نظام الأسد كان يعد حليفا استراتيجيا لحزب الله.

مرّت نحو 3 أشهر على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الحدث الذي غيّر المعادلات، ليس فقط في سوريا، بل في الإقليم وخاصة لبنان، حيث فقد حزب الله شريانه الرئيسي. 

فمع انهيار هذا الحليف الاستراتيجي، وجد الحزب، المصنف جماعة إرهابية، نفسه أمام واقع جديد يفرض عليه تحديات غير مسبوقة عسكرياً ومالياً.

ولم يكن سقوط الأسد مجرد انتكاسة لحزب الله، بل جاء عقب هزيمة ثقيلة تكبّدها في حربه الأخيرة مع إسرائيل، ما اضطره إلى القبول باتفاق وصفه البعض بأنه "اتفاق استسلام"، حيث يفرض عليه تنفيذ القرارين 1701 و1559، مما يعني التخلي عن سلاحه والحدّ من قدرته على إعادة التسلّح كما كان يفعل سابقاً، مستفيداً من الغطاء السوري.

وزاد الطين بلّة بالنسبة للحزب، أن قوات الأمن السورية الجديدة شنّت حملة أمنية على الحدود مع لبنان، لإغلاق المعابر غير الشرعية التي كانت شريان الحزب الأساسي للتهريب.

اليوم، يقف حزب الله أمام واقع لم يعهده من قبل، والسؤال المطروح: هل سيحاول استعادة نفوذه في سوريا عبر دعم فصائل موالية له؟ أم أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء، ليجد نفسه أمام خيار التأقلم مع معطيات المرحلة الجديدة؟

الخسارة الاستراتيجية الكبرى؟

"سقوط نظام الأسد يشكل الخسارة الاستراتيجية الأهم للحزب"، كما يؤكد الباحث في الشأن السياسي، نضال السبع.

وقال السبع، لموقع "الحرة"، "يعتمد الحزب منذ عام 1982 بشكل رئيسي على سوريا لتمرير الأسلحة والأموال، بعد الحرب السورية، نقل جزءاً من قدراته التصنيعية إلى الداخل السوري، حيث أنشأ مصانع لإنتاج الصواريخ والأسلحة، ما جعله أكثر ارتباطاً بالبنية العسكرية في سوريا".

عناصر من حزب الله
تعنّت حزب الله يهدد "لبنان الدولة"
يتصدر ملف سلاح حزب الله المشهد السياسي اللبناني، في ظل تصاعد المطالب المحلية والدولية بأن تمارس السلطات الحكومية واجبها السيادي منفردة، على عكس السنوات الماضية حين فرطت بحق احتكار القوة، مما أدى إلى اعتبار قوى إقليمية ودولية لبنان دولة فاشلة.

ومع سقوط نظام الأسد، فقد حزب الله هذا الدعم الحيوي، سواء "من حيث خطوط الإمداد أو المصانع التي كانت تمده بالسلاح"، مشيراً إلى أن "الحزب اليوم يدرك أن أي صاروخ يطلقه لن يكون قادراً على تعويضه بسهولة، مما يزيد من حجم التحديات التي يواجهها".

كذلك يشير القائد السابق للفوج المجوقل في الجيش اللبناني، العميد المتقاعد جورج نادر، أن "سقوط نظام بشار الأسد سيحرم حزب الله من طريق إمداداته الأساسي من إيران، الذي يشمل السلاح والذخيرة والأموال".

وأوضح نادر، لموقع "الحرة"، أن سوريا اليوم تعاني من حالة عدم استقرار.. مما زاد من انتشار عصابات التهريب"، مشيرا إلى أن هذه العصابات "لا تهتم بالجهة التي تعمل لصالحها، سواء كان حزب الله أو غيره، ما قد يدفع الحزب إلى الاعتماد عليها لتهريب ما يحتاجه عبر الحدود السورية".

ورأى نادر أن "الحزب قد يلجأ إلى التهريب البحري عبر عصابات منظمة، بعدما فقد شريانه البري الرئيسي. أما تهريب السلاح جواً فهو أمر مستبعد، خصوصاً في ظل التهديدات الإسرائيلية التي تواجه مطار بيروت في حال استقباله طائرات إيرانية".

وتتهم إسرائيل طهران باستخدام الرحلات الجوية التجارية لتحويل الأموال إلى الجماعة المسلحة، ما يجعل إعادة تمويل الحزب "مسألة بالغة الصعوبة"، وفق نادر "ويضعه في موقف ضعيف على صعيد التسليح والتمويل والإمداد البشري".

من جانبه، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن "عمليات التهريب عبر الحدود السورية اللبنانية لا تزال نشطة ولم تتوقف، حتى في الأيام الأولى التي تلت سقوط نظام بشار الأسد، حيث استمر المهربون في نشاطهم رغم بعض الارتباك الأولي".

وأوضح عبد الرحمن، لموقع "الحرة"، أن المهربين لا يزالون يعملون على امتداد المنطقة الحدودية، التي كانت معروفة سابقاً بعمليات التهريب، مشيراً إلى أن "تهريب الأموال بين الجانبين مستمر دون انقطاع، رغم احتمال تراجع تهريب السلاح مقارنة بالفترات السابقة ليس عبر المعابر الرسمية، وإنما عبر مسارات التهريب غير الشرعية".

وأشار إلى أن أحد الأسماء البارزة في بلدة المرج البقاعية في لبنان، الذي تربطه علاقات وثيقة برموز النظام السوري، يواصل إدارة عمليات التهريب عبر مجموعات مسلحة.

أزمة مالية خانقة

"الأولوية لدى الحزب اليوم لم تعد فقط تأمين السلاح"، كما رأى السبع "بل تأمين الرواتب واستمرارية مؤسساته، خاصة أن لديه شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية والخدماتية والإعلامية وغيرها".

وقال إن "لا خيارات واضحة أمام الحزب، فالوضع أصبح أكثر تعقيداً، حتى على صعيد التمويل"، وأشار إلى أن "حزب الله يتمتع بقاعدة بشرية كبيرة، إذ سبق أن أعلن أمينه العام السابق، حسن نصر الله، أن عدد مقاتليه يبلغ 100 ألف عنصر، ما يعني تأمين رواتب لعشرات الآلاف من العائلات".

وتابع "إذا افترضنا أن كل عنصر يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، فهذا يعني أن هناك نحو نصف مليون شخص يعتمدون على رواتب الحزب. ومع قرار الحكومة اللبنانية منع الطائرات الإيرانية من الوصول إلى مطار بيروت ووقف إيصال الأموال، فإن الأزمة المالية لحزب الله ستزداد حدة".

كما لفت إلى أن "إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من الحرب مع إسرائيل تمثل تحدياً إضافياً، إذ رغم مطالبة الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الدولة اللبنانية بتحمل مسؤولياتها، إلا أن الحزب كان يعتمد على الدعم الإيراني في هذا المجال. ولكن مع منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في بيروت، بات هذا الدعم مهدداً".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" كشفت في 23 فبراير أن لجاناً تابعة لحزب الله قيّمت مئات الآلاف من المنازل المتضررة، وأصدرت تعويضات بقيمة 630 مليون دولار عن الخسائر، وفقاً لمسؤول في مؤسسة "القرض الحسن".

وكان الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، قد وعد في ديسمبر الماضي بتقديم 12 إلى 14 ألف دولار سنوياً كبدل إيجار لكل متضرر من الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

إلا أن الصحيفة ذاتها أفادت بأن "القرض الحسن" (المؤسسة المالية الأساسية للحزب) جمدت مؤخراً صرف شيكات التعويضات التي سبق إصدارها، ما يعكس أزمة مالية متصاعدة. كما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن المؤسسة أوقفت دفع التعويضات لمدة خمسة أيام في أوائل فبراير، مبررة ذلك بـ"صعوبات فنية".

يذكر أن ميزانية حزب الله كانت تقدّر في السنوات الماضية بحوالي مليار دولار سنوياً، تخصص لدفع الرواتب والمزايا، دون احتساب النفقات العسكرية، لكن التطورات الأخيرة تشير إلى ضغوط مالية غير مسبوقة قد تؤثر على قدرة الحزب في الوفاء بالتزاماته المالية، سواء تجاه مقاتليه أو قاعدته الشعبية.

هل يستطيع استعادة نفوذه؟

بعد الضربة التي تلقاها حزب الله بسقوط نظام الأسد، تثار تساؤلات حول مستقبله في سوريا في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة.

وفي هذا السياق، أكد السبع أن "الحزب، إلى جانب الإيرانيين، متواجد في سوريا عسكرياً وأمنياً منذ عام 2012، وهو على دراية بالجغرافيا السورية، كما تربطه علاقات مع ضباط سابقين في الأمن والجيش، بالإضافة إلى العشائر والعائلات في مختلف المناطق".

وأضأف أن "حزب الله والإيرانيين خاضوا معارك في مختلف أنحاء سوريا، وخلال وجودهم هناك جندوا عناصر محلية، خصوصاً من قبل الإيرانيين. لذلك، من المحتمل أن تدفع طهران خلال المرحلة المقبلة باتجاه إعادة التواصل مع هذه العناصر في محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، من خلال إحداث تغيير في المعادلة الداخلية، لأن استمرار الوضع الحالي لا يخدم أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، وخاصة مشروعها الإقليمي الذي يعتمد بشكل أساسي على حزب الله".

أما فيما يتعلق بوجود أسلحة تابعة لحزب الله داخل الأراضي السورية، فلم يستبعد عبد الرحمن هذا الاحتمال، مشيراً إلى إمكانية وجود مخازن غير معروفة، قد يتم استخدامها في المستقبل.

في المقابل، يستبعد نادر سيناريو إعادة انتشار حزب الله في سوريا، مؤكداً أن "الحزب يدرك حجم العداء الذي يواجهه هناك، لدرجة أن البلدات التي كانت تدعمه شهدت نزوحاً واسعاً لسكانها إلى لبنان، مما يجعل فرص إعادة انتشاره شبه معدومة".

أما بشأن احتفاظه بمواقع داخل سوريا، فيعتبره نادر أمراً مشكوكاً فيه، مشدداً "هذه نهاية حزب الله في سوريا، لكنها ليست نهايته بشكل عام".

ويختتم نادر حديثه بالإشارة إلى أن "الحزب، الساعي لاستعادة قوته، لا يمكنه الاعتماد على عصابات التهريب وحدها، بل يحتاج إلى دعم دولة، وهو أمر غير متاح حالياً".

وأكد أن الحزب بات يواجه خيارات محدودة للغاية، وليس أمامه سوى "الحلول الدبلوماسية والسياسية التي تفرض عليه الالتزام بالقرارات الدولية وتسليم سلاحه للدولة اللبنانية".

الجيش اللبناني تحرك لضبط المناطق الحدودية بعد المواجهات الأخيرة بين حزب الله وقوات الأمن السوري - أرشيفية / رويترز

يواصل حزب الله استغلال بيئته كأداة لخدمة أجندته العسكرية والسياسية، متكيّفاً مع المتغيرات وفقاً للمنطقة والظروف. ففي الجنوب، يتوارى خلف شعار "الأهالي"، مستخدماً هذا الغطاء بطرق مختلفة، سواء لمواجهة إسرائيل أو لعرقلة مهام القوات الدولية.

وعند انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار، دفع حزب الله بـ"الأهالي" للعودة إلى مناطقهم الحدودية رغم التحذيرات الإسرائيلية، كورقة ضغط، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.

أما فيما يتعلق بقوات اليونيفيل، فلجأ الحزب إلى تعطيل مهامها عبر إغلاق الطرقات، ورشق دورياتها بالحجارة، وأحياناً استهدافها بالرصاص، كل ذلك بهدف توجيه رسائل سياسية متى اقتضت الحاجة.

وفي البقاع، وتحديداً في المناطق الحدودية مع سوريا، يرتدي الحزب المصنف جماعة إرهابية، عباءة "العشائر"، لتعزيز نفوذه ومنع أي محاولة لضبط الأمن من قبل الدولة.

ويعكس المشهد الأخير في بلدة حوش السيد علي هذه الاستراتيجية بوضوح، حيث حرّك الحزب العشائر ضد الجيش اللبناني عقب محاولته ضبط الحدود، في خطوة تهدف إلى إبقاء المنطقة خارج سيطرة الدولة، وضمان استمرار ممره الحيوي مع طهران.

فعندما دخل الجيش اللبناني البلدة لفرض الأمن ونزع السلاح غير الشرعي، وجد نفسه في مواجهة حملة تخوين اتهمته بالعمالة والتآمر.

تحالف المصالح والولاء

وترتكز علاقة حزب الله ببيئته على ثلاث قواعد رئيسية، وفقاً لرئيس تحرير موقع "جنوبية"، الصحفي علي الأمين "البعد المذهبي والإيديولوجي، المصالح الاقتصادية والمعيشية، وأخيراً القوة التي يتمتع بها الحزب".

وقال الأمين، لموقع "الحرة"، إن "حزب الله هو أكبر رب عمل في الطائفة الشيعية، وثاني أكبر رب عمل في لبنان، كما أنه يمتلك منظومة حماية وترهيب في آنٍ واحد".

وأشار الأمين إلى أن هذه العوامل "تمنح الحزب القدرة على توظيف المال والإيديولوجيا والأمن لترسيخ نفوذه داخل لبنان، كما تمكّنه من استخدام بيئته كأداة أو كملاذ يتحصن به عند الحاجة".

وحول دور العشائر والأهالي، رأى الأمين أن العلاقة بينهما وبين حزب الله تقوم على تبادل المصالح، حيث توفر العشائر موارد العيش وتحميها، مقابل تقديم الولاء للحزب.

وأوضح "طالما أن الأهالي والعشائر يرون أن حزب الله هو الجهة الأقوى، والقادر على المنح والمنع داخل مؤسسات الدولة، فإن الولاء له سيستمر"، لكنه يلفت إلى أن المعادلة الراهنة "تمرّ بمخاض جديد قد يؤدي إلى نتائج مختلفة خلال الأشهر المقبلة".

كما رأى المحلل السياسي المحامي، أمين بشير، أن حزب الله يعتمد على "الأهالي" في جنوب لبنان، و"العشائر" في المناطق الحدودية الشرقية، مستفيداً من تحالفات قائمة على المصالح المتبادلة.

وقال بشير، لموقع الحرة، إن "شباب هذه العشائر يعلنون ولاءهم للحزب، الذي يوفر لهم الحماية مقابل تسهيل عمليات التهريب للأسلحة والمخدرات، والانخراط في أنشطة غير قانونية مثل تزوير العملات وصناعة الكبتاغون".

وأشار بشير إلى أن غياب سيطرة الدولة اللبنانية على الحدود سمح للعصابات المحلية وبعض أبناء العشائر باستغلال هذه الفوضى في أعمال التهريب والجريمة المنظمة.

كما أن بعض عناصر حزب الله، وفق بشير، "يتصرفون كدويلة داخل الدولة، فارضين سلطتهم على مناطق معينة، باعتبارها خطوطاً حمراء ضمن نطاق نفوذهم".

ورأى بشير أن "ضعف الدولة اللبنانية وعجزها عن فرض سيطرتها سمح بازدهار الأنشطة غير القانونية، ما حوّل بعض المناطق إلى مراكز نفوذ لحزب الله، والحزب استفاد من هذا الوضع، خاصة مع العقوبات الدولية المفروضة عليه، حيث لجأ إلى التهريب عبر الحدود السورية كمصدر تمويل بديل".

وساعدت العلاقة الوثيقة بين حزب الله والنظام السوري السابق في استمرار هذه الأنشطة غير المشروعة، ما أثّر سلباً وفق بشير "على لبنان والمنطقة العربية ككل. ومع التغيرات في سوريا وقطع خطوط إمداد الحزب من إيران، وجد حزب الله نفسه في أزمة متزايدة، ما دفعه إلى افتعال مشاكل على الحدود، بهدف خلق ثغرات تتيح له الاستمرار في نهجه".

التخوين لحماية النفوذ؟

يلجأ حزب إلى "خطاب التخوين كأداة لشد العصب الطائفي داخل بيئته، ومنع أي تقارب مع من يصنّفهم كخونة، وذلك لحماية نفوذه"، وفق الأمين.

وأوضح أن التخوين ليس موجّهاً فقط ضد الخصوم، بل هو أيضًا رسالة تهديد داخلية موجهة إلى الأهالي والعشائر، تحذّرهم من التعامل مع الجهات التي يعتبرها الحزب "محظورة".

وأضاف "عندما يهاجم حزب الله الجيش اللبناني ويخوّنه، فهو لا يستهدف المؤسسة العسكرية فحسب، بل يوجه تحذيراً لكل من يتعامل معها أو يثق بدورها الأمني".

وحول الأحداث على الحدود الشرقية للبنان، لفت بشير إلى أن "حزب الله استدرج عناصر من الأمن السوري إلى فخ، مما أسفر عن مقتلهم واندلاع اشتباكات، دفعت الأجهزة الأمنية السورية إلى تنفيذ عمليات تمشيط واسعة لتعزيز سيطرتها على المنطقة الحدودية".

وأضاف أن الجيش اللبناني "اضطر بدوره إلى التحرك لفرض سيطرته على الجهة المقابلة من الحدود اللبنانية، رغم التأخير، حيث وجد نفسه أمام ضغوط تفرض عليه هذا التدخل، خصوصًا في ظل الرقابة الدولية المشددة".

وأشار إلى اللجنة الدولية، التي يرأسها جنرال أميركي، تراقب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينص على ضبط عمليات نقل الأسلحة والأموال التي تدعم حزب الله، إضافة إلى متابعة مدى التزام الدولة اللبنانية ببسط سيادتها، ليس فقط جنوب الليطاني، بل على كامل الأراضي اللبنانية.

تحرك الجيش اللبناني لم يمر دون رد فعل من حزب الله، حيث قوبل بهجوم عنيف، سواء من مسلحي الحزب أو من المجموعات العشائرية المرتبطة به، الذين اتهموا الجيش بالخيانة والعمالة، معتبرين أنه يضرب مصالحهم في مناطق يرونها ضمن نطاق نفوذهم.

وفي السياق، اعتبر عضو تكتل "الجمهورية القوية"، النائب غياث يزبك، أن ما يجري على الحدود الشرقية يشكل خطراً كبيراً، "ليس فقط على أمن البقاع وأهله، بل على لبنان وسيادته وجيشه واستقراره".

وفي منشور له على منصة "إكس"، أوضح أن الهدف من هذا التوتر واضح، ويتمثل في: "التأسيس لعلاقات سيئة وملوّنة بالدم بين لبنان والحكم الجديد في سوريا -الايحاء بأن الجيش قاصر ومقصِّر بما يحتم الإبقاء على السلاح الميليشوي- العشائري -إجبار الجيش على ارسال تعزيزات كبيرة الى مناطق التوتر بما يضعف قدرته على تأمين العديد الضروري المفترض ان ينشره في الجنوب تطبيقاً لمندرجات القرار 1701".

وأضاف يزبك أن هناك استخدامًا لـ"بيئة" الحزب، "بحيث تشتم الجيش إن تأخر وتشتمه وتنعته بالخيانة عندما يحضر".

وخلص إلى أن "الإصرار على التوظيف في اللااستقرار هو عمل يائس، سيرتد على القائمين به، وجُلّ ما يمكن ان يحققه، في حده الأدنى، هو تمديد عمر الأزمات القاتلة على أنواعها، وفي حده الأقصى استئناف الحرب الإسرائيلية المدمرة على لبنان".

مواصلة "اللعبة الخطرة"

الصوت اللبناني الداخلي "بدأ يرتفع بشكل ملحوظ، في ظل تنامي الرفض لاستمرار حزب الله في استخدام الغطاء الديني والعقائدي لتبرير أنشطته غير المشروعة، وتهريب الأسلحة عبر الحدود مع سوريا"، كما يرى بشير.

وشدد على أن الأنشطة غير المشروعة لا يمكن تبريرها تحت أي غطاء عشائري أو محلي، مؤكداً على أهمية تطبيق القانون اللبناني على الجميع.

وأضاف "يجب أن يكون هناك قانون يطبّق على الجميع، ويجب أن يُحاسَب أي شخص يشارك في أعمال التهريب وصناعة المخدرات، لأنها تعتبر جرائم وفقاً للقانون اللبناني."

في المقابل، رأى بشير أن حزب الله "يواصل لعب لعبة خطيرة" عبر فرض سيطرته على المناطق التي يعتبرها تحت سيطرته، "سواء في الجنوب أو على الحدود الشرقية، ما يزيد من تعقيد المشهد اللبناني ويضع الدولة أمام اختبار صعب في فرض سيادتها وإنهاء الفوضى الأمنية".

من جانبه، أكد الأمين أن "الصراع القائم اليوم يتمحور حول منطق الدولة القادرة على حماية المجتمع والكيان، ومنطق الميليشيا التي لا تزال أقوى من الدولة وقادرة على إقناع الأهالي بأنها مشروع أكثر ربحاً من مشروع الدولة".

وحذّر الأمين من أن استمرار هذه المعادلة "يعني أن الدولة لم تفرض حضورها بعد، وتداعيات حكم الميليشيا يفتح الباب واسعاً أمام الفوضى والمخاطر الأمنية، والصراعات الداخلية والخارجية".