تسببت الحرب في لبنان في دمار هائل وأضرار واسعة النطاق.
تسببت الحرب في لبنان في دمار هائل وأضرار واسعة النطاق. Reuters

مع استمرار الحرب في جنوب لبنان، تتصاعد مشاعر الغضب والاستياء بين الأهالي الذين خسروا بيوتهم وسبل معيشتهم، حيث لا تبدو لهم أيّة نهاية واضحة لمعاناتهم. في ظل تصاعد الخسائر اليومية، أصبح الجدل قائمًا بين من يحمّل الدولة مسؤولية تقاعسها عن دعم المتضررين، ومن يوجه اللوم للأطراف الحزبية المشاركة في النزاع، والتي، بحسب رأيهم، تسهم في تدمير ما تبقى من البلاد.

في أحد الأماكن المؤقتة لتواجد النازحين، يجلس سعيد، أحد سكان الضاحية المهجّرين، يسرد قصته بنبرة منكسرة ممزوجة بغضب عارم. يقول في حديث لموقع الحرة: "لم نتخيل يومًا أن نُجبر على ترك منازلنا، عشنا هنا حياتنا كلها، والآن نحن لاجئون في أرضنا."،متسائلاً بمرارة: "أين الدولة؟ أين الحكومة؟ لقد تركونا وحدنا نواجه هذا المصير." إلا أن سعيد، وغيره من الأهالي، لا يعتبرون الحكومة وحدها المسؤولة. يضيف بانفعال: "لم نكن جزءاً من هذا الصراع، لكنهم جلبوا الحرب إلى عقر دارنا. نحن ندفع الثمن، ولا أحد يتحمل معنا المسؤولية.

تسببت الحرب في لبنان في دمار هائل وأضرار واسعة النطاق.

حجم الخسائر الاقتصادية بين التقديرات والتحذيرات

تسببت الحرب في دمار هائل وأضرار واسعة النطاق، قدّرها الخبير الاقتصادي د. جاسم عجاقة في حديث لموقع "الحرة" بأكثر من عشرة مليارات دولار، وهو ما يشمل خسائر مباشرة وغير مباشرة. ويوضح عجاقة قائلاً:" الخسائر المباشرة تشمل المباني المدمرة والمحاصيل التي تلفت، بينما تتمثل الخسائر غير المباشرة في نفقات الدولة والناس على الرعاية الصحية والخدمات الأساسية. نحن أمام أزمة مرعبة ستؤدي حتماً إلى شلل اقتصادي شامل".

ويعقّب عجاقة قائلاً: "لقد رأينا ردة فعل عسكرية إسرائيلية ضخمة وغير متوقعة، وهذا زاد من حجم الكارثة. حجم الدمار يفوق التوقعات ولا يمكن لأي بلد تحمله بمفرده، ولبنان تحديداً غير قادر على ذلك".

من جهة أخرى، يذهب الباحث الاقتصادي د. محمود جباعي في حديث لموقع "الحرة"إلى أن تقدير الخسائر في هذه المرحلة غير دقيق بسبب الوضع المتأزم والمتغير باستمرار. يقول جباعي: "الخسائر اليومية للاقتصاد اللبناني تتراوح بين 30 و40 مليون دولار، مما يعني أن إجمالي الخسائر منذ بداية النزاع قد يتجاوز المليار ونصف المليار دولار. نحن نتحدث عن انهيار سريع ومباشر في الناتج المحلي. الزراعة، الصناعة، السياحة، كلها قطاعات مشلولة تمامًا، ولا يبدو أن هناك حلولاً تلوح في الأفق".

ويشير جباعي إلى أنه من دون تدخل دولي عاجل، ستكون خسائر لبنان غير قابلة للتعويض، مضيفاً: "نحن بحاجة إلى مؤتمر دولي لإعادة إعمار لبنان، دولة واحدة لا يمكنها تحمل هذه المسؤولية وحدها، ولا يمكن للبنان الاعتماد على مساعدات محدودة. الوضع يتطلب تدخلات دولية ضخمة ومنسقة".

تسببت الحرب في لبنان في دمار هائل وأضرار واسعة النطاق.

عجز الدولة ومطالب التعويضات

نسرين، أم لثلاثة أطفال، اضطرت للنزوح بعد أن دُمر منزلها، تقول: "تركنا كل شيء خلفنا. أين الدولة التي من المفترض أن تحمينا."

هذا الشعور العام بالخذلان يتردد بين الأهالي المتضررين الذين يرون أن الدولة اللبنانية عاجزة عن توفير أبسط الاحتياجات.

لكنّ الخبراء الاقتصاديين لهم وجهات نظر متضاربة حول قدرة الدولة على التعامل مع الأزمة. يرى د. جاسم عجاقة أن "الفساد المستشري هو السبب الأساسي لغياب الدعم الدولي رغم بعض المساعدات التي قدمتها قطر والإمارات والمملكة العربية السعودية لكن الحاجة كبيرة"، ويضيف:" في حرب 2006، جاءت المساعدات من دول عربية عديدة كالسعودية وقطر والكويت، لكن اليوم الوضع مختلف. لا يمكن للدول أن تقدم مساعدات لدولة غارقة في الفساد. حتى فرنسا، التي طالما دعمت لبنان، أعطت رسالة واضحة: لا مساعدات دون إصلاحات. على الحكومة اللبنانية أن تواجه واقعها، وإلا سنبقى في دوامة من الدمار المتكرر".

أما جباعي فيرى أن الأزمة أبعد من مجرد قضية فساد، مشيراً إلى أن "لبنان بحاجة إلى إصلاحات سياسية وجذرية في بنيته الاقتصادية. لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على المساعدات، فالاقتصاد بحاجة إلى هيكلة جديدة تتجاوز الإصلاحات التقليدية." ويضيف: "الدولة اللبنانية لا تستطيع تحمل هذا العبء بمفردها، لكنّها أيضاً لم تتخذ خطوات فعّالة لطلب المساعدة بشكل جاد من المجتمع الدولي".

تسببت الحرب في لبنان في دمار هائل وأضرار واسعة النطاق.

دور إيران والمساعدات الخارجية

في سياق البحث عن حلول، تثار تساؤلات حول إمكانية حصول لبنان على مساعدات من إيران، الحليفة لبعض الأطراف الحزبية اللبنانية. غير أن عجاقة يستبعد هذا الاحتمال، موضحًا: "إيران نفسها تعاني من ضغوط اقتصادية شديدة بفعل العقوبات الأمريكية، ما يحدّ من قدرتها المالية على تقديم دعم كبير للبنان، وحتى لو أرادت، فإن العقوبات تعيق أي تعاملات اقتصادية." ويرى عجاقة أن دول الخليج هي الأكثر قدرة على تقديم الدعم، لكن بشروط واضحة تتعلق بمحاربة الفساد وإجراء إصلاحات جادة.

من جانبه، يرى جباعي أن بإمكان إيران تقديم مساعدة للبنان دون شروط سياسية، لكنه يضيف: "نظراً لحجم الخسائر، لا تستطيع دولة واحدة تحمّل هذا العبء وحدها. نحن بحاجة إلى مؤتمر دولي لدعم لبنان وإعادة إعماره".

تسببت الحرب في لبنان في دمار هائل وأضرار واسعة النطاق.

استياء الأهالي ومطالب الاستقرار الدائم

وسط هذا الدمار والمعاناة، يرفع الأهالي المتضررون صوتهم مطالبين بحلول جذرية تضمن لهم استقرارًا دائمًا. يعبّر سعيد في حديث لموقع الحرة عن هذا الإحباط قائلاً: "لن نبني منازلنا من جديد لكي تأتي حرب أخرى وتدمرها. نريد حلولاً سياسية توقف هذا النزاع المستمر. تعبنا من دفع ثمن صراعات لا علاقة لنا بها".

يؤكد سعيد وغيره من النازحين أن عودتهم إلى منازلهم ستكون بلا قيمة إن لم تكن مصحوبة بضمانات سياسية تُنهي النزاعات المتكررة. هذا الشعور يعكس مطلبًا أساسيًا:" لن نقبل بالعودة إلى حياة غير مستقرة. نحن بحاجة إلى دولة تحمينا وتضمن لنا حق العيش بكرامة".

يبقى الوضع في لبنان خطيرًا ومعقدًا، بين تقاعس الدولة وتورط الأحزاب. ويرى الخبراء أن أي محاولة لإعادة الإعمار ستفشل إن لم تترافق مع حلول سياسية جادة تضمن استقرار البلاد. كما أن الحاجة إلى دعم دولي لا يمكن التغاضي عنها، سواء من الدول العربية أو المجتمع الدولي، لإعادة إعمار ما دمّرته الحرب وللتأسيس لمستقبل أكثر أمانًا.

عناصر من الجيش اللبناني داخل مركبة عسكرية
المجتمع الدولي قدم دعم مباشر للمؤسسة العسكرية اللبنانية

يواجه الجيش اللبناني اختباراً صعباً لضمان استقرار البلاد، حيث يعمل، رغم محدودية موارده البشرية واللوجستية والعسكرية، على تعزيز انتشاره في جنوب لبنان تنفيذاً للقرار الدولي 1701، الذي أُقر في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.

إلى جانب ذلك، اضطر الجيش إلى زيادة عدد قواته على الحدود الشمالية والشرقية بعد سقوط نظام الأسد في سوريا وسيطرة هيئة تحرير الشام، بهدف التصدي لمحاولات تسلل المجموعات المسلحة والحفاظ على الأمن.

تأتي هذه المسؤوليات في وقت يواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة مستمرة منذ عام 2019، ما ألقى بظلاله الثقيلة على موارد الجيش، وللتغلب على هذه التحديات، لجأ المجتمع الدولي إلى تقديم دعم مباشر للمؤسسة العسكرية.

وفي هذا السياق، أعلن المجلس الأوروبي، الأربعاء الماضي، عن تقديم حزمة مساعدات ثالثة بقيمة 60 مليون يورو ضمن إطار آلية السلام الأوروبية. تهدف هذه المساعدات إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني، خاصة في إعادة الانتشار ضمن قطاع جنوب الليطاني، وتثبيت الاستقرار في المنطقة.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية، أعلنت في 18 يناير، عن تقديم أكثر من 117 مليون دولار من المساعدات الأمنية الموسعة للجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي، خلال اجتماع للمانحين الدوليين، وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن هذه المساعدات تهدف إلى دعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي لـ"ضمان سيادة لبنان على كامل أراضيه، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701 بشكل كامل".

وفي ظل الأوضاع الأمنية الدقيقة التي يعيشها لبنان، تزداد الأنظار تركيزاً على الجيش اللبناني باعتباره الضامن الأساسي للاستقرار الداخلي وحماية الحدود، ومع ذلك، يظل السؤال مطروحاً حول قدرته على مواجهة هذه التحديات المتزايدة ومدى حاجته إلى دعم إضافي لتمكينه من تأدية مهامه بكفاءة.

قدرات محدودة

يحتل الجيش اللبناني المرتبة 115 بين 145 جيشاً حول العالم وفقاً لتصنيف "غلوبال فاير باور" لعام 2025، هذا التصنيف يعكس التحديات التي يواجهها، والتي تتجلى في محدودية ميزانيته العسكرية التي تقدر بنحو 768,250,325 دولار كما أورد الموقع الأميركي.

ويضم الجيش اللبناني وفق الموقع قرابة 60 ألف جندي نظامي، و35 ألف فرد في الاحتياط، و65 ألف بما يعرف بالقوات شبه العسكرية.

أما من حيث العتاد، يمتلك الجيش اللبناني أسطولاً جوياً يتألف من 80 طائرة، من ضمنها 9 طائرات هجومية و9 طائرات للتدريب، إضافة إلى 68 مروحية.

كما يمتلك أسطولاً برياً يضم 4538 آلية مدرعة و116 دبابة و12 مدفعاً ذاتي الحركة و353 مدفعاً ميدانياً و11 راجمة صواريخ، أما أسطوله البحري فيتكون من 64 قطعة، منها 61 سفينة دورية، بحسب "غلوبال فاير باور".

"ورغم تمتّع الجيش اللبناني بقدرات قتالية متنوعة، تمكّنه من تغطية مختلف المناطق اللبنانية، معتمداً على أسلحة تشمل الدبابات والمدفعية والطائرات"، كما يؤكد العميد المتقاعد والنائب السابق شامل روكز، إلا أن "العديد من تجهيزاته تعود إلى أجيال قديمة، ما يستدعي تحديثاً عاجلاً لها".

ويشرح روكز لموقع "الحرة" أن "الدبابات التي يعود تاريخ تصنيع بعضها إلى عامي 1948 و1955 بحاجة إلى تحديث شامل، إلى جانب العربات المدرعة والآليات العسكرية، وكذلك المدفعيات كون غالبيتها ليست مؤهلة وتفتقر إلى عيارات حديثة، كما أن الجيش اللبناني بحاجة إلى أنظمة اتصال حديثة تغطي مختلف المناطق، وإلى أنظمة دفاع جوي".

ويلفت روكز إلى أن "انتشار الألغام في عدة مناطق لبنانية، بما في ذلك تلك التي زرعت خلال الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، يستدعي تجهيز فوج الهندسة ومكتب نزع الألغام في الجيش اللبناني بالمعدات اللازمة لضمان فعالية عملياتهم".

من جانبه يقول العميد المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر، إن إمكانيات الجيش اللبناني بحاجة إلى تعزيز كبير على الصعيدين اللوجستي والعسكري، ويشرح "خلال فترة قيادته للجيش، عمل العماد جوزاف عون – الذي أصبح لاحقاً رئيساً للجمهورية – بجهد لتأمين هذه الحاجات من مصادر متعددة، مما ساهم في الحفاظ على استقرار الجيش اللبناني."

ويشدد جابر في حديث لموقع "الحرة" على أن "الجيش بحاجة ماسة إلى تحديث أسلحته، فهو يمتلك أسلحة قديمة. السلاح الدفاعي الجوي هو أحد الاحتياجات الأساسية، حيث يحظر عليه الحصول عليه بسبب موقف إسرائيل الرافض."

كما أن الاحتياجات الدفاعية البحرية أيضاً كبيرة، كما يشير جابر، ويوضح "يمتد الشاطئ اللبناني لمسافة تقارب 250 كم، لكن القوات البحرية لا تستطيع تأمين أكثر من 5% من هذا الخط الساحلي. الجيش اللبناني بحاجة إلى تطوير قدراته البحرية عبر سلاح دفاعي بحري، كما أن القوات البرية تحتاج إلى مدرعات خفيفة تستطيع التعامل مع الظروف الميدانية. في الحقيقة، الجيش بحاجة إلى كل ما هو حديث."

أما الخبير الاستراتيجي، العميد المتقاعد ناجي ملاعب، فيقول إن الجيش اللبناني يواجه تحديات كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، التي أثرت بشكل مباشر على قدراته العسكرية واللوجستية.

ويشير ملاعب، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن الجيش اللبناني كان بحاجة إلى ثلاثة مليارات دولار خلال عهد رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان، حيث أطلع المملكة العربية السعودية على هذه الاحتياجات أثناء زيارته إليها في عام 2008، ويوضح، "حينها كانت الأولويات تشمل تطوير الخدمات اللوجستية، وتوفير أسلحة حديثة، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي، وتجهيز الثكنات، وتحسين أوضاع المستشفى العسكري، وقد وافقت السعودية في ذلك الوقت على تقديم هذا المبلغ كدعم للجيش."

لكن الأمور تغيرت لاحقاً، كما يقول ملاعب، حيث تراجعت السعودية عن تقديم هذه المساعدات "بعد موقف وزير الخارجية اللبناني الأسبق جبران باسيل المحايد تجاه الأزمة اليمنية في الجامعة العربية. هذا التراجع حرم الجيش اللبناني من دعم كان يعوّل عليه بشدة."

تداعيات خطيرة

بعد عام 2019، ومع انهيار العملة اللبنانية وانخفاض قيمة الرواتب، شهدت أوضاع الجيش كما يقول ملاعب "تدهوراً كبيراً"، ويشرح أن "الموازنات المخصصة للجيش كانت تحتسب بالليرة اللبنانية ولم تعدّل لتواكب التضخم وارتفاع الكلفة بالدولار. هذا الوضع أدى إلى تراجع أوضاع الجنود، وتسرب البعض من الخدمة، وانخفاض مستوى التجهيزات العسكرية."

كذلك يحذر روكز من التداعيات الخطيرة للأزمة الاقتصادية على عناصر الجيش، قائلاً إن "رواتب الجنود لا تتجاوز 300 دولار شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي لتأمين احتياجاتهم الأساسية، ما ينعكس سلباً على معنوياتهم وقدرتهم على أداء واجباتهم"، ويضيف أن "الوضع المالي الصعب يؤثر على قدرة العسكريين على تحمل تكاليف أقساط أبنائهم المدرسية وعلاجهم، مما يؤثر على نوعية العناصر التي قد تنضم إلى الجيش في المستقبل، خاصة مع إدخال منظومات تكنولوجية حديثة تتطلب شهادات علمية".

كما يشير روكز إلى معاناة المتقاعدين من ضعف معاشاتهم التقاعدية، معتبراً أن "هذا الوضع يؤثر على معنويات الجنود الحاليين ويحد من رغبة الكفاءات الجديدة في الانضمام إلى الجيش، ما يهدد جودة القوى البشرية في المؤسسة العسكرية".

كذلك يؤكد جابر أن "عديد الجيش اللبناني الذي يقارب 70,000 مقاتل، بحاجة ماسة إلى توفير موارد لوجستية ورفع رواتبهم"، ويوضح "قد لا يحتاج الجيش اللبناني إلى زيادة في عدد عناصره، لكنه بحاجة إلى تثبيت هذا العدد عبر إعادة العمل بالتجنيد الإجباري، الذي كان يزود الجيش بدماء جديدة ويعزز الانصهار الوطني بين الشباب".

وقبل فتح حزب الله جبهة إسناد لغزة من جنوب لبنان، كان الجيش اللبناني ينتشر في المنطقة بعدد يقارب 4500 عنصر موزعين بين لواءين وفوج واحد. وكان الجيش يتعاون مع قوات "اليونيفيل" لتنفيذ مهام تتعلق بتطبيق القرار الدولي 1701، ومع وقف إطلاق النار، وضعت قيادة الجيش خطة لتعزيز تواجدها في الجنوب، تضمنت انتشار حوالي 10,000 عنصر. لتحقيق هذا الهدف، تتطلب الخطة تطويع نحو 6,000 عنصر إضافي، إلا أن تنفيذها يواجه تحديات مالية، حيث تقدر تكلفة تجهيز كل عنصر بحوالي 4,500 دولار، كما سبق أن أكد مصدر مطلع لموقع "الحرة"، تشمل العتاد والمستلزمات اللوجستية والأسلحة، ما يرفع التكلفة الإجمالية إلى مليار دولار تقريباً.

وفي 14 يناير، أعلنت قيادة الجيش عن التحاق الدفعة الأولى من الجنود المتمرنين، ضمن المرحلة الأولى من خطة تعزيز الوحدات العسكرية المنتشرة، باشر المتطوعون متابعة الدورات التدريبية في القطع المختصة، تمهيداً لتوزيعهم على الوحدات العسكرية.

هل يغطي الدعم الحاجات؟

لعبت المساعدات الأميركية، "التي تتراوح قيمتها بين 90 و120 مليون دولار سنوياً منذ عام 2005"، دوراً حيوياً كما يقول ملاعب "في الحفاظ على قدرات الجيش، من حيث تأمين العتاد، الأسلحة، الذخائر، وبعض الطوافات والطائرات القتالية مثل "سوبر توكانو" البرازيلية"، كما يشيد ملاعب بالدعم الأوروبي المستجد، بالإضافة إلى المساعدات المقدمة من قطر ودول عربية أخرى مثل الأردن ومصر.

يذكر أن 90 في المئة من تسليح الجيش اللبناني يأتي كهبات من الولايات المتحدة، حيث يعتمد الجيش على برامج أميركية مختلفة من الهبات لتأمين المساعدات التي تشمل توفير الطبابة، وكذلك تأمين السلاح والعتاد العسكري، في المقابل، تقدم الدول الأخرى مساعدات محدودة للجيش.

لكن المساعدات الأجنبية، رغم أهميتها، لا تلبي الاحتياجات الأساسية، كما يقول روكز، ويوضح أن "الدول الأجنبية، وخاصة الولايات المتحدة، تقدم مساعدات تشمل عربات مدرعة وآليات عسكرية، إضافة إلى تدريب الوحدات الخاصة، ما يقلل الخسائر البشرية خلال المواجهات، لكنه الجيش في حاجة كذلك إلى تدريب في الخارج للتمكن من استعمال الأسلحة والمعدات بشكل فعال".

ويشدد روكز على أن "تحسين الظروف المادية والمعيشية للجنود الحاليين والمتقاعدين، إلى جانب تحديث العتاد، هو السبيل الوحيد لضمان جيش قوي وقادر على مواجهة التحديات الأمنية".

كذلك يؤكد جابر على أهمية رفع رواتب العسكريين لتحسين أوضاعهم المعيشية، مشيراً إلى أنه "في حال تبنّى لبنان استراتيجية دفاعية شاملة تشمل دمج صواريخ حزب الله وسلاحه ضمن منظومة الدفاع الوطني، فإن ذلك سيعزز القدرات العسكرية ويسهم بشكل كبير في تعزيز الاستقرار والأمن الوطني".

من جانبه يختم ملاعب حديثه بالتأكيد على أهمية تزويد الجيش بمنظومة دفاع جوي حديثة كأولوية ملحة، قائلاً "لبنان ليس دولة عدوانية، لكن وجود منظومة دفاع جوي قوية وصواريخ دفاعية يمكّن الجيش من ردع أي اعتداء خارجي، وإذا تحسنت الأوضاع الاقتصادية وارتفعت رواتب الجنود، سيكون الجيش أكثر قدرة على أداء مهامه بفعالية".