جانب من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد عام من الحرب
اللبنانيون أمام فرصة لإعادة بناء دولتهم من دون تأثيرات حزب الله . أرشيفية

"فرصة للشعب للبناني" ومستقبل لبنان، هكذا يرى الدبلوماسي الأميركي السابق، مارك غينسبرغ ما حدث في البلاد خلال العام 2024.

ويشرح في حديث لقناة "الحرة" أن أكثر ما ميز هذا العام للبنان، تراجع القدرة العسكرية لحزب الله واغتيال قادته، وهذا ما قد يعطي للشعب فرصة لـ "إعادة ترتيب المعادلة السياسية" داخل لبنان، ناهيك عن خسارة إيران لأهم وكلائها في المنطقة.

شهد العام 2024 تطورات وتحولات كبيرة في لبنان غيرت شكل الخارطة السياسية بدرجة كبيرة، تفجيرات البيجر شكلت حدثا رئيسيا تلاه اغتيال قادة الصف الأول من حزب الله المدرج ضمن لوائح الإرهاب الأميركية، وما رافقه مع اجتياح بري إسرائيلي لجنوب البلاد.

ويوضح غينسبرغ أن الحدث الأهم ربما كان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، ما أتاح عودة المدنيين إلى جنوب لبنان، متخوفا من انتهاك وقف إطلاق النار من قبل عناصر حزب الله.

والاتفاق الذي أبرم بجهود أميركية-فرنسية، أنهى نزاعا امتد لأكثر من عام بين حزب الله وإسرائيل، بدأ مع إعلان الحزب فتح "جبهة إسناد" لغزة غداة اندلاع الحرب في القطاع في السابع من أكتوبر 2023، وتحول الى حرب واسعة اعتبارا سبتمبر. وأسفرت المواجهة عن مقتل الآلاف في لبنان وتسببت في نزوح جماعي على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل.

ويأمل أن تكون المرحلة المقبلة انطلاقة للتخلص من معاناة الشعب اللبناني من استخدام حزب الله لأراضيه لشن حرب على إسرائيل، معتبرا أن لبنان كانت "ضحية" لمخططات إيران في الشرق الأوسط التي كانت تريد إيجاد ما يسمى "الهلال الشيعي".

وذكر غينسبرغ أهم الخطوات التي تنتظر النهوض بالبلاد، بانتخاب برلمان ورئيسا للبنان، بما يسمح للقوى السياسية الأكثر سلمية بالتدخل خاصة مع تراجع قوة حزب الله.

حزب الله التهديد الأكبر للجيش اللبناني. أرشيفية
الجيش اللبناني أمام اختبار بسط السيطرة.. هل ينجح؟
حدد الخبير العسكري اللبناني، الجنرال وهبي قاطيشه أسباب عدم بسط الجيش اللبناني سيطرته على جميع الأراضي اللبناني إلى سببين: سياسي، لأن الحكومة الحالية تمثل حكومة حزب الله والذي يحد من تواجد القوات اللبنانية في المناطق الجنوبية.

ويعاني لبنان من انقسامات عميقة على أسس سياسية وطائفية. وقد بنى حزب الله شعبيته ونفوذه في صفوف الطائفة الشيعية من خلال توفير الخدمات الصحية والتعليمية.

كما راكم الحزب ترسانة كبيرة من الأسلحة زودته بها أساسا إيران، تعتبر أقوى من ترسانة الجيش اللبناني.

حتى قبل اندلاع النزاع، عانت البلاد لسنوات من أزمة سياسية واقتصادية، وأشارت بيانات البنك الدولي في وقت سابق من هذا العام إلى أن الفقر ازداد بثلاث مرات خلال عقد.

الاتفاقية تشترط ان تعزز قوات الأمم المتحدة "يونيفل" انتشارها في جنوب لبنان
الاتفاقية تشترط ان تعزز قوات الأمم المتحدة "يونيفل" انتشارها في جنوب لبنان

تنتهي اليوم الأحد 26 يناير/كانون الثاني، المهلة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، والذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

هذا الاتفاق، الذي تم بوساطة أميركية، كان يهدف إلى وضع حد للنزاع الممتد لأكثر من عام، حيث كان يشترط انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل).

ومع انتهاء المهلة، تتزايد المخاوف الدولية بشأن عدم التزام الأطراف بالاتفاق. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا السبت الأطراف المعنية إلى الوفاء بالتزاماتهم "في أقرب وقت ممكن"، مشدداً على أهمية استعادة لبنان سيادته على كامل أراضيه.

جاء هذا في سياق محادثة هاتفية مع الرئيس اللبناني جوزاف عون، حيث أعرب عن قلقه من المماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق. الرئيس اللبناني من جانبه، شدد على ضرورة إلزام إسرائيل باحترام الاتفاق لضمان استقرار المنطقة.

العمليات الإسرائيلية ألحقت دمارا واسعا في جنوب لبنان - أسوشيتد برس
إسرائيل تبحث البقاء في جنوب لبنان.. هل تشتعل الحرب مجددا؟
تبحث إسرائيل إمكانية البقاء بمواقع محددة في جنوب لبنان، وذلك بالتزامن مع قرب انتهاء مهلة الستين يوما التي كان من المقرر أن تنسحب خلالها قواتها من جميع القرى والبلدات والمواقع الحدودية، بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار وقع في أواخر نوفمبر الماضي.

وبحسب بنود الهدنة، يتوجب على حزب الله، سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد حوالى 30 كيلومترا من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.

في الجانب الإسرائيلي، أكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن الانسحاب الإسرائيلي لن يتم بالكامل في الموعد المحدد، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية ستواصل الانسحاب "بالتنسيق مع الولايات المتحدة" نظراً لعدم تنفيذ لبنان الاتفاق بشكل كامل.

وأوضح البيان، أن إسرائيل "لن تعرّض بلداتها ومواطنيها للخطر، وستحقق أهداف الحرب في الشمال، بالسماح للسكان بالعودة إلى منازلهم بأمان".

من جهته، ألقى الجيش اللبناني باللوم على إسرائيل في التأخير، مؤكداً أنه مستعد لاستكمال انتشاره في المنطقة فور انسحاب القوات الإسرائيلية، وأقر بحصول "تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من الجانب الإسرائيلي".

وقد سادت أجواء من التوتر بين الأطراف، حيث اتهم لبنان إسرائيل بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية، في حين هدد حزب الله بأن عدم احترام إسرائيل لمهلة الانسحاب "يعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق".

جنود إسرائيليون في جنوب لبنان - رويترز
الهدنة تنتهي الأحد.. إلى أين يتجه الوضع في جنوب لبنان؟
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقاء جزء من قواته في جنوب لبنان لحين تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل، موجهًا اللوم للجيش اللبناني وحزب الله لعدم التزامهما بشروط "انتشار كامل للجيش في جنوب لبنان وانسحاب عناصر الحزب إلى شمال نهر الليطاني".

وبالرغم من سريان الهدنة، شهدت الأسابيع الماضية تبادل الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار، حيث نفذت إسرائيل ضربات ضد منشآت وأسلحة للحزب، بينما أفاد الإعلام اللبناني عن عمليات تفخيخ لمنازل ومبانٍ في القرى الحدودية.

في ظل هذه التطورات، ما زالت المخاوف قائمة بشأن استقرار المنطقة واحتمالية تصعيد التوترات إذا لم يتم الالتزام الكامل ببنود الاتفاق.

وقد حذر الجيش اللبناني السكان من العودة إلى القرى الحدودية بسبب الألغام والمخلفات التي خلفتها العمليات العسكرية الإسرائيلية.