انتهت مهلة الستين يوماً لاتفاق الهدنة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فجر الأحد، وبينما أعلن الجانب الإسرائيلي تمديد المهلة بالإبقاء على قواته في المناطق الجنوبية، كثّف لبنان اتصالاته الدبلوماسية مع جهات دولية للضغط على إسرائيل للالتزام بالقرار 1701 والانسحاب من أراضيه.
وعلى الرغم من تحذيرات الجيش الإسرائيلي لسكان البلدات الحدودية بعدم العودة إلى منازلهم، شهدت المنطقة، منذ ساعات الصباح الأولى، عودة عدد كبير من الأهالي إلى قراهم، خاصة في حولا وميس الجبل، حيث عبر البعض الطريق في وادي الحجير سيرا على الأقدام.
ونشر الجيش اللبناني حواجز عند المداخل الرئيسية للقرى الحدودية، محذراً من العودة إلى بلدات عيتا الشعب ومارون الراس وعيترون وميس الجبل وحولا وغيرها.
لكن أمام إصرار الأهالي، فتح الجيش اللبناني الطريق العام بين الطيري وبنت جبيل، وفي الطيبة، أزال السكان العوائق الحديدية ودخلوا البلدة.
وأفاد شهود عيان بإلقاء مسيّرة إسرائيلية قنبلتين قرب تجمع للأهالي في ميس الجبل، كما سُجلت إصابات نتيجة إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص على الأهالي في بلدة كفركلا.
ووفقاً لمشاهدات الأهالي، وضع الجيش الإسرائيلي سواتر ترابية عند مداخل القرى.
وبدأ سريان الاتفاق فجر 27 نوفمبر، ووضع حدا لنزاع بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران امتد لأكثر من عام.
وفتح الحزب جبهة "إسناد" لحليفته حركة حماس غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر 2023.
واعتبارا من سبتمبر 2024، كثّفت إسرائيل غاراتها على معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية، ونفذت عمليات توغل برية في مناطق حدودية واسعة.
وبموجب الاتفاق المبرم بوساطة أميركية، يتوجب على إسرائيل سحب قواتها خلال 60 يوما، أي بحلول 26 يناير، وأن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
كما يتوجب على الحزب الذي تلقى ضربات موجعة خلال الحرب وفقد العديد من قادته، سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد حوالى 30 كيلومترا من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.
لكن إسرائيل أكدت، الجمعة، أن قواتها لن تنجز الانسحاب نظرا لعدم تنفيذ لبنان الاتفاق "بشكل كامل".
وأكد بيان لمكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، أن "عملية الانسحاب المرحلي ستتواصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة".
وشدد على أن الاتفاق نصّ على "انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان" وفرض "انسحاب حزب الله إلى ما وراء (نهر) الليطاني".
وتقديرا منها أن الواقع مخالف للنص، فإن إسرائيل "لن تعرّض بلداتها ومواطنيها للخطر، وستحقق أهداف الحرب في الشمال، بالسماح للسكان بالعودة إلى منازلهم بأمان"، وفقا للبيان.
واتخذ المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية هذا القرار في جلسة، الخميس، حيث ناقش تطورات وقف إطلاق النار مع لبنان، وعمليات الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية.
وقالت مصادر إسرائيلية، مؤخراً، إن "إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة مزيداً من الوقت للانسحاب من جنوب لبنان، بعد انتهاء فترة الستين يوماً".
في حين، أفادت "القناة 13" الإسرائيلية، أن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، نقل رسالة من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لإدارة ترامب، يطلب فيها إمكانية بقاء الجيش الإسرائيلي في 5 مواقع استراتيجية في جنوب لبنان لما بعد انتهاء مهلة المهلة المحددة بالاتفاق.
من جهته، حمّل الجيش اللبناني إسرائيل مسؤولية عدم استكمال انتشاره.
وأكد في بيان أنه يواصل "تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب الليطاني... منذ اليوم الأول" لوقف إطلاق النار بالتنسيق مع اللجنة الخماسية المشرفة على تطبيقه وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
وأقر بحصول "تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب" من الجانب الإسرائيلي، مؤكدا جاهزيته لاستكمال انتشاره "فور انسحاب" الأخير.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية، السبت، أن الرئيس جوزاف عون الذي كان قائدا للجيش حتى انتخابه رئيسا للجمهورية في التاسع من يناير، أكد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرورة إلزام إسرائيل تطبيق الاتفاق "ووقف انتهاكاتها المتتالية، لا سيما تدمير القرى المحاذية للحدود الجنوبية، وجرف الأراضي، الأمر الذي سيعيق عودة الأهالي الى مناطقهم".