتزامن مع استمرار حملات الإغاثة العراقية إلى لبنان، واستقبال الآلاف من اللبنانيين، وتسهيل إجراءات دخولهم.

وفي اتصال هاتفي، الأربعاء، بين وزيري التجارة العراقي، داود الغريري، ونظيره اللبناني أمين سلام، أشاد الوزير اللبناني بـ"الدور العراقي في تقديم المساعدات للبنانيين" وفقاً لبيان وزارة التجارة العراقية.

نازحون على شاطئ البحر في بيروت
من الحرب إلى البحر.. قصص عن "عشوائية النزوح" في لبنان
على شاطئ الرملة البيضاء في بيروت، تجلس "أم محمد" على كرسي بلاستيكي أمام خيمتها، تحدق في الأفق بعيون يملؤها الحزن، تبدو كأنها تغرق في أمواج الحياة المتلاطمة. بصوت خافت تقول "من بيتي المتواضع إلى هذه الخيمة... هكذا تبدّلت حياتنا بين ليلة وضحاها. البحر الذي كان رمزاً للأمل، أصبح الآن مرآة تعكس مأساتنا".

وبدأ العراق منذ أيام استقبال النازحين اللبنانيين، وفقاً لقرار مجلس الوزراء. ومكن القرار اللبنانيين في الدخول إلى الأراضي العراقية بالبطاقات التعريفية، إن لم يتوفر جواز السفر.

وتواصل الحكومة العراقية والمؤسسات الخاصة تقديم المساعدات الإنسانية للبنانيين في ظل تصاعد أزمة النزوح، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة في مناطق الجنوب اللبناني.

وتتفاقم الأوضاع الإنسانية في لبنان نتيجة اشتداد القصف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، واستمرار طيرانه بقصف مواقع عدة يقول إنها تابعة لحزب الله.