قوات لليونيفيل في لبنان.. رويترز
قوات لليونيفيل في لبنان.. رويترز

تعرض المقر العام لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" في بلدة الناقورة، الثلاثاء، لإصابة بصاروخ، مما أدى إلى اندلاع حريق في ورشة تصليح آليات.

وأصدرت قيادة "اليونيفيل" بياناً أوضحت فيه أن بعض جنود حفظ السلام أصيبوا بجروح طفيفة، مؤكدة عدم تسجيل إصابات خطيرة بينهم، ومشيرة إلى أن الجنود لم يكونوا في الملاجئ وقت وقوع الحادث.

وأضاف البيان أن الصاروخ أطلق من شمال المقر، مرجحة أن يكون مصدره حزب الله، أو إحدى المجموعات التابعة له، مشيرة إلى أنها باشرت تحقيقاً في الحادث.

وذكّرت قيادة اليونيفيل حزب الله وجميع الجهات الفاعلة بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها، مشددة على أن أي هجوم متعمد ضدهم "يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وللقرار 1701".

 يأتي ذلك بعد أن أعلنت وزارة الدفاع النمساوية في بيان لها اليوم، أن 8 جنود نمساويين من قوات اليونيفيل أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة الهجوم الصاروخي.

وأعربت الوزارة عن إدانتها الشديدة لهذا الهجوم، مطالبة بالتحقيق الفوري في الحادث، موضحة أن مصدر الهجوم لا يزال غير واضح في الوقت الراهن.

لم تكن هذه الحادثة الأولى التي يتعرض فيها موقع لليونيفيل للقصف، فقد أكد المتحدث باسم اليونيفيل، أندريا تينتي، في تصريحات لقناة "الحرة" بتاريخ 19 أكتوبر، أن العديد من مراكز اليونيفيل تعرضت للاعتداءات، ولا سيما المواقع في بلدة الناقورة.

و"اليونيفيل" قوة تابعة للأمم المتحدة تم إنشاؤها عام 1978 لمراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية، ودعم الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها. مهمتها الأساسية أيضاً، تنفيذ القرار 1701 الصادر بعد حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله.

 ثبات رغم التحديات

وسبق أن طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، الأمم المتحدة بإبعاد قوات اليونيفيل في جنوب لبنان عن "الخطر فورا"، في إشارة إلى موقعها على الحدود بين إسرائيل ولبنان، حيث يجري تبادل لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله. واتهم نتانياهو قوة حفظ السلام الدولية بأنها تعمل كدروع بشرية لحزب الله.

 لكن القوات الأممية رفضت الانسحاب من مواقعها، واتهمت الجيش الإسرائيلي بتجاوز الخط الأزرق، معتبرة أن وجوده يعرّض جنود حفظ السلام للخطر.

 واليوم، أكدت اليونيفيل أن قواتها لا تزال في جميع مواقعها في جنوب لبنان، وتواصل أنشطتها العملياتية مع تكييفها بما يتناسب مع الوضع الراهن، مشيرة إلى أن قوافل الإمداد وعمليات تبديل وحدات اليونيفيل من وإلى لبنان مستمرة كالمعتاد، رغم التحديات.

 وفيما يتعلق بما إذا كان مسلحو حزب الله، المصنف إرهابياً في الولايات المتحدة، يتخذون من مراكز القوات الأممية درعاً لهم، أجاب تينتي في حديث لقناة "الحرة"، "لم تصلنا أي تقارير بشأن ذلك، لكن قرب الطرفين من مواقعنا أمر مثير للقلق، فعناصر حزب الله قريبون منا، ونفس الأمر ينطبق على القوات الإسرائيلية".

وأضاف "أحياناً يكونون على بعد بضعة أمتار من مواقعنا، وهذا أمر يثير القلق لدينا من كلا الجانبين، وينبغي تجنب هذا الوضع، لأن أمن وسلامة قوات حفظ السلام الأممية يجب أن تكون لها الأولوية الكبيرة"، مشدداً على أهمية وجود قوات "اليونيفيل" في مواقعها، والذي يأتي بناء على موافقة جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي.

 ودان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في 13 أكتوبر، طلب نتانياهو، مؤكداً أنه "يمثل فصلاً جديداً من نهج العدو بعدم الامتثال للشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة".

 إدانات للاعتداءات

 ودانت وزارة الخارجية الأردنية، الهجوم الذي تعرضت له قوات اليونيفيل، اليوم الثلاثاء، وشدد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير الدكتور سفيان القضاة  على "ضرورة ضمان أمن القوات الأممية وسلامتها، وتطبيق قرار مجلس الأمن 1701  بالكامل، ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان بشكل فوري، وحماية المنطقة من تبعاته التي تدفعها نحو الهاوية".

 وأعرب القضاة عن تعاطف المملكة وتضامنها الكامل "مع حكومة وشعب جمهورية النمسا الصديقة، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين".

 يذكر أن القرار 1701 صدر عن مجلس الأمن الدولي بهدف إنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006. وينص القرار على وقف القتال، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وانتشار الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات اليونيفيل لضمان الأمن والاستقرار.

وكانت وزارة الخارجية اللبنانية أعلنت في بيان صادر بتاريخ 21 أكتوبر، أنها "بعد التشاور مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء، تعرب عن خالص شكرها لقوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان (اليونيفيل) وتقديرها العميق للدور الذي تؤديه منذ إنشائها عام 1978، قيادةً وأفراداً من عسكريين وإداريين، في حفظ الأمن والسلم في الجنوب اللبناني، بالإضافة إلى مساهمتها في التنمية في المجتمعات المحلية، مما يساعد في بناء الاستقرار في المنطقة وثبات المواطنين في أرضهم".

 كما أضاف البيان أن الوزارة توجهت بالشكر العميق إلى حكومات الدول الصديقة المشاركة في قوات اليونيفيل، "التي لم تدخر جهداً في دعم مهمتها، سواء من خلال إرسال جنود وقوات حفظ سلام أو عبر توفير الدعم اللوجستي والمادي اللازم لضمان نجاح مهمتها". وأكد البيان أن "هذه الدول تتلاقى مع لبنان في الإيمان بمبادئ الأمم المتحدة ودورها في تعزيز السلم والأمن الدوليين".

 والاثنين، جدد وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب "ادانته لأي اعتداء على قوات حفظ السلام والعاملين فيها"، وذلك خلال مشاركته في افتتاح أعمال الدورة التاسعة على المستوى الوزاري لأعمال الاتحاد من اجل المتوسط في مدينة برشلونة الإسبانية.

ماذا يحمل المستقبل لنبيه بري؟
ماذا يحمل المستقبل لنبيه بري؟

مع تصاعد التوترات في لبنان واستمرار المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، تتزايد التحديات داخل الطائفة الشيعية في البلاد، فقد أدت هذه المواجهات إلى تراجع حزب الله عسكرياً، خاصة بعد اغتيال أمينه العام حسن نصر الله وعدد من قياداته، وذلك في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على قاعدته الشعبية، وتصاعد الانتقادات من الداخل والخارج ضده، إذ تتهمه جهات محلية وإقليمية ودولية بدوره في زعزعة الاستقرار والأمن في لبنان والمنطقة.

أمام هذا الوضع، تبرز تساؤلات بشأن إمكانية أن يستغل رئيس مجلس النواب اللبناني وزعيم حركة أمل، نبيه بري، هذه الظروف لإعادة التوازن داخل الطائفة الشيعية، خاصة بعد تراجع دوره لصالح حزب الله في السنوات الأخيرة، وذلك من خلال السعي إلى استعادة مكانته عبر اتخاذ مواقف أكثر استقلالية عن الحزب.

ويرى مراقبون للشأن اللبناني أن نفوذ بري، شهد تراجعاً ملحوظاً منذ ربط سياساته بسياسات حزب الله، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي.

هذا التراجع تعمّق مع تصاعد دور حزب الله بعد حرب 2006، وتوسّع نفوذه الإقليمي إثر تدخله في الحرب السورية، مما رسّخ مكانة الحزب كقوة بارزة في المشهد الشيعي واللبناني، حتى بات ينظر إلى بري من قبل شريحة واسعة كـ"ملحق سياسي" للحزب.

وعقب اغتيال نصر الله، برز بري، كمرجعية سياسية محورية للطائفة الشيعية، لاسيما بعد تكليفه من قبل الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، بقيادة جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار، ليعلق بري على ذلك في حديث صحفي بالقول إن تفويض حزب الله له بالمفاوضات السياسية "ليس جديداً، وإن كان تم تجديد تأكيده".

مشهد ضبابي؟

رغم أن "حزب الله أصابه الوهن الشديد بعد تمكن إسرائيل من اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، وغالبية من قادته، وكلّ الخسائر التي أصابته، وعدم تراجع الجيش الاسرائيلي عن استهداف بنيته التحتية"، لكنّه كما يقول الكاتب والصحفي مجد بو مجاهد "لم ينتهِ حتى الآن ولا يزال قادراً على تنظيم حضوره سياسيّاً ومواصلة القتال عسكريّاً، بما تبقى من قدرات قتالية مع قيام إيران مباشرةً بإدارة مفاصله السياسية والعسكرية في هذه المرحلة".

ويعتبر بو مجاهد أن إبقاء حزب الله على هيمنته على القرار السياسي داخل الطائفة الشيعية، كما على القرار الاستراتيجي في لبنان أو عدمه، "مسألة ستقرّرها المفاوضات الدبلوماسية التي على أساسها ستنتهي الحرب مهما طالت، والكيفية لإنهائها وأمدها الزمنيّ، لكن يتبيّن أن إسرائيل لا تكتفي باتفاق يضمن المنطقة الخالية من السلاح جنوبي الليطاني فقط، وتسعى إلى ما هو أكثر من تطبيق القرار الدوليّ 1701، إذ انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضغط لتحقيق تسوية قبل الأوان، وقوله إنه لا يحدّد موعداً لنهاية الحرب، بل أهدافاً".

وفي سياق حديثه عن إمكانية إعادة تشكيل التوازنات السياسية داخل الطائفة الشيعية يعتبر بو مجاهد، في حديث لموقع "الحرة"، أن ذلك "سيكون بعد انتهاء الحرب"، ويوضح "إذا تلاحقت خسائر حزب الله أكثر على النحو الذي عرفته الأسابيع الماضية وصيغ أي اتفاق على حسابه، ذلك سيغيّر طبعاً في التوازنات، حتى إن بقي حزب الله سياسيّاً، وذلك مرجّح، لكن يمكن لتغيير التوازنات أن يفسح المجال أمام قوى وأحزاب سياسية ناشئة وتغييرية لدى الطائفة الشيعية، خصوصاً أن هناك فئات منها تسعى للتغيير ويمكن للمشاريع السياسية التغييرية أن تحصل على جزء من التأييد الشعبي إن تغيّرت المعادلات السياسية وتراجعت هيمنة حزب الله".

من جانبه، يكشف الصحفي علي الأمين، عن قلق كبير يشعر به بري تجاه وضع حزب الله الحالي، مشيراً إلى أن هذا القلق "يأتي من الارتباط العميق الذي نشأ بين بري وحزب الله على مدار أكثر من عشرين عاماً، إذ بنى بري نظام مصالحه السياسية على أساس التحالف مع الحزب وتبنّيه الخيار الإيراني".

ويوضّح الأمين في حديث لموقع "الحرة" أن بري "أسس منذ عام 1992 نفوذه السياسي على التحالف مع حزب الله برعاية إيرانية- سورية، مما أدى إلى تشابك المصالح بين الطرفين، وجعل فكّ هذا التحالف أمراً بالغ الصعوبة، وبالتالي أي تراجع في نفوذ حزب الله سيؤثر سلباً على بري".

ويتابع الأمين مشيراً إلى أنه "رغم سعي بعض القيادات والعناصر داخل حركة أمل لإظهار نوع من التمايز عن حزب الله، إلا أن أي ضعف يصيب الحزب يثير القلق داخل الحركة، من احتمال تأثرها به أو عدم قدرتها على سد الفراغ الذي قد يخلّفه".

لذلك يرى الأمين أن بري لن يقدم على "خطوة تعديل التوازنات داخل الطائفة الشيعية، وإعادة صياغة دوره، لكنه، في ظل الضغوط المحلية والدولية المتزايدة، قد يجد نفسه مضطراً للمضي قدماً في ملفات حساسة، مثل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة"، مؤكداً أن هذه التنازلات، إن حصلت "لن تكون خياراً طوعياً، بل استجابة لهذه الضغوط".

تباينات جوهرية

و"تحمل الثنائية الشيعية القائمة منذ أوائل التسعينيات بعد حرب دموية بين الطرفين ومن جراء اتفاق إيراني – سوري، في طياتها تباينات عميقة"، كما يقول الباحث السياسي جورج العاقوري.

ويوضح العاقوري في حديث لموقع "الحرة" أن "مشروع حركة أمل بقيادة بري سياسي، محوره لبنان وحدوده، بينما يتبنى حزب الله مشروعاً أيديولوجياً دينياً يتجاوز لبنان إلى الأمة الإسلامية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو جزء من تصدير الثورة. هذا التباين الكبير، لا بدّ ان يطفو إلى العلن، نظراً لخطورة المرحلة الراهنة التي تهدد هوية لبنان، وتضعه أمام تحديات وجودية تمسّ كافة مكوناته".

يذكر أنه، عام 1982، نشأ حزب الله من رحم حركة أمل (التي أسسها موسى الصدر عام 1974)، وذلك بالتزامن مع تولي بري رئاسة الحركة. ومع صعود حزب الله، برزت بين الطرفين توترات متزايدة، إذ رأت حركة أمل في الحزب قوة منافسة تسعى إلى السيطرة على الساحة السياسية والطائفية في لبنان. وقد أدى هذا التنافس واختلاف الرؤى والأهداف إلى مواجهات مسلحة بينهما خلال ثمانينيات القرن الماضي وذلك في سياق الحرب الأهلية اللبنانية.

ومع مرور الوقت، توصل الحزب والحركة، اللذان كان يطلق عليهما "الإخوة الأعداء"، إلى ما يصفه البعض بـ"زواج الضرورة"، وأصبحا بعدها يعرفان بالثنائي الشيعي، وفي حين يظهر أن الطرفين متماسكان، لكن الواقع يشير إلى أن حركة أمل تدرك قوة حزب الله، في حين يعي الحزب دور حركة أمل كطرف رئيسي في التوازنات الداخلية ضمن الطائفة الشيعية، ومن هنا تشابكت مصالحهما.

وفي الثامن من أكتوبر 2023، فتح حزب الله جبهة جنوب لبنان في إطار ما وصفه بـ "الدعم والإسناد" لحركة حماس في حرب غزة، وفي 23 سبتمبر الماضي، بدأت إسرائيل بغزو بري لجنوب لبنان، مع الاستمرار باستهداف المنشآت العسكرية والمالية لحزب الله واغتيال كوادره البشرية أينما جدت في مختلف أنحاء الأراضي اللبنانية وحتى السورية.

هذه التطورات زادت من تعقيد الوضع في لبنان الذي يعاني منذ نحو 5 سنوات من أزمة اقتصادية خانقة، إذ أدت "جبهة الإسناد" إلى دخول البلاد في دوامة جديدة من الأزمات تشمل القصف والدمار والنزوح، إضافة إلى المعاناة الإنسانية التي تتفاقم مع تصاعد التوترات السياسية والانقسامات الداخلية.

استمرار حزب الله في الحرب الحالية، كما يصف العاقوري "طقوس انتحار جماعي للشعب اللبناني عامة، وذلك نظراً لعدم التكافؤ الكبير في القوى بينه وبين إسرائيل"، ويشدد على ضرورة "تدخل جهة لإنقاذ لبنان وهذا المكوّن الذي يتعرض لهجمات إسرائيلية ممنهجة، تستهدف ليس فقط كوادر حزب الله، بل تضرب البيئة الشيعية ومقومات حياتها بأسرها".

ويرى العاقوري أن "الشخص الوحيد القادر على اتخاذ خطوات إنقاذيه للمكوّن الشيعي خاصة واللبنانيين عموماً هو بري، الذي يتحمل مسؤولية تاريخية ووجدانية في هذا السياق، لاسيما بعد تصريحات أمين عام حزب الله نعيم قاسم، بأن القتال سيستمر حتى آخر نفس، مع إضفاء قداسة دينية على الحرب التي يعتبرها الحزب مقدسة، ومع وضع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي الحرب في هذا الإطار".

من الثنائي إلى التنوع السياسي؟

التحدي الآن كما يعتبر العاقوري، يكمن "فيما إذا كان بري سيجرؤ على اتخاذ خطوة إنقاذ، وما إذا كان سيسلط الضوء على الحقائق بوضوح أو يستمر في صمته المريب أمام إنكار حزب الله لحجم الخسائر التي تتكبدها البلاد والمكوّن الشيعي تحديداً".

ومنذ توليه رئاسة مجلس النواب اللبناني عام 1992، عرف عن بري تمكّنه من بناء شبكة واسعة من العلاقات السياسية، مما ساعده على تشكيل مسار الأحداث السياسية والاجتماعية في البلاد، حتى أنه بات يعرف بـ"رجل المهمات الصعبة"، نظراً لقدرته على التوفيق بين الأطراف المتنازعة وحل الخلافات المعقدة.

ورغم ذلك، يعتبر بري واحداً من الشخصيات السياسية الأكثر إثارة للجدل في لبنان، إذ يتهمه البعض بالضلوع في الفساد، وبكونه شريكاً في المسؤولية عن الأزمات المتتالية التي هزّت البلاد ولا تزال، وعن عرقلة التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت عام 2020.

وبعد أن تضع الحرب أوزارها في لبنان، "لن يكون بري فقط من سيشارك في إعادة تشكيل التوازنات رغم مرونته السياسية وقدرته على التكيّف مع التحولات الإقليمية" كما يشدد مجاهد، مؤكداً أن "القرار الأخير هو للمواطنين الشيعة الذين يمكن أن تتاح أمامهم مشاريع سياسية متنوعة ومنها حديثة في مرحلة لاحقة، إضافة إلى الأحزاب التقليدية، لكنّ خاصيّة الحضور الحاليّ لبري، في أنه جزء من سلطة رسمية لبنانية لإدارة المرحلة الانتقالية نحو إنهاء الحرب، من دون أن يلغي ذلك قدرة حركته السياسية على المشاركة في ترتيبات سياسية خلال مراحل لاحقة".