الجيش الإسرائيلي أعلن ضرب أهداف لحزب الله في لبنان
الجيش الإسرائيلي أعلن ضرب أهداف لحزب الله في لبنان (Reuters)

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم أهدافا لحزب الله اللبناني في موجة ثانية من الضربات، السبت، بعد اعتراض صواريخ أطلقت عبر الحدود في وقت سابق من اليوم. 

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه قصف عشرات من منصات إطلاق الصواريخ لحزب الله ومركز قيادة كان مسلحو الجماعة يعملون من خلاله في جنوب لبنان. 

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، وهي وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، بوقوع سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية وقصف مدفعي على جنوب البلاد، ومنها بلدات حدودية وتلال على عمق نحو ثمانية كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية. 

ونقلت الوكالة عن وزارة الصحة اللبنانية أن شخصين قتلا وأصيب ثمانية آخرون في غارات جوية إسرائيلية في الجنوب قرب الحدود. 

وشملت الغارات معبر حدودي بين بلدة القصر وحوش السيد علي وكذلك النبطية وسهل النبي شيت في بعلبك ومنطقة حي الرمل في صور ووادي بلدتي فرون والغندورية في القطاع الأوسط ومنطقة بصليا عند أطراف جباع في منطقة إقليم التفاح، وفقا للوكالة. 

وكان جماعة حزب الله نفى أي صلة له بإطلاق صواريخ من جنوب لبنان، السبت، وأكد التزامه بوقف إطلاق النار الذي تدعمه الولايات المتحدة. 

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم. وقال مسؤول إسرائيلي لرويترز إن هوية الجهة التي أطلقت الصواريخ لم تتأكد بعد. 

وأضاف أن ستة صواريخ أُطلقت، ثلاثة منها عبرت إلى إسرائيل وتم اعتراضها. 

وقال أوفير فالك، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي للشؤون الخارجية، لرويترز "نتوقع من لبنان أن يفي بالتزاماته بموجب الاتفاق". 

وأضاف "سيبذل جيش الدفاع الإسرائيلي كل ما في وسعه لتطبيق وقف إطلاق النار وضمان عودة مدنيينا إلى ديارهم بسلام وأمان". 

وردا على الصواريخ، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجيش "بالتحرك بقوة ضد عشرات الأهداف الإرهابية في لبنان". 

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر، كان من المفترض أن يجري إخلاء جنوب لبنان من أي أسلحة لحزب الله وأن تنسحب القوات الإسرائيلية من المنطقة وأن ينشر الجيش اللبناني قوات فيها. وينص الاتفاق على أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في جنوب لبنان ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها. 

وأمر الرئيس جوزاف عون الجيش اللبناني بتأمين "أي خرق" قد يهدد الاستقرار في لبنان. وأعلن الجيش أنه عثر على ثلاث "منصات إطلاق صواريخ بدائية الصنع" في الجنوب وقام بتفكيكها. 

وقال نتنياهو إن إسرائيل تحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية "كل ما يجري على أراضيها. ولن تسمح إسرائيل بأي مساس بمواطنيها وسيادتها". وتقول إسرائيل إن جماعة حزب الله لا تزال تمتلك بنية تحتية عسكرية في الجنوب.

علي - حزب الله

"أنا مين؟" سأل نفسه، عائدا، على حدود الوطن.

لم يجد جوابا.

منذ غادر لبنان، لم يكن الاسم وحده ما تغيّر.

علي، الشاب الشيعي المنتمي لحزب الله منذ الطفولة، لم يقرر أن يولد عليًّا، ولم يكن يتخيل يومًا أن يصير إيلي، يقول.

من الكشافة إلى القتال

في بيت فقير، في جنوب لبنان، وُلد علي يتيمًا بين عشرة.

أمه، بلا سند، لم تجد ملاذًا سوى في الحزب الذي يفرض حضوره على كل تفصيل في المجتمع: من المدرسة إلى المستشفى، من الطفولة إلى السلاح.

هناك، لم تكن الحياة مجرد حياة؛ بل عقيدة. "نحن على الحق"، يرددونها صباحًا ومساءً. ومنذ الطفولة، صارت البندقية جزءًا من المنهج.

في عمر العاشرة، انضم علي إلى "كشافة الإمام المهدي"، حيث يبدأ الغرس العقائدي والعسكري معًا. "دورة محو الأمية" لم تكن كما توحي تسميتها؛ بل تدريبًا أوليًا على حمل السلاح. في الثانية عشرة، كان الطفل الصغير يعرف كيف يفكك البندقية، وفي الثالثة عشرة، كان يفتخر باستشهاد أصدقاء في التدريبات.

يصف علي دورات القتال بأنها "مزج من العسكر والعقيدة"، لكن العقيدة كانت الغالبة دائمًا. يتعلم المنتسبون أنهم يدافعون عن "أمة، عن شرف، عن طائفة"، وأن كل ما هو خارج هذا المسار مشبوه، خطر، أو "كفر".

 

عالم بالألوان

لكن العالم ليس أبيض وأسود. في سن الثامنة عشرة، بدأت تظهر تصدعات الشك. تعرّف علي على أصدقاء خارج "الخط"، وبدأ يرى شيئًا مختلفًا: حياة أخرى، حوارات، ضحك، نساء، ملابس ملونة، وموسيقى. كلها ممنوعة.

في إحدى الليالي، عاد إلى البيت متأخرًا، فصفعته أمه بركوة قهوة. تلك الصفعة لم تكن مجرد غضب أم، بل لحظة صدع.

"هل هذا هو الحق؟"، تساءل لأول مرة.

ومن هذا السؤال، بدأ كل شيء يتغير.

الهروب من القدر

رفض علي دعوة الحزب للانضمام إلى دورة تؤهله ليصبح "متفرغًا". كان يعلم أن القبول بها يعني بلوغ نقطة اللاعودة. فقرر أن يغادر. هرب من عائلته، من أصدقائه، ومن اسمه.

سافر إلى تركيا، ومنها حاول عبور البحر إلى أوروبا على "قوارب الموت". غرق ثلاث مرات. في كل مرة، كان الموت قريبا وكان كأنه يولد من جديد. أعادته النجاة إلى السؤال الأصلي: من هو؟ وماذا يريد أن يكون؟

من علي إلى إيلي

بعد فشل محاولة اللجوء، عاد إلى لبنان. في مطار بيروت، وقف حائرًا: لا أهل، لا أصدقاء، ولا خط عودة إلى الحزب. دق باب صديق قديم، فأتاه الجواب:

"في عائلة بدها حدا يساعدها... بس في مشكلة: اسمك علي".

ضحك، وقال: "خليه إيلي".

هكذا بدأ فصلاً جديدًا من حياته، يعيش مع عائلة مسيحية، يذهب معهم إلى الكنيسة، يشاركهم التراتيل، ويشعر لأول مرة بأنه إنسان، فقط إنسان.

"أنا مين؟" يعيد السؤال، هذه المرة بثقة أكبر. لا يريد أن يكون تابعًا، ولا أن يُملى عليه ما هو الحق وما هو الباطل. "بدي أكون إنسان يقرر، يشوف، يعرف".

تغير الاسم، بقي السؤال، لكن صارت لديه حرية البحث عن إجابة.