إسرائيل شنت غارات على مناطق متفرقة جنوب لبنان - صورة أرشيفية - رويترز
إسرائيل شنت غارات على مناطق متفرقة جنوب لبنان - صورة أرشيفية - رويترز

بدأت طائرات حربية إسرائيلية بشن غارات على مناطق متفرقة في جنوب لبنان، السبت، غداة إعلان الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صواريخ أطلقت على شمال إسرائيل.

وأعلن الدفاع المدني في جنوب لبنان عن مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين بجروح في غارة إسرائيلية على بلدة تولين.

وذكرت مراسلة "الحرة" في لبنان أن الغارات شملت "ديس الخريبة في أطراف راشيا الفخار،
ومنطقة بلاط في أطراف بيت ليف، ومرتفعات إقليم التفاح والريحان وتولين (استهداف منزل)".

كما أفاد مصدر أمني بأن الطيران الحربي شن غارة على مجرى نهر الليطاني بين الخردلي ودير ميماس جنوبي لبنان.

وسجلت أيضا غارات جوية إسرائيلية على مرتفعات جبل صافي وسُجد وجبل الريحان جنوبي لبنان حسب المصدر ذاته.

ومن جانب آخر، أفاد مراسل "الحرة" في القدس بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس، أصدرا تعليمات للجيش الإسرائيلي بالتحرك بقوة ضد عشرات الأهداف في لبنان، ردا على إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وبحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو فإن "الحكومة اللبنانية مسؤولة عن كل ما يحدث على أراضيها. ولن تسمح إسرائيل بأي مساس بمواطنيها وسيادتها، وستعمل بكل الطرق لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين والتجمعات السكانية الشمالية".

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يهاجم أهدافا تابعة لحزب الله، السبت، بعدما أصدر نتنياهو أمرا بشن الضربات.

وتهدد هذه الأعمال الهدنة الهشة التي أنهت حربا استمرت عاما بين إسرائيل وحزب الله.

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، كان من المفترض أن يجري إخلاء جنوب لبنان من أي أسلحة لحزب الله وأن تنسحب القوات الإسرائيلية من المنطقة وأن ينشر الجيش اللبناني قوات فيها.

وينص الاتفاق على أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في جنوب لبنان ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها.

ووضع وقف إطلاق النار حدا للقصف الإسرائيلي المكثف والعمليات البرية في لبنان وللهجمات الصاروخية اليومية التي يشنها حزب الله على إسرائيل. إلا أن كل طرف اتهم الآخر بعدم تنفيذ الاتفاق بالكامل.

وتقول إسرائيل إن حزب الله لا يزال يمتلك بنية تحتية عسكرية في الجنوب، بينما يقول لبنان وحزب الله إن إسرائيل لا تزال تسيطر على أراض لبنانية وتواصل تنفيذ غارات جوية.

وهذه المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق صواريخ من جنوب لبنان منذ الإعلان عن وقف لإطلاق النار في نوفمبر الماضي، بعد حرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله.

ويذكر أن إسرائيل تستمر بشن غارات في جنوب لبنان والبقاع والحدود اللبنانية السورية، وتقول إنها تكافح أنشطة وعمليات لحزب الله وتضرب مواقع عسكرية، وما زالت قواتها تتواجد في 5 نقاط بمناطق جنوب لبنان.

وتسببت الحرب بمقتل وإصابة آلاف الأشخاص في لبنان ومئات الأشخاص في إسرائيل، وتعرضت غالبية القرى والبلدات في جنوب لبنان للتدمير، كما تم قصف الكثير من المباني في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع.

علي - حزب الله

"أنا مين؟" سأل نفسه، عائدا، على حدود الوطن.

لم يجد جوابا.

منذ غادر لبنان، لم يكن الاسم وحده ما تغيّر.

علي، الشاب الشيعي المنتمي لحزب الله منذ الطفولة، لم يقرر أن يولد عليًّا، ولم يكن يتخيل يومًا أن يصير إيلي، يقول.

من الكشافة إلى القتال

في بيت فقير، في جنوب لبنان، وُلد علي يتيمًا بين عشرة.

أمه، بلا سند، لم تجد ملاذًا سوى في الحزب الذي يفرض حضوره على كل تفصيل في المجتمع: من المدرسة إلى المستشفى، من الطفولة إلى السلاح.

هناك، لم تكن الحياة مجرد حياة؛ بل عقيدة. "نحن على الحق"، يرددونها صباحًا ومساءً. ومنذ الطفولة، صارت البندقية جزءًا من المنهج.

في عمر العاشرة، انضم علي إلى "كشافة الإمام المهدي"، حيث يبدأ الغرس العقائدي والعسكري معًا. "دورة محو الأمية" لم تكن كما توحي تسميتها؛ بل تدريبًا أوليًا على حمل السلاح. في الثانية عشرة، كان الطفل الصغير يعرف كيف يفكك البندقية، وفي الثالثة عشرة، كان يفتخر باستشهاد أصدقاء في التدريبات.

يصف علي دورات القتال بأنها "مزج من العسكر والعقيدة"، لكن العقيدة كانت الغالبة دائمًا. يتعلم المنتسبون أنهم يدافعون عن "أمة، عن شرف، عن طائفة"، وأن كل ما هو خارج هذا المسار مشبوه، خطر، أو "كفر".

 

عالم بالألوان

لكن العالم ليس أبيض وأسود. في سن الثامنة عشرة، بدأت تظهر تصدعات الشك. تعرّف علي على أصدقاء خارج "الخط"، وبدأ يرى شيئًا مختلفًا: حياة أخرى، حوارات، ضحك، نساء، ملابس ملونة، وموسيقى. كلها ممنوعة.

في إحدى الليالي، عاد إلى البيت متأخرًا، فصفعته أمه بركوة قهوة. تلك الصفعة لم تكن مجرد غضب أم، بل لحظة صدع.

"هل هذا هو الحق؟"، تساءل لأول مرة.

ومن هذا السؤال، بدأ كل شيء يتغير.

الهروب من القدر

رفض علي دعوة الحزب للانضمام إلى دورة تؤهله ليصبح "متفرغًا". كان يعلم أن القبول بها يعني بلوغ نقطة اللاعودة. فقرر أن يغادر. هرب من عائلته، من أصدقائه، ومن اسمه.

سافر إلى تركيا، ومنها حاول عبور البحر إلى أوروبا على "قوارب الموت". غرق ثلاث مرات. في كل مرة، كان الموت قريبا وكان كأنه يولد من جديد. أعادته النجاة إلى السؤال الأصلي: من هو؟ وماذا يريد أن يكون؟

من علي إلى إيلي

بعد فشل محاولة اللجوء، عاد إلى لبنان. في مطار بيروت، وقف حائرًا: لا أهل، لا أصدقاء، ولا خط عودة إلى الحزب. دق باب صديق قديم، فأتاه الجواب:

"في عائلة بدها حدا يساعدها... بس في مشكلة: اسمك علي".

ضحك، وقال: "خليه إيلي".

هكذا بدأ فصلاً جديدًا من حياته، يعيش مع عائلة مسيحية، يذهب معهم إلى الكنيسة، يشاركهم التراتيل، ويشعر لأول مرة بأنه إنسان، فقط إنسان.

"أنا مين؟" يعيد السؤال، هذه المرة بثقة أكبر. لا يريد أن يكون تابعًا، ولا أن يُملى عليه ما هو الحق وما هو الباطل. "بدي أكون إنسان يقرر، يشوف، يعرف".

تغير الاسم، بقي السؤال، لكن صارت لديه حرية البحث عن إجابة.