طائرات عسكرية إسرائيلية تحلق فوق المنطقة التي تشهد مراسم تشييع نصر الله

مع انتهاء مراسم تشييع زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بعد نحو 5 أشهر على مقتله بغارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، تثار تساؤلات حول مستقبل الحزب في ظل التطورات الأخيرة.

وبينما شهدت مراسم دفنه ودفن هاشم صفي الدين، خليفته الذي تولى قيادة الحزب لأيام قليلة قبل أن يقتل أيضا بضربة إسرائيلية، حضوراً جماهيرياً واسعاً. 

إلا أن ذلك لا يغير من الواقع السياسي والعسكري الذي يواجهه الحزب، خاصة مع الضغوط الدولية المتزايدة المطالبة بنزع سلاحه.

تأتي هذه المطالبات بعد الخسائر التي تكبدها الحزب اللبناني، المدعوم من إيران والمدرج على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة، في الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

وأجبرت الخسائر الفادحة قادة الحزب على قبول شروط اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك تطبيق القرارين 1701 و1559 الذين يدعوان إلى انسحابه من المناطق الحدودية الجنوبية ونزع سلاحه.

هذه التطورات تضع الحزب في موقف صعب، حيث يجد نفسه أمام تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة.

ورغم محاولاته إظهار أنه لايزال قوة مؤثرة وقادرة على الحشد، فإن الضربة القوية التي تلقاها الحزب سترسم مستقبله الذي يواجه اختباراً صعباً لتحديد ذلك في لبنان والمنطقة.

فهل سيتمكن من إعادة ترتيب أوراقه والاستجابة للمتغيرات، أم أنه سيلقى مصير أحزاب وتيارات اضمحلت أو اندثرت بعد رحيل قادتها المؤثرين؟

وداعٌ لمرحلة كاملة؟

شهدت المراسم تحليقاً منخفضاً لطائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي فوق موقع التشييع، في خطوة لافتة تعكس غياب أي مخاوف لدى الجيش الإسرائيلي من استهداف طائراته.

وفي تعليق رسمي على هذا التطور، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الأحد، أن تحليق الطائرات في أجواء بيروت يحمل "رسالة واضحة: من يهدد بتدمير إسرائيل ويهاجمها، ستكون هذه نهايته".

وبدأت قيادة حزب الله، التي يعبّر الأمين العام للحزب نعيم قاسم عن توجهاتها للمرحلة المقبلة، "تسلّم بشروط الاتفاق الذي وافقت عليه، والمتعلق بتنفيذ القرار 1701 ووقف إطلاق النار"، كما يؤكد رئيس تحرير موقع "جنوبية"، الصحفي علي الأمين.

وقال الأمين، لموقع "الحرة"، "يدرك الحزب أن مضمون الاتفاق يخضع لمرجعية واشنطن في التفسير ومراقبة التنفيذ، كما يعي تماماً أن خط إمداد السلاح انقطع بعد سقوط نظام الأسد، وأن الوضعية العسكرية التي كان عليها خلال الحرب وما قبلها قد انتهت ولن تعود إلى ما كانت عليه".

من جانبه يرى المحلل السياسي، إلياس الزغبي، أن "تشييع حزب الله لأمينيه العامين، حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، بمثابة وداع لمرحلة كاملة وإيذان ببدء مرحلة جديدة في لبنان والمنطقة".

وقال الزغبي، لموقع "الحرة"، "صحيح أن هذا التشييع الجماهيري يعوّض معنوياً لبيئة حزب الله عن خسائرها الفادحة في الحرب الأخيرة، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى تراجع فاعلية توظيف العواطف الشعبية..".

وأضاف: "إذ لم يعد بالإمكان تكرار مثل هذه المناسبات بنفس الزخم. وربما ستقتصر المرحلة المقبلة على مناسبات أقل تأثيراً وأضعف حشداً، ما يعكس دخول لبنان حقبة يكون للدولة فيها اليد العليا، وليس للسلاح غير الشرعي أو للنفوذ الإيراني تحت شعار المقاومة".

أما القائد السابق للفوج المجوقل في الجيش اللبناني، العميد المتقاعد جورج نادر، فيؤكد أن "الحديث عن نهاية حزب الله غير دقيق، رغم التحديات التي يواجهها الحزب بعد خسائره الأخيرة"، مشيراً إلى خطاب قاسم "الذي لم يكن مرتجلاً، بل مسجلاً قبل تشييع نصر الله، ما يدل على أنه أعد بعناية".

وبحسب ما يقوله نادر لموقع "الحرة"، فإن الأمين العام الحالي لحزب الله "تحدث عن رغبة الحزب في العودة إلى كنف الدولة اللبنانية وبناء الدولة وفق اتفاق الطائف، مشيراً إلى ضرورة إنهاء أي احتلال إسرائيلي. لكنه، في الوقت ذاته، شدد على استمرار "المقاومة"، التي لم تعد بالضرورة عسكرية، بل قد تأخذ أشكالاً أخرى".

ورأى نادر أن طرح قاسم في "ثير تساؤلات حول ما إذا كان يعكس تغييراً حقيقياً في نهج الحزب أم مجرد مناورة سياسية".

يذكر أنه خلال التشييع قال قاسم "نحن الآن أصبحنا في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وأساليبها وطريقة التعامل معها. أبرز خطوة اتخذناها أن تتحمّل الدولة مسؤوليتها، بعد أن منعت المقاومة العدو من أن يجتاح أو أن يُحقق أهدافه، يعني أننا أنجزنا القسم الأول ثم جاء القسم الثاني الذي هو مسؤولية الدولة".

 

ويعتبر الأمين أن "حزب الله، وفق تصريحات قاسم، يقف مع الدولة وخلفها في مواجهة التحديات الإسرائيلية، ولم يلوّح باستخدام السلاح ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل تعامل مع المقاومة كفكرة مبدئية وليست مشروعاً عسكرياً..".

وأضاف الأمين "ومن هذا المنطلق، يمكن الاستنتاج أن حزب الله يسير – وإن بصعوبة – نحو الخيار السياسي، رغم العقبات الداخلية التي تواجهه، باعتباره تنظيماً قائماً على بنية أمنية وعسكرية. ومع ذلك، فإن التحول نحو السياسة بات أمراً لا مفر منه، خاصة أن إيران نفسها لم تعد مستعدة للاستثمار مجدداً في مشروع عسكري أمني غير قابل للنجاح، بعدما فقد مقومات استمراره سواء في غزة أو لبنان".

ويشدد أن "حزب الله يسعى للاحتماء بالدولة، مدركاً أن ذلك سيترتب عليه تقديم تنازلات كبيرة على المستويات العسكرية والأمنية والسياسية".

وأوضح "قد يحاول الحزب الالتفاف على بعض القرارات إن تمكن من ذلك، لكن من المرجح أن يبقى الخيار السياسي هو المسار الوحيد المتاح أمامه. وفي موازاة ذلك، سيواصل العمل على إحكام قبضته على الطائفة الشيعية، معتبراً إياها حصنه وملاذه ضمن النظام الطائفي الحاكم في لبنان".

وفي السياق، أشار نادر إلى أن مستقبل حزب الله السياسي كان دائماً مرتبطاً بقوته العسكرية "فمنذ التسعينيات، ورغم تمثيله الوزاري المحدود، كان للحزب نفوذ واسع في الحكومات اللبنانية، حيث تمكن من فرض أجنداته على مختلف القرارات السياسية. حتى عقب اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ورغم تراجع نفوذه مؤقتاً، بقي تأثيره قائماً".

لكن اليوم، ومع تراجع قدراته العسكرية، بدأ نفوذه السياسي بالتراجع أيضاً، ويستدل نادر على ذلك بتشكيل الحكومة اللبنانية الأخيرة، "حيث لم يكن الحزب راضياً عن رئيسي الجمهورية والحكومة، ما يعكس ضعف سيطرته مقارنة بالسنوات الماضية".

مستقبل على المحك؟

خلال اجتماعه مع رئيس الجمهورية جوزاف عون، تلقى الوفد الإيراني رسالة مباشرة وواضحة، حيث صرّح الرئيس اللبناني علناً بأن "لبنان شبع من حروب الآخرين على أرضه".

ويُعدّ هذا التصريح، وفق الزغبي، "إبلاغاً رسمياً لطهران بأن تدخلها في لبنان ودعمها لحزب الله بالسلاح والمال قد أصبح من الماضي. وهذا يضع مستقبل حزب الله على المحك، خاصة مع ظهور ارتباك واضح في مواقفه، تجلّى في خطاب أمينه العام نعيم قاسم، الذي قدم مواقف متناقضة؛ فمن جهة، أكد التزام الحزب بالدولة واتفاق الطائف، ومن جهة أخرى شدد على استمرار "المقاومة" تحت شعار إنا على العهد".

ويعتبر الزغبي أن هذا التناقض يضع حزب الله أمام مرحلة مفصلية، "خاصة مع تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، ليس فقط في لبنان، بل أيضاً في سوريا والعراق واليمن".

وقال "في ظل هذه المتغيرات، يجد الحزب نفسه أمام خيارين: إما إعادة تقييم دوره والتخلي عن سلاحه، أو الاستمرار في معركة خاسرة"، مؤكداً أن "حزب الله لا يمكنه الاستمرار في حمل السلاح بينما يدّعي في الوقت نفسه الوقوف إلى جانب الدولة والالتزام باتفاق الطائف".

وبحسب الزغبي، فإن المسار يتجه نحو نزع سلاح حزب الله، "إذ لم يعد لهذا السلاح أي وظيفة فعلية، لا سيما بعد توقيع قيادة الحزب على اتفاق يقضي عملياً بنزع سلاحه، بدءاً من الجنوب وصولاً إلى مختلف المناطق اللبنانية. وبالتالي، باتت وظيفة هذا السلاح بحكم المنتهية، وربما يسعى حزب الله تدريجياً إلى احتواء بيئته تمهيداً لإعلان تسليمه، سواء للدولة اللبنانية أو إعادته إلى مصدره في إيران".

وقال: "بات مستقبل حزب الله مطروحاً للنقاش بشكل علني وعميق، ولم يعد الحديث عن استراتيجية دفاعية بالصيغة التي كان يطرحها الحزب ويتهرب من الالتزام بها أمراً قابلاً للتطبيق. فالدولة اللبنانية تتبنى عقيدة دفاعية متكاملة، ترتكز على أسس اقتصادية، دبلوماسية، سياسية وعسكرية، وتضع الجيش اللبناني كجهة وحيدة مسؤولة عن الأمن والدفاع تحت إشراف السلطة السياسية الشرعية".

سيناريوهات نزع السلاح

يُتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة، كما يرى الزغبي، "خطوات جدية لحلّ ملف سلاح حزب الله، سواء عبر التسوية أو التفكيك التدريجي، وذلك التزاماً بالاتفاقات الدولية، لا سيما القرارين 1701 و1559، بالإضافة إلى ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري. وعليه، فإن المرحلة المقبلة ستكون لمصلحة ترسيخ مفهوم الدولة اللبنانية ومؤسساتها، في مقابل تراجع المشاريع الخاصة".

وفي هذا السياق، يعتقد الأمين أن "حزب الله بدأ بتسليم سلاحه في جنوب الليطاني، وهو ما أكدته مصادر في قوات اليونيفيل، مشيرة إلى وجود نحو 500 مركز تابع له، بين مواقع ومخازن أسلحة. وحتى الآن، لم يصدر أي بيان من اللجنة الخماسية يشير إلى رفض الحزب تسليم سلاحه".

ويتساءل الأمين عن مصير السلاح شمال الليطاني، معتبراً أن "السلاح الذي كان يشكل تهديداً لإسرائيل قد انتهى، وإن تبقى منه شيء فستجري ملاحقته وتسليمه على الأرجح. أما السلاح المتبقي، فسيكون خاضعاً لاتفاقات داخلية، وقد لا يكون عرضة لضغوط خارجية كما هو الحال مع السلاح الذي تعتبره إسرائيل مصدر تهديد".

وعن كيفية تعامل القوى الدولية في حال استمرت هيمنة حزب الله في لبنان، يجيب الأمين أن "القوى الدولية معنية بالخطوط الحمراء المرتبطة بالأمن الإقليمي، وطالما أن حزب الله يلتزم بهذه الشروط، فمن غير المرجح أن يواجه ملاحقة دولية، خاصة إذا كانت مشكلته تقتصر على الشأن اللبناني الداخلي. وبذلك، يمكن التمييز بين بُعدين للمسألة: الأول دولي وإقليمي يهم القوى الخارجية، والثاني داخلي يخص اللبنانيين وحدهم".

من جانبه، يرى نادر أن "الحزب أمام خيارين: إما الامتثال للقرار 1701، الذي وافق عليه عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري والحكومة اللبنانية، والذي ينص على تسليم سلاحه والتوقف عن أي أنشطة عسكرية، أو مواجهة الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي". ويؤكد أن الخيار الثاني قد يؤدي إلى تصعيد عسكري تفرض خلاله القوى الدولية تنفيذ القرار بالقوة، "إذ لا يمكن للبنان الاستمرار في ظل هيمنة ميليشيا مسلحة".

ويشرح نادر أن الحزب يواجه اليوم معادلة صعبة "إذا تمسك بسلاحه واستمر في اعتبار أن شمال الليطاني ليس له علاقة بجنوبه، فإنه يتجه نحو التصعيد، ما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع الدولة اللبنانية والمجتمعين العربي والدولي. لكنه في الوقت نفسه يدرك أن التهور قد يهدد وجوده السياسي، خاصة في ظل تراجع الدعم الإيراني، وانشغال طهران بالمفاوضات مع واشنطن حول الملفين النووي والعقوبات.

ويشير القائد السابق للفوج المجوقل في الجيش اللبناني إلى أن المجتمع الدولي، لاسيما الولايات المتحدة وفرنسا، إلى جانب الدول العربية، خصوصاً الخليجية، يرفض أي دور لحزب الله في الحكم.

هذا الموقف تجلى في تصريحات الوفود الأمريكية التي زارت لبنان، وكذلك في المواقف الصارمة التي عبرت عنها السعودية.

ويرى أن حزب الله يدرك هذه التغيرات جيداً، ويعلم أن حصوله على التمويل والتسليح من إيران لم يعد سهلاً كما في السابق "لذلك، قد يجد نفسه مضطراً لإعادة النظر في استراتيجيته السياسية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع استمرار الضغوط الأميركية حتى الانتخابات النيابية، والتي قد تؤدي إلى تغييرات ملموسة في المشهد السياسي اللبناني".

وفي ظل تراجع الخيارات العسكرية للحزب جنوب لبنان، يتوقع نادر أن يلجأ إلى وسائل ضغط جديدة، "مثل استخدام المدنيين للظهور بمظهر المقاومة الشعبية، في محاولة لإجبار إسرائيل على الانسحاب من النقاط الحدودية التي بقيت فيها". وهذا، برأيه، يمنح الحزب "حضوراً عسكرياً رمزياً".

تصاعد دخان في منطقة جنوبي لبنان بعد بدء سريان الهدنة (رويترز)
قصف إسرائيلي على مواقع لحزب الله في جنوب لبنان (أرشيف)

تجدّدت حالة التوتر العسكري على الحدود الجنوبية اللبنانية، السبت، بعد أن أعلنت إسرائيل اعتراض ثلاثة صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه بلدة المطلة الواقعة في الجليل الأعلى. 

وهذه التطورات وضعت اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حربًا دامت عامًا كاملًا بين إسرائيل وحزب الله على المحك، وأثارت موجة من التصريحات المتبادلة بين الجانبين وسط مخاوف من عودة التصعيد العسكري.

الجيش الإسرائيلي أكد في بيان أنه اعترض الصواريخ الثلاثة وأنه ردّ على الهجوم بقصف مدفعي وجوي طال بلدات جنوبية لبنانية، شملت بحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بلدتيْن على الأقل بقذائف مدفعية، وثلاث بلدات أخرى تعرضت لغارات جوية قرب الحدود.

في هذا السياق، صعّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من لهجة التحذير، مُحمّلاً الحكومة اللبنانية "كامل المسؤولية عن أي إطلاق نار ينطلق من أراضيها". 

وقال كاتس إنه أصدرت تعليماته للجيش بالرد على إطلاق الصواريخ من لبنان، موضحا أن القاعدة التي تنطبق على المطلة تنطبق على بيروت أيضًا".

وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، أن "دولة لبنان تتحمل مسؤولية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار"، مشددًا على أن "الجيش سيرد بقوة على الهجمات". 

وأكد الجيش أنه لا توجد أي تغييرات في تعليمات الجبهة الداخلية حتى اللحظة.

وفي الجانب اللبناني، حذر رئيس مجلس الوزراء نواف سلام من مخاطر انزلاق الأوضاع إلى مواجهة شاملة، مؤكدًا في بيان أن "تجدد العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية قد يجرّ البلاد إلى حرب جديدة، تعود بالويلات على لبنان واللبنانيين".

وأجرى سلام سلسلة اتصالات، شملت وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، للتأكيد على ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية والعسكرية الكفيلة بتثبيت الاستقرار، مؤكدًا أن "قرار الحرب والسلم يجب أن يبقى بيد الدولة اللبنانية وحدها".

وعلى ذات المنحى، دعا الرئيس اللبناني، جوزاف عون، عون إلى متابعة ما يحصل بجنوب لبنان لتلافي أي تداعيات وضبط أي خرق او تسيب.

وطلب عون من قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، اتخاذ الإجراءات الميدانية والتحقيق لجلاء ملابسات ما حصل في الجنوب.

ورغم أن أحدًا لم يتبنّ إطلاق الصواريخ، إلا أن التوتر تزامن مع حالة من الترقب بعد خروقات إسرائيلية متكررة للهدنة في قطاع غزة، ما يعزز المخاوف من اتساع رقعة النزاع إقليميًا. وقد امتنعت جماعة حزب الله عن التعليق حتى لحظة إعداد هذا التقرير، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه "لا يزال يتحقق من الجهة التي تقف خلف الهجوم الصاروخي".

بعد "الأهالي".. حزب الله يلجأ لورقة "العشائر" في لبنان
يواصل حزب الله استغلال بيئته كأداة لخدمة أجندته العسكرية والسياسية، متكيّفاً مع المتغيرات وفقاً للمنطقة والظروف. ففي الجنوب، يتوارى خلف شعار "الأهالي"، مستخدماً هذا الغطاء بطرق مختلفة، سواء لمواجهة إسرائيل أو لعرقلة مهام القوات الدولية.

وكان وقف إطلاق النار، الذي تم بوساطة أميركية في نوفمبر الماضي، قد وضع حدًا لسلسلة من الضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله على امتداد الشريط الحدودي. 

ونص الاتفاق على التزام إسرائيل بسحب قواتها من مواقع متقدمة على التلال الحدودية، مقابل التزام الحكومة اللبنانية بإخلاء الجنوب من أي بنى تحتية عسكرية لحزب الله ومصادرة الأسلحة غير المرخصة، في خطوة تهدف إلى منع تكرار السيناريوهات التصعيدية السابقة.

غير أن كلا الطرفين تبادلا الاتهامات بشأن عدم الالتزام ببنود الاتفاق، إذ تقول إسرائيل إن حزب الله لم يفكك بنيته العسكرية في الجنوب، بينما يرى لبنان وحزب الله أن إسرائيل تواصل احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية وتنفذ غارات جوية متكررة، فضلاً عن إبقاء مواقع عسكرية في خمسة مواقع استراتيجية على التلال الحدودية.