لبنان يعاني من الشغور الرئاسي (رويترز)
لبنان يعاني من الشغور الرئاسي (رويترز)

في العاصمة اللبنانية بيروت، يجتمع مجلس النواب لاختيار رئيس جديد للجمهورية، الخميس، بعد أكثر من عامين على فراغ "الكرسي"، وإثر حرب دمّرت قدرات هائلة لحزب الله، مما ساهم في بزوغ اسم قائد الجيش جوزيف عون، كمرشح بارز للمنصب.

لا توجد أكثرية واضحة في لبنان متعدد التوجهات والطوائف، مما يفرض وجود توافق بين القوى المختلفة من أجل الوصول إلى قرار حول اختيار الرئيس.

ولبنان بلد يدار بالتوازنات الطائفية والتحاصص بينها، حيث رئاسة الجمهورية عرفا من حصة المسيحيين الموارنة، فيما رئاسة الحكومة من حصة المسلمين السنة.

ومنذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، في أكتوبر 2022، عقد البرلمان جلسات عديدة فشلت في الوصول إلى توافق حول الرئيس. وكان حزب الله يدعم حينها سليمان فرنجية، الذي كان مقربا من نظام بشار الأسد أيضًا.

وكان ميشال عون قد انتخب رئيسا عام 2016، بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي.

كيف يتم اختيار الرئيس؟

قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بشهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، يجتمع مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد، وفق الموقع الرسمي للرئاسة اللبنانية.

وحال عدم دعوة المجلس بواسطة رئيس الجمهورية، يتوجب على أعضاء البرلمان الاجتماع في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس.

وينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الجولة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التالية.

مدة ولاية الرئيس 6 سنوات، ولا يجوز إعادة انتخاب شخص للمنصب مرة أخرى، إلا بعد 6 سنوات من نهاية ولايته.

وبعد انتخاب الرئيس، يؤدي اليمين الدستورية أمام نواب البرلمان.

الصلاحيات

رئيس الجمهورية اللبناني يمتلك صلاحيات متعلقة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، من أبرزها الدعوة إلى جلسات استثنائية لمجلس النواب، وتأجيل انعقاد المجلس لمدة لا تتجاوز شهرا.

وفي حالات محددة، يمكن للرئيس تقديم طلب إلى مجلس الوزراء بحل مجلس النواب قبل انتهاء مدته الفعلية. وحال اتخذ مجلس الوزراء قرار الحل، يصدر رئيس الجمهورية مرسوما بذلك.

لرئيس الجمهورية، بعد إطلاع مجلس الوزراء، حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره، ويحق له مراجعة المجلس الدستوري فيما يتعلّق بمراقبة دستورية القوانين.

يصدر رئيس الجمهورية القانون المتعلق بتعديل الدستور، ويحقّ له خلال المدّة المعينة للإصدار، أن يطلب من مجلس النواب بعد إطلاع مجلس الوزراء، إعادة المناقشة في المشروع مرّة أخرى.

يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، استنادا إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على نتائجها، ويصدر مرسوم تسميته منفردا، وفق موقع رئاسة الجمهورية.

ويتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، فيما لا يمكن إبرام بعض المعاهدات إلا بعد موافقة مجلس النواب.

ويمتلك الرئيس صلاحية منح العفو الخاص بمرسوم.

توافق صعب

بعد تلقي جماعة حزب الله ضربات قوية في مواجهتها مع إسرائيل على مدار عام تقريبا، دخل الطرفان في اتفاق وقف إطلاق نار يقضي بانسحابها من المنطقة الحدودية.

لا يفرض الدستور اللبناني على المرشحين لرئاسة الجمهورية، تقديم ترشيح رسمي.

وقال النائب اللبناني، اللواء أشرف ريفي، الإثنين، إن احتمالات انتخاب قائد الجيش، العماد جوزيف عون، رئيسا للبلاد، تتزايد.

وخلال استضافته في برنامج "المشهد اللبناني" على قناة "الحرة"، قال ريفي إن "نسبة انتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية في جلسة الخميس، ارتفعت إلى 80 بالمئة، بعد زيارة الموفدين السعودي والأميركي".

وتسعى الإدارة الأميركية إلى دفع لبنان لانتخاب الرئيس من خلال مشاورات ولقاءات يجريها مبعوثها آموس هوكستين، مع قادة القوى السياسية والمستقلين في لبنان.

وقال الدبلوماسي الأميركي السابق، جايك والاس، إن "هوكستين، أمضى وقتا في بيروت لتعزيز هدف إبقاء وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، ولتقديم الدعم للأجنحة اللبنانية التي تحاول انتخاب رئيس".

وأضاف خلال استضافته في برنامج "الحرة الليلة" على قناة "الحرة"، أن "الولايات المتحدة منخرطة في دعم جهود انتخاب رئيس لبناني، ليبدأ بداية جيدة في التعامل مع الأزمة".

وهناك عدة أسماء متداولة للرئاسة، بينها أبرز زعيمين في الطائفة المارونية التي يفترض أن ينتمي اليها رئيس الجمهورية: رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، المعارض الشرس لحزب الله، وخصمه رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل.

ويحظى قائد الجيش عون بدعم علني من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وكتلته النيابية الصغيرة.

ومن الأسماء الأخرى المتداولة، مدير صندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط، جهاد أزعور، والمدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري، والنائبان نعمت إفرام وإبراهيم كنعان، وفق فرانس برس.

ويحتاج عون إلى تعديل دستوري في حال انتخابه، ليصبح رئيسا. إذ إن الدستور لا يسمح بانتخاب موظفين من الفئة الأولى وهم في المنصب وحتى عامين من استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد.

ويحتاج المرشح في الدورة الأولى من الانتخابات إلى غالبية ثلثي الأصوات، أي 86 صوتا من أصل 128، للفوز. وفي حال جرت دورة ثانية، فالغالبية المطلوبة تكون بالأكثرية المطلقة، أي 65 صوتا.

وإذا انتخب عون، الخميس، سيكون خامس قائد جيش في لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع على التوالي.

جنود إسرائيليون في جنوب لبنان - رويترز
جنود إسرائيليون في جنوب لبنان - رويترز

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقاء جزء من قوات بلاده في جنوب لبنان لحين تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل، موجهًا اللوم للجيش اللبناني وحزب الله لعدم التزامهما بشروط "انتشار كامل للجيش في جنوب لبنان وانسحاب عناصر الحزب إلى شمال نهر الليطاني".

قرار نتنياهو يشير إلى أن الانسحاب الإسرائيلي لن يتم بنهاية الستين يوما من عمر اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينتهي في 26 من يناير الجاري، ما يفتح الباب أمام مستقبل غامض في ظل تصاعد وتيرة تهديدات حزب الله باستئناف القتال ضد الجنود الإسرائيليين.

توقع المخطط الاستراتيجي في حزب الليكود الإسرائيلي، ستيفن غولدبرغ، أن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من جنوب لبنان بسبب عدم التزام الجيش اللبناني وحزب الله بشروط اتفاقية وقف إطلاق النار.

وأشار غولدبرغ إلى أن هناك مقاتلين من حزب الله لا يزالون في المنطقة، إضافة إلى اكتشاف العديد من مخازن الأسلحة في جنوب لبنان.

كما لفت إلى أن العديد من الإسرائيليين الذين غادروا بلداتهم في شمال إسرائيل لم يتمكنوا من العودة بعد، لافتًا إلى غياب المؤشرات التي تضمن أمنهم.

وأوضح غولدبرغ أن الانسحاب الإسرائيلي يعتمد على سيطرة الجيش اللبناني بالكامل على جنوب لبنان، ونزع سلاح حزب الله، ومنع عناصره من عبور نهر الليطاني، بالإضافة إلى ضرورة توفير ضمانات كافية لضمان عودة الإسرائيليين إلى منازلهم دون تهديدات أمنية.

أمامه اختبار صعب.. ما هي قدرات الجيش اللبناني؟
يواجه الجيش اللبناني اختباراً صعباً لضمان استقرار البلاد، حيث يعمل، رغم محدودية موارده البشرية واللوجستية والعسكرية، على تعزيز انتشاره في جنوب لبنان تنفيذاً للقرار الدولي 1701، الذي أُقر في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.

من جانبه، وصف عضو حزب ميرتس ورئيس ائتلاف الدولتين، ياريف أوبنهايمر، الجيش اللبناني بـ "الضعيف" وغير القادر على تنفيذ شروط اتفاقية وقف إطلاق النار.

وفي حديثه لـ "الحرة"، أوضح أوبنهايمر أن لبنان يواجه مأزقًا سياسيًا ولا يستطيع بسط سيادته في مناطقه الجنوبية، مضيفا أن هذه الأسباب هي التي دفعت الجيش الإسرائيلي إلى عدم الانسحاب في الوقت الحالي.

لكن أوبنهايمر دعا إسرائيل إلى الامتثال لاتفاقية وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن تستطيع البقاء في جنوب لبنان لفترة طويلة.

ويرى المتحدث أن بقاء القوات الإسرائيلية لفترة طويلة في المنطقة قد يؤدي إلى تصعيد وعنف، مشددًا على أنه من الحكمة أن تبحث إسرائيل عن مخرج من هذه الوضع دون أن تترك قواتها هناك لفترة طويلة.

جنود إسرائيليون في جنوب لبنان - رويترز
تعليمات سياسية للجيش الإسرائيلي بـ"عدم الانسحاب" من جنوب لبنان
أصدر المستوى السياسي الإسرائيلي، الخميس، تعليمات للجيش بعدم الانسحاب في هذه المرحلة من القطاع الشرقي في جنوب لبنان، رغم انتهاء مهلة الستين يوما لوقف إطلاق النار يوم الأحد المقبل، وفقا لما أوردته هيئة البث الإسرائيلية (كان).

وتزامنا مع حالة من الترقب على لبنان، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، خاصة في جنين، وسط دعوات متزايدة من "اليمين الإسرائيلي" لتوسيع العملية العسكرية بهدف القضاء على ما يصفونه بالإرهاب.

ووفقًا لمصادر إسرائيلية، فإن قرار استمرار التواجد العسكري الإسرائيلي في لبنان وشن العمليات العسكرية في الضفة جاء بالتوازي مع إتمام اتفاق الهدنة في قطاع غزة والتداعيات التي تبعته.

وأكدت تلك المصادر أن القيادة السياسية في إسرائيل ترى أن الخيار الأكثر أهمية هو استمرار الحرب، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التي تحيط باتفاقات وقف إطلاق النار على الجبهتين الجنوبية والشمالية.

إسرائيل تشن عمليات عسكرية متواصلة على جنين - رويترز
معركة جنين.. تعزيزات عسكرية إسرائيلية وإدانات فلسطينية
دفع الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، بتعزيزات عسكرية إضافية إلي مدينة جنين ومحيط مخيمها من معسكر الجلمة، في ظل العملية العسكرية التي دخلت يومها الثاني على التوالي والتي أدت لمقتل عشرة فلسطينيين وإصابة أكثر من 40 معظمهم من المدنيين.