الحطام في أعقاب غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت حيا في الضاحية الجنوبية لبيروت
النزوح يشكّل عبئًا إضافيًا على كاهل الحكومة

وسط الأزمات المتلاحقة، يروي أحمد، رجل مسنّ من جنوب لبنان، قصّته التي تجسّد معاناة مئات الآلاف من النازحين. 

أُجبر أحمد على مغادرة منزله للمرة الأولى في حياته، على الرغم من الحروب التي عاشها لبنان على مدى عقود، ليجد نفسه اليوم في بيروت، حيث لجأت أسرته إلى أحد النوادي الليليّة التي فتحت أبوابها للنازحين بعد اندلاع الحرب في سبتمبر الماضي. 

يتحدّث أحمد، ووجهه يحمل تجاعيد الحزن والأسى، عن تفاصيل المعاناة اليوميّة، والحنين الدائم إلى منزله الذي تركه خلفه.

قصة أحمد ليست الوحيدة. فالطفلة زهراء، ابنة السبع سنوات، لم تأخذ معها من منزلها سوى دميتها حين غادرته في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد تدميره. تقول وهي تبكي لموقع "الحرة": "أريد العودة إلى منزلي، هذا حلم". تعكس دموع زهراء حال مئات الأطفال الذين يحلمون بالعودة إلى بيوتهم، وهم عالقون بين واقع النزوح والأمل بالعودة.

بحسب التقرير الـ 33 الصادر عن هيئة إدارة الكوارث المدعومة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، وصل عدد النازحين المسجّلين إلى 189,174 نازحًا يتوزّعون في مراكز الإيواء المعتمدة (43,766 عائلة)، مع تسجيل النسبة الأعلى للنازحين في جبل لبنان وبيروت. 

لكن الأعداد الفعلية يُرجّح أنها تتجاوز هذه الأرقام، إذ تظهر الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لاجئين يفترشون الطرقات على الكورنيش البحري، فيما يعاني آخرون من عدم القدرة على دفع أجور المنازل التي لجأوا إليها مع الأسعار الخياليّة وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

وبحسب الأعداد التي يذكرها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ولجنة الطوارئ الحكومية، فعدد النازحين من جميع المناطق اللبنانية يتخطّى المليون والمئتي ألف نازح، وقد يرتفع كما أفاد رئيس اللجنة وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين. ومعظمهم وجد نفسه من دون مأوى منذ اندلاع الحرب، وبعضهم لجأ للدخول إلى أملاك خاصّة للاحتماء بها، كالمدارس والفنادق والمؤسسات، الأمر الذي أثار إشكالات عديدة بينهم وبين أصحابها. 

وقد أفاد ميقاتي بأنّ الدولة ستخلي الأماكن الخاصّة من النازحين في الأيام المقبلة بعد فتح مراكز إيواء جديدة منها مدينة الرئيس كميل شمعون الرياضية في بيروت. 

مع الإشارة إلى أنّ أصواتًا عديدة ارتفعت لتأمين مراكز إيواء للنازحين، خصوصًا مع دخول لبنان في فصل الخريف، واقتراب فصل الشتاء والأمطار والعواصف، ما قد يسبّب كارثة في حق النازحين الذين يحتاجون إلى سقف يحتمون تحته. 

ومنذ اندلاع الحرب، تزايدت الأصوات المطالبة بتحديد المسؤولين عن تدهور أوضاع النازحين، ولا سيما بعد تصريح رئيس مركز الارتكاز الإعلامي، سالم زهران، في بداية السنة بأنّ مراكز الإيواء ستُفتح عند اندلاع أيّ حرب مع إسرائيل "بكبسة زر"، ولا أحد من النازحين سيحتاج إلى أحد في المناطق الآمنة لإيوائه، وهو ما لم يحدث. واليوم، يقف الجميع أمام سؤال مصيري: مَن المسؤول عن أوضاع النازحين المتدهورة؟

وفي حديث خاص لموقع "الحرّة"، ينفي النائب عن كتلة "التنمية والتحرير"، برئاسة حركة أمل، الدكتور قاسم هاشم، "مسؤولية حزب الله عن أزمة النازحين، مؤكّدًا أنّ القضيّة هي قضية "وطنية" تتجاوز أي حزب أو طائفة". 

وشدّد على أنّ "الدولة اللبنانيّة وضعت خططًا لإيواء النازحين وتمكّنت بالفعل من تأمين أماكن لمئات الآلاف منهم، على رغم قسوة الحرب وشدّة القصف في الجنوب والضاحية الجنوبيّة والبقاع". 

ويقول هاشم: "لبنان يعاني أزمات اقتصادية تعرقل جهود الحكومة، ولم نتوقّع هذا الكمّ الهائل من النزوح نتيجة العنف الشديد من إسرائيل".

في المقابل، يحمّل الصحفي طوني بولس، في حديث لموقع "الحرة"، الحكومة اللبنانية وحزب الله المسؤوليّة الكاملة عن معاناة النازحين، مشيرًا إلى أنّ الحزب "انفرد بقرار الحرب والسلم، ولم يكن مستعدًا لاستيعاب تداعيات هذا القرار". 

ويوضح بولس أنّ "الحزب وعد بيئته الحاضنة بتجهيز مراكز إيواء، إلا أنّ الواقع على الأرض يكشف عدم تحقيق ذلك، حيث ترك اللبنانيون يواجهون النزوح والتشرّد".

ومنذ عام 2019، تعصف بلبنان أزمات متتالية اقتصاديّة وسياسيّة وأمنيّة. ومع اندلاع الحرب الأخيرة، بات ملف النزوح يشكّل عبئًا إضافيًا على كاهل الحكومة، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على إدارة الأزمة. 

وفي هذا الصدد، ينفي النائب هاشم أن "تكون الحكومة قد فشلت في إدارة الملف"، قائلًا: "هذه حرب مدمّرة تقترب من حدّ الإبادة، وتتطلّب جهودًا إضافية رغم محدوديّة قدرات الدولة". 

على الجانب الآخر، يرى بولس أنّ "الحكومة اللبنانيّة فشلت في إدارة ملفّ النزوح، مثلما فشلت في ملفّات عديدة أخرى". 

ويضيف أنّ "الاعتماد على قدرات حزب الله كان وهمًا"، ويعتبر أن "الدولة لم تكن جاهزة لتنظيم خطّة واضحة للتعامل مع تداعيات النزوح، مشيرًا إلى ضعفها الكبير في الأساس".

ومع تصاعد الحرب، لجأ العديد من اللبنانيين إلى المناطق المسيحية وبعض القرى المعارضة لحزب الله، حيث فتح أهالي هذه المناطق منازلهم للنازحين، كالسيدة حنّة من قرية "دير الأحمر" في البقاع الشمالي، التي رفضت اعتبار القادمين إلى منزلها "نازحين"، وقالت لموقع "الحرة": "هم ضيوفنا، ولو حدث معنا الشيء نفسه، لكنا ضيوفهم". إلا أنّ هذا الترحيب لا يلغي المخاوف من تغييرات ديموغرافيّة قد تنجم عن عدم عودة النازحين إلى مناطقهم في المستقبل القريب، إذ يخشى البعض من اندلاع توتّرات أهليّة نتيجة لهذا الوضع. كما حصل في بيروت، وأن يشمل هذا الأمر جميع المناطق والبلدات في لبنان.

في هذا السياق، يرى الدكتور قاسم هاشم أنّ "تضامن اللبنانيين واستقبالهم لبعضهم البعض، حتى في المناطق ذات البيئة المعارضة لحزب الله، يعكس اللحمة الوطنيّة".

أما بولس، فيشير إلى أنّ المخاوف من تغيير ديموغرافي تبقى واقعية، موضحًا أنّ "تدمير مناطق واسعة في الجنوب يصعّب إعادة إعمارها قريبًا، مما قد يجعل عودة النازحين إلى منازلهم مستبعدة، وقد ينجم عن هذا الوضع صدامات مستقبلًا في ظلّ ضعف الدولة وعدم قدرتها على توفير حلول بديلة".

وبين المبادئ الإنسانيّة والصراع السياسي، يبقى النازح اللبناني الحلقة الأضعف، وهو يدفع ثمن قرارات سياسيّة وأزمات أمنيّة واقتصاديّة، ويبقى السؤال: هل سيجد النازحون طريقهم إلى بيوتهم قريباً، أم سيبقون أسرى أزمة بلا حلّ؟

عناصر من الجيش اللبناني داخل مركبة عسكرية
المجتمع الدولي قدم دعم مباشر للمؤسسة العسكرية اللبنانية

يواجه الجيش اللبناني اختباراً صعباً لضمان استقرار البلاد، حيث يعمل، رغم محدودية موارده البشرية واللوجستية والعسكرية، على تعزيز انتشاره في جنوب لبنان تنفيذاً للقرار الدولي 1701، الذي أُقر في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.

إلى جانب ذلك، اضطر الجيش إلى زيادة عدد قواته على الحدود الشمالية والشرقية بعد سقوط نظام الأسد في سوريا وسيطرة هيئة تحرير الشام، بهدف التصدي لمحاولات تسلل المجموعات المسلحة والحفاظ على الأمن.

تأتي هذه المسؤوليات في وقت يواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة مستمرة منذ عام 2019، ما ألقى بظلاله الثقيلة على موارد الجيش، وللتغلب على هذه التحديات، لجأ المجتمع الدولي إلى تقديم دعم مباشر للمؤسسة العسكرية.

وفي هذا السياق، أعلن المجلس الأوروبي، الأربعاء الماضي، عن تقديم حزمة مساعدات ثالثة بقيمة 60 مليون يورو ضمن إطار آلية السلام الأوروبية. تهدف هذه المساعدات إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني، خاصة في إعادة الانتشار ضمن قطاع جنوب الليطاني، وتثبيت الاستقرار في المنطقة.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية، أعلنت في 18 يناير، عن تقديم أكثر من 117 مليون دولار من المساعدات الأمنية الموسعة للجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي، خلال اجتماع للمانحين الدوليين، وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن هذه المساعدات تهدف إلى دعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي لـ"ضمان سيادة لبنان على كامل أراضيه، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701 بشكل كامل".

وفي ظل الأوضاع الأمنية الدقيقة التي يعيشها لبنان، تزداد الأنظار تركيزاً على الجيش اللبناني باعتباره الضامن الأساسي للاستقرار الداخلي وحماية الحدود، ومع ذلك، يظل السؤال مطروحاً حول قدرته على مواجهة هذه التحديات المتزايدة ومدى حاجته إلى دعم إضافي لتمكينه من تأدية مهامه بكفاءة.

قدرات محدودة

يحتل الجيش اللبناني المرتبة 115 بين 145 جيشاً حول العالم وفقاً لتصنيف "غلوبال فاير باور" لعام 2025، هذا التصنيف يعكس التحديات التي يواجهها، والتي تتجلى في محدودية ميزانيته العسكرية التي تقدر بنحو 768,250,325 دولار كما أورد الموقع الأميركي.

ويضم الجيش اللبناني وفق الموقع قرابة 60 ألف جندي نظامي، و35 ألف فرد في الاحتياط، و65 ألف بما يعرف بالقوات شبه العسكرية.

أما من حيث العتاد، يمتلك الجيش اللبناني أسطولاً جوياً يتألف من 80 طائرة، من ضمنها 9 طائرات هجومية و9 طائرات للتدريب، إضافة إلى 68 مروحية.

كما يمتلك أسطولاً برياً يضم 4538 آلية مدرعة و116 دبابة و12 مدفعاً ذاتي الحركة و353 مدفعاً ميدانياً و11 راجمة صواريخ، أما أسطوله البحري فيتكون من 64 قطعة، منها 61 سفينة دورية، بحسب "غلوبال فاير باور".

"ورغم تمتّع الجيش اللبناني بقدرات قتالية متنوعة، تمكّنه من تغطية مختلف المناطق اللبنانية، معتمداً على أسلحة تشمل الدبابات والمدفعية والطائرات"، كما يؤكد العميد المتقاعد والنائب السابق شامل روكز، إلا أن "العديد من تجهيزاته تعود إلى أجيال قديمة، ما يستدعي تحديثاً عاجلاً لها".

ويشرح روكز لموقع "الحرة" أن "الدبابات التي يعود تاريخ تصنيع بعضها إلى عامي 1948 و1955 بحاجة إلى تحديث شامل، إلى جانب العربات المدرعة والآليات العسكرية، وكذلك المدفعيات كون غالبيتها ليست مؤهلة وتفتقر إلى عيارات حديثة، كما أن الجيش اللبناني بحاجة إلى أنظمة اتصال حديثة تغطي مختلف المناطق، وإلى أنظمة دفاع جوي".

ويلفت روكز إلى أن "انتشار الألغام في عدة مناطق لبنانية، بما في ذلك تلك التي زرعت خلال الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، يستدعي تجهيز فوج الهندسة ومكتب نزع الألغام في الجيش اللبناني بالمعدات اللازمة لضمان فعالية عملياتهم".

من جانبه يقول العميد المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر، إن إمكانيات الجيش اللبناني بحاجة إلى تعزيز كبير على الصعيدين اللوجستي والعسكري، ويشرح "خلال فترة قيادته للجيش، عمل العماد جوزاف عون – الذي أصبح لاحقاً رئيساً للجمهورية – بجهد لتأمين هذه الحاجات من مصادر متعددة، مما ساهم في الحفاظ على استقرار الجيش اللبناني."

ويشدد جابر في حديث لموقع "الحرة" على أن "الجيش بحاجة ماسة إلى تحديث أسلحته، فهو يمتلك أسلحة قديمة. السلاح الدفاعي الجوي هو أحد الاحتياجات الأساسية، حيث يحظر عليه الحصول عليه بسبب موقف إسرائيل الرافض."

كما أن الاحتياجات الدفاعية البحرية أيضاً كبيرة، كما يشير جابر، ويوضح "يمتد الشاطئ اللبناني لمسافة تقارب 250 كم، لكن القوات البحرية لا تستطيع تأمين أكثر من 5% من هذا الخط الساحلي. الجيش اللبناني بحاجة إلى تطوير قدراته البحرية عبر سلاح دفاعي بحري، كما أن القوات البرية تحتاج إلى مدرعات خفيفة تستطيع التعامل مع الظروف الميدانية. في الحقيقة، الجيش بحاجة إلى كل ما هو حديث."

أما الخبير الاستراتيجي، العميد المتقاعد ناجي ملاعب، فيقول إن الجيش اللبناني يواجه تحديات كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، التي أثرت بشكل مباشر على قدراته العسكرية واللوجستية.

ويشير ملاعب، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن الجيش اللبناني كان بحاجة إلى ثلاثة مليارات دولار خلال عهد رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان، حيث أطلع المملكة العربية السعودية على هذه الاحتياجات أثناء زيارته إليها في عام 2008، ويوضح، "حينها كانت الأولويات تشمل تطوير الخدمات اللوجستية، وتوفير أسلحة حديثة، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي، وتجهيز الثكنات، وتحسين أوضاع المستشفى العسكري، وقد وافقت السعودية في ذلك الوقت على تقديم هذا المبلغ كدعم للجيش."

لكن الأمور تغيرت لاحقاً، كما يقول ملاعب، حيث تراجعت السعودية عن تقديم هذه المساعدات "بعد موقف وزير الخارجية اللبناني الأسبق جبران باسيل المحايد تجاه الأزمة اليمنية في الجامعة العربية. هذا التراجع حرم الجيش اللبناني من دعم كان يعوّل عليه بشدة."

تداعيات خطيرة

بعد عام 2019، ومع انهيار العملة اللبنانية وانخفاض قيمة الرواتب، شهدت أوضاع الجيش كما يقول ملاعب "تدهوراً كبيراً"، ويشرح أن "الموازنات المخصصة للجيش كانت تحتسب بالليرة اللبنانية ولم تعدّل لتواكب التضخم وارتفاع الكلفة بالدولار. هذا الوضع أدى إلى تراجع أوضاع الجنود، وتسرب البعض من الخدمة، وانخفاض مستوى التجهيزات العسكرية."

كذلك يحذر روكز من التداعيات الخطيرة للأزمة الاقتصادية على عناصر الجيش، قائلاً إن "رواتب الجنود لا تتجاوز 300 دولار شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي لتأمين احتياجاتهم الأساسية، ما ينعكس سلباً على معنوياتهم وقدرتهم على أداء واجباتهم"، ويضيف أن "الوضع المالي الصعب يؤثر على قدرة العسكريين على تحمل تكاليف أقساط أبنائهم المدرسية وعلاجهم، مما يؤثر على نوعية العناصر التي قد تنضم إلى الجيش في المستقبل، خاصة مع إدخال منظومات تكنولوجية حديثة تتطلب شهادات علمية".

كما يشير روكز إلى معاناة المتقاعدين من ضعف معاشاتهم التقاعدية، معتبراً أن "هذا الوضع يؤثر على معنويات الجنود الحاليين ويحد من رغبة الكفاءات الجديدة في الانضمام إلى الجيش، ما يهدد جودة القوى البشرية في المؤسسة العسكرية".

كذلك يؤكد جابر أن "عديد الجيش اللبناني الذي يقارب 70,000 مقاتل، بحاجة ماسة إلى توفير موارد لوجستية ورفع رواتبهم"، ويوضح "قد لا يحتاج الجيش اللبناني إلى زيادة في عدد عناصره، لكنه بحاجة إلى تثبيت هذا العدد عبر إعادة العمل بالتجنيد الإجباري، الذي كان يزود الجيش بدماء جديدة ويعزز الانصهار الوطني بين الشباب".

وقبل فتح حزب الله جبهة إسناد لغزة من جنوب لبنان، كان الجيش اللبناني ينتشر في المنطقة بعدد يقارب 4500 عنصر موزعين بين لواءين وفوج واحد. وكان الجيش يتعاون مع قوات "اليونيفيل" لتنفيذ مهام تتعلق بتطبيق القرار الدولي 1701، ومع وقف إطلاق النار، وضعت قيادة الجيش خطة لتعزيز تواجدها في الجنوب، تضمنت انتشار حوالي 10,000 عنصر. لتحقيق هذا الهدف، تتطلب الخطة تطويع نحو 6,000 عنصر إضافي، إلا أن تنفيذها يواجه تحديات مالية، حيث تقدر تكلفة تجهيز كل عنصر بحوالي 4,500 دولار، كما سبق أن أكد مصدر مطلع لموقع "الحرة"، تشمل العتاد والمستلزمات اللوجستية والأسلحة، ما يرفع التكلفة الإجمالية إلى مليار دولار تقريباً.

وفي 14 يناير، أعلنت قيادة الجيش عن التحاق الدفعة الأولى من الجنود المتمرنين، ضمن المرحلة الأولى من خطة تعزيز الوحدات العسكرية المنتشرة، باشر المتطوعون متابعة الدورات التدريبية في القطع المختصة، تمهيداً لتوزيعهم على الوحدات العسكرية.

هل يغطي الدعم الحاجات؟

لعبت المساعدات الأميركية، "التي تتراوح قيمتها بين 90 و120 مليون دولار سنوياً منذ عام 2005"، دوراً حيوياً كما يقول ملاعب "في الحفاظ على قدرات الجيش، من حيث تأمين العتاد، الأسلحة، الذخائر، وبعض الطوافات والطائرات القتالية مثل "سوبر توكانو" البرازيلية"، كما يشيد ملاعب بالدعم الأوروبي المستجد، بالإضافة إلى المساعدات المقدمة من قطر ودول عربية أخرى مثل الأردن ومصر.

يذكر أن 90 في المئة من تسليح الجيش اللبناني يأتي كهبات من الولايات المتحدة، حيث يعتمد الجيش على برامج أميركية مختلفة من الهبات لتأمين المساعدات التي تشمل توفير الطبابة، وكذلك تأمين السلاح والعتاد العسكري، في المقابل، تقدم الدول الأخرى مساعدات محدودة للجيش.

لكن المساعدات الأجنبية، رغم أهميتها، لا تلبي الاحتياجات الأساسية، كما يقول روكز، ويوضح أن "الدول الأجنبية، وخاصة الولايات المتحدة، تقدم مساعدات تشمل عربات مدرعة وآليات عسكرية، إضافة إلى تدريب الوحدات الخاصة، ما يقلل الخسائر البشرية خلال المواجهات، لكنه الجيش في حاجة كذلك إلى تدريب في الخارج للتمكن من استعمال الأسلحة والمعدات بشكل فعال".

ويشدد روكز على أن "تحسين الظروف المادية والمعيشية للجنود الحاليين والمتقاعدين، إلى جانب تحديث العتاد، هو السبيل الوحيد لضمان جيش قوي وقادر على مواجهة التحديات الأمنية".

كذلك يؤكد جابر على أهمية رفع رواتب العسكريين لتحسين أوضاعهم المعيشية، مشيراً إلى أنه "في حال تبنّى لبنان استراتيجية دفاعية شاملة تشمل دمج صواريخ حزب الله وسلاحه ضمن منظومة الدفاع الوطني، فإن ذلك سيعزز القدرات العسكرية ويسهم بشكل كبير في تعزيز الاستقرار والأمن الوطني".

من جانبه يختم ملاعب حديثه بالتأكيد على أهمية تزويد الجيش بمنظومة دفاع جوي حديثة كأولوية ملحة، قائلاً "لبنان ليس دولة عدوانية، لكن وجود منظومة دفاع جوي قوية وصواريخ دفاعية يمكّن الجيش من ردع أي اعتداء خارجي، وإذا تحسنت الأوضاع الاقتصادية وارتفعت رواتب الجنود، سيكون الجيش أكثر قدرة على أداء مهامه بفعالية".