اتفاقية وقف اطلاق النار دخلت حيز التنفيذ فجر الأربعاء - رويترز
اتفاقية وقف اطلاق النار دخلت حيز التنفيذ فجر الأربعاء

لم يجلب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الهدوء المنشود خصوصا بالنسبة إلى جنوب لبنان الذي لا يزال مسرحا لتوتر متصاعد، في ظل استمرار التحركات العسكرية الإسرائيلية المترافقة مع قصف مدفعي وإطلاق نار في مواقع متفرقة، ما يضعه الجيش الإسرائيلي في إطار التصدي للخروق في تطبيق الاتفاق.

أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور خطار أبو دياب، من باريس قال لقناة "الحرة" إن آلية توقف إطلاق النار وتطبيق قرار 1701 "في صدد التأسيس" بإشراف المبعوث الأميركي آموس هوكستين".

"لكن هناك سوء فهم بشأن هذه الترتيبات"، فالجيش الإسرائيلي، بحسب أبو دياب، "حدد المواقع التي منع اللبنانيين من الوصول اليها، وربط انسحابه بعد 60 يوما في حال تم الالتزام ببنود الاتفاقية".

ويضيف أبو دياب، أن الجيش اللبناني كشف عن "خروقات إسرائيلية" وحوادث إطلاق نار استهدفت لبنانيين في جنوب البلاد رغم حصولهم على "اذونات أمنية وموافقة قوات يونيفل".

ويشير إلى أن المشكلة الأبرز، هي تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحزب الله بشأن تورط الحزب بتحريك منصات إطلاق الصواريخ من جهة، ومن جهة أخرى، إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على اللبنانيين العائدين إلى مناطقهم.

"سوء الفهم هذا"، حسب أبو دياب، سببه الأساس هو "الضمانات التي منحتها الولايات المتحدة لإسرائيل بتنفيذ عمليات دفاعا عن النفس"، والتي قال إن الجانب اللبناني "لا علم له بها".

وأشار خطار أبو دياب أن "عدم وجود جيش متمكن ودولة لا تملك قرار الحرب والسلم، أجبر لبنان في هذا الوضع الاستثنائي على القبول ببنود وقف إطلاق النار رغم السلبيات والامتيازات التي منحت لفرنسا والولايات المتحدة".

الباحث السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان من القدس قال لقناة "الحرة" إن إسرائيل "تحترم كل بنود اتفاقية وقف إطلاق النار، لكنها سترفض ما يقوم به حزب الله من تحركات".

فحزب الله، يضيف نيسان، خرق مرات عدة ما تم الاتفاق عليه منذ عام 2006، والجيش اللبناني وقوات "يونيفل" الأممية لم تكن قادرة على وضع حد لهذه الخروق.

تطبيق بنود قرار 1701 آنذاك كان يتم عبر آليات معينة بتنسيق مع الأمم المتحدة ودول غربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا لمتابعة الخروق التي قال إن حزب الله لم يكترث لأي مطلب للحد منها.

ويقول نيسان إم "قواعد اللعبة قد تغيرت"، فاتفاقية وقف إطلاق النار لها آليات خاصة، "فرغم اعتمادها على قرار 1701، لكن الولايات المتحدة هي التي تشرف على تطبيق بنودها، وأن مهلة الستين يوما هي فرصة للجيش اللبناني ليستعيد دوره ويعزز انتشاره في جنوب لبنان وابعاد عناصر حزب الله من شمال نهر الليطاني".

وأوضح نيسان أن خرق السيادة الذي يتحدث عنه لبنان الآن، سببه حزب الله "المتورط في تحريك منصات إطلاق الصواريخ"، وأن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي للتعامل مع هذه الخروق "كما كان في الماضي" حسب تعبيره.

نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري إنشر، قال بدوره لقناة "الحرة" إن الولايات المتحدة هي جزء من هذا النزاع ولها مصلحة في وقف إطلاق النار، وهذا المبدأ تطبقه إدارة الرئيس جو بايدن، وستعتمده إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

وأوضح إنشر أن تنسيق الولايات المتحدة مع الجهات ذات العلاقة "مهم جدا ويخدم جهود إنجاح ترتيبات وقف اطلاق النار" ، مضيفا أن الولايات المتحدة ستراقب الوضع وتحدد الجهات المتورطة بارتكاب الخروق من قبل الجيش اللبناني أو إسرائيل أو حزب الله.

الولايات المتحدة في نهاية المطاف حليف لإسرائيل والعلاقة بين الطرفين هي الأقوى مقارنة بأي طرف اخر في المنطقة، ويقول الدبلوماسي الأميركي "إن إسرائيل ستسفيد دائما من هذه العلاقة، وإن الولايات المتحدة لا ترغب أن تستمر الحرب في لبنان وستضغط لتحقيق ذلك".

أما بشأن تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإمكانية استمرار الحرب رغم اتفاقية وقف إطلاق النار، أجاب إنشر أن نتانياهو له حسابات سياسية ولا يريد أن يظهر للعالم على أنه "دمية" بيد الولايات المتحدة، لذلك سيقوم "بالكثير من الضجيج والتهويل حول استقلاليته في اتخاذ القرارات"، وفق قوله.

المواجهات الحربية كانت كارثية وبخاصة على مناطق نفوذ الحزب الشعبي (فرانس برس)
بعد "التنازلات الكبيرة".. بماذا يحتفل أنصار حزب الله؟
أثار اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل جدلاً واسعاً في لبنان، حيث اعتبره مراقبون تنازلاً كبيراً من الحزب ومؤشراً على تراجع نفوذه في المشهدين العسكري والسياسي. في المقابل، سعى حزب الله إلى تصوير الاتفاق كـ"نصر" من خلال بيان رسمي بالإضافة إلى احتفال مناصريه في شوارع الضاحية الجنوبية ومناطق عدة، حيث جابوا الطرقات عبر درجات نارية رافعين اعلام الحزب وشعارات تعزز رواية الانتصار.

وتشهد عدد من القرى والمدن اللبنانية الجنوبية تحرك مقاتلي حزب الله المنهكين أمام حشد من المدنيين، منسحبين شمالاً بعد يوم من وقف إطلاق النار الذي يهدف إلى إنهاء القتال الذي استمر أكثر من عام بين إسرائيل والجماعة المسلحة المدعومة من إيران.

لكن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بات مهددا بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه شنّ غارة جوية ضد هدف لحزب الله في جنوب لبنان، في ثاني هجوم من نوعه ولليوم الثاني تواليا، منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بين الطرفين، الأربعاء.

ومنذ أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بدأ المواطنون يتفقدون حجم الدمار في مناطق واسعة من لبنان تعرضت للهجمات الإسرائيلية، بدءا من الضاحية الجنوبية لبيروت مرورا بالمنطقة الحدودية جنوب البلاد وانتهاء بسهل البقاع.

وانسحاب حزب الله من المناطق الواقعة على طول الحدود الإسرائيلية، إلى جانب انسحاب القوات الإسرائيلية، على مدى الأيام الستين المقبلة يشكل محور اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.

وتتولى قوات حفظ السلام التابعة للولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة مسؤولية مراقبة الالتزام بشروط الهدنة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن إسرائيل "تحافظ على الحرية الكاملة للعمل العسكري"، مدعيا تفويضًا واسع النطاق لضرب حزب الله ردًا على التهديدات أو الجهود التي تبذلها المجموعة لإعادة التسلح حتى بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي تعليقات للتلفزيون الإسرائيلي، الخميس، قال نتنياهو إنه أخبر قوات الدفاع الإسرائيلية، "إذا كان هناك انتهاك كبير للاتفاق، فقد أصدرت تعليماتي لجيش الدفاع الإسرائيلي للاستعداد لحرب مكثفة".

وبعد الغارات الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين، اتهم الجيش اللبناني إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار من خلال خرق المجال الجوي اللبناني وضرب الأراضي اللبنانية.

استهدفت إسرائيل معبر جوسية الحدودي في أوقات سابقة - رويترز
استهدفت إسرائيل معبر جوسية الحدودي في أوقات سابقة - رويترز

شن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، ضربات جوية استهدفت معبرين حدوديين بين سوريا ولبنان، قائلا إنه استهدف "محاور نقل وسائل قتالية وبنى تحتية إرهابية"، فيما ذكرت وكالة "سانا" السورية الرسمية، أن معبر "العريضة" خرج عن الخدمة جراء الضربات.

وقال الجيش الإسرائيلي، إنه شن غارات جوية في سوريا استهدفت "محاور نقل وسائل قتالية وبنى تحتية إرهابية تم وضعها بالقرب من المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، تم استخدامها لنقل وسائل قتالية إلى منظمة حزب الله الإرهابية".

وأضاف أن تلك الضربات تأتي "في إطار الجهود الهادفة لضرب نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان".

من جانبها، ذكرت وكالة أنباء النظام السوري، أن معبر العريضة الحدودي مع لبنان "خرج عن الخدمة" بسبب "هجوم إسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (الجمعة)".

وبدورها، قالت الوكالة الوطنية للإعلام (رسمية في لبنان)، إن مقاتلات إسرائيلية استهدفت معبر العريضة الحدودي في عكار، فجر الجمعة، مما أسفر عن أضرار في البنية التحتية وانقطاع الطريق بين لبنان وسوريا.

أشارت الوكالة إلى أن معبر جوسية تعرض كذلك لهجوم.

الفصائل المسلحة في سوريا سيطرت على حلب وحماة وتسعى للتقدم نحو حمص (رويترز)
لمواجهة تقدم الفصائل المسلحة.. النظام السوري يسعى إلى "فصل" حمص عن حماة
تتسارع الإجراءات العسكرية التي يقوم بها جيش النظام السوري، في محاولة لوقف تقدم الفصائل المسلحة وعرقلة وصولها إلى مدينة حمص الاستراتيجية وسط البلاد، وذلك بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها قواته، وآخرها انسحابها من حماة، الخميس، ودخول المسلحين إليها.

وصرح وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني، علي حمية، لوكالة رويترز، بأن إسرائيل شنت ضربات جوية ضد المعبرين الحدوديين مع سوريا.

يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه سوريا تطورات متلاحقة، حيث سيطرت الفصائل المسلحة على ميدنتي حلب وحماة، فيما تسعى للتقدم نحو حمص، وسط البلاد.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، بأن غارات جوية استهدفت جسرا استراتيجيا يربط مدينة حماة، التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة، بمدينة حمص التي يسعى النظام إلى منع خروجها عن سيطرته.

وقال المرصد: "استهدفت طائرات حربية بغارات جوية جسر الرستن الذي يربط مدينة حمص بحماة.. لقطع الطريق بين حماة وحمص وتأمين مدينة حمص".

وكان جيش النظام السوري قد أعلن، الخميس، الانسحاب من مدينة حماة وسط البلاد، بعد ساعات من إعلان الفصائل المسلحة دخولها، وهي أول مرة تخرج فيها حماة عن سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد.

وجاءت سيطرة الفصائل على حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.

واقتحمت الفصائل بقيادة هيئة تحرير الشام (المصنفة إرهابية في أميركا) المدينة بعد معارك ضارية مع قوات النظام، لتعلن إخراج مئات السجناء من سجن حماة المركزي الذي دخلته أيضا.