تعبر أطراف لبنانية عن مخاوف من فشل الهدنة واتساع نطاق الحرب
تعبر أطراف لبنانية عن مخاوف من فشل الهدنة واتساع نطاق الحرب

وجه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس رسالة تحذيرية إلى الحكومة اللبنانية من "تبعات" إمكانية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، وقال خلال جولة أجراها في الحدود الشمالية، الثلاثاء، "إذا انهار وقف إطلاق النار، فلن يكون هناك استثناء لدولة لبنان".

وأضاف مهدداً "سنقوم بتنفيذ الاتفاق بأقصى قدر من الاستجابة وعدم التسامح مطلقاً، وإذا كنا قد ميّزنا حتى الآن بين لبنان وحزب الله، فلن يكون الأمر كذلك بعد ذلك".

رسالة كاتس جاءت بعد تبني حزب الله، الاثنين، قصف موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي في تلال كفرشوبا، واصفاً العملية في بيان بأنها "ردّ دفاعي أولي تحذيري"، وختم بيانه مهددا "وقد أُعذِر من أَنذر."

هذا القصف جاء في أعقاب دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ في السابع والعشرين من الشهر الجاري، بعد شهور من مواجهات عسكرية إثر فتح الحزب جبهة جنوب لبنان دعماً لجبهة غزة.

إذ رغم الهدنة، سجلت عشرات الخروقات الإسرائيلية للقرار، ليأتي رد حزب الله للمرة الأولى منذ وقف العمليات العسكرية، مستهدفاً الموقع الإسرائيلي العسكري. هذا التصعيد سلط الضوء على هشاشة الاتفاق واحتمالية انهياره في ظل التوترات المتصاعدة.

تهديدات ومخاوف

تؤكد عضو تكتل "الجمهورية القوية"، النائبة غادة أيوب، على أن ما يهم اللبنانيين "ليس ما يقوله هذا الفريق أو ذاك، بل نص قرار وقف إطلاق النار والإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية لتطبيقه وتنفيذ مندرجاته".

وتشدد أيوب في حديث لموقع "الحرة" على أهمية بسط سلطة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني على كامل الحدود "تدريجياً"، وضمن المهلة المحددة بستين يوماً، وكذلك على كامل الأراضي اللبنانية، وتقول "المطلوب اليوم بشكل واضح من حزب الله التخلي عن سلاحه، والاقتناع بأن السلاح الشرعي الوحيد الذي يحمي لبنان هو سلاح الجيش اللبناني فقط، خصوصاً بعد سقوط كل سردياته".

وتشير إلى أن وزراء حزب الله "كانوا قد وافقوا بالإجماع على مندرجات قرار وقف إطلاق النار والترتيبات المرافقة له في الحكومة اللبنانية".

من جانبه، يشدد النائب "التغييري" إبراهيم منيمنة على ضرورة "التعامل بجدية" مع "التهديدات الإسرائيلية"، محذراً من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد يسعى إلى استغلال أي فرصة لإسقاط اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك "إما لصرف أنظار الشارع الإسرائيلي عن مشاكله الداخلية نحو مشاكله الأمنية، أو لأنه يرى أنه حقق مكسباً في الاتفاق الحالي ويسعى لتحقيق مكاسب إضافية من خلال إسقاطه وفرض شروط جديدة في أي اتفاق مستقبلي".

ومن أجل تفادي منح إسرائيل "ذرائع للتصعيد"، يتعين على حزب الله، كما يقول منيمنة لموقع "الحرة"، "الالتزام السريع بتنفيذ القرار 1701 كما ورد في الاتفاق الأخير، والتعاون الكامل مع الجيش اللبناني لتجاوز هذه المرحلة الصعبة".

كما أنه يتعين على الحكومة اللبنانية كما يقول "منح الجيش اللبناني الصلاحيات الكاملة للقيام بدوره"، ويحذر قائلاً "في حال عدم تعاون الحزب مع الجيش، فإن البلاد ستكون أمام مخاطر جسيمة".

وكان كاتس قد شدد على ضرورة اتخاذ الحكومة اللبنانية قرارا يسمح للجيش اللبناني بفرض دوره، وإبعاد حزب الله عن الليطاني، وتفكيك كل البنى التحتية، التي تُقصد بها البنية التحتية الإرهابية والأسلحة، وقال إن الجيش اللبناني "يجب أن يكون مفوّضاً بفعل ذلك تحت إشراف أميركي".

حرب مفتوحة

"ما شهدناه في الأيام الماضية هو لزوم ما لا يلزم، ولعب بالنار من كلا الجانبين في الوقت الضائع"، كما يصف رئيس جهاز الإعلام في حزب الكتائب اللبنانية، باتريك ريشا، وذلك "بانتظار تشكيل وتفعيل اللجنة الأمنية التي من شأنها أن تكون المرجع المتفق عليه لحل مثل هذه النازعات".

ويؤكد ريشا في حديث لموقع "الحرة" ضرورة التزام الطرفين "بوضوح" باتفاق وقف إطلاق النار ومندرجاته، مشدداً على أن "أي تصعيد سواء كان كلامياً أو ميدانياً من أي جانب سيؤدي إلى تصعيد لا يخدم مصلحة أي طرف".

وكانت كتل ونواب قوى المعارضة، عقدوا اجتماعهم الدوري يوم الثلاثاء في معراب، بحضور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إلى جانب أعضاء من تكتل الجمهورية القوية، وكتلة لكتائب، وكتلة تجدد، وكتلة تحالف التغيير.

فقد حزب الله قيادات بارزة في الحرب مع إسرائيل
بعد وقف إطلاق النار.. حزب الله يُحصي خسائر السلاح والمال والسياسة
رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل تضمن بنداً ينص على تجريد المجموعات المسلحة من سلاحها، شدد نواب حزب الله على تمسكهم بخيار "المقاومة"، مستندين كما قالوا إلى اتفاق الطائف الذي يعتبرونه إطاراً يبرر دورهم العسكري.

وصدر عن الاجتماع بيان شدد على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، وذلك من خلال الإسراع في تطبيق الآليات والخطوات العملية التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية في جلستها المنعقدة بتاريخ 27 نوفمبر الماضي، خصوصاً لجهة تطبيق القرارات الدولية 1559، 1680، و1701، إلى جانب البنود ذات الصلة في اتفاق الطائف.

كما دعا البيان إلى "التعامل بحزم مع الخروقات"، وضبط السلاح وحصره بيد الجيش اللبناني، ونشر الجيش على كافة الحدود والأراضي اللبنانية، وذلك سعياً للوصول إلى "دولة فعلية" يبسط الجيش اللبناني سيادة الدولة على كافة أراضيها وحماية حدودها وضبط كل معابرها، تمهيدا لـ"الانطلاق بمرحلة جديدة من تاريخ لبنان تكون نقيض المرحلة السابقة التي لم تأت على اللبنانيين إلا بالمآسي والانهيارات والنكبات والحروب".

وفي الختام طالب البيان بحسم الملف الرئاسي، مشدداً على أن تكون جلسة 9 يناير "محطة نهائية" لانتخاب رئيس ملتزم بتطبيق الدستور وتنفيذ البنود الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار، وقيادة الإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة المؤسساتية، المالية والاقتصادية والشروع في بناء دولة القانون والمؤسسات واستعادة سيادتها على كامل أراضيها.

وفي ظل هذه التطورات، يعيش اللبنانيون حالة من القلق من أن تتحول الساحة اللبنانية مجدداً إلى ساحة صراع مفتوح على كافة الاحتمالات، لا سيما بعد تصريح كاتس الذي حذر خلاله قائلاً "لن يكون هناك المزيد من الإعفاء لدولة لبنان. فإذا فصلنا الآن دولة لبنان عن حزب الله وبين بيروت والضاحية التي تلقت ضربات قاسية جداً، فلن يكون الأمر كذلك".

مركبات تابعة لقوات اليونيفيل في مرجعيون بلبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
مركبات تابعة لقوات اليونيفيل في مرجعيون بلبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

أنفاق وترسانة عسكرية ضخمة أقامها "حزب الله" طيلة السنوات الماضية، دون اكتراث لما يُعرف بـ"العين الساهرة" على تطبيق القرار 1701، أي قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان ((يونيفيل).

 فالحرب الأخيرة بين إسرائيل والحزب كشفت أن الأخير واصل تعزيز قدراته العسكرية في جنوب لبنان ولاسيما المناطق الواقعة جنوبي نهر الليطاني وصولا إلى الحدود مع إسرائيل، وكأن لا رقيب ولا حسيب عليه.

انتقاد "اليونيفيل" جاء هذه المرة على لسان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مايكل والتز.

مستشار ترامب يشكك

وقال والتز، خلال حديث في معهد الولايات المتحدة للسلام في واشنطن العاصمة، يوم الثلاثاء الماضي، إن "أنفاق وأنظمة الصواريخ كانت نشطة على مسمع من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة".

ما أظهرته الحرب الأخيرة أعاد طرح التساؤلات حول فعالية وجدوى قوات اليونيفيل، التي عزز مجلس الأمن دورها بموجب القرار 1701 عقب حرب يوليو 2006.

وأوكل مجلس الأمن لليونيفيل مساعدة الجيش اللبناني لضمان خلو جنوب نهر الليطاني من أي أسلحة غير شرعية، وهو ما طرحه والتز، الذي أشار إلى ضرورة إجراء "نقاش جاد للغاية حول مستقبل وفعالية هذه القوة".

عناصر من الجيش اللبناني. - فرانس برس
قوة من اليونيفيل في مدينة الخيام الحدودية "تمهيدا لدخول الجيش اللبناني"
جدد الجيش الإسرائيلي تحذيراته إلى سكان الجنوب اللبناني، حيث حذر من عدم الانتقال جنوبا إلى عدد من القرى الحدودية "حتى إشعار آخر"، وذلك في وقت يبدأ فيه الجيش اللبناني الانتشار في بعض المواقع في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.

وسط الانتقادات الموجهة إلى اليونيفيل، وصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الخميس إلى بيروت في زيارة وصفها بأنها "تعبير عن التضامن العميق مع لبنان وشعبه الذي عانى من أزمات وأحداث داخلية وإقليمية متلاحقة تركت آثاراً سلبية عليه".

واليوم الجمعة، توجّه غوتيريش، برفقة الوفد المرافق، إلى المقر العام لقوات اليونيفيل في الناقورة، حيث عقد اجتماعاً مع القائد العام لليونيفيل، الجنرال أرولدو لاثارو. 

غوتيريش فخور بعمل اليونيفيل

وخلال الجولة، عبّر عن فخره بهذه القوة، قائلاً "أخبرت العالم أنكم جميعاً لستم فقط على الخط الأزرق في لبنان، بل على خط المواجهة من أجل السلام"، مشيراً إلى أن مهمة اليونيفيل هي البيئة الأكثر تحدياً لقوات حفظ السلام في أي مكان.

كما أوضح غوتيريش أن اليونيفيل تمكنت منذ 27 نوفمبر، وهو تاريخ دخول اتفاق وقف النار بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ، من الكشف عن أكثر من 100 مخزن أسلحة تعود لحزب الله أو لمجموعات مسلحة أخرى. 

واعتبر أن وجود أفراد مسلحين وأسلحة غير تابعة للحكومة اللبنانية أو قوات اليونيفيل بين الخط الأزرق ونهر الليطاني "يشكّل انتهاكاً صارخاً للقرار 1701 ويقوّض استقرار لبنان".

يذكر أن الانتقادات الموجهة إلى قوات "اليونيفيل" ليست جديدة، وقد تراوحت بين اتهامات بالتراخي في أداء المهام، ووجود عوائق ميدانية تفوق إمكانياتها، وصولاً إلى بالتواطؤ مع حزب الله. 

وفي ظل هذه التحديات، تواجه القوة الدولية أزمة ثقة قد تؤثر على مستقبلها في لبنان.

وفي هذا السياق، يطرح السؤال: هل تستطيع اليونيفيل تحسين أدائها واستعادة مصداقيتها، أم أن التعقيدات السياسية والميدانية ستظل حاجزاً أمام تحقيق مهمتها؟

إخفاقات أم عراقيل؟

وكان تقرير مشترك للمساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، والعميد الإسرائيلي المتقاعد الخبير الاستراتيجي للشؤون الدفاعية، أساف أوريون، اعتبر أن اليونيفيل أثبتت عدم فعاليتها في تنفيذ المهام الموكلة إليها على مدى عقود.

والتقرير حمل عنوان "إيجابيات وسلبيات إنقاذ قوات "اليونيفيل (أو التخلي عنها)"، ونشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في 20 أغسطس 2024.

وأشار شنكر وأوريون، في التقرير، إلى أن اليونيفيل نادراً ما تمكنت من مصادرة أسلحة حزب الله قبل اندلاع الحرب في أكتوبر وما تلاها من حملة جوية إسرائيلية.

وأشار التقرير  إلى فشل اليونيفيل في التحقيق في أكثر من 3000 مستودع أسلحة ومواقع عسكرية استهدفتها إسرائيل منذ أكتوبر، بما في ذلك قواعد مدمرة تديرها منظمة "أخضر بلا حدود"، التي تعتبر واجهة بيئية مزعومة لحزب الله.

ويعكس اكتشاف وتدمير الأنفاق في جنوب لبنان من قبل إسرائيل كما يقول الصحفي علي الأمين "الخلل الكبير في وظيفة قوات اليونيفيل في مناطق انتشارها، بالإضافة إلى الخلل في تطبيق القرار 1701". 

ويرى أن "هذا الخلل لم يكن ناتجاً عن غياب المعرفة لدى اليونيفيل بوجود هذه الأنفاق، بل بسبب غياب الإرادة الدولية الفعلية لتطبيق القرار، مما أدى إلى محاولة تفسير بنوده بطريقة تحول دون قيام اليونيفيل بواجبها".

ويضيف الأمين، في حديث لموقع "الحرة"، أن "حزب الله استخدم بشكل متكرر السكان لمنع اليونيفيل من تنفيذ مهمتها"، مشيراً إلى أن الجيش اللبناني أيضاً لعب دوراً أقرب إلى حزب الله منه إلى اليونيفيل". 

واعتبر الأمين أن "ميزان القوى على الأرض هو الذي كان يفرض وجهة تطبيق القرار 1701، مع غياب الاهتمام الدولي طالما أن الاستقرار قائم وليس هناك من مواجهات عسكرية على طرفي الحدود".

غياب الصلاحيات

ويرى الكاتب المحلل السياسي، وجدي العريضي، أن قوات اليونيفيل تفتقر إلى الصلاحيات اللازمة لمنع حزب الله من التسلح أو بناء الأنفاق. 

ويشير إلى أن هذه القوات "ليست قوات ردع، بل قوات طوارئ دولية، ما يجعلها غير قادرة على مواجهة الحزب".

ويضيف العريضي، في حديث لموقع "الحرة"، أن "الجيش اللبناني والسلطة اللبنانية لم يتمكنا أيضاً من منع حزب الله من اقتناء السلاح، نتيجة وجود ما وصفه بدويلة حزب الله، التي أضعفت مؤسسات الدولة بالكامل، بما فيها الأمنية والسياسية..". 

كما أن "دعم وزراء ونواب الحزب، إلى جانب المساندة الإيرانية والسورية السابقة، لعب دوراً أساسياً في تمكين الحزب من بناء ترسانته العسكرية التي دمّر جزء كبير منها خلال الحرب الأخيرة، خاصة عبر طريق دمشق التي شكّلت ممراً أساسياً لتمرير السلاح إليه"، وفق العريضي.

ويلفت إلى أن قوات اليونيفيل تعرضت للاعتداءات في بعض المناطق الخاضعة لنفوذ حزب الله، مثل حادثة مقتل الجندي الإيرلندي قبل عام تقريباً، "مما يعكس سيطرة الحزب على جنوب لبنان".

أما الكاتب الباحث السياسي، الدكتور مكرم رباح، فيقول إن "الجميع، بمن فيهم قوات اليونيفيل، الشعب اللبناني، والإسرائيليون، كانوا على علم بوجود أنفاق حزب الله وترسانة أسلحته". 

لكنه يرى أن "عناصر قوات اليونيفيل في جنوب لبنان كانوا بمثابة رهائن لدى حزب الله أكثر من كونهم مراقبين للحدود".

ويشير رباح، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في أن "اليونيفيل لا تستطيع تنفيذ مهامها عندما يكون سكان تلك المناطق متواطئين مع إيران وحزب الله، وقد دفع قسم من الشعب اللبناني ثمن غياب المسؤولية لدى بعض سكان البلدات الحدودية".

يذكر أن مجلس الأمن الدولي أنشأ بعثة اليونيفيل في مارس عام 1978 بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان. 

ومنذ ذلك الحين تعمل هذه القوة على طول الخط الأزرق الذي يفصل بين لبنان وإسرائيل، وقد تم توسيع ولايتها وتجديدها على مر الأعوام.

بين التواطؤ والإخلاص

وصف شينكر وأوريون في تقريرهما قوات اليونيفيل بالـ"متواطئة"، ومن أسباب ذلك كما يعتبران "اعتمادها على حسن نية السكان في أمنها واستثمارها في استقرار البلاد".

بنا على ذلك "فإنها غالباً ما تتجنب مراقبة المناطق التي قد تولّد توترات بشكل فعال، وتخفف من حدة تقاريرها، وتقدم مساعدات اقتصادية لأنصار حزب الله جنوب الليطاني".

وفيما إن كانت اليونيفيل فعلاً متواطئة مع حزب الله، يقول الأمين "هناك عوامل جعلت قوات اليونيفيل غير قادرة على تنفيذ مهمتها، دون أن يعني ذلك وجود تواطؤ بينها وبين حزب الله، بل كان ذلك انعكاساً لموقف دولي غير حاسم في التصدي لانتهاكات القرار 1701، طالما أن الاستقرار والأمن كانا شبه مستتبين في المنطقة".

ويشرح الأمين "كان هناك تواصلاً ولو غير مباشر بين حزب الله واليونيفيل التي هي قوة لحفظ السلام وليست قوة ردع أو فرض سلام. ولهذا السبب كانت تتحاشى الاصطدام مع الحزب، الذي وجّه لها رسائل عديدة بأنه لن يتساهل إزاء أي ما يعتبره مساً بقدراته العسكرية أو مواقعه غير القانونية في جنوب الليطاني، لا سيما في المناطق الحدودية".

ويضيف أن أداء اليونيفيل كان "يعكس ميزان القوى الدولي وطبيعة القرار 1701، الذي لا يندرج ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى التفسيرات المتباينة لبنوده، وخصوصاً تلك المتعلقة بحرية الحركة دون مواكبة الجيش اللبناني".

كذلك يشدد رباح على أن اليونيفيل "ليست متواطئة مع حزب الله، لكنها في الوقت نفسه غير قادرة على التحول إلى أداة صراع". 

ويشير إلى أن العقبة الأساسية أمامها هي "غياب إرادة لبنانية واضحة، خاصة من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله، للتعاون في أداء مهامها".

وكان المتحدث باسم اليونيفيل، أندريا تيننتي، أشار في مؤتمر صحفي عقده في 30 أكتوبر الماضي، إلى أن دور القوات الأممية يتمثل في دعم تنفيذ القرار 1701 ومراقبة الانتهاكات والإبلاغ عنها.

وشدد أن اليونيفيل "تواصل أداء هذا الدور بإخلاص وثبات من خلال تقاريرها الشاملة والمنتظمة التي تقدمها لمجلس الأمن".

وفي كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن في 10 أكتوبر الماضي، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، أن دور قوات اليونيفيل يقتصر على دعم تنفيذ القرار 1701. 

لكنه شدد في الوقت نفسه على أن مسؤولية تنفيذ بنود هذا القرار "يقع على عاتق الطرفين نفسيهما".

دور على المحك؟

فرض اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُقر بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر كما يقول الأمين "وقائع جديدة وملحقات لهذا القرار، بما في ذلك تشكيل لجنة رقابة برئاسة أميركية تمنح صلاحية تفسير بنود القرار". 

ويرى الأمين أن "الوضع الحالي يشير إلى أن قدرة حزب الله على التصدي لتنفيذ القرار انتهت بعد قبوله الانسحاب من الجنوب".

من جهة أخرى، استفادت إسرائيل كما يقول الأمين "من ملحقات القرار، التي تمنحها حق تجاوز بنوده على قاعدة أن خروقات حزب الله تتيح لها حرية التصرف لاستهداف ما تعتبره انتهاكاً للقرار في حال عجزت اليونيفيل والجيش اللبناني عن لجمه".

"تولى الجيش اللبناني قيادة هذه المرحلة، وسيتعاون مع اليونيفيل"، كما يقول رباح، ومع ذلك، تبقى المشكلة الأساسية برأيه "في عدم اعتراف حزب الله وحركة أمل بأن توقيع القرار 1701 يعني فعلياً التخلي عن سلاحهما بشكل كامل، سواء في جنوب الليطاني أو شماله".

ويصف العريضي اللجنة المكلفة تطبيق القرار 1701 بأنها "محور أساسي، جاءت نتيجة توافق دولي كبير، بقيادة الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وبدعم فرنسي وبريطاني ودولي، بالإضافة إلى دعم عربي". 

ويرى أن هذه اللجنة "تملك القدرة على مراقبة ومتابعة تنفيذ بنود القرار، بما في ذلك ضبط تسلح حزب الله".

لكن العريضي يشير إلى "وجود غموض حول دور اللجنة وآلية عملها"، مستنداً إلى تصريحات سفراء سابقين في الولايات المتحدة. 

ويقول "المفاوضات التي أجراها رئيس مجلس النواب نبيه بري، نيابة عن حزب الله، مع الوسيط الأميركي، تحمل في طياتها بنوداً توصف بـ"الاستسلامية"، ما قد يمنح "إسرائيل مساحة لاستهداف ما تبقى من سلاح الحزب أو حتى تنفيذ عمليات اغتيال تطال قياداته".

ويرى أن "المشهد سيصبح أكثر وضوحاً مع تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وتشكيل حكومة جديدة في لبنان. هذه التطورات، ستحدد المسار المستقبلي لتطبيق القرار 1701 وآلية التعامل مع ملف حزب الله وسلاحه".

وكان شينكر وأوريون، دعيا في تقريرهما إلى مراجعة جذرية لعمل قوة اليونيفيل، التي تكلف سنوياً 500 مليون دولار، تتحمل الولايات المتحدة منها 125 مليون دولار.

وذكرا أن أن استمرار ضعف فعالية ومصداقية هذه القوة يثير التساؤلات حول جدوى وجودها، ما يدفع إلى التفكير في إلغاء نشرها بشكل دائم.

وإذا كانت واشنطن تعتقد أن "اليونيفيل" قادرة على المساهمة في تأجيل أو منع حرب أخرى بين حزب الله وإسرائيل، فسيتعين عليها وفق شينكر وأوريون اتخاذ عدة خطوات لإنقاذ ما يمكنها إنقاذه من هذه المنظمة. 

وفي حال استمرار الأداء الضعيف لليونيفيل، يعتبر الكاتبان أنه يتعين حينها على واشنطن النظر بجدية في استخدام حق النقض ضد ولايتها، وإنهاء انتشارها، والبدء من جديد.

وفي وقت تثار شكوك بشأن مستقبل ودور قوات اليونيفيل، أكد غوتيريش من الناقورة مواصلة العمل بشكل وثيق مع الدول المساهمة بهذه قوات لضمان حصولها على القدرات المعززة، بما في ذلك إزالة الألغام والتخلص من الذخائر غير المنفجرة، بغية تمكينها من استئناف الدوريات ومهام المراقبة الموكلة إليها.

وقال غوتيريش، متوجهاً إلى الجنرال أرلدو لاثارو وقيادة البعثة، "أعلم أن هذه القدرات، إلى جانب تكييف أسلوب العمليات ضمن إطار ولايتكم، هي حيوية لاستعادة حرية الحركة والوصول في جميع أنحاء منطقة عمليات اليونيفيل. وسأؤكد على هذه الرسائل في اجتماعاتي غدا مع القادة اللبنانيين".