جنود إسرائيليون على حدود لبنان (رويترز)
جنود إسرائيليون على حدود لبنان (رويترز)

قدّمت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، عبر بعثة البلاد الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، تتضمن "احتجاجا شديدا" على "الخروقات المتكررة التي ترتكبها إسرائيل" للهدنة.

وجاء في الشكوى أن إسرائيل "خرقت بشكل متكرر.. إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بترتيبات الأمن المعززة تجاه تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701" (المعروفة بترتيبات وقف إطلاق النار)، التي بلغت أكثر من 816 اعتداءً برياً وجوياً بين 27 نوفمبر و22 ديسمبر 2024".

وأشار لبنان في الشكوى إلى أن "الخروقات الإسرائيلية من قصفٍ للقرى الحدودية اللبنانية، وتفخيخ للمنازل، وتدميرٍ للأحياء السكنية، وقطعٍ للطرقات، تُقوّض مساعي التهدئة وتجنُب التصعيد العسكري، وتمثل تهديداً خطيراً للجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".

وأضاف أنها "تعقّد جهود لبنان في تنفيذ بنود القرار 1701، وتضع العراقيل أمام انتشار الجيش اللبناني في الجنوب".

وجدد لبنان التزامه بالقرارات الدولية وتطبيق ترتيبات وقف الأعمال العدائية، مؤكدا أنه "تجاوب بشكل كامل" مع الدعوات الدولية لتهدئة الوضع، و"ما زال يُظهر أقصى درجات ضبط النفس والتعاون في سبيل تجنب الوقوع مجدداً في جحيم الحرب".

كما دعا في شكواه لمجلس الأمن، لا سيما الدول الراعية لهذه الترتيبات، إلى "اتخاذ موقف حازم وواضح إزاء خروقات إسرائيل، والعمل على إلزامها باحترام التزاماتها بموجب إعلان وقف الأعمال العدائية، والقرارات الدولية ذات الصلة".

وطالب لبنان أيضا بـ"تعزيز الدعم لقوات اليونيفيل والجيش اللبناني، لضمان حماية سيادته وتوفير الظروف الأمنية التي تُتيح له استعادة استقراره وعودة الحياة الطبيعية إلى جنوبه".

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، إنه يواصل "العمل ضد أنشطة حزب الله التي تشكل تهديدا.. وتنتهك التفاهمات بين إسرائيل ولبنان"، مؤكدا أنه "ملتزم بتفاهمات وقف إطلاق النار، ومنتشر في منطقة جنوب لبنان ويعمل ضد أي تهديد يعرض دولة إسرائيل للخطر".

الاتفاقية تشترط ان تعزز قوات الأمم المتحدة "يونيفل" انتشارها في جنوب لبنان
الاتفاقية تشترط ان تعزز قوات الأمم المتحدة "يونيفل" انتشارها في جنوب لبنان

تنتهي اليوم الأحد 26 يناير/كانون الثاني، المهلة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، والذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

هذا الاتفاق، الذي تم بوساطة أميركية، كان يهدف إلى وضع حد للنزاع الممتد لأكثر من عام، حيث كان يشترط انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل).

ومع انتهاء المهلة، تتزايد المخاوف الدولية بشأن عدم التزام الأطراف بالاتفاق. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا السبت الأطراف المعنية إلى الوفاء بالتزاماتهم "في أقرب وقت ممكن"، مشدداً على أهمية استعادة لبنان سيادته على كامل أراضيه.

جاء هذا في سياق محادثة هاتفية مع الرئيس اللبناني جوزاف عون، حيث أعرب عن قلقه من المماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق. الرئيس اللبناني من جانبه، شدد على ضرورة إلزام إسرائيل باحترام الاتفاق لضمان استقرار المنطقة.

العمليات الإسرائيلية ألحقت دمارا واسعا في جنوب لبنان - أسوشيتد برس
إسرائيل تبحث البقاء في جنوب لبنان.. هل تشتعل الحرب مجددا؟
تبحث إسرائيل إمكانية البقاء بمواقع محددة في جنوب لبنان، وذلك بالتزامن مع قرب انتهاء مهلة الستين يوما التي كان من المقرر أن تنسحب خلالها قواتها من جميع القرى والبلدات والمواقع الحدودية، بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار وقع في أواخر نوفمبر الماضي.

وبحسب بنود الهدنة، يتوجب على حزب الله، سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد حوالى 30 كيلومترا من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.

في الجانب الإسرائيلي، أكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن الانسحاب الإسرائيلي لن يتم بالكامل في الموعد المحدد، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية ستواصل الانسحاب "بالتنسيق مع الولايات المتحدة" نظراً لعدم تنفيذ لبنان الاتفاق بشكل كامل.

وأوضح البيان، أن إسرائيل "لن تعرّض بلداتها ومواطنيها للخطر، وستحقق أهداف الحرب في الشمال، بالسماح للسكان بالعودة إلى منازلهم بأمان".

من جهته، ألقى الجيش اللبناني باللوم على إسرائيل في التأخير، مؤكداً أنه مستعد لاستكمال انتشاره في المنطقة فور انسحاب القوات الإسرائيلية، وأقر بحصول "تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من الجانب الإسرائيلي".

وقد سادت أجواء من التوتر بين الأطراف، حيث اتهم لبنان إسرائيل بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية، في حين هدد حزب الله بأن عدم احترام إسرائيل لمهلة الانسحاب "يعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق".

جنود إسرائيليون في جنوب لبنان - رويترز
الهدنة تنتهي الأحد.. إلى أين يتجه الوضع في جنوب لبنان؟
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقاء جزء من قواته في جنوب لبنان لحين تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل، موجهًا اللوم للجيش اللبناني وحزب الله لعدم التزامهما بشروط "انتشار كامل للجيش في جنوب لبنان وانسحاب عناصر الحزب إلى شمال نهر الليطاني".

وبالرغم من سريان الهدنة، شهدت الأسابيع الماضية تبادل الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار، حيث نفذت إسرائيل ضربات ضد منشآت وأسلحة للحزب، بينما أفاد الإعلام اللبناني عن عمليات تفخيخ لمنازل ومبانٍ في القرى الحدودية.

في ظل هذه التطورات، ما زالت المخاوف قائمة بشأن استقرار المنطقة واحتمالية تصعيد التوترات إذا لم يتم الالتزام الكامل ببنود الاتفاق.

وقد حذر الجيش اللبناني السكان من العودة إلى القرى الحدودية بسبب الألغام والمخلفات التي خلفتها العمليات العسكرية الإسرائيلية.